أخبار الفن

فيلم “رقيق” بمهرجان القاهرة.. هذا اسمه ووصفه على عكس تأثيره

رقيق هو فعلاً فيلم “رقيق” بكل ما تحمله الكلمة من معانٍ، ذلك الفيلم الفرنسي الذي عرض بمهرجان القاهرة السينمائي فى دورته الـ43، على قدر رقة الفيلم وعذوبته وبراءة بطله الطفل، يأتي تأثيره العميق والعنيف في نفس الوقت، وكأنه صفعة على الوجوه، صفعة تستهدف البشر ممن ينزعون من الأطفال براءتهم، ويحملونهم فوق طاقتهم، يشتتون أفكارهم بأنانيتهم، يخطفون أجمل سنوات عمرهم، ويتركوهم صفحة بيضاء ملضخة مشوشة وفي كثير من الأحيان مشوهة.

 

الفيلم يخطف الجمهور إلى منطقة شائكة شديدة الحساسية، أم تفضل الحياة وحيدة عن العيش مع والد أطفالها الثلاثة أكبرهم شاب فى مرحلة المراهقة وأوسطهم بطل فيلمنا طفل رقيق المشاعر وأصغرهم طفلة لا تعرف الاعتماد على النفس، تخطف الأم براءة أطفالها بانسحابها من حياة الأب لتتقاسم مسئولية المنزل مع ذلك الطفل البريء فيتحمل فوق طاقته من مسئوليات ليست من اختصاصاته، يتولي مسئولية شقيقته الصغري وكأنه أمها.

 

الأم ليست هنا، تشرب الكحول، تعود للمنزل محمولة بسبب سكرها، يتحمل طفلها الأوسط هموم البيت ومشكلاته التي تضغط على نفسيته، فيجد نفسه هشا، داخله خواء، خواء لا يملأه أحد، خواء خلفه غياب الأب الذي لا يظهر في الصورة بعدما انفصل عن الأم، فلا يوجد أب يوجهه أو يحتضن، أو يطبب.

 

يري الطفل أمه في أحضان الرجال، تتركه لتبحث عن ملذاتها، لا يجد من يحتويه ولا من يشعر به وبتميزه، لا أحد يدعمه نفسيا أو معنويا، سوى استاذه الجديد فى المدرسة، ذلك الاستاذ الذي يجد الطفل في صحبته ما افتقده في غياب الأب، يجد معه الدعم والأمان والتشجيع، فى إطار علاقة الأستاذ بتلميذه النجيب، إلا أن غياب دور الأم وقبله الأب، جعل منه فريسة سهلة للسقوط فى تصرفات لا يفهمها، باطنها أنه يبحث عن الأمان وحضن الأب ودفئه في صحبة أستاذه المدرسي الذي يدعمه ويشجعه، وظاهرها أنه يميل لنفس نوعه، وهو الخط الدرامي، الأهم في الحدوتة، فهو لا يعي أي معني جنسي من الأساس لكنه مرتبك المشاعر والأحاسيس، يشعر بما افتقده بسبب غياب والده فى وجود أب آخر وهو أستاذه في المدرسة، يري والدته فى حضن رجل آخر فيتخيل أن ذلك هو السبيل للتقرب من أستاذه، خاصة بعد محادثة جمعت الطفل بطفلة أخرى أكثر نضج تعيش مراهقتها بحرية تدخن السجائر في سن صغير، تنصب نفسها حكم وناصح، فتمنحه نصائح حميمية لا يستوعبها عقله لكنه ينفذها ببراءه سعيا وراء هدف نبيل شوهته الأحكام علي ظواهر الأمور.

 

 

ما فعتله تلك المراهقة دور خطير يلعبه بعض المراهقين مع زملائهم وأصدقائهم الأصغر سنًا يفتحون عيونهم علي أشياء لا يستوعبونها من باب الاستعراض بالخبرات والفهم والنضج، ما يجعل فضول الأصغر سنًا يدفعهم لفعل أشياء لا يدركوها لذلك نجد أطفال تدمن الإباحية، وآخرين يتناولون المخدرات وغيرها من الأمور.

 

عدم فهم من حول طفلنا بطل الحدوتة لمشاعره والتعامل معه بعنف، حمله أكثر مما يتحمل خاصة وسط المسئوليات التي وضعتها والدته علي كتفيه وانهكته، لكنه رغم هشاشته ورقته وضعف بنيانه، يجد أنه لا سبيل لمستقبل أفضل له سوي أن يرتقي بنفسه ويحقق طموحه في مستقبل أفضل.

 

النهاية المفتوحة التي اختارها مخرج الفيلم الرائع صمويل ثيس، منحت المشاهد فرصة لتخيل أكثر من سيناريو، أهمها هو أن  الطفل جوني ويجسده الطفل الموهوب ألوشا رينيه، لن يوقفه أحد في اختيار  مستقبله بصرف النظر عن هويته الجنسية التي سيكتشف حقيقتها بمجرد وصوله لوعي ناضج حر دون ضغط تحت أي ظروف.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *