آراء وتحليلات

الدبله قصه قصيره ولكنها لن تنتهي

مهندس فايق الخليلي

الدبله

لم اخلعها من يدي منذ أن شرفت يدي بها بدلا من الدبله الذهبيه التي استضافها بنصر يدي اليمني لمدة ساعه فقط والتي بدورها وضعتها زوجتي في سلسلة ذهبيه تتدلي علي صدرها مع صورة ماشاءالله والتي قامت ابنتي الكبري التي كانت تحملها امها وهي طفله ونحن في طريقنا الي بيت العائله بقطع هذه السلسله وهي تلهو علي كتفها ووقع كل ماكان معلقا فيها علي الارض في شوارع كانت وقتها رمليه ليس بها إلا القليل من الاضواء وقد بحثنا عنها ليلة كامله ونصف نهار ولكن دون جدوى وأصبحت لااملك الا هذه الدبله الفضيه التي تشكل بالنسبة لي كل وجداني واحاسيسي وتاريخي الجميل والتي البستها في يدي يد طاهره عفيفه تنعم الان بما لم ننعم به في مكان أخر

وفجأة ومنذ عدة ايام وانا اتوضأ للصلاه أحسست بشئ غريب وان شيئا كان يملأ يدي واختفي واكتشفت أن الدبله غير موجوده في يدي فذهلت لوهله وأخذت اتفحص يدي مره تلو مره وكانني غير مصدق أو كأنه أصابني فجأة ضعف البصر وانعدام الحس أو كأن طقسا من طقوسي اليوميه قد سقط مني أو كأن شيئا قد نقص مني هذا الصباح ثم أفقت وتساءلت اين ذهبت واين جلست ومتي اخر مره تحسستها وانا الذي لم اخلعها من يدي اطلاقا وأصبح الاطمئنان عليها كل حين من طقوسي اليوميه وتساءلت كيف سأعيش بدونها وكأنها هي المصدر الذي يهبني الحياه ولكن توقفت كل ذاكرات الكون في هذه اللحظه ولكني استسلمت مع وجود الامل

وكان لابد أن أخبر اولادي وبناتي بهذا الخبر الحزين والذي استقبلوه بالحزن والدهشه وطأطأة الرأس ومسحه اضافيه من الحزن علت وجوههم لأنهم يعلمون مدي حرصي عليها وضج الجروب الخاص بي وباولادي بالحزن والاستغراب والدعاء الي الله لتعود الي موقعها في يدي مرة اخري

وقمنا أنا واولادي بالبحث عنها في كل مكان بالمنزل الكبير بجميع غرفه وطوابقه ومداخله والسلالم والحديقة حتي اكياس القمامه ولكن دون جدوى فهي بالنسبة لنا جميعا اغلي من كنوز الدنيا ومافيها

ولما استبد بنا اليأس جميعا استسلمنا لقدر الله ولكن كانت الكلمة العجيبه التي اجتمع عليها كل اولادي هي أن شاءالله ستجدها لأنها لم تخرج من المنزل وان الله لن يخذلنا وفي رواية لبعض أبنائي هي اللي حتلاقيك يابابا مش انت اللي حتلاقيها وأخذ الكل يدعو دعاء رجوع الضاله وكنا جميعا علي يقين تام بأن ضالتي ستعود الي بإذن الله

وبعد عدة أيام مرت علينا مثل ايام خلت من قبل

ومساء امس وانا اقلب بأكياس الدواء الخاصه بي لالتقط شريط دواء إذا بي أجد شيئا مستديرا يخالف في شكله اشرطة الدواء فأخذت اركز فيما اري وإذا بها هي دبلتي أمام عيني وهي تبرق وتلمع لمعانا غير عاديا وكأنها تقول لي هاانذا لاتحزن فاني معك ولن تضيعني أبدا فالتقطتها بسرعة الملهوف وكانني أخاف أن تهرب مني مرة اخري ودمعت عيناي من الفرحه وجعلت احتضنها واقبلها واقول الحمدلله وكانني وجدت كنزا ثمينا وهي عندي اغلي كنوز الدنيا ومافيها

وهرولت بسرعه الي غرفة ابني محمد وأخبرته بصوت متحشرج مملوء بالدموع من التأثر أنا لقيت الدبله يامحمد والحقيقه هيا اللي لقتني فانتفض من سريره وقال بطريقه غير معتادة عن طريقته في الكلام والله يابابا والله الحمدلله الحمدلله

وعندما حضر ابني الاخر من عمله فبمجرد أن فتح الباب وجدت محمد بيقول لأخوه بابا لقي الدبله يااحمد فدخل علي الغرفه مسرعا ليهنئني وطار الخبر عبر الجروبات الخاصه والكل يشكر الله علي ماحدث

وعندما جلست معها بمفردي أحسست وكأنها تقول لي لقد كان جسمك ممتلئا عندما اودعتني في يدك فإنتبه ولا تفقدني مرة اخري

وكانت الفرحه والدموع وكأن غائبا قد عاد إلي احضاننا

فهي بكل مقاييس المشاعر عودة الروح الي جسد انهكه الفراق

ايها الغاليه لقد فقدتك مره ولن افتقدك مرة أخرى

أنها ليست الدبله ولكن…..

رحم الله من البستني أياها

 

مهندس فايق الخليلي

22/8/2022

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *