خبير علاقات دولية : نشاط مكثف بين مصر والامارات سيمنح التعاون العربي زخما كبيرا لانجاح قمة الجزائر
قال حامد محمود خبير العلاقات الدولية أن الدبلوماسية المصرية والاماراتية تشهدان نشاطا مكثفا سيمنح التعاون العربي -العربي المزيد من الزخم اللازم لإنجاح القمة العربية المقبلة المقررة في الجزائر نوفمبر المقبل ، وذلك بعد توقف عامين، لمواجهة التحديات الأمنية التقليدية وغير التقليدية للدول العربية، عبر صوغ رؤية عربية لمواجهة التحديات الإقليمية والدولية الراهنة
واعتبر حامد محمود في مقال له نشره مركز الفارابي للدراسات والاستشارات والتدريب أن اللقاء الخماسي الذي عُقِدَ مؤخرًا في مدينة العلمين الجديدة، دشن آلية جديدة للتشاور السياسى بين عدد من أبرز قادة وزعماء دول المنطقة العربية , فقد كان اللقاء مهمًا للغاية بالنظر إلى عوامل كثيرة من: التوقيت والملفات والقضايا، وكذلك حجم التحديات التي تواجه دول المنطقة، خاصة هي تحديات مشتركة خاصة على مستوى القضية الفلسطينية والتطورات في اليمن وقضية الأمن العربي، إضافة إلى تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية والتعاون العربي المشترك لا سيما المفاوضات النووية في فيينا، هذا بخلاف ملفات التكامل الصناعي وملفات الطاقة والتغييرات المناخية ما يستدعي بشكل أو بآخر التعاون المشترك بين هذه الدول وهذا التعاون يشكل مدخلًا حقيقيًا لحل لمواجهة مختلف التحديات والتعاون إلى وصول حلول حقيقة.
دلالات سياسية
واوضح إن أهمية قمة العلمين تعود في توقيتها ودلالاتها السياسية إلى استمرار العمليات العسكرية في أوكرانيا وكذلك لتحضير والتواصل العربي المستمر قبل القمة العربية بالجزائر التي ستنعقد في نوفمبر المقبل، كذلك تأزم الوضع في العراق الذي تسبب بشكل أو آخر في فراغ حكومي يتعلق بحكومة تصريف الأعمال القائمة الآن، لهذه الأمور انعكاسات مهدِّدة للإستقرار في العراق وغيرها من الملفات الأمنية وهذه ما تتطلب جلوس الزعماء الخمس للتباحث وأن القمة الخماسية فتحت عملًا جديدًا للتعاون العربي المشترك لمواجهة التحديات والتهديدات والتصدي لأي محاولة قوى إقليمية للتدخل في الشأن الخليجي العربي.
رسالة مصر
ولفت حامد محمود الى ان دعوة الرئيس عبدالفتاح السيسى لهذا الاجتماع جاء بهدف التأكيد على أهمية تعزيز العمل العربي المشترك، ووحدة الصف العربي في مواجهة التحديات التي تشهدها المنطقة العربية، من أجل توحيد جميع الجهود الرامية إلى التوصل إلى حلول دائمة للأزمات في دول المنطقة، تسهم في إرساء دعائم الأمن والاستقرار فيها، وتحقيق الاستقرار والسلام لشعوبها.
رسالة الامارات
وقال خبير العلاقات الدولية ان الإمارات بقيادة رئيس الدولة محمد بن زايد، من خلال قمة العلمين الخماسية، تكرّس جهودها وإمكاناتها لتأسيس مرحلة عربية جديدة عنوانها التضامن والتعاون وحماية المنطقة العربية لذلك لضمان مستقبل الأجيال المقبلة وتحقيق الأمن الاقتصادي لدول المنطقة العربية بشكل كامل.
آليات نوعية لتأسيس التحالف العربى الاقليمى
واوضح ان القمة الخماسية عملت على تهدئة الظروف المناسبة أمام الدول العربية لإيجاد حالة من التوازن بين دول القوى الإقليمية والدول العربية، وأن تعطي لنفسها مناورة أكبر عبر التنوع في تحالفاتها وعلاقتها، وكان واضحًا من خلال القمة الخماسية حرص قادة الدول على التعاون المشترك لتحقيق تنمية اقتصادية شاملة من خلال استغلال كل الموارد والإمكانات المتاحة وتعزيز التبادل التجاري بين الدول العربية والدول الخمس. حيث تنخرط الدول الخمس في أطر تعاونية ثلاثية وثنائية مشتركة، تستهدف تعزيز التعاون الاقتصادي والتنموي وهو ما شهدته الشهور القليلة الماضية، من خلال انعقاد اجتماعات لعدد من قادتها في مواقع مختلفة. فمن الجدير بالذكر أن مدينة شرم الشيخ كانت قد استقبلت، في يونيو (حزيران) الماضي قمة لقادة مصر والأردن والبحرين، تناولت «العلاقات الاستراتيجية، ومسارات التعاون الثنائي بين الدول الثلاث، والتنسيق المتبادل في مختلف القضايا محل الاهتمام المشترك، فضلاً عن آخر التطورات على الساحتين الإقليمية والدولية، والتحديات التي تواجه المنطقة». وكانت «قمة شرم الشيخ» قد انعقدت قبل شهر تقريباً من إقامة «قمة جدة» بالمملكة العربية السعودية التي شهدت حضور الرئيس الأميركي جو بايدن. لقاء قمة آخر بين عدد من قادة الدول الخمس شهدته مصر في أبريل (نيسان) الماضي؛ حيث التقى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، وولي عهد أبوظبي (آنذاك)، الشيخ محمد بن زايد، وأفاد بيان رئاسي مصري حينها، بأن القادة الثلاثة أكدوا التطلع إلى «الانطلاق سوياً نحو آفاق واسعة من الشراكة الاستراتيجية التي تؤسس لعلاقات ممتدة، وتحقق المصالح المشتركة، وتصب في خانة تعزيز العمل العربي المشترك؛ خصوصاً في ظل التحديات الكبيرة التي تموج بها المنطقة، فضلاً عن الأزمات الاقتصادية والاجتماعية الناجمة عن التطورات الإقليمية والدولية المتعددة».
من ناحية أخرى كانت مدينة العقبة الأردنية موقعاً لقمة أخرى، في مارس (آذار) الماضي؛ حيث استضاف العاهل الأردني، الرئيس المصري وولي عهد أبوظبي (آنذاك)، ورئيس مجلس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، كما شارك القادة الثلاثة حينها في لقاء آخر، بحضور الأمير الحسين بن عبد الله الثاني، ولي العهد الأردني، والأمير تركي بن محمد بن فهد بن عبد العزيز، وزير الدولة عضو مجلس الوزراء في السعودية، والشيخ حمدان بن محمد بن زايد آل نهيان، والشيخ محمد بن حمد بن طحنون آل نهيان، مستشار الشؤون الخاصة في وزارة شؤون الرئاسة في الإمارات.
السيسى وبن زايد يطلقان آلية التشاور بعد هجوم الحوثيين
ولفت حامد محمود الى انه يمكن القول بأن الهجوم الحوثى الارهابى على ابوظبى فى يناير الماضى 2022 كان بمثابة الحافز الرئيس لاطلاق آلية التشاور العربية الجيدة , حيث قام الرئيس المصري “عبدالفتاح السيسي” يوم 26 يناير 2022 بزيارة لدولة الإمارات العربية المتحدة لمدة يوم واحد وهي الأولى لرئيس دولة بعد الاعتداء الإرهابي الحوثي الذي استهدف مطار أبوظبي في 17 يناير 2022 وأسفر عن مقتل ثلاثة أشخاص وإصابة ضعفهم. وحظيت الزيارة بترحيب إماراتي كبير، وذلك لاسباب عدة :
محورية أمن الخليج: فقد جدد الرئيس “السيسي” إدانة مصر للحادث الإرهابي الأخير وأي عمل إرهابي تقترفه ميليشيا “الحوثي” لاستهداف أمن واستقرار وسلامة دولة الإمارات ومواطنيها والمقيمين بها. وجدد دعم مصر لكل ما تتخذه الإمارات من إجراءات للتعامل مع أي عمل إرهابي يستهدفها. وتأتي زيارة الرئيس “السيسي” للإمارات تفعيلا لمقولته الشهيرة “مسافة السكة” التي جسد بها دعم مصر المستمر لدول الخليج العربي. وأكد أن الأمن القومي الخليجي جزء لا يتجزأ من الأمن القومي المصري. وهذه الزيارة تؤكد ضرورة تصنيف ميليشيات “الحوثي” باليمن المدعومة من إيران كمنظمة إرهابية دوليًا وعربيًا، كما تؤكد خطأ قرار إدارة الرئيس الأمريكي الحالي “جون بايدن” رفع الميليشيات من تصنيف الجماعات الإرهابية الذي اتخذه العام الماضي منذ ذلك الحين وتصاعدت حدة الهجمات الحوثية على أهداف مدنية في السعودية والإمارات ما يمثل تهديد للأمن الخليجي ولأمن الملاحة في الممرات العربية، كما أنها تهديدا للاقتصاد العالمي من خلال عرقلة سلاسل توريد السلع من وإلى دول الخليج العربي ولاسيما النفط ومشتقاته.
قمة عربية رباعية: عقدت بقصر الوطن بأبوظبي قمة رباعية جمعت بين الرئيس “السيسي” وملك البحرين “حمد آل خليفة” الذي تزامنت زيارته للإمارات، وولى عهد أبوظبي “محمد بن زايد”، وحاكم دبي “محمد بن راشد آل مكتوم”. وقد شهدت القمة تشاورا وتنسيقا عربيا حول التطورات الأخيرة والشأن العربي والإقليمي، وذلك في ضوء التحديات الراهنة من أجل حماية الأمن القومى العربى والتصدى لمحاولات زعزعة استقرار وأمن الدول العربية.
وفي رؤيته للأهمية الاسترتيجية لقمة العلمين التشاورية
اوضح حامد محمود ان توقيت انعقاد اللقاء التشاورى وقمة العلمين بين قادة مصر والامارات والاردن والبحرين والعراق , قبل ان يغادر رئيس الوزراء العراقى بسبب تدهور الاوضاع السياسية فى بغداد ,مثلت أهمية بالغة، في ظل المتغيرات الإقليمية والدولية الراهنة التي تمثل تحديات أمنية وسياسية للدول العربية، والممثلة في:
مرحلة انتقالية للملفات العربية: حيث تشهد التطورات في ليبيا وسوريا والعراق ولبنان والسودان مرحلة انتقالية حرجة تتطلب تكثيف الدعم العربي لتلك الملفات لمواجهة الدعم الخارجي للميليشيات المسلحة بتلك الدول التي تهدد الأمن والاستقرار بها، حيث يشهد العراق استهدافا شبه يومي لأهداف استراتيجية كمطار بغداد من قبل ميليشيات مسلحة اعتراضا على نتائج الانتخابات البرلمانية وتهديدات سياسية مستمرة لعرقلة تشكيل الحكومة الجديدة بعد أربعة أشهر على الانتخابات. كما يمر لبنان بحالة غير مسبوقة من الانهيار الاقتصادي والتأزم السياسي وتهميش الطائفة السنية نتيجة سيطرة ميليشيات “حزب الله” اللبناني على صنع القرار بالبلاد. بينما نجحت التدخلات الخارجية في عرقلة إجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية بليبيا. وتحتاج سوريا والسودان لدعم اقتصادي وسياسي عربي لإرساء الاستقرار بهما، لأن استمرار المرحلة الانتقالية بتلك الدول سيؤدي لتحويلها لبيئة خصبة للجماعات الإرهابية والميليشات المسلحة، وإضعاف دور الدولة الوطنية وهو ما يمثل تهديدا للأمن والاستقرار بسائر الدول العربية. وهنا تنبع أهمية القمة العربية المقبلة التي يعول كثيرون عليها في الخروج بقرارات داعمة للدول العربية قابلة للتنفيذ.
تعثر مفاوضات فيينا النووية: حيث أعلنت باريس توقفا مؤقتا لمفاوضات فيينا النووية، وتمثل تلك المفاوضات تحديا للدول الخليجية خاصة والعربية عامة. ففى حال فشل المفاوضات تماما، فإن ذلك سيدفع لاستكمال البرنامج النووي وبدء سباق تسلح إقليمي. وحال نجاحها وتمت العودة للاتفاق النووي فإن ذلك سيؤدي لمضاعفة النفوذ الإقليمي مقابل وقف النشاط النووي وسيصاحب هذا استمرار تهديد لتلك الدول، ما يتطلب من الدول العربية أمرين، هما الإصرار على الانضمام لتلك المفاوضات، والتوصل لموقف عربي خليجي موحد.
تغير الاستراتيجية الأمريكية: فقد صدرت وثيقة الأمن القومي الأمريكي المؤقت في مارس 2021، وأكدت تصدر المواجهة مع روسيا والصين أولويات الأجندة الأمريكية خلال ولاية الرئيس “جون بايدن”، وهو ما تم تفعيله منذ ذلك الحين، حيث تصاعدت حدة التوتر بين واشنطن وموسكو حول الحشد العسكري المتبادل في أوكرانيا وشرق أوروبا حد التهديد باندلاع حرب عالمية ثالثة حال قررت موسكو غزو شرق أوكرانيا. كما تصاعدت حدة التوتر بين بكين وواشنطن إثر تهديد مماثل بغزو الصين لتايوان، فضلا عن التنافس بين أمريكا والصين في منطقة الاندوباسيفيك، الأمر الذي صاحبه “إحجام أمريكي” عن التدخل سياسيًا بالملفات العربية المتأزمة، ومنح قوى إقليمية الفرصة لمضاعفة نفوذها بالمنطقة.
تحديات أمنية غير تقليدية: فمنذ بدء تفشي فيروس “كورونا” قبل عامين تقريبا، تتصاعد التحديات الأمنية غير التقليدية مثل تفشي الأمراض المعدية، وتأزم الاقتصاد العالمي بعد اتخاذ الإجراءات الاحترازية وحالات الإغلاق المتكررة، وأزمات التغير المناخي التي أثرت فى كل دول العالم، ما يتطلب تعاونا عربيا – عربيا، وعربيا إقليميا ودوليا لمواجهة هذه التحديات، وسوف تضطلع مصر بدور مهم في طرح مبادرات لمواجهة التغيرات المناخية خلال استضافة قمة التغير المناخي (كوب 27) في نوفمبر المقبل.