وكيل الأزهر يطالب بإعداد ميثاق إسلامي لأخلاقيات الصيادلة
أعرب محمد الضويني، وكيل الأزهر، عن سعادته بالأزهر الذي يقيم بين الحين والآخر عرسا علميا، ويقدم للمجتمع زهرة جديدة، وها هي كلية الصيدلة تحتفل بتخريج الدفعة الخامسة والعشرين من بناتها الماهرات بعلوم الأدوية والعقاقير: «ولما لا يكن ماهرات وقد درسن في كلية أزهرية علمية كانت في طليعة الكليات التي حصلت على شهادة الاعتماد من الهيئة القومية لضمان جودة التعليم والاعتماد».
احتفال كلية الصيدلة باليوبيل الفضي
وبحسب بيان، أضاف وكيل الأزهر خلال كلمته بحفل اليوبيل الفضي لكلية الصيدلة بنات «بنات صيدلة.. بناة الغد»، أن احتفال كلية صيدلة البنات باليوبيل الفضي يقدم للواقع شهادة على أن الأزهر مكن المرأة في كل مجالات الحياة العلمية والعملية، وأن فرية «ظلم المرأة وإقصائها»، وهي الفرية القديمة المتجددة التي يتهم بها الإسلام لا مجال لها في ظل مؤسسة الأزهر المستنيرة التي تعلي من قدر الإنسان بعيدا عن جنسه ذكرا كان أو أنثى، وهي ذاتها روح الشريعة الإسلامية.
وأوضح الضويني، أنه ليس في تاريخ الفكر خلق فكرة من عدم، بل يبني المتأخر على ما سبق به في مجاله، فيقف على جهود السابقين مصححا أو منقحا أو مضيفا أو متبعا، وهذا ما يعرف بالتراكم المعرفي، فبناء المعرفة بعضها على بعض، واستفادة المتأخر من معارف أسلافه؛ قانون يصدق على جميع العلوم، فاستثمار المعرفة من أسس بناء الحضارة، وهذا مما لا خلاف فيه بين المنشغلين بالعلم ونظرية المعرفة، وهذا الاستثمار يؤدي إلى احترام التخصص، وانشغال كل بما يحسنه، وأنه إذا تأسس هذا المعنى في أذهان الطلاب، احترم المتأخر المتقدم، وصارت هناك مثاقفة معرفية رشيدة، وسعى كل واحد منهم في تخصصه، وكمل الناس بعضهم بعضا، فتزدهر الأوطان، ويعيش الجميع في صفاء معرفي.
العرب أول من أنشأوا صيدليات
وأكد وكيل الأزهر الشريف، أن علماء الغرب شهدوا أن العرب هم أول من أوصلوا فن الصيدلة إلى الصورة العصرية الحاضرة المنظمة، وأول من أنشأوا حوانيت «صيدليات» خاصة بهم، وقال A. C. Wooton، مؤلف كتاب معضلات الصيدلة عن العرب: «والعرب هم الذين رفعوا الصيدلة إلى مقامها الجديرة به، وكتابات أبو بكر أحمد بن علي الكلداني، نقل كتابا في السموم، وكتابا في الزراعة حوى الكثير في فصوله عن صناعة الدواء، ولا تكاد ترى انفتاحا على العلم والمعرفة مثلما وجد عند المسلمين، فلم ينظروا لغير المسلمين نظرة التعالي، بل أسند لغير المسلمين تدريس الصيدلة وإدارة أمورها، كما حدث مع آل بختيشوع، وأيضا الطبيب العبقري المشهور يوحنا بن إسحاق.
وأوضح أن المسلمين لم يكتفوا بالانفتاح فقط، بل قننوا الأمر، فأصدر هارون الرشيد أمرا إلى صابر بن سهل بوضع دستور للأدوية، وبهذا يكون المسلمون قد سبقوا غيرهم في تقنين صناعة الدواء، ولا يجب علينا أن ننسى في هذا المقام أشهر علماء العرب في الصيدلة والعقاقير وهو الشيخ أبو بكر الرازي، رئيس مستشفى بغداد، الذي ألف كتاب الحاوي في ثلاثين مجلدا، وكذا الشيخ ضياء الدين أبو محمد الأندلسي المعروف بابن البيطار النباتي، مصنف كتاب الأدوية المفردة.
وأوضح أن الأزهر الشريف طالما أخرج العلماء الذين برعوا في المجالات كافة، وأظهرت النتائج الإحصائية في تقرير جامعة ستانفورد الأمريكية، أن هناك عشرين عالما أزهريا ضمن أفضل علماء العالم في مختلف التخصصات المعرفية، وأن الأمر لا يزال في زيادة، وهذا يبين مدى تطور العملية التعليمية في الأزهر الشريف وأن مؤسسة الأزهر تحت قيادة الإمام تعرف دورها، وتسعى دائما إلى التطوير، وهذا كله يجعلنا نسعى جاهدين في التقدم والترقي العلمي، وأن يكون عندنا آلاف من النماذج المشرفة التي ترقى بهذا الوطن الكريم.
واختتم وكيل الأزهر كلمته بأن المسلم ينطلق من نموذج معرفي تندمج فيه الأخلاق مع حياته كلها، فهي كالماء له، لا يستطيع الحياة دونها، فلا أفضل من عالم ذي خلق حسن، يراقب الله في عمله، يكون مصدر رحمة لا مصدر شقاء، لا يكون همه المكسب المادي الزائل على قدر ما يكون همه مصلحة أخيه الإنسان، موجها رسالة إلى الأساتذة بضرورة تربية الطلاب على الجمع بين العلم والعمل، كما وجه رسالة إلى الطلاب بأن الأمانة التي معكم عظيمة، فأدوها على وجهها، واستعينوا بالله ولا تعجزوا، مطالبا كلية الصيدلة أن تتبنى العمل على إعداد «ميثاق إسلامي أزهري لأخلاقيات الصيادلة» يكون نورا هاديا.