أول عمدة: لا أضعف أمام الدموع.. ولا أتعاطف إلا مع أصحاب الحق بعد التأكد من صدقهم
ولدت فى كنف أسرة ريفية فى أقاصى الصعيد، تعلمت من والدها الأصول والفطنة وصفات أخرى أهلتها لتكون أول سيدة تتولى منصب العمدة فى الجمهورية، منذ عام 2008 وحتى 2013، إنها إيفا هابيل كيرلس، عمدة قرية كومبوها التابعة لمركز ديروط بمحافظة أسيوط، والتى كانت عضواً بالتعيين فى مجلس شورى 2010 الذى تم حله عقب أحداث 25 يناير 2011، حيث أجرت «الوطن» معها هذا الحوار.
كيف كانت النشأة والأسرة والتعليم؟
– عمرى 67 عاماً، عزباء، خريجة كلية الحقوق جامعة عين شمس، والدى كان يشغل منصب العمدة فى قرية كومبوها، وتعملت منه حل المشكلات والخلافات، حيث ولدت بالريف الصعيدى، وتلقيت تعليمى فى المدرسة الابتدائية بقرية كومبوها حتى الصف السادس الابتدائى، وكنت أول جيل بقريتى يلتحق بالمدرسة التى تأسست حينذاك، ثم انتقلت فى المرحلة الإعدادية إلى القاهرة ومكثت حتى تخرجت فى كلية الحقوق بجامعة عين شمس، ثم عملت بالمحاماة لمدة 10 أعوام انتهت عام 1990 لأعود مجدداً لقريتى بأسيوط.
هل اكتسبتِ من الأب خبرة تؤهلك لمنصب العمدة؟
– كان والدى عمدة القرية ذا شخصية قوية ويتمتع بالحكمة والفطنة، ويتروى ويتمهل فى إصدار القرارات ومعالجة المشكلات، فى الوقت الذى أعطى لبناته الـ6 الحرية الكاملة فى اختيار حياتهن ومستقبلهن، وحينما كنت أسير بشوارع القرية قبل تولى منصب العمودية كان الأهالى يدعون لوالدى وشقيقى، وحينما أعود للمنزل أسأل جدتى «الناس بتدعى لأبويا وأخوى وأنا لأ» فترد «أنت كمان موجودة» فى إشارة بشخصيتها القيادية المستقلة، فكان والدى بحق هو قدوتى.
هل أنتِ ست بيت شاطرة؟
– «مبعرفشى أخرّط بصلة»، وذات مرة دخلت المطبخ فطلبت منى والدتى تقطيع البصل فخرجت من المطبخ دون عودة، فالمرأة تستطيع تعلم أى شىء تريده وقتما تريد، فالوجبات الزوجية وإنجاب الأبناء تجبرها على إتقان الأعمال المنزلية، والموضوع أصبح سهلاً بانتشار قنوات الطبخ ومفيش أكتر منها، فبلا شك المرأة تعتنى ببيتها فى المقام الأول لكن يجب أن يسير ذلك بالتوازى مع أدوارها فى جميع مناحى الحياة، فشقيقتى كانت موظفة ناجحة وسيدة منظمة ورائعة فى منزلها فالنجاح فى العمل لا يتعارض مع رعاية شئون المنزل، كما أن المرأة بالتأهيل والتدريب تكون قادرة على تولى كل المناصب بما فيها وزيرة داخلية.
هل استقبلتِ أصحاب مشكلات فى ساعات متأخرة ليلاً؟
– كان يتردد أصحاب المشكلات فى منتصف الليل وأستقبلهم، وحينما أكتشف أن المشكلة بسيطة أمازح أطرافها بالقول «يعنى تصحونى فى نص الليل على حاجة تافهة»، فى محاولة لتبسيط الأمور وتهدئة المتخاصمين، واتخذت من الصدق والأمانة مفتاحاً للحلول، دون أن أضعف يومياً أمام الدموع، ولا أتعاطف إلا مع أصحاب الحق بعد التأكد من صدقهم.
كيف تعاملتِ مع وقائع الثأر فى القرية؟
– ذات مرة أرسلنى والدى لمعاينة شجار بين طرفين، فشاهدت جريمة قتل على الطبيعة، وأرى أن الثأر جريمة قتل جنائية، يتم التعامل معها بالقانون، فحل ظاهرة الثأر يكمن فى القصاص شريطة أن تطبقه الدولة بقدرتها وقوانينها، وليس الأفراد.
ما رأيك فى اهتمام الدولة بتمكين المرأة؟
– بعض السيدات يفرطن فى حقوقهن بالسلبية، ففى الانتخابات النيابية من الصعب أن نجد سيدة تمنح صوتها لإحدى المرشحات، وكان ذلك يحدث سابقاً وبدأ يتغير تدريجياً عندما تقلدت المرأة جميع المناصب وأثبتت قدرتها واستحقاقها، ومع الرئيس عبدالفتاح السيسى كان الفارق كبيراً لأنه مؤمن بدور المرأة ومكانتها.
أبرز المشكلات
تعاملت مع كل المشكلات والخلافات بالقانون، ولم تصل شكوى واحدة إلى مركز الشرطة فى عهدى، فكنت أستمع لكل الأطراف وأتروّى لاتخاذ القرار الصائب دون محاباة أو مجاملة أحد، وأنا اتعامل مع أبناء قريتى بكل ود واحترام متبادل وأعتبرهم جميعاً عائلتى الوحيدة، وكنت أبحث عن حلول مجتمعية تراعى سيادة القانون واحترامه، لأنى درست القانون وعملت بالمحاماة، فدور العمدة كالقاضى.