استشاريون: الولادة الطبيعية الأفضل للحامل والمولود
أكد استشاريون فى طب النساء والتوليد دعمهم لتوجه وزارة الصحة نحو التقليل من معدلات إجراء الولادة القيصرية فى مصر، ودعم وتعزيز الولادة الطبيعية وتوعية الأمهات والمقبلات على الزواج بأهمية ذلك للأم والمولود.
يقول الدكتور عمرو حسن، استشارى النساء والتوليد، إن نسبة الولادة القيصرية خلال السنوات القليلة الماضية زادت من عام 2000 إلى 2008 لأكثر من الضعف «من 10% إلى 28%»، ووفقاً لتصنيف عام 2014 جاءت مصر فى المركز الثالث بعد جمهورية الدومينيكان والبرازيل، وكان معدل الولادة القيصرية فيها 51%، أى إن نصف المواليد فى مصر جاءوا عبر ولادة قيصرية، لافتاً إلى إعلان صحيفة الجارديان البريطانية أن مصر هى أعلى نسبة ولادة قيصرية فى العالم بنسبة تصل إلى 63%.
يرى استشارى النساء والتوليد أن وقف انتشار الولادة القيصرية والحد من إجرائها من باب الاستسهال يجب أن يبدأ فى منظومة التأمين الصحى الشامل، وهيئة الاعتماد والرقابة الصحية، وتحديد اعتماد المستشفيات بناء على نسبة الولادة القيصرية بها، على أن يُمنح الاعتماد من خلال تقليل نسب الولادة القيصرية داخل المستشفيات.
وضرب «حسن» المثل بمحافظة بورسعيد بأنها الأعلى فى نسب الولادة القيصرية، وفقاً لآخر مسح سكانى أجراه الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، وقال: «لازم نقول لإدارات المستشفيات ليه نسب الولادة القيصرية مرتفعة ونبحث معاهم المشكلة، ولو قالوا محتاجين تمريض مدرب على متابعة حالات الولادة الطبيعية نعالج معاهم نقص أجهزة نبض الجنين وغيرها، ونزود المستشفيات بالتدريب الكافى والأجهزة وننظم مسابقات ومنافسات بين المستشفيات بحثاً عن أكثر مستشفى يقلل نسب الولادة القيصرية ونمنحه الاعتماد والجودة».
«حسن»: بورسعيد تتصدر المحافظات الأعلى بـ77% ومطروح الأقل بنسبة 26% والحل فى التأمين الصحى الشامل الجديد
وتابع «حسن» قائلاً إن مصر خلال هذا العام أصبحت الدولة الأولى عالمياً فى نسبة إجراء الولادة القيصرية، وتصدرت بورسعيد أعلى المحافظات بنسبة 77%، وجاءت مطروح فى ذيل القائمة بـ26%.
«أميمة»: ممارسة الرياضة تسهل الولادة الطبيعية.. وضرورة دعم الزوج لزوجته خلال فترة الحمل وتشجيعها على «الطبيعية»
ووصفت الدكتورة أميمة إدريس، استشارى النساء والتوليد بقصر العينى، معدلات الولادة القيصرية فى مصر بـ«الهوس والجنون»، مضيفة أن المعدلات العالمية تتراوح بين 25 و30% فقط نظراً لوجود حالات تحتاج لهذا الإجراء بالفعل.
وأشادت «إدريس» باتجاه وزارة الصحة لتنظيم حملات ومبادرات للحد من هذا النوع من الولادة، ودعم الولادة الطبيعية، مشيرة إلى وجود بعض المفاهيم الخاطئة المتعلقة بالولادة القيصرية، ومنها أن الأم تنهى الولادة القيصرية بشكل بسيط وسهل دون ألم، بينما رحلة الألم تبدأ حقيقة بعد الولادة وأضرارها أكبر، وعلى سبيل المثال إصابة المشيمة المخترقة قد تصل مضاعفتها إلى «استئصال الرحم» لبعض السيدات مع الولادة الثانية لها.
وعن أسباب ارتفاع معدلات الولادة القيصرية خلال السنوات القليلة الماضية، أشارت استشارى النساء والتوليد بقصر العينى إلى عدم ممارسة الرياضة لأنها تسعى لتوسيع الحوض وتقوية عضلة البطن ما يسهل الولادة الطبيعية، وعدم ممارسة الرياضة يعمل على الإحساس بآلام الظهر، خاصة فى نهاية الشهر التاسع، وبالتالى تستعجل الولادة القيصرية للتخلص من ألم الظهر.
وأكدت استشارى النساء والتوليد دور الأعمال الفنية سواء السينما أو الدراما التليفزيونية فى تصدير فكرة معاناة الأم من الولادة الطبيعية، ما أدى إلى لجوء معظم السيدات للولادة القيصرية واستسهالها رغم مخاطرها، فضلاً عن الثقافة الخاطئة لدى الأمهات والحموات بأن حقنة «الأبيدورال»، أو كما يسمونها «إبرة الضهر»، تسبب الشلل، وبالتالى ترفض الأمهات أن تخضع بناتهن الحوامل لهذه الحقنة لتخفيف ألم الولادة.
وشددت «إدريس» على ضرورة التوعية وتغيير المفاهيم الخاطئة لدى الأسر والأزواج والمقبلين على الزواج عن الولادة الطبيعية والقيصرية، لأن هذه المفاهيم لا ينعكس تأثيرها السلبى على الولادة فحسب، بل يمتد إلى تفضيل الرضاعة الصناعية عن الطبيعية، رغم أهمية وفائدة الرضاعة الطبيعية ودورها الكبير فى انقباض الرحم ووقف النزيف بعد الولادة، وتقليل مخاطر سرطان الثدى والمبيضين، وداء السكرى من النوع الثانى، أو الإصابة باكتئاب ما بعد الولادة.
وطالبت استشارى النساء والتوليد بقصر العينى بضرورة دعم الزوج لزوجته خلال فترة الحمل وتشجيعها على الولادة الطبيعية، لافتة إلى أن بعض الأطباء يتساهلون فى اتخاذ إجراء بنوع الولادة المناسب للحامل، ويميلون إلى «القيصرية»، ضاربة المثل بسيدة أجرت عملية ولادة طبيعية خلال 24 ساعة ورغم طول المدة، فإنها بمجرد إتمام الوضع كانت سليمة ومعافاة والطفل بصحة جيدة وذو مناعة وفيرة، ولم يحتج إلى دخول حضانات والرضاعة تمت بشكل طبيعى.
سيدات: الأفلام أرعبتنا من الولادة الطبيعية وآلامها
بمرور الوقت يتزايد خطر الولادة القيصرية، وفق أبحاث علمية وإحصاءات رسمية، أثبتت أن مصر وصلت إلى ترتيب متقدم للغاية فى معدلات إجراء هذا النوع من العمليات الجراحية للسيدات الحوامل، حيث ارتفعت معدلات الولادة القيصرية إلى 85%، وهو الأمر الذى اعتبرته منظمة الصحة العالمية وباء، حيث حددت أن المعدل الطبيعى للولادة القيصرية على مستوى العالم يتراوح بين 15 و25%، ويجب ألا يزيد على ذلك، وفسرت الأبحاث العلمية هذه النسبة بأنها نتيجة وجود حالات تحتاج إلى ولادة قيصرية بشكل حتمى.
ورأت سيدات تحدثن لـ«الوطن» أن الولادة القيصرية أصبحت أسهل، لكن مخاطرها تظهر بعد الولادة بفترة، فضلاً عن أن بعض السيدات يلجأن لها خوفاً من ألم الولادة الطبيعية، وما تصوره بعض الأفلام.
«حبيبة»: «الدكتور اللى اختار لأن حالتى كانت صعبة.. والميه اللى حول الجنين كانت بتقل»
قالت «حبيبة» البالغة من العمر 26 سنة، إن الطبيبة المشرفة على حملها هى التى اتخذت القرار وحدّدت نوع الولادة «قيصرية»، لأن وضع الجنين كان لا يسمح بالولادة الطبيعية، مشيرة إلى أن الطبيبة فى الشهر السابع أبلغتها أن الماء الموجود حول الجنين كان يقل، ولن يكون أمامها حل سوى الولادة القيصرية، حفاظاً على حياة الطفل.
أما «سلمى»، 28 سنة، فأكدت أنها لجأت للولادة القيصرية بسبب خوفها من الولادة الطبيعية، خاصة بعد مشاهدتها آلام والدتها فى الولادة الطبيعية عندما كانت تضع شقيقتها الصغرى، فضلاً عن مشاهد الألم فى الأعمال الفنية التى تجسّد لحظات الولادة الطبيعية، كل هذه الأمور جعلتها تأخذ قرار الولادة القيصرية من تلقاء نفسها.
وتقول «سلمى» إن زوجها شجعها على اتخاذ قرار الولادة القيصرية بعد ما لمسه من خوف شديد لديها من الإجراء البديل، لافتة إلى أن الجنين كان فى حالة صحية جيدة ولا يوجد ما يعوق الولادة الطبيعية واللجوء للقيصرية سببه الخوف والرهبة وتحفيز الآخرين لى بأن القيصرية ستكون بدون ألم ومدتها أقل من نصف ساعة».
وقالت «رحاب»، 46 عاماً، ربة منزل، إن حملها كان متأخراً وأخذت مجموعة كبيرة من الأدوية، وكانت مريضة ضغط، وأثناء ذلك حدث الحمل، وقبل الولادة بشهرين أخبرها الطبيب بأنها يجب أن تضع بشكل قيصرى نظراً لحالتها الصحية، وأن المياه بدأت تجف حول الطفل: «ولدت 3 مرات وكلها قيصرية وتعبت فى آخر ولادة لدرجة أن الدكتور المتابع لحالتى فى آخر طفل قال لى لازم مستشفى مجهز برعاية مركزة، وفضلت 48 ساعة فى الرعاية، وابنى فى الحضانة، وبعد ما قمت الدكتور خلّى جوزى يكتب إقرار إنه مايجيش المستشفى تانى وأنا حامل علشان ممكن لو حملت يحصل مضاعفات وأموت، وكنت باحمل كل سنة بس باسقط علشان ممنوع كمان آخد حبوب منع الحمل.. أنا مسقطة 7 مرات».
وترى «رحاب» أن الولادة القيصرية فى التوقيت الحالى أسهل بكثير: «كنا بنقعد بعد الولادة 15 يوم مانمشيش، دلوقتى نص ساعة وكل حاجة بتبقى كويسة، حتى الولادة الطبيعية برضو بقت سهلة عن زمان، وأنا ولدت قيصرى علشان ظروف تعبى بس، وكل قرايبى بقوا يولدوا قيصرى».
«هدى»: عانيت من المضاعفات
من جهتها تقول «هدى»، موظفة، إنها فى بداية حملها كانت ترغب فى ولادة قيصرية لسهولتها وتخوفها من الولادة الطبيعية، فضلاً عن دعم الزوج لها فى قرار الولادة القيصرية، لكنها عانت من آلام قاسية بسبب مضاعفات العملية، ودخولها فى اكتئاب وإرهاق، فضلاً عن عدم التئام الجرح بسهولة وحدوث تقلصات فى الرحم».
وتابعت قائلة: «خلال فترة الحمل.. الدكتور كان بيشجعنى على الولادة القيصرية نظراً لعدة أمور، منها أن الولادة الطبيعية ستؤثر على العلاقة الحميمية مع زوجها بعد ذلك، خاصة أن الولادة الطبيعية يحدث بها شق للمهبل، أما فى الولادة القيصرية فلا يوجد هذا الإجراء، ولو رجع بيا الزمن هاختار الولادة الطبيعية علشان صحتى وصحة ابنى، لأنه دخل الحضانة كمان وبعد عنى، ماحستش باللحظات الأولى، إنى ألمس ابنى أو أحس بوصوله للدنيا».