أخبار مصر

أول مأذونة مصرية: «بحب مهنتي.. وبقسِّم وقتي بين الشغل وسعادة أسرتي»

داخل مدينة الزقازيق، ووسط أسرة بسيطة متوسطة الحال، نشأت أمل سليمان، أول امرأة تتقلد منصب المأذون فى مصر، رافقتها أحلام الطفولة منذ نعومة أظافرها، أبهرتها بدلة ضابطات الشرطة، لتحلم بالالتحاق بهن، قبل أن يضعها القدر داخل كلية الحقوق، 4 أعوام من الدراسة تغيرت فيها أحلامها، إلى أن انتهت بشكل مؤقت بعدما انتقلت لعش الزوجية عقب التخرُّج، لتبدأ حياتها أماً وزوجة قبل أن تصبح أول مأذونة.

بملابس محتشمة وفضفاضة تشبه ملابس ذويها وفتيات قريتها، تحمل حقيبتها المملوءة بالأوراق الرسمية، وتدب بقدميها قاعات الزفاف والمنازل، تارة تعقد قراناً ليعم الفرح والسرور، وتارة أخرى تشهد عقود انفصال، فبين اليوم والآخر تنقلب الأجواء من حولها، لكن تظل أمل سليمان محافظة على هيبتها ووقارها أمام الحضور.

لم تمنعها خطوة الزواج من وضع الحجر الأول فى سلم حلمها، فبفضل دعم زوجها أكملت الماجستير قبل أن يلعب القدر لعبته، ويتوفى مأذون قريتها، وهو نفسه عم زوجها، الذى عقد قرانهما فى وقت سابق، ليرى زوجها أنها الوظيفة الأنسب لها، لتحل محل المأذون الذى عقد قرانها، فدراستها داخل كلية الحقوق كانت عاملاً مساعداً لتلك الوظيفة التى قررت بالفعل امتهانها، لتضرب بعادات وتقاليد القرية عرض الحائط، وتتقدم بأوراقها وطلبها لمحكمة الأسرة.

أمل سليمان: فيه رجالة رفضوا ترشحى للمنصب وجوزى اللى عرض عليا أشتغل فى «المأذونية»

تحديات عديدة تغلبت عليها أمل سليمان، كانت فى البداية داخل موطنها الصغير «منزلها» لإقناع شقيقها بالأمر، قبل الشروط الأساسية، وهى موافقة 20 رجلاً على ترشحها، فضلاً عن شهادة حسن سير وسلوك، لتقف فى النهاية أمام 12 رجلاً متحالفين ضد ترشحها لهذا المنصب، «كتبوا فى حافظة المستندات: يجب استبعاد المرشحة الأخيرة لأنها امرأة»، لكن بعد أربع جلسات متتالية داخل محكمة أمام القاضى، فى لحظات تحبس الأنفاس، أُعلن فى النهاية تولى أول امرأة منصب المأذون عام 2007.

إحساس بالسعادة والفخر لم تستطع السيدة وصفه قبل أن تتسلم «دفاتر الأحوال الشخصية» لتعقد قران صحفيين وسط تجمع كبير داخل أحد المساجد الكبرى بمدينة القنايات بالشرقية، فى مشهد مهيب لا يمكن محوه من ذاكرتها.

4 أبناء، منهم طلاب فى الهندسة والطب، وبمراحل دراسية مختلفة، كانوا ثمرة زواج «أمل»، الذين لم يعرقلوا مشوارها بل ساروا على نهج والدهم فكانوا خير الدعم والسند: «بيساعدونى فى البيت وفى الشغل، بنقسم وقتنا واللى فى إيده حاجة بيعملها للتانى، بقالى 14 سنة مأذونة ولا مرة وقفت بسبب الأولاد، بالعكس كانوا خير السند والدعم».

مواقف محرجة كثيرة باتت تتعرض لها المأذونة مع مرور الوقت داخل تلك المهنة، تسردها لـ«الوطن»، مثل العديد من الزيجات التى توقفت والكثير من جلسات الطلاق التى انتهت بأزمات: «فيه جوازة وقفت لأن أهل العريس صوروا القايمة والعريس بيمضى عليها بكاميرا الموبايل، وحصلت مشكلة واتهموهم بعدم الثقة، واتوقف عقد القران من سنة لحد دلوقتى».

عقود الطلاق كان لها حكايات مع المأذونة، حيث تحاول مراراً الإصلاح بين الزوجين، وكثيراً ما نجحت فى التوفيق بينهما بنسبة تصل إلى 40% من حالات الطلاق التى صادفتها، إلا موقف لم تنسه «أمل»، خلال جلسة طلاق، شهدت مشاجرة كبيرة بين أهل الزوجين، بسبب خلافات حول الممتلكات: «كسروا النيش وضربوا بعض باللى فيه، ووقتها مشيت على طول، وده اللى بعمله فى كل خلاف ممكن يحصل قدامى».

مواقف أخرى تتعرض لها أول مأذونة وتقابلها بالرفض القاطع، إذ يُعرض عليها تزويج قاصرات أو حتى كتابة عقود عرفية، لتُنهى هذا النقاش تماماً فور فتحه أمامها: «برفض وبقول الأسباب المنطقية والشرعية، دورى أوعّى المجتمع مش مجرد وظيفة». وحول انتشار موضة المأذون «الفرفوش» انتقدت السيدة الأمر، معتبرة ذلك استخفافاً بهيبة المهنة والموقف: «مش لازم المأذون يكون مكشر، ولكن برضو ده موقف مهيب فيه موعظة وحكمة، ووصايا تتقال بشكل هادئ ورزين، ولا مجال للهزار والاستخفاف».

أمل سليمان

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *