استفيقوا يرحمكم الله
بقلم المهندسة/ رشا سالم
يطل علينا الغرب تحديدا الولايات المتحدة الامريكية بزعامة إسرائيل بمؤامرة آخري وكأنه إمتداد لوثيقة مؤتمر كامبل لعام ١٩٠٧ والتي استعرضتها في مقالي تحت عنوان هل صافحت عدوك اليوم ؟ والذي تم نشره بالعدد الاسبوعي رقم ١٢١٩ بتاريخ ٢٦ ذو الحجة ١٤٤٢ ه – ٥ أغسطس ٢٠٢١ ؛ وتتلخص المؤامرة الجديدة في الدعوة إلي وأن تتحول الثلاث أديان إلي دين موحد أسموه بالدين الأبراهيمي الجديد
وقد أشار إليه الأمام الأكبر أحمد الطيب شيخ الأزهر في أحتفالية بيت العائلة المصرية العاشر حيث أكد أنها محاولة للخلط بين مفهوم التآخي والتسامح بين الأسلام والمسيحية والخلط بين هذا التآخي وبين أمتزاج الدينين في ظل التواجهات التي تنادي بالإبراهيمية أو ” الدين الإبراهيمي ” نسبة إلي إبراهيم عليه السلام أبي الأنبياء وما تطمح هذه التوجهات فيما يبدو من مزج اليهودية والمسيحية والأسلام في دين واحد يجتمع عليه الناس؛ وأكد أن هذه الدعوي مثلها مثل دعوي العولمة ونهاية التاريخ والأخلاق العالمية وغيرها وأن كانت تبدو في ظاهرها كأنها دعوى إلي الأجتماع الأنساني وتوحيده والقضاء علي أسباب نزاعاته وصراعاته إلا أنها دعوة إلي مصادرة أغلي ما يمتلكه بنو الأنسان في حرية الأعتقاد وحرية الأيمان وحرية الأختيار؛وعلي الجانب الآخر تحدث القمص بنيامين المحرقي الأستاذ بالكلية الأكليريكية بالأنبا رويس رفضه إلي الدعوة إلي الديانة الأبراهيمية لأنها دعوة مسيسة تحت مظهر مخادع واستغلال الدين مؤكدا أنه لا أحد يقبل مزج جميع الديانات تحت ديانة واحدة.
ما هو الدين الإبراهيمي الموحد؟
كان الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب أول من أطلق مصطلح “الدين الإبراهيمي الموحد” عندما قامت الإمارات العربية المتحدة بتطبيع علاقاتها مع إسرائيل، واصفا إياه بـ”اتفاقيات أبراهام”. وهو ما يعني أن الغرض الأساسي من إطلاق هذه التسمية كان سياسيا بحتا؛وعليه وجدت بعض الدوائر الفكرية الأمريكية،أبرزها معهد بيس آيلاندز، من مسألة دعوتها للبلدان العربية التطبيع مع إسرائيل منفذا للدعوة إلى توحيد الأديان السماوية تحت راية دينية موحدة، وهي: الإبراهيمية؛وتعتبر جمعية ” اللقاء بين الأديان” الجهة الداعمة الرئيسية لهذا التوجه الفكري والديني وتسعى إلى تأسيس دولة واحدة تجمع شعوب العالم تحت عقيدة موحدة لكن يرى مراقبون أن أهدافا سياسية خفية تحرك مساعيها؛وفي 9 فبراير 2021أعلنت الإمارات على لسان سفيرها في روسيا محمد أحمد الجابرأنها ستفتتح “بيت العائلة الإبراهيمية” خلال العام 2022 وأنه سيصبح مكانا للتعلم والحوار والعبادة وسيركز على التقريب بين الأديان السماوية.
ما الأهداف وراء الدعوة للديانة الأبراهيمية الجديدة؟
وفي ظل الأحداث الدامية التي يموج بها عالمنا لبسط الهيمنة والنفوذ وجد أصحاب المصالح متنفساً لمخططات شريرة للاستيلاء على دول ومناطق بأكملها دون إراقة قطرة دم واحدة. وكانت كلمة السر التي تفتح المغاليق هي “نشر الود والتسامح” وانطوى ذلك على استحداث ديانة تشتق نواميسها من الأديان السماوية الثلاث وتدعو إلى نشر التسامح وقبول الآخر؛ وبما أن الديانات السماوية تسمى بالديانات الإبراهيمية فالديانة المستحدثة أطلق عليها “الديانة الإبراهيمية الجديدة”ومصدرها مراكز بحثية ضخمة وغامضة انتشرت مؤخراً وأطلقت على نفسها اسم “مراكز الدبلوماسية الروحية”ويعمل على تمويل تلك المراكز أكبر وأهم الجهات العالمية مثل: الإتحاد الأوروبي، وصندوق النقد الدولي، والبنك الدولي،والولايات المتحدة الأميركية والرؤية والرسالة الظاهرية لتلك المراكز البحثية تعتمد على توكيد أن “الأديان”هى السبب الرئيسي والجوهري لإشعال أشد الصراعات عنفاً على مر العصور؛ والسبب عدم تقبل الآخر بسبب عدم فهم نصوص ديانته
وأخذت تلك المراكز التي تعمل في إطار نشر المحبة والتسامح على عاتقها مهمة دعوة كبار رجال الدين في الأديان الثلاث، من أجل إيجاد قيم عامة مشتركة بين الأديان، مثل: المحبة، والتسامح، المساواة، والتعايش، وتقبل الآخر،إلى غيرها من القيم الحميدة. ثم تشرع في بثها وخاصة بين الأجيال الجديدة من أجل غرس كره خفي للأديان التي يتبعونها، وخلق ميلاً إزاء اعتناق الدين الإبراهيمي الجديد ولقد بدأت بالفعل في تنفيذ مخططاتها على نطاق واسع حيث قامت تلك المراكز بتوزيع كتيبات تنطوي على مجموعة من القيم السامية على المدارس الدولية(والمعروفة باسم المدارس الإنترناشيونال)والتي تشتهر برفضها لتدريس مادة الدين، وبدلاً منه تحرص على تدريس مجموعة من القيم العامة تعطى للطلاب في شكل كتيبات تغطي قيم الدين الإبراهيمي الجديد؛ فما يحدث بالفعل هو عملية غسيل مخ للنشء؛ بغرض إعداد أجيال تُقبل على اعتناق الديانة الإبراهيمية الجديدة عند طرحها في المستقبل القريب على أنها الدين العام العالمي. وعندئذِ، تتحول المراكز البحثية إلى أماكن ومزارات مقدسة تحل محل المعبد والكنيسة والجامع ؛ولتسهيل مهمة تلك المراكز كان من اللازم تقريبها للجمهور وتقديمها مدنياً على أنها مراكز تنموية تقدم مساعدات مادية وعينية للمتضررين في أماكن الصراع؛ كما تعمل على تقديم الرعاية الطبية والمساعدات العينية، وتمول المشروعات الصغيرة فمن خلال نشر قيم الدين الإبراهيمي الجديد، لن يجد الأفراد غضاضة في تقبل بسط دول أخرى نفوذها عليهم، حتى وإن كانت محفورة في الأذهان كدولة معادية. وبما أن المستهدف هو الجيل الجديد، كان لا بد من تشويه معالم أديان بعينها. ولعل ذلك يجيب التساؤل عن سبب تمكين تيارات الدين السياسي في المنطقة بعد ما يسمى بثورات الربيع العربي.
• المرجع ” الأبراهيمية الجديدة وخدعة التسامح” د./ نعيمة عبد الجواد ١٥ / ١٠ / ٢٠٢٠