محمد نجيب في عيون الحفيدة.. «الوطن» تقترب من أدق تفاصيل الحياة الشخصية لأول رئيس لمصر «حوار»
محمد نجيب رئيس مجلس قيادة الثورة، وأول رجل يكتب اسمه في أول سطور الجمهورية الأولى، هكذا يعرف الجميع رئيس مصر الأسبق محمد نجيب، بمعلومات رسمية طبقًا لما ظهر على التلفاز أو ما نشرته الصحف آنذاك، لم يتعمق أحد في حياته، وكيف عاش وكواليس سنوات عمله السياسي، وطباع شخصيته بعيدا عن السياسة.
حاولت «الوطن» أن تغوص في أعماق حياته الشخصية، وتطرق أبواب الجانب الإنساني في حياته، وتعرف كيف كان يعيش «نجيب الإنسان»، بعيدًا عن الحياة الرسمية في قصر الرئاسة أو ديوان الحكومة، وتكشف أسرارا كثيرة في حياته، وذلك بإجراء حوار مع نعمة يوسف حفيدة محمد نجيب، لتكشف عن «محمد نجيب الذي لا يعرفه أحد»، وإلى نص الحوار:
محمد نجيب الأب والجد: حنون وصارم
حدثينا عن بعض من ملامح شخصية محمد نجيب الأب والجد؟
تميز الراحل محمد نجيب في تعاملاته مع أبنائه وأحفاده بصفتين هما الطيبة والحزم، فالأحفاد كانوا فلذة كبده يلازمونه دائما لا يفارقونه، فكان يجلس معهم دائما ويستمع لهم، يقرأ لهم القصص ويلعب معهم ألعاب الذكاء، يجلسون معه في الحديقة ويحاول إسعادهم وإضحاكهم دائما، «كان ليا روتين معاه يوميا بعد العصر ننزل نتمشى للمغرب ودايما كان يقرأ قرآن وهو ماشي وأول آيات حفظتها كانت من خلال قرايته أثناء المشي بجانبه».
لكن في وقت المذاكرة تظهر جديته وصرامته في ضرورة المذاكرة بجد، كان يمنع تماما التغيب عن المدرسة، وكان يمنع أيضا الحديث بصوت مرتفع، أو الجلوس بشكل خاطئ، أو حتى إهمال الرياضة أو الصحة أو اللياقة البدنية، «كان جايب لينا عجل أنا وأختي وباقي الأحفاد علشان يحفزنا نمارس رياضة»، وهو الأسلوب نفسه الذي اتبعه محمد نجيب في تربية أبنائه وهو النهج الذي تسير عليه الأسرة كلها في التربية لإخراج أجيال ملتزمة على كل المستويات.
الرئيس الراحل حياته كانت مليئة بالأحداث التاريخية.. كيف كان يتحدث عنها؟
لم ينس السياسة أبدا طوال حياته، فدائما ما كان يتحدث مع الأسرة عن ثورة يوليو وأهميتها السياسية لمصر، ويحرص على توعية أبنائه بها، ورغم أن الأحفاد كانوا أطفال فكان يتحدث معنا عنها ويحرص على شرح ما حدث لنا وأهميتها، وكفاح الشعب والجيش المصري على محاربة الاستعمار على مر العصور، وكان يحدثنا أيضا عن حبه للضباط الأحرار الذين كان يعتبرهم أبناءه يحبهم ويخاف عليهم، وكان دائما ما يحدثني عن إنجاز حرب أكتوبر ويقول، «وشي حلو لأنني ولدت بعد نصر أكتوبر بأشهر قليلة».
هوايته المفضلة القراءة وكان لديه موسوعات من الكتب
لكل إنسان هواية خاصة.. أخبرينا ما هواية الرئيس محمد نجيب؟
القراءة ثم القراءة ثم القراءة، تلك هي هوايته الرئيسية وكان يعشقها بشدة، فكان يمتلك مجموعة كبيرة جدا من الكتب والموسوعات بالعديد من اللغات في مجالات مختلفة مثل الطب والفلك والعلوم والأدب، وأي شيء يمكن أن يتخيله شخص، كذلك كان يحرص على تعلم اللغات فكان يتحدث الإنجليزية، والفرنسية، والإيطالية والعبرية، كذلك كان يهوى تربية الحيوانات الأليفة سواء القطط والكلاب.
«المهاتما».. كان الشخصية الأكثر تأثير بالنسبة له
التاريخ مليء بالشخصيات المؤثرة.. ما الشخصية المفضلة له؟
كان يحب شخصية غاندي السياسي البارز والزعيم الروحي للهند، كان معجبا بأفكاره وجهوده التي أدت في النهاية إلى استقلال الهند وألهمت الكثير من حركات الحقوق المدنية والحرية في جميع أنحاء العالم، وأنا شخصيا أرى أن هناك تشابها بين جدي محمد نجيب وغاندي، فكلاهما درس الحقوق، كلاهما مناضل من أجل حقوق وطنه، وكل منهما عاشق لتراب بلده.
حفيدة محمد نجيب: كان يحب الرياضة ويشجعنا عليها
هل كان له رياضة مفضلة يحرص على ممارستها باستمرار؟
بالتأكيد، كانت رياضته المفضلة هي المشي وممارسة التمارين الخفيفة، كذلك كان يواظب على ممارسة اليوجا ويحث أحفاده على ممارستها، ففي كثير من الأحيان كان يشتري لي كتب تتحدث عن رياضة اليوجا وتأثيرها وأهميتها، حتى يكون لي القدرة على فهم فلسفتها وأمارسها معه.
يزور المرضى في المستشفيات ويمنحهم الهدايا والورود
ما أبرز المواقف الإنسانية الشهيرة للراحل محمد نجيب؟
أهم وأول المواقف هو أنه كان يحرص دائما على الخروج كل أسبوع هو والسائق، ويشتري وردا وهدايا ويذهب بها لزيارة المرضى والمصابين في المستشفيات العسكرية، كان ذلك روتين أسبوعي يحرص عليه باستمرار، وفي إحدى المرات كنت برفقته «شوفت إزاي الناس كلها كانت تحبه وتقدره وبيفرحوا بزيارته»، وكان دائما يحرص على إسعاد من حوله، ففي الأعياد كان يحرص على توزيع العدية للجميع حتى للسائقين والفرحين، وذلك في السنوات الأخيرة من عمره.
حتى الكلاب كان رحيما بها، كان يوصي دائما بإطعامها يوميا، فكان يسير ويحرص على توزيع الطعام عليها، لدرجة أن الكلاب كان تعرف صوت سيارته جيدا، ويهرولون عليها عند رؤيتها.
محمد نجيب لا يأكل كثيرا ويهوى الأكل الصحي
ما الوجبة المفضلة له؟
وجبته المفضلة كانت المشويات بصفة عامة، وكان يتناول وجبات خفيفة جدا، ويهوى الطعام الصحي المنظم، فطبقه المفضل قطعة بروتين مشوي مع خضار سوتية أو سلطة، ولم يكن له طلبات محددة في الطعام، وكان يحب التفاح، ويرى أن تناول تفاحة يوميا يكون سببا في منع الكثير من المشكلات الصحية، فحين كنت أمرض في طفولتي كان يحضر لي تفاحة صفراء لتناولها قبل الدواء.
ما هو فريقه المفضل والممثل الذي يحب مشاهدة أعماله؟
لم يكن من هواة متابعة كرة القدم، لذلك لم يكن له فريق يشجعه، كما أنه ليس متابعا للأفلام والمسلسلات، كان يقضي معظم وقته في قراءة الكتب والقرآن، والاستماع إلى إذاعة لندن لمتابعة الأخبار والأحداث العالمية، وممارسة رياضة المشي واليوجا.
كيف كانت اللحظات الأخيرة في حياة الراحل محمد نجيب؟
الأيام الأخيرة في حياة محمد نجيب لم تكن سهلة عليه أو على أسرته، فعانى من تدهور لحالته الصحية بحكم التقدم في العمر، فكان يقضي أسابيع طويلة في المستشفى، «كان بحاجة للملاحظة الطبية باستمرار، وكان الأطباء يقومون بالواجب وتقديم الرعاية اللازمة له»، لكنه ظل في معاناته الصحية لأشهر متواصلة حتى لفظ أنفاسه الأخيرة في المستشفى، وقبل وفاته بلحظات «نظر إلى سقف غرفته نظرة طويلة، وقال ياااه اتأخرتوا ليه أنا مستنيكم من زمان.. كأنه يخاطب ملائكه الموت ثم توفى في صمت»، وفقا لحفيدته «نعمة».