ذكرى فض اعتصام رابعة المسلح.. منصة تهديد الشعب وعزف «لحن المظلومية»
تحمل ذكرى فض اعتصام رابعة المسلح العديد من الروايات والأسانيد التي كشفت مخطط جماعة الإخوان الإرهابية، من وراء اعتصامها المسلح الذى أرادت تحويله ليكون دولة داخل الدولة باعتراف قياداتهم، وسيظل اعتراف القيادي الإخواني أحمد المغير، المعروف إعلامياً بـ«فتى خيرت الشاطر»، هو الأبرز عن تسليح الاعتصام باعتباره صادراً عن قلب التنظيم الإرهابي، فـ«المغير» كشف عن أماكن اختباء الأسلحة، وأفصح عن تفاصيل اللجان النوعية المسلحة التي شكلتها الجماعة الإرهابية للتعامل مع الأمن أثناء الفض.
ارتكبت الجماعة وأذرعها العسكرية العديد من العمليات الإرهابية وأحداث العنف، سواء في يوم فض اعتصامي رابعة والنهضة، أو طيلة شهر أغسطس من عام 2013، حيث استغلت قيادات الإخوان أنصارها من التيارات المتشددة وعُصبتهم لترهيب الشعب بالقتل في محاولة منهم للعودة إلى المشهد السياسى، بعد أن أسقط المصريون حكم الجماعة في ثورة 30 يونيو، فكانت منصة «رابعة» ساحة لإطلاق التهديدات والتحريض والوعيد بالقتل.
وبحسب التقديرات الرسمية، بلغ عدد شهداء الشرطة خلال فض اعتصام رابعة الإرهابي 8 بالإضافة إلى 156 مصاباً، فضلاً عن استشهاد اثنين وإصابة 14 آخرين خلال فض اعتصام ميدان النهضة، علاوة على العمليات التي استهدفت المدنيين والأقباط والكنائس خلال ذلك اليوم.
ووصل عدد شهداء الشرطة خلال شهر أغسطس الذى شهد أحداث فض اعتصامى رابعة والنهضة المسلحين إلى نحو 114 شهيداً، بينهم 30 ضابطاً، و82 مجنداً وفرد شرطة، وموظف مدنى واحد، وخفير، في واقعة إرهابية وثقت الجانب الدموى للجماعة.
استشهد 14 ضابطاً وفرد شرطة أثناء اقتحام مركز شرطة كرداسة عقب فض اعتصامي رابعة والنهضة، حيث اقتحم مسلحون من أنصار الجماعة المركز بالأسلحة الثقيلة، وقتلوا مأمور المركز ونائبه و12 ضابطاً وفرد شرطة، وهى الواقعة التي عُرفت إعلامياً باسم «مذبحة كرداسة».
«ربيع»: الجماعة أسست كيانات مسلحة أثناء الاعتصام
وقال إبراهيم ربيع، القيادي السابق بجماعة الإخوان، الخبير في شئون الحركات الإسلامية، إن الجماعة الإرهابية خططت لأعمال العنف والتفجير خلال اعتصام رابعة، وأعدت استراتيجية لتنفيذ أعمال إرهابية في ربوع مصر أثناء فترة الاعتصام.
وأضاف «ربيع»، لـ«الوطن»: «تم تأسيس الكيانات المسلحة وتسكينها جغرافياً خلال اعتصام رابعة، باعتماد أساليب وأدوات اتصال لتحقيق الأهداف التخريبية للجماعة، فهناك أسلوب يعتمد دائماً على الشفرات، إلى جانب أشكال التواصل الأخرى عبر برنامج تليجرام أو الاتصال الشخصى المباشر وما يشبه ذلك»، مشيراً إلى أنه تم اعتماد الهياكل التنظيمية والتمويلات المالية وتوزيع الأدوار داخل اعتصام رابعة.
وأشار الخبير في شئون الحركات الإسلامية إلى أن قيادات الجماعة خططوا لأعمال العنف داخل الاعتصام وعلى رأسهم محمد كمال، الذى عُرف بقائد الجناح العسكرى، وعلاء السماحى، الهارب خارج البلاد ويقود أعمال العنف.
واستطرد: «أول الكيانات الإرهابية التي خرجت من الجماعة هو (العمليات النوعية) والمسئول عن تنظيم أعمال إرهابية لإرباك الدولة عقب فض اعتصام رابعة، ثم ظهر كيان (الحراك الثورى) ثم حركة (حسم)، وأخيراً لواء ما يعرف بـ(الثورة والمقاومة الشعبية)، وانبثق عن هذه الحركات تيارات أخرى غير معروف أسماؤها تنفذ أعمال عنف».
وأكد أن جميع التيارات الإرهابية والجماعات الإرهابية تم تأسيسها داخل اعتصام رابعة، مشدداً على أن أغلب الجماعات المسلحة والجماعات المتطرفة على مستوى العالم خرجت من رحم الإخوان.
«البشبيشى»: قياداتهم أخفت الموعد لمنع هروب المعتصمين
فيما قال طارق البشبيشى، القيادي المنشق عن جماعة الإخوان، إن قيادات الإخوان باعتصام رابعة أخفت خبر موعد فض الاعتصام عن المعتصمين، حتى لا يهرب من هم داخل الاعتصام فيتم الفض بسلام ودون وقوع ضحايا، مؤكداً أن تنظيم الإخوان سعى إلى وقوع اشتباكات وسقوط ضحايا، من أجل المتاجرة بصورهم على قناة الجزيرة والقنوات العالمية المعادية لمصر.
وأضاف «البشبيشى» أن قيادات الإخوان هربت من مقر الاعتصام برابعة العدوية قبل حدوث حالة الهرج والمرج التي صاحبت الفض، مشيراً إلى أن كثيراً منهم توجه إلى الحدود الغربية ومنهم من هرب إلى السودان عن طريق ممرات تسيطر عليها عصابات بدوية، دفع لهم التنظيم أموالاً طائلة لتهريب قياداته خارج البلاد، ومنهم من لم يسعفه الوقت واختفي في شقق بمدينة نصر بالقرب من ميدان رابعة، مثل «بديع» و«البلتاجى» و«العريان» وغيرهم، وهؤلاء كانوا صيداً ثميناً لأجهزة الأمن، إذ تم إلقاء القبض عليهم بسهولة.
ونوه بأنه فور علم قيادات الإخوان بموعد فض الاعتصام، أصدروا الأوامر لكوادر الإخوان بالعودة إلى محافظاتهم، حتى يستعدوا لإحراق مصر بعد فض الاعتصام، أما من تركوهم داخل الاعتصام فأغلبهم من المتسولين واللاجئين العرب من البلاد التي كانت تضربها الفوضى حينها، مثل سوريا واليمن وليبيا.
وتابع: «هؤلاء ومعهم بعض شباب التنظيم الإخواني صغير السن والمتحمسين، هم من تركوهم داخل الاعتصام ومعهم بعض من يحملون السلاح، حتى يتم سقوط ضحايا للمتاجرة بهم، وابتزاز المجتمع بعد ذلك وعزف أسطوانة المظلومية من جديد».
«فاروق»: سعوا إلى السيطرة على جزء من الجغرافيا السياسية للدولة
وقال عمرو فاروق، الباحث في شئون الحركات الإرهابية، إن قيادات جماعة الإخوان الإرهابية اختاروا ميدان رابعة للاعتصام فيه، بهدف السيطرة على جزء من الجغرافيا السياسية للدولة، موضحاً أن غرفة عمليات رابعة كانت بمثابة مقر لمكتب الإرشاد داخل الاعتصام.
وأضاف «فاروق»: «جماعة الإخوان طيلة الوقت توجه السياسة لخدمة أهداف التنظيم، فهى لا تعترف بالديمقراطية أو الممارسة السياسية، ولكن تستخدم تلك السبل لفرض سياساتها وتحقيق أهداف التنظيم الدولى».