الأدب

ندوه بمعرض القاهره الدولي للكتاب لمناقشته التربية المسرحية بين التأويل والتأصيل دراسة سيسيو تربوية للدكتوره راندا رز

 

 

 

هناء السيد

 

 

 

 

 

صدر حديثا للدكتوره : راندا رزق، أستاذ الإعلام التربوي بكلية التربية النوعية – جامعة القاهرة كتاب
التربية المسرحية بين التأويل والتأصيل
دراسة سيسيو تربوي

يتناول التربية المسرحية بين التأويل والتأصيل، دراسة سيسيو تربوية، الرؤى الاجتماعية والتربوية للمسرح باعتباره الوسيلة الوحيدة للتعبير عن ما يجول فى خاطر وأحاسيس كاتب النص المسرحي، ويأتى من الحركة ومن الكلام وبعض المؤثرات الأخرى لكى تحول معنى المسرحية إلى مشاهدة تمثيلية أمام الجمهور حيث يتم شرح بين مجموعة عناصر فنية كالإخراج والتمثيل والموسيقى ومن الديكور والإضاءة مكونين فى النهاية المسرحية بصورتها وأفكارها المتكاملة.
ويتناول الكتاب عدة عناصر منها تاريخ المسرح وأنواعه موضحة أهمية المسرح التراجيدى والدراما الجادة والمسرح الكوميدى، ومسرح العرائس والمسرح التجريبيى بالإضافة إلى المسرحيات الموسيقية والمسرح الغنائي والأوبرا والباليه والرقص الحديث، وتناول الكتاب عرضًا متميزًا للإعلام التربوي والسرح المدرسي، وأسهبت المؤلفة بعمق التفكيروأصالة الموضوع في التدليل على أن المسرح المدرسي دعامة من دعائم التربية والتعليم، وأنه يحقق الأهداف المرجوة منه من بناء شخصية الطالب وتكوين الفعل الخلاق.
كما يلقي الكتاب الضوء على أهمية الإعلام التربوي فى تحديد المشاكل المجتمعية فى نقل المفاهيم والقضايا إلى المسرح المدرسي، وتضمن المؤلف فضلا عن علاقه المسرح بالشارع بوصفه نافذة جديده للمسرح وإلقاء المؤلف الضوء على أهمية المسرح عندما يكون علاجًا للمشكلات والقضايا المجتمعية (السيكو دراما) وأبرزت مكونات الكتاب أهمية المسرح كنشاط مدرسي للطفل ودوره فى تكوين ذكاءه الإبداعى وفى دعم الفعل لغويًا وإكسابه الفصاحة فى كلامه وتزويده بكم هائل من المعلومات التي توسع دائرة تفكيره مما يؤدى إلى احتمالية إبداعه فى كافه مجالات حياته، بالإضافة إلى ترسيخ القيم المجتمعية الإيجابية وتحقيق الأهداف التربوية.
ويستعرض الكتاب تاريخ المسرح وأنواعه ويعتني بدراسة المسرح الإغريقي وأنواعه ودراسة تاريخه على مر العصور، ورصد المسرح الفرنسي والإنجليزي والإسباني، ومسرح القدماء المصريين، بالإضافة إلى المسرح العربي ومسرح البلاي باك، عوضًا عن دراسة المسرح الصوتي الدرامي (الأوبرا)، ومسرح الباليه، والمسرح الموسيقي.
ويعتني الكتاب بالتركيز على المسرح المدرسي بدراسة عناصر بناء المسرحية، مث الموضوع، الشخصية، البناء الدرامي، الصراع، السيناريو، الحوار، وغيرها من العناصر، ويعقد الكتاب مقارنة بين المسرح المدرسي في أنحاء عديدة حول العالم والبلاد العربية.
ويركز الكتاب على أن المسرح هو أكثر الألون الأدبية تعبيرًا عن المجتمع، وفي هذا الصدد توضح المؤلفة أن الفن ما هو إلا تعبير جمالي، ويمكننا التعبير من خلاله بأكثر من طريقة، ومن تلك الطرق “المسرح”، فالمسرح هو أكثر الألوان الأدبية تعبيرا عن المجتمع، لأن الشخصية التي يقوم بأداء شخصيتها تكون متمثلة أمام المشاهد أو الجمهور، وبذلك يفهم الدور بشكل أوضح، ويجيد الحكم علي الشخصية بشكل جيد، فالمسرح يجسد المجتمع من أشخاص وبيئة وكل شيء، فيجسد الشخص البخيل والشخص السخي، مع مواصفات كل منهما وطريقة حياة كل منهما في المأكل والمشرب والمعيشة والسكن وطريقة تعامل كل منهما مع الآخرين وذلك يتم بدخول التأثيرات التي تجعل التمثيل أكثر مصداقية مثل الأزياء والمكياچ والديكور، فمثلا أثاث منزل البخيل يكون قليلا جدا يكاد يكون معدوما، كذلك ملابس أولاده أو زوجته، تكون غير جيدة ويكون بها عيوب نظرا لأنه شحيح ولا يريد صرف جنيها واحدا مع أنه يملك من المال ما يجعله يعيش مستورا ولكنه يريد أن يكنزه ويعيش بتقشف مع أنه يملك المال، وملابسه هو أيضًا تكون بآلية غير صالحة للاستعمال، وكذلك في حياته كلها، فهو يحث أبنائه علي السير علي خطاه معتقدا أنه بذلك يحافظ عليهم ويجعلهم يحافظون علي أموالهم في المستقبل، ولا يعلم أنه بذلك يقودهم إلى طريق مسدود، فلماذا أبخل علي نفسي وأنا معي المال، ننتقل لشخصية السخي الذي يبذل المال في سبيل إسعاد أسرته ولكن دون إسراف، فنجد في منزله أثاث جميل يبعث في النفس الراحة والسكينة مع ألوان البيت الهادئة، وملابسه مهندمه ولها شكل جميل وملائمة لشخص في عمره، وأيضًا أولاده وزوجته يمتازون بالأناقة دون إسراف في الزينة في الملبس، وطريقة حياتهم معتدلة ولكن لا يكنزون المال بل يصرفون كل جنيها بمكانه، ويتصدقون طلبا من الله البركة في هذا الرزق.
ويعتني الكتاب بدراسة المسرح بوصفه مرآة للمجتمع، وفي هذا الصدد ترى المؤلفة أن المسرح ينقل مشكلات المجتمعات من كل الجوانب؛ اجتماعية كانت أم سياسية أم غير ذلك نقلا يتسم بصدق شديد يجعله يتفق مع الواقع حيث تعرض النصوص المسرحية وتمثل كما لو كانت حدثا يخلوا من الديكور ليكن بصورته الواقعية، وهو ما يقدمه الكتاب المسرحيين المتمكنين من وصف أي حدث وصفا شاملا بهدف إيصال الفكرة للمشاهد حاملة معها رسالة اجتماعية، حتي أنه يخيل إلى المشاهد أنه يري حدثا في الشارع وليس في مسرح، فعلاقة الأدب بالمجتمع علاقة وثيقة، وكثيرا ما تناولها النقاد منذ قديم الزمن ولم ينتهي الحديث فيها بعد، والمسرح بوجه خاص كونه أكثر ألوان الفن الأدبي تناولا لمشكلاتنا في الواقع، حيث يركز الفن المسرحي علي عنصر الصراع بأنواعه الاجتماعي والشخصي والنفسي ولكن طبعا مع الاهتمام بصفة خاصة بالصراع الاجتماعي كونه يشغل أذهان كل أطياف وفئات المجتمع، ولا ريب من تأثر الأدب بتغير الأوضاع الاجتماعية – كما ذكرنا – كما أوضح عالم الاجتماع “إميل دور كايم” علاقة الأدب بالمجتمع مؤكدا أن الأدب في حد ذاته ما هو إلا ظاهرة اجتماعية إذ يقول: “إن الأدب ظاهرة اجتماعية، وإنه إنتاج نسبى يخضع لظروف الزمان والمكان ، وهو عمل له أصول خاصة به، وله مدارسه ولا يبنى على مخاطر العبقرية دية، وهو اجتماعي أيضًا من ناحية انه يتطلب جمهورا يعجب به ويقدره”
والمسرح باعتباره الأكثر تمثيلا لواقع حياتنا من بين الألوان الأدبية المختلفة فإنه يمكننا تناول هذه العلاقة في ضوء” نظرية الانعكاس” التي تتناول علاقة الأشياء ببعضها وتحديد مدي تأثير كل منهم في الأخر، وهذا “ماركس” يقول: “أن الأدب والفن هما سلاح الطبقة ففي المجتمع المقسم إلى طبقات يعكس الأدب والفن بطريقة مباشرة، أو غير مباشرة معنويات طبقة معينة، وآرائها السياسية وذوقها الجمالي”.
كما يعتني الكتاب بإلقاء الضوء على السيكو دراما، على اعتبار أن المسرح يمكن أن يكون علاجًا، وفي هذا الصدد ترى الكاتبة أنه قد لا يكون المسرح هو الفن كله لكنه بلا شك هو الدواء كله لكثير من حالات العزلة النفسية التي تنتاب الكثير منا، حيث إن السيكودراما تعني بمعالجة تلك الحالات وتصحيحها من خلالها الأعمال المسرحية الاجتماعية، وقد نختلف أو نتفق في مجل هذا الرأي وفي وجهة النظر تلك، لكننا يجب أن نتفق أن المسرح ليس وسيلة للتسلية والتلهية وقتل أوقات الفراغ وغير ذلك من وسائل الترفيه عن النفس، ثم من بعد علينا أيضًا أن نتفق على أن المسرح يؤدي دورًا مهمًّا في عملية الإصلاح الاجتماعي ومعالجة الكثير من القضايا الشائكة والحساسة، ثم إنه لا يطرح علاجًا نظريًّا ولا يصف دواء على الورق، وإنما يقدم تلك الحالات على مسمع ومرأى وملمس من الجميع، فهو يجسد قضايا المجتمع ويحاول أن يقدم لها حلولًا جذرية شافية ووافية وكافية.
ومن منطلق أن إصلاح الأفراد فردًا فردًا يؤدي في النهاية إلى إصلاح اجتماعي شامل وكامل، فإن السيكودراما هي المنوطة بجانب كبير من هذا الإصلاح، حيث إنها تعني بتعديل بعض السلوكيات الخاصة بالأطفال، وها هو توصيفها من حيث هي علم، ولا سيما الأطفال الذين يعانون من بعض المشكلات، وهذا العلم قد تم العمل به في الغرب، حيث إن عملية معالجة سلوكيات الأطفال ليست عملية قائمة على وسائل التربية المباشرة والتوجيه والإرشاد بشكل عام من الأب أو الأم أو بعض أفراد الأسرة، وليست أيضًا عملية قائمة على المبادئ والأخلاق العامة والعادات والتقاليد والقيم والاجتماعية والإنسانية فحسب، وإنما هي عملية معقدة بعض الشيء، حيث إن جزءًا منها يجب أن يكون من خلال وسائل متطورة وحديثة وجذابة ومثيرة في الوقت ذاته، وهي الأداة التي تقدمها السيكودراما بكل عفوية واحترافية أيضًا، حيث إن السيكودراما تعني بالقيام بها الدور كحلقة من الحلقات التي تكتمل بها سلسلة التربية.
وتعني السيكودراما “الدراما النفسية” حيث إنها نوع من أنواع المعالجة النفسية عن طريق التقنيات المسرحية، حيث إنها تستخدم تلك التقنيات في معالجة بعض القضايا، ولاسيما القضايا النفسية، وهو ما يعني السيكودراما استطاعت أن تطوع المسرع وتسخره ليتم استخدامه كوسيلة تربوية، وأول من استخدمها هو مورينو Moreno وهو طبيب نفسي استطاع أن يضع الأسس التي يمكن من خلالها استخدام المسرح في العلاج النفسي وعملية التربية، والسيكودراما لفظ مركب يتكون من شقين الشق الأول Psychee وهو ما يعني الروح أما الشق الثاني فهو Drama ويعني الفعل.
ويتحدث الكتاب باستفاضة بالدرس والتحليل لمسرح الطفل، وفي هذا الصدد توضح الكاتبة أن بداية ظهور مسرح الطفل تاريخيا كانت لدي فراعنة مصر القديمة، ففي البداية كان يسمي “مسرح الدمى” ويؤيد ذلك ما وجد من نقوش فرعونية تشير إلى وجود بعض القصص والتمثيليات الموجهة للأطفال، وكذلك ما عثر عليه من دمي في مقابر بعض أطفالهم.
كما ورد عن ذلك الفن في كتابات أفلاطون، حث فيها على ضرورة تعليم الجنود فن المحاكاة من خلال أداء الأدوار التمثيلية المتعلقة بالقيم والمبادئ كالفضيلة والشجاعة وتفادي محاكاة عكس هذه المبادئ.
وكان أول عرض مسرحي موجه للطفل في إسبانيا بعنوان “خليج الأعراس” عام 1657 للمؤلف “بدرو كالدرون دي لاباركا” الذي قدم في حديقة الأمير فرناندو ابن ملك إسبانيا وقتئذ الملك فليبي الرابع الذي حفل عصر بعديد المسرحيات الهادفة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *