مصرفيون: جهود البنك المركزي نجح في التصدي للتضخم عبر أدوات السياسة النقدية
يواصل البنك المركزي المصري جهوده الدؤوبة في مواجهة الأزمات العالمية المتتالية وتخفيف حدتها وآثارها السلبية على الاقتصاد المصري، مستعيناً في ذلك بأدواته من «السياسة النقدية» وتوجيه البنوك المحلية، ورسم سياسات يتحقق في ظلها استقرار سعر الصرف، وكبح جماح موجات التضخم المستوردة، والناتجة عن الحرب الروسية.
ويرى خبراء مصرفيون أن البنك المركزي المصري كان سريعاً في استجابته للتعامل مع الأزمة، واتخاذ الإجراءات المناسبة، وجهوده في توجيه البنوك المحلية لسحب قدر من السيولة من الأسواق، ومحاربة «الدولرة» والإبقاء على مدخرات المصريين في البنوك وعدم خروجها عن طريق شراء الدولار أو العملة الصعبة.
سامى: البنك سارع لمواجهة التداعيات وإجراءاته استباقية
وأكد شريف سامى، رئيس مجلس إدارة البنك التجارى الدولى والرئيس السابق للهيئة العامة للرقابة المالية، أن البنوك المركزية والسلطات النقدية في مختلف دول العالم في حالة استنفار للتعامل مع التقلبات الاقتصادية الحادة المتصاعدة خلال الأشهر الأخيرة، وهى ناتجة عن موجات تضخمية في الدول الصناعية الكبرى التى لم تشهدها منذ ثمانينات القرن الماضى، وترتب عليها اللجوء لرفع أسعار الفائدة أكثر من مرة، وامتدت مع النزاع بين روسيا وأوكرانيا، مما أثر على أسعار واردات الكثير من السلع الأساسية، ومن ضمنها القمح والذرة، وهو ما أدى بدوره إلى أن يواجه الكثير من الأسواق الناشئة تحديات نتيجة ارتفاع فاتورة استيراد تلك السلع، إضافة إلى مواجهة خروج ملحوظ لرؤوس الأموال الأجنبية للولايات المتحدة وغيرها من الدول المتقدمة بسبب رفع سعر الفائدة بها.
وأضاف «سامى» لـ«الوطن» أن مصر لم تكن بمنأى عن تلك الأوضاع، وكان البنك المركزي المصري سريعاً في استجابته للتعامل معها واتخاذ الإجراءات التى رآها مناسبة، موضحاً سعيه للوصول إلى توازن دقيق يراعى فيه استمرار دوران النشاط الاقتصادى والأبعاد الاجتماعية مع العمل على كبح جماح معدلات التضخم والحرص على الوفاء بالالتزامات المالية لمصر للعالم الخارجى، وبالتالى فإنه رغم لجوئه لرفع سعر الكوريدور راعى الاستمرار في عدد من المبادرات القطاعية، وتلك المرتبطة بالمنشآت المتوسطة والصغيرة.
فهمي: توجيهاته خفّفت آثار الأزمة
من جانبه، قال ماجد فهمى، الخبير المصرفي ورئيس بنك التنمية الصناعية سابقاً، إنَّ البنك المركزي المصري بذل جهوداً ضخمة لمكافحة التضخم والسيطرة على مستوياته المرتفعة، وذلك على مدار السنوات الكثيرة الماضية، والتى كانت نتائجها إيجابية إلى حد كبير، وما زالت تلك الجهود مستمرة.
وأضاف «فهمى»، في تصريحاته لـ«الوطن»، أنَّ إدارة البنك المركزي لأدوات السياسة النقدية مؤخراً في سبيل مواجهة تداعيات الحرب الروسية على الاقتصاد، وانقطاع سلاسل الإمداد للكثير من السلع، وبالتالى ارتفاع أسعار سلع أساسية، جاءت موفّقة إلى حد كبير؛ خاصة جهوده في توجيه البنوك المحلية لسحب قدر من السيولة من الأسواق، لافتاً إلى ضرورة مراعاة اختلاف أسباب التضخم في مصر عن أغلب الاقتصادات الكبرى، والتى تجعل مواجهته والأدوات اللازمة لكبح جماحه تختلف عن الأساليب المتبعة من قِبل بنوك مركزية عالمية نتج التضخم فيها عن قفزة في الاستهلاك واختلال ميزان العرض والطلب لصالح الأخير.
وأرجع الخبير المصرفي التضخم في مصر إلى عاملين رئيسيين، الأول هو ارتفاع فاتورة الاستيراد، والثانى انخفاض قيمة الجنيه المصري مقابل الدولار الأمريكى، مؤكداً فاعلية أدوات البنك المركزي المصري في مواجهة التضخم، التى لا تخفي على أحد، لأنَّ ارتفاع الأسعار ليس مشكلة أسبابها داخلية، وإنما نتجت عن الأزمة العالمية بعد اندلاع الحرب الروسية، فالتضخم في مصر مستورد وأسبابه ليست «محلية».
وعدّد «فهمى» محاولات البنك المركزي الإيجابية، التى تحسب له في مواجهة التضخم، بداية من توجيهه لأكبر مصرفين حكوميين لرفع أسعار الفائدة على الشهادات، لتصل إلى 18%؛ الأمر الذى أسهم أيضاً في محاربة «الدولرة» والإبقاء على مدخرات المصريين في البنوك وعدم خروجها عن طريق شراء الدولار أو العملة الصعبة، كما أسهمت إصدارات تلك الأوعية الادخارية الجديدة في امتصاص قدر كبير من السيولة وصل إلى 750 مليار جنيه، وبالتالى تقليل القوة الشرائية وتخفيض الطلب على المنتجات والوصول إلى معدلات تضخم أقل.
وتابع: «يأتى إصدار شهادات الـ14% بآجال 3 سنوات ضمن الخطوات الإيجابية للمركزي أيضاً، وذلك بفضل توجيهاته للبنوك، والتى دفعت أغلبها لإطلاق منتجات مشابهة من حيث عوائد وآجال تلك الأوعية الادخارية التى تهدف في النهاية إلى تعويض المودعين عن تآكل قيمة العملة المحلية أو تراجع القيمة الشرائية بفعل التضخم، من خلال رفع الفائدة على المنتجات المصرفية».