«كنا وأصبحنا».. مشروع السيسي لإنهاء الظلام
عانت الأسر المصرية خلال سنوات ماضية من انقطاع مستمر للتيار الكهربائى فى الفترة التى تولى فيها الإخوان حكم البلاد سواء فى المنازل أو المصانع بسبب عدم قدرة القطاع على الوفاء بمتطلبات الطاقة للمواطنين لدرجة أن الانقطاعات كانت تتواصل لمدة 24 ساعة يومياً فى عدد من المناطق حتى وصل الأمر إلى إجراء عمليات جراحية على ضوء الكشافات وبدلاً من إيجاد حلول، ألقى الإخوان المسئولية على «عاشور بتاع الشرقية وفودة فى الدقهلية»، ورفعوا شعارات «البسوا قطن وشراء التكييفات السبب»، ما أدى إلى تحول حياة المواطنين إلى ظلام دامس.
مصر تتحول إلى أكبر مُصدّر للكهرباء في الشرق الأوسط بعد سنوات من «ظلام الإخوان» بدعوى «عاشور قطع سكينة النور»
واستطاعت الحكومات المتعاقبة فى عهد الرئيس السيسى تخطى الصعاب التى واجهت قطاع الكهرباء خلال فترة حكم الإخوان من خلال اتخاذ عدد من الإجراءات والسياسات الإصلاحية بالقطاع ضمن استراتيجية جديدة تضمن تأمين الإمدادات والاستدامة والإدارة الرشيدة ليستمر المردود الإيجابى للاستقرار الكبير فى التغذية الكهربائية وتلبية كل الاحتياجات الكهربائية.
وقال الدكتور محمد اليمانى، رئيس المجلس العربى للطاقة المستدامة ورئيس مجلس شعبة الكهرباء بالنقابة العامة للمهندسين إن مصر عانت من الانقطاع المتكرر للكهرباء فى الفترة من 2009 حتى صيف 2014 حيث كان المنتج من الكهرباء حوالى 24 ألف ميجاوات بينما يصل الاحتياج الفعلى إلى 29 ألف ميجاوات ما استلزم اللجوء إلى تخفيف الأحمال يومياً فى كل مناطق الجمهورية لوجود عجز يقدر بحوالى 25% بسبب العجز فى توفير الوقود للمحطات وقصور صيانة محطات التوليد والتأخر فى استكمال تنفيذ بعض المشروعات والمحطات والافتقار إلى قوانين وتشريعات لخلق بيئة استثمارية بجانب الزيادة المستمرة فى الطلب على الطاقة.
وأشار «اليمانى» إلى أنه فى ديسمبر 2014 تم التعاقد على تنفيذ خطة عاجلة تضيف توليد 3632 ميجاوات وفى عام 2015 شهد إضافة 6882 ميجاوات إجمالاً وخلال عامى 2015- 2016 تمت إضافة حوالى 16 ألف ميجاوات بجانب التعاقد مع شركة سيمنس الألمانية لإنشاء 3 محطات توليد كهرباء ضخمة فى بنى سويف والبرلس والعاصمة الإدارية قدرة كل محطة 4800 ميجاوات.
وأوضح «اليمانى» أنه بدءاً من يوليو 2015 توقف تخفيف الأحمال نهائياً واستقرت التغذية الكهربائية وأصبح لدى مصر فائض فى إنتاج الطاقة الكهربائية، لافتاً إلى أن قطاع الكهرباء يقوم حالياً باستكمال تطوير شبكات النقل والتوزيع بجميع المحافظات وتطوير مراكز التحكم على كل المستويات وتم فتح باب الاستثمار للقطاع الخاص المصرى والعربى والأجنبى فى مشروعات الطاقة المختلفة وخاصة الطاقة المتجددة فى خليج السويس وجبل الزيت وشرق وغرب النيل وأسوان حيث تم تنفيذ إنشاء محطات شمسية بإجمالى قدرات يصل إلى 1465 ميجاوات فى بنبان بأسوان علاوة على إنشاء محطات رياح غرب سواحل البحر الأحمر سعياً لتحقيق المستهدف بإنتاج 20% طاقة متجددة عام 2022 من إجمالى الكهرباء المنتجة فى مصر. وأكد أنه لولا دعم القيادة السياسية وتكاتف جهود قطاعات البترول والمالية والقوات المسلحة والبنك المركزى لما تحققت كل هذه الإنجازات نظراً لاعتبار ملف أزمة الكهرباء قضية أمن قومى ما ساهم فى الإنجازات التى تحققت فى زمن قياسى فى مجالات الإنتاج والنقل والتوزيع، وشهدت مشروعات الربط الكهربائى الدولى والطاقة النووية والمتجددة طفرة غير مسبوقة على مدار 7 سنوات.
من جانبه قال الدكتور حافظ سلماوى، أستاذ هندسة الطاقة بكلية الهندسة بجامعه الزقازيق، إن قطاع الكهرباء واجه الأزمة على مرحلتين؛ الأولى التغلب على مشكلة نقص إمدادات الوقود وخاصة الغاز عن طريق استيراده وعمل بنية أساسية لإعادة ضخه من الشبكة للمحطة، لافتاً إلى أن تكلفة شراء الغاز المسال من روسيا والجزائر كان 3 مليارات دولار على مدار 3 سنوات فى الفترة بين 30 أبريل 2015 حتى 30 سبتمبر 2018، مشيراً إلى أن المحور الثانى لمواجهة الأزمة كان من خلال تنفيذ خطة عاجلة لإنشاء مجموعة من المحطات لتوليد الكهرباء، إضافة إلى استكمال المحطات التى توقفت بسبب الإضرابات وكان إجمالى القدرات التى أنشئت بالخطة 6 آلاف ميجاوات خلال 8 شهور شملت 3200 ميجاوات من المحطات الجديدة و3600 ميجاوات استكمال محطات متأخرة بتكلفة قدرها 2 مليار دولار.
وأكد «سلماوى» أن 6 آلاف ميجاوات تعادل إجمالى قدرات شبكات دول مثل لبنان والأردن وتونس وانتهت بالفعل عام 2015 لافتاً إلى أن قطاع الكهرباء بدأ فى عام 2015 التخطيط بالتوسع فى القطاع لمواجهة الاحتياجات المستقبلية بالتحرك على عدة مسارات ووضع استراتيجية للطاقة فى مصر تشمل الترشيد وتطوير الاستدامة للقطاع وتطوير الحوكمة داخله، إضافة إلى فتح أسواق مع إصدار قانون الكهرباء الجديد رقم 87 لسنة 2015.
ونوه بأنه تم التعاقد على 3 محطات كبرى فى «البرلس – بنى سويف – العاصمة الإدارية» بإجمالى قدرات 14 ألفاً و400 ميجاوات إضافة إلى تحويل عدد كبير من المحطات من غازية إلى دورة مركبة لرفع كفاءتها والتعاقد على إعادة تفعيل العقود الخاصة بالمحطات البخارية ذات الكفاءة المرتفعة.
وأوضح «سلماوى» أن ما تمت إضافته من قدرات فى عام 2019 من خلال الخطة العاجلة والتوسع فى الطاقات المتجددة بلغ 30 ألف ميجاوات وهو ما يعادل إجمالى قدرات الشبكة عام 2013 وهذا يوضح حجم الإنجاز الذى تم.
وقال الدكتور أيمن حمزة، المتحدث باسم وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة، إن القطاع اتخذ خطوات جادة لتنفيذ مشروعات الربط الكهربائى لتصبح مصر مركزاً إقليمياً لتبادل الطاقة مع أوروبا والدول العربية والأفريقية من خلال تنفيذ مشروعات الربط القائم مع كل من الأردن وليبيا والسودان وإتمام مشروع الربط مع المملكة العربية السعودية لتبادل قدرات تصل إلى 3000 ميجاوات من الكهرباء إضافة إلى مشروع الربط مع قبرص واليونان ومنهما إلى أوروبا لأن مصر تمتلك موقعاً جغرافياً متميزاً يسمح لها أن تكون ممراً ومركزاً إقليمياً للطاقة.
وأشار «حمزة» إلى أن مشروع الربط الكهربائى بين مصر وليبيا أنشئ عام 2002 وتقوم مصر من خلاله بتصدير الكهرباء إلى ليبيا بقدرات تقارب 240 ميجاوات، ومصر ترتبط مع الأردن منذ عام 2000 بمشروع ربط كهربائى عبر خط تصديرى تصل قدرته إلى 450 ميجاوات وتسعى وزارة الكهرباء لزيادة قدرات الربط الكهربائى مع الأردن إلى 1000 ميجاوات يليها رفع القدرة الاستيعابية فى الخط لتمكنه من تصدير وتبادل 2000 ميجاوات.
وأوضح أن مشروع الربط مع قبرص واليونان يتم تنفيذه على مرحلتين الأولى بقدرة 1000 ميجاوات وتتم زيادة القدرات فى المرحلة الثانية إلى 3000 ميجاوات وسيتم من خلال مد كابل بحرى يتجه من مصر عبر البحر الأبيض المتوسط إلى قبرص واليونان بطول 1650 كيلومتراً، وسيتم ربط مصر مع قبرص بكابل يبلغ طوله 498 كيلومتراً ثم ربطها بجزيرة كريت اليونانية بكابل يبلغ طوله 898 كيلومتراً، مؤكداً أن مشروع الربط الكهربائى مع قبرص واليونان سيحقق العديد من الفوائد الفنية والاقتصادية والبيئية والاجتماعية، والمشروع يهدف إلى إنشاء شبكة ربط قوية بشرق المتوسط لتحسين أمن واعتمادية الإمداد بالطاقة، ومصر تمتلك مخزوناً احتياطياً استراتيجياً من الطاقة الكهربائية يجعلها قادرة على تبادلها بأحجام كبيرة مع دول أخرى.