اليوتيوبرز.. شياطين وملائكة
مقال رأى جمال جورج
تعلمنا فى مدارس صحفية متنوعة يفوح منها عبق صاحبة الجلالة أن الموضوعية فى الطرح ركن أصيل فى صنع سلاسل المصداقية مع القراء أو المشاهدين بالقياس أيضا على وسائل الإعلام المرئية ، فمنذ أن وضع جيل من العمالقة حجر الأساس لمدرسة الإبداع وفتح أفاق جديدة فى عقول المتابعين تلتها مراحل من التقلبات صعودا وهبوطا فى المجال الإعلامى المرئى والمسموع حتى وصلنا الى عصر الشبكات العنكبوتية التى باتت هى السحاب المظلل للسواد الأعظم من أصحاب الفكر والقلم .
ومن هنا ولد عهد جديد ولون مختلف من الإعلام المتلفز تخطى الفضائيات والتلفزيون المصرى والإذاعة بل شملهم أيضا فى حقيقة الأمر ، حيث تخطت مشاهداته الالاف والملايين على المستوى المحلى والدولى ..عن موقع اليوتيوب العالمى نتحدث ولعل حديثنا سيكون مختلفا فى طرحه من حيث العمق وتسليط المجهر على الجوانب الخفية والكروت الغير مآلوفة لهذه اللعبه كما يحلو لى تسميتها من منطلق المنهج الأمريكى لمدارس التوك شو الحوارية المختلفة والتى تعتبر تلك البرامج بمثابة لعب لها أصول وأساسيات أما أن تؤمن بها برمتها أو تكفر بها فى مجملها ..
وتحول اليوتيوب من مجرد موقع الى عالم كامل متكامل ومرجعا لدساتير العلوم والثقافات المختلفة والذى يدفعنا لشرح وتفنيد بعض أيجابياته والتى أستفاد ويستفيد منها أجيال متعاقبة حالية لا يمكن الطعن أو الشك فيها لأنها واقع ملموس حقيقى لا يمكننا تجاهله بشكل من الأشكال ، فنرى عليه وبشكل حصرى غالبية بل معظم الأغانى الجديدة قبل طرحها على أسطوانات مدمجة بعد إنتهاء مرحلة شرائط الماسيت والتى نحتفظ به فى بيوتنا من باب التراث والظيكور الذى يعيد اذهاننا الى طفولتنا و أيام الزمن الجميل وحتى الزمن الجميل أصبحنا نستمع اليه ونعيد مشاهدته على هذا الموقع فائق الإحترافية فى طرحه وتجميعه للنوادر والمقتطفات النفيسة ولذا تستطيع سماع (أقبل الليل والف ليلة وليلة )لأمو كلثوم و جميع البومات العندليب ومحمد فوزى وحتى أسمهان كما تتهافت قنوات اليوتيوب أو الساحر كما يحلو لى تسميته لتحميل أغانى الهضبة عمرو دياب و محمد حماقى و اليسا وحسين الجسمى الذى أطرب شجن المصريين بالعديد من أغانيه الوطنيه ولا يخفي عليكم لمن يعلم أو لا يعلم من ذوى الأوقات النادرة أن المهرجانات أيضا وجدت مناخا خصبا فى هذه التربة وراحت متفجرات أوكا وأورتيجا و شاكوش و بيكا تتصدر نسب المشاهدات بمجرد نزولها لسوق الموسيقى حتى خلافاتهم مع نقابة الموسيقيين وخلافاتهم مع بعضهم تجد تفاصيلها معروضه أمامك بانوراما لا تنتهى ولا يمكن السيطرة عليها ..
ولعلنا نعترف بأن عملية إخضاع ذلك المحتوى للرقابة أو السيطرة شيء من أصعب الأمور من قبل الجهات الرقابية المختلفة ولكنها تخضع للرقابة الفعلية من قبل إدارة الموقع والتى فرضت شروطا جديدة مكبلة لمن يطلق عليهم اليوتيوبرز ممن إتخذوا الأمر منهجا و عملا لهم يدر عليهم دخلا وهو ما دفع الجهات المتخصصة لفرض ضرائب عليهم لمن يتخطون نسب مشاهدة عالية ، حيث أن اليوتيوب على سبيل المثال كان يتيح فى بداياته تقديم برنامج دون أظهار وجه المقدم وهو الذى تم منعه حاليا بشروط حاسمه بجانب بنود خاصة بأثبات مهنة مقدمى تلك البرامج وهويتهم الرسمية وعدم الإقتراب من مقدسات وعقائد الأخرين بشكل يدعو الى التحريض والعنف وهو الأمر المحمود الذى عمل على فلترة تلك المحتويات من خطب الكراهية و التجبر بشكل كبير .
ولا يخفى عليكم قولا بأننى احد أبرز معجبين سلسلة برامج الدكتور الراحل مصطفى محمود والتى كانت تحت عنوان العلم والإيمان وهى سلاسل ثقافية مفيدة فى جميع مجالات الحياة كما أننى أتابع برامج ثقافية عديدة بضغطة زر واحدة على هذا الموقع الذى صغر العالم ووضعه مرئيا بين ايادى الجميع فى أى وقت ومكان ..كما يستهوينى وقت الفراغ متابعة برامج المأكولات الاى تبرز جهود المصريين و نجاحاتهم فى تلك النوعية من المشروعات على مستوى محافظات الجمهورية مثل الأكيل وعباسيات وأكلة عدنان .
وعلى نحو اخر تمتد أصابع اثمة الى هذه الساحة الرقمية مفتوحة المجال لنرى فيها البعض من هواة المكسب السريع وبيع الوهم للجماهير يروجون لأدوية غير مرخصة و منتجات غير مؤهلة طبيا كما نرى قطاعات متنوعة من قراء الفنجان و الدجالين الذين ينجمون بأوراق التاروت ويدعون معرفة الغيب ..
نحن أمام منظومة فى غاية الدقة بعضها نافع وكثيرها ضار اذا لم يخضع للرقابة والتى فى رأى أن تكون ذاتية قبل أى شيء أخر .. وهو ما يجعلنا أن نطرح تساؤل ونترك التحليلات لكل يراه حسب ما يشاء وهو (اليوتيوبرز ) فى مصر ملائكة أم شياطين؟؟