الفريق عبد المنعم خليل.. القائد والإنسان
بقلم الأستاذ الدكتور / عادل عبد الشكور
الفريق عبد المنعم خليل هو أقدم وأكبر ضابط مصري معاصر والضابط الوحيد الذي شهد الحرب العالمية الثانية وشارك في كل حروب مصر المعاصرة.
ولد الفريق عبد المنعم خليل في أول إبريل 1921 ميلادية في قولصنا بمحافظة المنيا. كان والده موظفا بدائرة البرنس سيف الدين ويتنقل من مكان إلى آخر فاستقر به المقام في القاهرة. حصل الفريق عبد المنعم خليل على الشهادة الإبتدائية من مدرسة الشيخ صالح الإبتدائية بحي السيدة زينب عام 1932 وحصل على شهادة التوجيهية (الثانوية العامة) عام 1939. التحق بالكلية الحربية في نوفمبر 1939 وتخرج فيها في مايو 1942. كان من زملاء دفعته محمد سعيد الماحي وأحمد حمروش وشعراوى جمعة ومحمود عبد الحميد التلت وكمال أمين وزهير سليم ومحمود ممتاز.
بعد التخرج التحق بكتيبة الخدمات العامة. كانت هذه الكتبية مكلفة بعمل حراسات لبعض قصور الملك فاروق وبعض مواقع القوات الإنجليزية في القاهرة والإسكندرية التي تعمل فيها القوات الإنجليزية في مصانع للإنتاج الحربي. كان الإنجليز يحرسونها من الداخل والكتيبة تحرسها من الخارج.
في عام 1944 ذهب إلى مدرسة الأسلحة للحصول على فرقة أسلحة وكان المعلم هو اليوزباشي أحمد إسماعيل علي (وزير الحربية إبان حرب أكتوبر 1973). وكان هذا هو اللقاء الأول به رحمه الله.
شهد الفريق عبد المنعم خليل حرب فلسطين عام 1948 منذ بدايتها وحتى نهايتها وكتب يومياته كاملة فيها يوما بيوم.
في الفترة من 10 أكتوبر– 26 ديسيمبر 1951 ابتعث إلى إنجلترا للحصول على فرقة قادة سرايا بمدرسة المشاة. عاد إل مصر والتحق بكلية أركان الحرب (القادة والأركان) عام 1954 وتخرج فيها في يوليو 1955.
في مارس 1955 قام برحلة إلى لبنان وسوريا والأردن والسعودية مع زملائه من طلبة في كلية أركان الحرب لمدة شهر تقريبا. ثم عين – بعد عودته – رئيسا لقسم التكتيك “فن القتال” في الكلية الحربية. كان العميد محمد فوزي (وزير الحربية فيما بعد) يشغل منصب كبير معلمي الكلية الحربية في ذلك الوقت وتوطدت الصداقة بينهما واستمر العمل في الكلية الحربية حتى عام 1957. وفي أواخر العام طلبته كلية أركان الحرب للعمل بها مدرسا فوافق اللواء محمد فوزي مدير الكلية الحربية وعمل مدرسا بكلية الأركان حتي 25 أغسطس 1958. كان معه مجموعة من ضباط المشاة مثل المقدم أ.ح عبد المعطى راغب والمقدم أ.ح عبد السلام بدوي وضباط آخرون من أسلحة أخرى منهم الرائد كمال حسن علي (قائد سلاح المدرعات في حرب أكتوبر 1973 ووزير الدفاع ورئيس وزراء مصر فيما بعد) وصالح مصطفى أمين من المدرعات والمقدم أ.ح محمد سعيد الماحي وصلاح الرفاعي وحسن وحسين مطاوع من المدفعية.
عاد في عام 1958 إلى الكلية الحربية وعين في منصب جديد سمي “أقدم المعلمين العسكريين” وكنت كبير المعلمين العسكريين بالنيابة. في أغسطس 1960 فوجئ بتعيينه من المشير عبد الحكيم عامر شخصيا قائدا للكتيبة 53 مشاة وكان قائد القوة العسكرية الموجودة في العريش في ذلك الوقت هو العميد أ.ح جمال حماد (من الضباط الأحرار والمؤرخ العسكري المعروف) قائد اللواء 118 المشاة ويعتبر قائد منطقة العريش.
سافر إلى روسيا للحصول على فرقة قادة ألوية بدأت الدراسة في 3 يوليو 1961. كان معه في البعثة ضباط كثيرون من أسلحة مختلفة منهم على سبيل المثال لا الحصر الرائد محمد عبد الحليم أبو غزالة (قائد مدفعية الجيش الثاني الميداني أثناء حرب أكتوبر 1973 ووزير الدفاع فيما بعد) والرائد منير شاش (قائد مدفعية الجيش الثالث الميداني أثناء حرب أكتوبر 1973 ومحافظ شمال سيناء فيما بعد) والرائد أحمد صلاح عبد الحليم (رئيس هيئة عمليات القوات المسلحة فيما بعد) والنقيب عبد المنعم سعيد (رئيس هيئة عمليات القوات المسلحة فيما بعد).
بعد عودته من روسيا عين قائدا للكتيبة الثامنة المشاة في الهايكستب لمدة عام تقريبا. بعد إنتهاء مدة خدمته في الكتيبة الثامنة المشاة عين رئيسا لأركان اللواء الرابع المشاة في فايد
شارك في حرب اليمن منذ عام 1962. كانت قيادة القوات العربية في اليمن تتألف من خمسة من القادة هم اللواء أ.ح. على عبد الخبير قائد القوات والعميد أ.ح. سعدي نجيب رئيس الأركان والعقيد أ.ح. عبد المنعم خليل رئيس العمليات والعقيد أ.ح. نوال سعيد رئيس الإمداد والتموين (رئيس هيئة الإمداد والتموين في حرب أكتوبر 1973) والعقيد محمد تمام مديرا للتنظيم والإدارة وشؤون الأفراد. قام ببعض العمليات العسكرية الهامة في اليمن ورقي استثنائيا إلى رتبة العميد.
في ديسيمبر 1964 صدر قرار بنقله من القوات البرية وتعيينه قائدا لوحدات المظلات.
شارك في حرب 1967 كقائد لقوات المظلات التي دفعت في شرم الشيخ واحتلال جزيرة تيران. وبعد قرار الإنسحاب كان آخر من عاد من قوة شرم الشيخ.
أسهم في معركة رأس العش وتواجد هناك مع قائد كتيبة صاعقة وساعده ثم قام بعمل خطة دفاع عن مدينة بورفؤاد.
عين قائدا للفرقة الثالثة المشاة في نوفمبر 1967 وكان يعمل معه العميد خيري حسين رئيسا للأركان ثم من بعده العميد عمر خالد والعقيد محمد عبد الحليم أبوغزالة قائدا لمدفعية الفرقة.
في عام 1969 عين رئيسا لأركان الجيش الثاني الميداني وبعد ستة أشهر تقريبا من تقلده منصب رئيس أركان الجيش الثاني عينت قائدا للجيش في 12 سبتمبر 1969.
من أهم العمليات التى قام بها الجيش الثاني أثناء حرب الإستنزاف هي أسر الضابط الإسرائيلى “دان أفيدان” عام 1969 فى منطقة الدفرسوار وعملية السبت الحزين في يوم السبت 30 مايو 1970 حيث قامت قوة من الصاعقة والمشاة شمال القنطرة بتدمير عربات للعدو وقتل العديد من أفرادها وعادت بأسير إلى الضفة الغربية للقناة وسمى الإسرائيليون هذا اليوم بالسبت الحزين.
عين سيادته قائدا للمنطقة العسكرية المركزية من يناير 1972 قام خلالها بتدريب القوات وتعبتها للحرب ورفع الروح المعنوية لها بالإضافة إلى مهام أخرى. ولما حدثت ثغرة الدفرسوار عين قائدا للجيش الثانى الميدانى للمرة الثانية فى 16 أكتوبر 1973.
واستغل اللواء عبد المنعم خليل في ذلك الوقت مالديه من خبرة عسكرية عظيمة ومعرفة كبيرة بطبيعة الأرض أن يوزع المهام على كتيبتن من الصاعقة من المجموعة 139 بقيادة العقيد أسامة إبراهيم وكتيبة المظلات بقيادة المقدم عاطف منصف فانتشرت الصاعقة على المحاور والمدقات لصد الهجوم الإسرائيلي ووضعت كتيبة المظلات على جبل مريم الذى يتحكم فى مدخل الإسماعيلية من ناحية الجنوب ثم أمر قائد مدفعية الجيش العميد محمد عبد الحليم أبو غزالة بضرب تجمعات العدو فى منطقة الدفرسوار وأبو سلطان وسرابيوم وعلى المحاور المؤدية إلى الإسماعيلية وأبلى الجميع بلاء حسنا وأنزلوا بالعدو خسائر جسيمة وخاصة الكتيبة 133 صاعقة ومنعوا قوات شارون أن تحتل الإسماعيلية.
عين قائدا لهيئة التدريب بالقوات المسلحة مرتين ثم قائدا للدفاع الشعبي والعسكري وكان آخر منصب له هو مساعد وزير الحربية ومدير هيئة الشؤون المعنوية ونوادي القوات المسلحة وأحيل إلى التقاعد في أول يوليو 1975.
حصل على نجمة الشرف العسكرية عام 1974 كما حصل على العديد من النياشين والأوسمة خلال خدمته العسكرية الطويلة. في عام 2013 رقي إلى رتبة الفريق وحصل على الدكتوراه الفخرية من أكاديمية ناصر العسكرية العليا.