تاريخ الصراع بين روسيا واوكرانيا
بقلم المهندسه / رشا سالم
ظهور فيروس كوفيد ومتحوراته هو في حقيقة الأمر بمثابة كبح للشرور البشرية ودعوة لتأمل مخاطر شرور العباد علي كوكب الأرض من تلوث للبيئة وتغير مناخي حاد التقلبات لكثرة جرائم البشر لكوكب الأرض ؛ ولم يتفهم الكثير من البشر رسالة الله لهم بأنه قد نشر وباء بين العباد يفقدون بسببه الأحباب لعلهم إليه يرجعون.
ولعل اشتعال فتيل الحرب مرة آخري بين روسيا وأوكرانيا يعيد للأذهان مشاهد الحروب الفتاكة والمدمرة والتي عاشها بني الأنسان علي مر حياته علي الأرض منذ خلق.
ما هي أسباب التلويح ودق طبول الحرب من جديد؟ وما هو تاريخ الصراع فيما بينهم دعونا نتعرف علي ما حقيقة الصراع ولماذا يخاف العالم منه وما تأثيره علي دول العالم خاصة الدول الأوربية.
روسيا وأوكرانيا.. نزاع تاريخي ومحطات حرب غير معلنة
التوترات بين روسيا وأوكرانيا يسبقها تاريخ يعود إلى العصور الوسطى. فكلا البلدين لديهما جذور في الدولة السلافية الشرقية المسماة “كييف روس”. لذلك، يتحدث الرئيس الروسي اليوم عن “شعب واحد”. أما في الحقيقة، فقد كان مسار هاتين الأمتين عبر التاريخ مختلفاً، ونشأت عنه لغتان وثقافتان مختلفتان رغم قرابتهما. فبينما تطورت روسيا سياسياً إلى إمبراطورية، لم تنجح أوكرانيا في بناء دولتها. في القرن السابع عشر، أصبحت أراضٍ شاسعة من أوكرانيا الحالية جزءاً من الإمبراطورية الروسية. وبعد سقوط تلك الإمبراطورية عام 1917، استقلت أوكرانيا لفترة وجيزة، إلى أن قامت روسيا السوفييتية باحتلالها عسكرياً مجدداً.
التسعينيات: روسيا تطلق أوكرانيا
في ديسمبر/ كانون الأول عام 1991، كانت أوكرانيا، بالإضافة إلى روسيا وبيلاروسيا، من بين الجمهوريات التي دقت المسمار الأخير في نعش الاتحاد السوفييتي. غير أن موسكو أرادت الاحتفاظ بنفوذها، عن طريق تأسيس رابطة الدول المستقلة (جي يو إس). كان الكرملين يظن وقتها أن بإمكانه السيطرة على أوكرانيا من خلال شحنات الغاز الرخيص. لكن ذلك لم يحصل. فبينما تمكنت روسيا من بناء تحالف وثيق مع بيلاروسيا، كانت عيون أوكرانيا مسلطة دائماً على الغرب.
هذا أزعج الكرملين، ولكنه لم يصل إلى صراع طوال فترة التسعينيات. آنذاك، كانت موسكو تبدو هادئة، لأن الغرب لم يكن يسعى لدمج أوكرانيا. كما أن الاقتصاد الروسي كان يعاني، والبلاد كانت مشغولة بالحرب في الشيشان. في عام 1997 اعترفت موسكو رسمياً من خلال ما يسمى بـ”العقد الكبير” بحدود أوكرانيا، بما فيها شبه جزيرة القرم، التي تقطنها غالبية ناطقة بالروسية.
صدع في الصداقة
شهدت موسكو وكييف أول أزمة دبلوماسية كبيرة بينهما في عهد فلاديمير بوتين. ففي خريف عام 2003، بدأت روسيا بشكل مفاجئ في بناء سد في مضيق كريتش باتجاه جزيرة “كوسا توسلا” الأوكرانية. كييف اعتبرت ذلك محاولة لإعادة ترسيم حدود جديدة بين البلدين. ازدادت حدة الصراع، ولم يتم وضع حد له إلا بعد لقاء ثنائي بين الرئيسين الروسي والأوكراني. عقب ذلك أوقف بناء السد، لكن الصداقة المعلنة بين البلدين بدأت تظهر تشققات.
أثناء الانتخابات الرئاسية في أوكرانيا عام 2004، دعمت روسيا بشكل كبير المرشح المقرب منها، فيكتور يانوكوفيتش، إلا أن “الثورة البرتقالية” حالت دون فوزه المبني على التزوير، وفاز بدلاً منه السياسي القريب من الغرب، فيكتور يوشتشينكو. خلال فترته الرئاسية قطعت روسيا إمدادات الغاز عن البلاد مرتين، في عامي 2006 و2009. كما قُطعت أيضاً إمدادات الغاز إلى أوروبا المارة عبر أوكرانيا.
وفي عام 2008، حاول الرئيس الأمريكي آنذاك، جورج دبليو بوش، إدماج أوكرانيا وجورجيا في حلف شمال الأطلسي (ناتو)، وقبول عضويتهما من خلال برنامج تحضيري. قوبل ذلك باحتجاج بوتين، وموسكو أعلنت بشكل واضح أنها لن تقبل الاستقلال التام لأوكرانيا. فرنسا وألمانيا حالتا دون تنفيذ بوش لخطته. أثناء قمة الناتو في بوخارست تم طرح مسألة عضوية أوكرانيا وجورجيا، ولكن لم يتم تحديد موعد لذلك.
ولأن مسألة الانضمام للناتو لم تنجح بسرعة، حاولت أوكرانيا الارتباط بالغرب من خلال اتفاقية تعاون مع الاتحاد الأوروبي. في صيف عام 2013، بعد أشهر قليلة من توقيع الاتفاقية، مارست موسكو ضغوطاً اقتصادية هائلة على كييف وضيّقت على الواردات إلى أوكرانيا. على خلفية ذلك، جمّدت حكومة الرئيس الأسبق يانوكوفيتش، الذي فاز بالانتخابات عام 2010، الاتفاقية، وانطلقت بسبب ذلك احتجاجات معارضة للقرار، أدت لفراره إلى روسيا في فبراير/ شباط عام 2014.
ضم القرم .. علامة فارقة
استغل الكرملين فراغ السلطة في كييف من أجل ضم القرم في مارس/ آذار عام 2014. كانت هذه علامة فارقة وبداية لحرب غير معلنة. وفي نفس الوقت، بدأت قوات روسية شبه عسكرية في حشد منطقة الدونباس الغنية بالفحم شرقي أوكرانيا من أجل انتفاضة. كما أعلنت جمهوريتان شعبيتان في دونيتسك ولوهانسك، يترأسهما روس. أما الحكومة في كييف، فقد انتظرت حتى انتهاء الانتخابات الرئاسية في مايو/ أيار 2014، لتطلق عملية عسكرية كبرى أسمتها “حرباً على الإرهاب”.
في يونيو/ حزيران من نفس العام، التقى الرئيس الأوكراني المنتخب للتو، بيترو بوروشينكو، وبوتين لأول مرة بوساطة ألمانية وفرنسية، على هامش الاحتفال بمرور سبعين عاماً على يوم الإنزال على شواطئ نورماندي. خلال ذلك الاجتماع وُلدت ما تسمى بـ”صيغة نورماندي”.
آنذاك، كان بإمكان الجيش الأوكراني دحر الانفصاليين، إلا أنه في نهاية أغسطس/ آب، تدخلت روسيا – بحسب الرواية الأوكرانية – بشكل هائل عسكرياً. موسكو تنكر ذلك. الفرق العسكرية الأوكرانية قرب إيلوفايسك، وهي بلدة تقع شقق دونيتسك، تعرضت للهزيمة. هذه كانت لحظة محورية. لكن الحرب على جبهة موسعة انتهت في سبتمبر/ أيلول بتوقيع اتفاق وقف إطلاق النار في مينسك.
أزمة روسيا وأوكرانيا.. “قنبلة موقوتة” تحت رماد “حرب باردة”
تزداد حدة نبرة التصريحات الصادرة من كييف وموسكو وواشنطن وبروكسل، مع حشود عسكرية تنذر بحرب على ضفاف البحر الأسود.
وأضحت ضفاف البحر الأسود منذ الأزمة بين روسيا وأوكرانيا ساحة للحشد العسكري، من موسكو من جهة، وحلف شمال الأطلسي المؤيد بقوة لكييف في المقابل.
ولا تخفي واشنطن دعمها الشديد لكييف، ما دفع موسكو لاتهامها اليوم الثلاثاء بأنها تسعى لتحويل أوكرانيا إلى “قنبلة موقوتة” و”برميل من البارود”.
واتهمت الخارجية الروسية الولايات المتحدة أيضا، بتسخين “المزاج العسكري” في أوكرانيا، والقيام بأعمال استفزازية بالقرب من الحدود الروسية الأوكرانية.
واعتبر نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف أن الدعم العسكري الأمريكي لأوكرانيا “تحديًا خطيرًا لأمن روسيا”.
أوكرانيا من جانبها استنجدت بحلفائها في الناتو والولايات المتحدة لثني موسكو عن الحشد العسكري على حدودها.
وزير الخارجية الأوكراني ديميترو كوليبا في تصريحاته خلال مؤتمر صحفي مشترك مع أمين عام الناتو من بروكسل قال: “علينا التصرف حالا لمنع روسيا من التصعيد”، متهما جارته بالعمل على تقويض قدرات جيش بلاده الدفاعية.
وأكد أمين عام الناتو قائلا إن الحلف يدعم أمن أوكرانيا من خلال وجود عسكري أكبر في البحر الأسود.
وشدد في هذا الصدد على أن الحلف يعزز وجوده في حدود أوروبا الشرقية، لمواجهة الحشد الروسي وحماية أوكرانيا.
تلك الحشود رأى أمين عام الناتو أنها “غير مبررة وغير مفهومة ومثيرة للقلق بشكل كبير”، مشددا على أنه يجب على روسيا وقف الحشد العسكري على الجبهات الثلاث، مؤكدا الوقوف مع أوكرانيا بشكل كامل.
وتشدد موسكو أنها “لن تقبل بقيام حرب أهلية في أوكرانيا”، غير أنها أكدت أنها “لن تبقى غير مبالية لمصير الناطقين بالروسية المقيمين في جنوب شرق أوكرانيا”، حيث تدور حرب منذ 2014 بين قوات كييف والانفصاليين الموالين لروسيا.
وتعتبر موسكو أن النزاع الذي أوقع أكثر من 13 ألف قتيل منذ اندلاعه هو حرب أهلية أوكرانية، فيما تتهم كييف والغرب موسكو بتقديم دعم عسكري وسياسي ومالي جلي وموثق إلى الانفصاليين. المصدر ايجي بست
وبعدما توقفت المعارك بشكل شبه تام منذ التوصل إلى هدنة في صيف 2020، تجددت الاشتباكات بكثافة في الأسابيع الأخيرة وأسفرت عن مقتل 26 عسكريا أوكرانيا منذ مطلع العام، بالمقارنة مع مقتل 50 جنديا طوال العام نفسه.
لغة التهديد والوعيد سيدة الموقف في الأزمة بين أوكرانيا وروسيا، فيما تثير الحشود العسكرية المخاوف من حديث فوهات المدافع، وسط دعم أوربي أمريكي قوي، وإصرار شديد من موسكو على التقدم نحو حدود الجارة الأوكرانية.