الزراعة في الجمهورية الجديدة.. من «الشادوف والسواقي» حتى نظم الري الحديثة
كانت الزراعة وما زالت أحد أهم أعمدة الحضارة المصرية منذ عصر المصريين القدماء وحتى يومنا هذا، وعلى جدران المعابد نجد المصري القديم قد رسم نظامًا دقيقًا لموسم الزراعة والحصاد، ولم يكتف بتقسيمه إلى شهور بل استند إلى تقسيمات أصغر تتيح له التحكم المتقن في هذا المجال الضخم بالغ الأهمية، وأوضح خلال النقوش والرسومات الآلات الزراعة المستخدمة ومدى اهتمامه برأس الماشية التي تعد مساعده الأول في الزراعة التي يكتسب منها قوت يومه ويكفى حاجته.
التكنولوجيا والزراعة في مصر
وبدأت التكنولوجيا دخول المجال الزراعي تدريجيًا فقد بدأت بتطور الأدوات الزراعية ونظم الري، التي بدأت بالملء بالأواني ثم الوصول إلى الشادوف إلى أنَّ ظهرت السواقي، التي أحدثت طفرة في نظم الري والزراعة، وهكذا على باقي قطاعات الزراعة وتربية المواشي إلى أن وصلنا لعصرنا هذا وأصبحت الآلة تحل محل الإنسان وتدخلت الطاقة الكهربائية في كل أعمال الزراعة، وهو ما انتبهت إليه القيادة السياسية في الجمهورية الجديدة واتخذت العديد من الإجراءات لدعم الزراعة بمختلف أنواعها.
رفع مستوى الحالة الاقتصادية والاجتماعية للمزارعين
ويقول الدكتور أحمد أبو اليزيد، الأستاذ بكلية الزراعة جامعة عين شمس، إنَّ المزارع المصري في العصور الماضية كان يعاني من مشكلات في التسويق ويتعرض لنسبة فاقد كبيرة في المحصول، ونظرًا لحرص القيادة السياسية على رفع مستوى الحالة الاقتصادية والاجتماعية للمزارعين وأسرهم، وبدأت بانتهاج سياسة جديدة لم تمن تتبع من ذي قبل وهي تسعير السلع والحاصلات الزراعية الاستراتيجية بأسعار عادلة وبشكل مسبق للزراعة.
قانون الزراعة التعاقدية
وأوضح «أبو اليزيد» أنَّ الحكومة تدخلت لأول مرة من خلال حوافز إضافية للمزارعين مع تسعير القمح حتى وصل القمح لسعر لم يصل إليه من قبل، وأصبح الأردب يعادل 1000 جنيه، مشيرًا إلى أنَّ القيادة السياسية دعمت الزراعة التعاقدية من خلال قانون خاص رقم 14 لعام 2015، ويتيح للشركات والهيئات والمصانع التعاقد مع المزارعين بصفة مباشرة دون دخول وسطاء في العملية التجارية بين المزارع والمصانع لتوفير أكبر قد من هامش الربح.
قروض مدعمة منخفضة الفوائد للمزارعين
ومن جهته، قال الخبير الزراعي مؤمن حامد، إنَّ الدولة المصرية تعمل على رفع الأعباء المالية من على كاهل المزارعين، وأصبح هناك دعمًا لفئة القروض المقدمة للمزارعين بفوائد بسيطة من خلال البنك الزراعي المصري، ويسدد بعد إنتاج وبيع المحصول، إضافة إلى الكارت الذكي الذي يمثل الحيازة الإلكترونية لضمان توزيع الأسمدة والتقاوي والتسويق بشكل عادل دون مشاركة الوسطاء.
سداد ديون المزارعين المتعثرين
وأكّد «حامد»، في تصريحات لـ«الوطن»، أنَّ الرئيس عبدالفتاح السيسي اتبع سياسية الاهتمام بالمزارع المصري كونه بوابة تحقيق الأمن الغذائي المصري، وقدم مبادرات اقتصادية للمزارع لا مثيل لها ومنها تأجيل الأقساط المستحقة على المزارعين ورفع القروض عن المزارعين المتعثرين الذين وصل عددهم إلى 328 ألف مزارع بإجمالي 8 مليارات جنيه.
سلالات أجنبية عالية الجودة للمزارعين
وأشار إلى أنَّ المزارع له دور أصيل في تنمية الثروة الحيوانية لذلك وجهت الدولة باستبدال السلالات المحلية لدى المزارعين بسلالات مستوردة تضر عليه دخل أكبر وتوفر له مستوى معيشة ودعم اقتصادي غير مسبوق، بالإضافة إلى القوافل البيطرية المجانية وإنشاء نقاط خاصة بالتلقيح الصناعي للحفاظ على السلالات، والعمل على إعادة إحياء مشروع البتلو من جديد الذي يستفيد منه 140 ألف مزارع بتمويل 7 مليارات جنيه.
مراكز لتجميع الألبان
كما أوضح أنَ هناك مشروعات لتطوير مراكز تجميع الألبان، ودورها مهم في الحد من الفاقد من منتجات الألبان بالإضافة لإمكانية تسويق المنتجات بأفضل شكل ممكن من خلال المراكز، مشيرًا إلى أنَّ هناك اهتمامًا خاصًا بصغار المزارعين من خلال مبادرات ومشروعات مناسبة لهم، وأصبح لصغار المزارعين دورا مهما في تصدير المنتجات الزراعية ويحصل على الأرباح المناسبة لأول مرة بالتعاقد مع شركة أو هيئة مصدرة.
تبطين الترع وتطوير نظم الري
وقال الدكتور أحمد قناوي، باحث ومساعد رئيس مركز معلومات تغير المناخ بمركز البحوث الزراعية بوزارة الزراعة، إنَّ مشروع تحديث نظم الري والتحول من الري بالغمر لنظم الري الحديثة يعد من أهم المشروعات القومية التي تحظى باهتمام ومتابعة الدولة المصرية، إذ يتمّ تنفيذ المنظومة عن طريق التحول من الري بالغمر إلى نظم الري الحديثة مثل الري بالرش أو التنقيط أو الري المحوري من خلال مرحلتين، الأولى جار تنفيذها حاليًا على أرض الواقع في حوالي مليون فدان مناصفة بين وزارتي الزراعة والري، والثانية هي التوسع في تأهيل الترع، الذي يتمّ بالفعل من وزارة الري.