مدير «الآثار المستردة»: نجحنا في استرداد 29 ألف قطعة ومصر لن تفرط في حقها (حوار)
شهدت الفترة الماضية طفرة في مجال استرداد القطع الأثرية المصرية التي خرجت بطرق غير مشروعة من مصر، إذ تجاوز عدد القطع المستردة الـ29 ألف قطعة أثرية من عدة دول أبرزها الولايات المتحدة الأمريكية، وأكد الدكتور شعبان عبد الجواد مدير إدارة الآثار المستردة بوزارة السياحة والآثار، في حواره لـ”الوطن”، أن مصر أصبح لديها استراتيجية وطنية لمواجهة عمليات الاتجار في الإرث الثقافي، وتسعى عدد من الدول لاستنساخ التجربة المصرية، مشيرا إلى أن وجود النائب العام على رأس وفد مصري لاستعادة قطع أثرية مصرية يرسل رسالة مهمة بأن مصر لن تفرط في حقها، وإلى نص الحوار:
استراتيجية وطنية لاستعادة الآثار
– في البداية حدثنا عن ما جرى في ملف الآثار المستردة خلال الفترة الماضية؟
شهد ملف استعادة الآثار المصرية طفرة كبيرة خلال السنوات الأخيرة، وتولي الدولة المصرية اهتمامًا خاصًا بعمليات استعادة الآثار، واستعدنا ليس عشرات ومئات بل آلاف القطع الأثرية خلال السنوات السبع الأخيرة، وأصبح لدى مصر تجربة متفردة لاسترداد الآثار المصرية واستراتيجية وطنية لاستعادة الآثار تسعى عدد من الدول لاستنساخها لاستعادة إرثها التاريخي، ومنها اليمن وليبيا والعراق وسوريا والصين، وعدد من دول أفريقيا وأمريكا اللاتينية.
وتجاوز عدد القطع الأثرية المستردة 29 ألف قطعة أثرية من عصور مختلفة؛ مصرية قديمة وقبطية وإسلامية، ففي عام 2015 تم استرداد 451 قطعة أثرية، وفي 2016 تجاوز عدد القطع التي عادت لمصر 363 قطعة، بينما في عام 2017 نجحنا في استرداد 553 قطعة.
وشهد عاما 2020 و2021 طفرة كبيرة وتجاوز عدد القطع المستردة خلال العامين 26 ألف قطعة منها 21 ألف قطعة من إيطاليا، كما تم استرداد 5266 قطعة أثرية من عدد من الدول الأجنبية؛ أبرزها الولايات المتحدة الأمريكية وبلجيكا وإنجلترا وهولندا وفرنسا وإسبانيا وسويسرا وإيطاليا وإسرائيل وألمانيا، منها 5000 أثر من الولايات المتحدة الأمريكية وهي عبارة عن مخطوطات باللغة القبطية وبالخط الهيراطيقي والديموطيقي واللغة اليونانية وبرديات وعدد من الأقنعة؛ التي كانت توضع على التوابيت الجنائزية وأجزاء من توابيت، كما تم استرداد 95 قطعة أثرية من إسرائيل عبارة عن موائد قرابين وتماثيل من البرونز وأجزاء تابوت خشبي وتماثيل الأوشابتي وورقتي بردي، ومن الجانب الإيطالي تم استرداد 3 قطع أثرية منها تمثالين من العصور اليونانية والرومانية ومثلهما من العاصمة البريطانية لندن.
وما أكبر الأسواق التي تعتبر سوق لتجارة الآثار المصرية؟
الولايات المتحدة الأمريكية، كانت من أكبر تلك الأسواق وعدد من دول أوروبا خاصة التي تحوي صالات مزادات كبرى ومنها إنجلترا وسويسرا، وتعتبر مصر من أوائل الدول العربية التي وقعت إتفاقية في مجال الإتجار غير المشروع في الممتلكات الثقافية، تلك الإتفاقية في غاية الأهمية نظرا لأن الولايات المتحدة تعتبر من أكبر الأسواق لتجارة الآثار المصرية، نظرا لامتدادها الكبير وحدودها الممتدة؛ مما قد يكون السبيل لمهربي الآثار، وجاءت تلك الإتفاقية في 2015 لتضع القيود على استيراد وتصدير الممتلكات الثقافية والأرث التاريخي من وإلى الولايات المتحدة الأمريكية، وبمقتضاها يقوم حرس الحدود الأمريكي بمصادرة أي قطعة أثرية يتم ضبطها ويشك في خروجها من مصر أو دخولها للولايات المتحدة بطريقة غير شرعية، ومن ثم يتم إجراء التحقيقات من قبل الجهات الأمنية الأمريكية وإبلاغ السلطات المصرية، وتكون الخطوة التالية استعادة الآثار المصرية، وبتلك الطريقة استعدنا مئات القطع الأثرية سنويا ووصل ما تم استعادته من الولايات المتحدة الأمريكية وحدها إلى 6 آلاف قطعة أثرية.
قصة تابوت متحف الحضارة العجيب
وما أهم القطع التي تم استردادها بموجب تلك الإتفاقية؟
هناك عشرات القطع الأثرية التي عادت من الولايات المتحدة الأمريكية أهمها تابوت “نجم عنخ” المذهب المعروض حاليا بمتحف الحضارة المصرية، بعد استرداده في 2018 وله قصة في غاية الأهمية، حيث رصدنا وجوده بمتحف المتروبليتان الأمريكي من خلال صورة متداولة لأحد الشخصيات، التقطت بجوار التابوت وقمنا بمراجعة السجلات لمعرفة مدى قانونية وشرعية خروجه مع الترجيح بأنه خرج بطريقة غير مشروعة وهو ما تيقنا منه وقمنا بمخاطبة المتروبوليتان، وأكد لنا أن التابوت يمتلك أوراقًا ثبوتية تؤكد خروجه بطريقة شرعية، إذ كانت الآثار تجارة مشروعة حتى صدور قانون حماية الآثار في ثمانينيات القرن الماضي، وأنه اشتراه من تاجر آثار فرنسي وبالعودة والتدقيق اكتشفنا أن التاجر باع التابوت بأوراق مزورة بمبلغ 5 ملايين دولار، وبعد جهود ومخاطبات استمرت لأكثر من عام ونصف العام نجحنا في استرداده، وها هو يزين متحف الحضارة المصرية الذي شرف بافتتاح الرئيس السيسي له.
النائب العام ورسالة مهمة للعالم
من الأحداث المهمة التي شهدها العام 2021 استرداد 115 قطعة من فرنسا بحضور النائب العام.. حدثنا عما تم لاسترداد تلك القطع؟
يعتبر استرداد تلك القطع واحدًا من أهم الضبطيات، وسفر النائب العام محامي الشعب ليشهد عملية استلام تلك القطع الأثرية على رأس وفد أثري رفيع، يرسل رسالة مهمة للعالم كله أن مصر لن تفرط ولن تترك قطعة أثرية خارج مصر؛ صغيرة كانت أو كبيرة خارج مصر، وسنتقصى ونتتبع حتى نعيد الآثار حتى التي خرجت قبل قانون الآثار ما دام لنا حق بها، فمصر لن تفرط في حقها.