شيخ الأزهر يجري حوارا لأول مرة مع إذاعة الفاتيكان: هكذا شعرت عند مقابلة البابا فرانسيس
أجرى فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، لأول مرة، حوارًا إذاعيًّا مع إذاعة الفاتيكان، جرى إذاعته مساء الجمعة، على هامش حضور مشاركة في قمة قادة الأديان بشأن المناخ والتعليم، المنعقد بالعاصمة الإيطالية روما.
وقال الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، إن العلاقة بين الأزهر والفاتيكان تعود إلى علاقة الإسلام بالمسيحية، وأضاف أن العلاقة استمرت طوال 10 قرون بين مد وجزر، وفي أحلك الظروف والصراعات المسلحة كان هناك حوارا بين الإسلام والمسيحية.
وأوضح أنه في العصر الحاضر انبثقت لجنة من الأزهر الشريف سميت “لجنة الحوار مع الفاتيكان”، واستمر عملها، إذ تجتمع سنة في الفاتيكان وسنة أخرى في الأزهر، وأكد توقف عمل اللجنة لفترة 7 سنوات، لكنها عادت مرة أخرى في عام 2015، بعد تولي الأخ العزيز البابا فرنسيس الكرسي البابوي في الفاتيكان، فبادر الأزهر بالتهنئة.
وتابع: “تلقينا ردا جميلا من البابا فرنسيس شجعنا على أن نعيد التفكير في أن نبدأ علاقة قوية جدا بين الأزهر والفاتيكان، وهنا قررت أن أقوم بزيارة البابا فرنسيس في الفاتيكان، وتمت الزيارة في مايو 2016، وفي هذه الزيارة اكتشف كل منا أنه يحمل قدرا من التجانس الروحي والفكري المشترك تجاه الأزمات التي يعاني منها الإنسان المعاصر، وخاصة الفقراء والأيتام والمرضى والأرامل وصرعى الحروب والمشردين”.
واستطرد: “هذا التجانس المشترك بيني وبينه، يمكنه أن يقدم الكثير من أجل تخفيف هذه الأزمة، وحين إذن لم أتردد أن أمد يدي لهذا القائد الديني الذي تأكد لي منذ الدقائق الأولى لمقابلته أنه رجل السلام والإنسانية بامتياز”.
وأكمل: “أتمننا 6 لقاءات على مستوى القمة مع البابا فرنسيس، وقعنا في الخامسة ما يسمى الآن بوثيقة الأخوة الإنسانية، وأحيل في ذلك لكتاب (الإمام والبابا والطريق الصعب) لمؤلفه القاضي محمد عبدالسلام”.
وأوضح: “بحكم نشأتي في الأزهر وأيضًا نشأتي في بلدة الأقصر، وهي بلدة سياحية، كنت أدرك أن الدين يمتزح بالحضارة وبالعلم امتزاجًا عجيبًا، من هنا نشأت ولدي إيمان يجري في عروقي حتى هذه اللحظة، بالأهمية القصوى للدين في إنشاء الحضارات والتقدم الروحي وحراسة هذه المكتسبات الحضارية”.
وتابع: “ازداد الوعي بأهمية الدين عمقا في نفسي مع تقدم دراستي في العلوم الإسلامية، وتخصصي في مجال العقيدة والفلسفة في كلية أصول الدين بالأزهر”، مستطردا: “أدركت أن رسالة الدين إلى الإنسان لا يمكن أن تثمر ثمارها المرجوة إلا إذا حملها إليه مؤمنون مخلصون صالحون فيما بينهم أولًا، وهذه الرسالة منوط بها رجال الدين أولًا، ولابد أن يكون ما بين رجال الدين السلام والتوافق والتعاون على أداء هذه الرسالة”.
وأشار إلى أنه فكر في أن يقوم الأزهر بالتواصل مع رجال الأديان وعلمائها، ليتصالحوا فيما بينهم، ثم ينزلوا إلى الناس ليبلغوا رسالتهم التي حملتها لهم الأديان، وأضاف: أدركت أن الأديان الإلهية على مر التاريخ لها مصدر واحد وهو الله.
وتابع: “والرسالة العامة للبابا فرنسيس (كلنا أخوة)، هي نداء لخلق أخوة حقيقية حيث لا يوجد مجال للتمييز على أساس الاختلافات في الدين أو العرق أو الجنس أو غير ذلك من أشكال التعصب”.
وأكد: “ما يقال بأن الأديان كما أنزلها الله هي السبب في الحروب هو كلام غير دقيق، لأن ما وقع في سياق التاريخ من صراعات باسم الدين هي في الحقيقة صراعات سياسية اختطفت اسم الدين، بعدما أولته تأويلات فاسدة لتحقيق مصالح ومكاسب دنيوية لا صلة لها بالدين الحقيقي من قريب أو من بعيد”.
وذكر: “هؤلاء الذين ينشرون الكراهية بين الناس ويمارسون العنف وإراقة الدماء باسم الدين، أو باسم الله، كاذبون وخائنون لأديانهم التي يرفعون لافتاتها أيا كانت هذه الأديان أو العقائد، أو المذاهب التي يتحدثون باسمها”.
وواصل: “ما أقرته وثيقة الأخوة الإنسانية هو ما أقره الإسلام في احترام المرأة وحقوقها الكاملة، وليس لأحد أن يصادر على المرأة حقا واحدا من حقوقها التي لا يتسع المقام لشرحها وتفصيلها بعد أن قررها نبي الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم في كلمة صريحة موجزة قال فيها (النساء شقائق الرجال)”.
وأكد: “النساء كن يذهبن للصلاة مع النبي في مسجده ويصطففن خلف الرجال ويرونه ويراهن ويسألونه ويسألهن في أمور الدين”.
وتابع: “وأم المؤمنين عائشة شاركت في التعليم والسياسة، وكانت تصوب ما تراه خاطئا في فهم بعض الصحابة لأحكام الشريعة، وهذا مدون ودرسناه وندرسه لتلاميذنا في الأزهر الشريف”.
وأوضح: “كل ما يثار الآن في هذا الشأن، ما هو إلا انتصار لعادات وتقاليد بالية وقديمة تجئ على حساب شريعة الإسلام وأحكامه فيما يتعلق بشؤون المرأة، ومن باب الأمانة يجب أن نفرق في كلمة حقوق المرأة بين حقوق صاغتها حضارات معاصرة وأعطتها للمرأة بعد ما ضربت بأخلاق الدين ومشاعر الفطرة الإنسانية عرض الحائط، وبين حقوق أخرى صيغت في مجتمعات يشكل الدين فيها أساسا لا يهتز في بناء ثقافتها وأنماط حياتها، والفرق بين المفهومين واضح وضوح الشمس”.
وقال الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، إن العلاقة بين الأزهر والفاتيكان تعود إلى علاقة الإسلام بالمسيحية، وأضاف أن العلاقة استمرت طوال 10 قرون بين مد وجزر، وفي أحلك الظروف والصراعات المسلحة كان هناك حوارا بين الإسلام والمسيحية.