النيابة العامة تحقق فى التعدى على فتى من ذوى الهمم بدار رعاية غير مرخصة
تستجوب النيابة العامة اثنين متهميَنِ بالتعدى على فتى من ذوى الهمم بدار رعاية غير مرخصة بالإسكندرية، بعدما تم تداول مقاطع مصورة لوقائع تعدى أحدهما على المجنى عليه فيها، وكشفت التحقيقات اشتراك الآخر معه ومزاولة الدار نشاطها بغير ترخيص.
حيث كانت وحدة الرصد والتحليل بإدارة البيان بمكتب النائب العام قد رصدت تداول مقاطع مصورة لتعدى أحد المتهمين على المجنى عليه بالضرب والإهانة أكثر من مرة بدار رعاية بالإسكندرية، فتولت النيابة المختصة التحقيق، حيث شاهدت المقاطع المصورة لوقائع التعدي، وتمكنت من تحديد مقر الدار محل الواقعة، وانتقلت إليها لمعاينتها، وتحفظت على ما بها من تسجيلات آلات المراقبة لفحصها بيانًا إذا ما كانت تحوى تسجيلات لوقائع التعدى على المجنى عليه أو آخرين من مرتادى الدار.
وقد استمعت النيابة العامة لشهادة السيدة القائمة على تصوير المقاطع، فشهدت بتكرار اعتداء مشرفى الدار -الملاصقة لسكنها- على المتواجدين بالدار، وأوضحت أنها صورت وقائع التعدى محل التحقيق توثيقًا لما اعتادت رؤيته، حيث سلمتها لأحد معارفها لنشرها بمواقع التواصل الاجتماعى لإغاثة المجنى عليه على حد تقديرها.
كما سألت النيابة العامة والدة المجنى عليه والتى شهدت باعتياد إيداع ابنها -البالغ من العمر عشرين عامًا- بالدار محل الواقعة خلال فترات معينة من اليوم لرعايته لإصابته بالتوحد وصعوبة النطق والحركة، وأنها فى يوم الواقعة تلقت اتصالًا من الدار أفادتها فيه بتعدى ابنها على أحد المشرفين مما اضطر معه الأخير إلى تعنيف ابنها، وأن منشورات متداولة بمواقع التواصل تُصور الواقعة على خلاف حقيقة ما حدث، حيث طلبت الدار منها نشر مقطع يُبرئ الدار مما نُسب إليها بمواقع التواصل الاجتماعي، كل ذلك دون أن تشاهد مقاطع التعدى على ابنها المتداولة بتلك المواقع، فبادرت بنشر مقطع بموقع “فيس بوك” لتبرئة الدار، وعلى إثره أخبرتها إحدى قريباتها بحقيقة الواقعة وعدم صحة ما تدعيه الدار، وأطلعتها على مشاهد التعدى على ابنها، فأبلغت الجهات المختصة بما حدث.
هذا، وقد ناظرت النيابة العامة المجنى عليه فى رفقة والدته، فتبينت إصابته باليد والساق ولم تتمكن من سماع شهادته لعدم تمكنه من التحدث، وانتدبت النيابة العامة خبيرًا من اللجنة العامة لحماية الأطفال لفحص حالته.
هذا وتتخذ النيابة العامة إجراءات للتحقيق فى مدى الترخيص للدار بمزاولة نشاطها إلى جانب التحقيق فى واقعة التعدي؛ حيث سألت مديرة الدار التى لم تنفِ واقعة التعدى على المجنى عليه وقررت أنها أنهت عمل أحد المتهمين بعد اتصال علمها بالواقعة، مدعية مزاولة الدار نشاط تأهيل وعلاج ذوى الهمم بترخيصٍ تَمثَّلَ -حسب ادعائها- فى استخراج سجل تجارى وبطاقة ضريبية، بينما أكدت مديرية التضامن الاجتماعى المختصة للنيابة العامة عدم حصول الدار على الترخيص اللازم لمزاولة هذا النشاط تحديدًا.
وعلى هذا شكلت النيابة العامة لجنة من الوحدة العامة لحماية الأطفال لفحص حالات ذوى الهمم الذين ترددوا على الدار لبيان مدى سابق تعرضهم لوقائع تعدي، وكلفت النيابة العامة اللجنة المذكورة بمعاينة الدار لبيان إذا ما كانت مؤهلة فنيّا لعلاج ذوى الهمم من عدمه، وتستكمل النيابة العامة تحقيقاتها فى واقعة مزاولة الدار النشاط المذكور بدون ترخيص.
وكانت النيابة العامة قد طلبت تحريات الشرطة حول واقعة التعدى على المجنى عليه فأكدت صحتها، وعدم صحة ما ادعته مديرة الدار لوالدته، وحددت التحريات شخصى المُتهميَن فيها؛ فأمرت النيابة العامة بضبطهما وإحضارهما، وألقى القبض عليهما نفاذًا لذلك الأمر، وعُرضا على النيابة المختصة لاستجوابهما.
هذا، وتؤكد النيابة العامة بمناسبة تلك الواقعة ما سبق وأكدته فى أكثر من موضع من أن مواقع التواصل الاجتماعى رغم ما تحققه من انتشارٍ للوقائع الجنائية المتداولة فيها إلا أنها ليست السبيل للإبلاغ عن تلك الوقائع أو نشر التسجيلات المتعلقة بها -حتى ولو بحسن نية- بدعوى إغاثة المجنى عليهم فيها، وتهيب النيابة العامة بالكافة إلى عدم تداول هذه المقاطع بمواقع التواصل الاجتماعى وإتاحتها للكافة؛ لكونها أدلة رقمية معتبرة فى تلك الوقائع، يلزم تقديمها فقط للجهات المختصة وعلى رأسها النيابة العامة؛ للحفاظ على ذلك الدليل من العبث، وصيانته بإجراءات محددة بيّنها القانون لكى تصبح دليلًا صالحًا لإثبات الجريمة وإسنادها إلى المتهمين، فنشر وتداول مثل هذه المقاطع بمواقع التواصل الاجتماعى وإن كان يحقق انتشارًا للواقعة على المستوى المجتمعى إلا أنه يعرض الدليل فيها للعبث والتلاعب والتلف.
كما أن مثل هذا النشر والترويج لم ولن يكون هو الدافع الذى تُولِى النيابة العامة من أجله اهتمامًا بهذه الوقائع دون غيرها؛ إذ إنها تؤدى رسالتها تمثيلًا عن المجتمع ورعايةً لمصالحه وحقوقه فى كافة الوقائع الجنائية المعروضة عليها، والمتصل علمها بها بأى طريق كان، دون حاجة لتسليط الضوء عليها اجتماعيًّا أو إعلاميًّا، وهو أمر غير مفترض حدوثه فى عقيدة ورسالة النيابة العامة، وأن البيانات الصادرة من النيابة العامة فى تلك الوقائع المروج لها ليس لاهتمام خاص بها، بل غايتها دحض الشائعات التى تُدس حولها بقصد وبغير قصد، حفاظًا على السلم والأمن الاجتماعى باطمئنان الناس لما يتخذ من إجراءات فى منظومة العدالة بكافة روافدها.