مصر بتتنفس كورة.. موسم 2022 «ضحك ولعب وفرح وحزن»
جلد مدور يركض خلفه اللاعبون سعيًا نحو إحراز الأهداف وتحقيق الفوز، خطط معقدة وكلمات تحفيز يتردد صداها عبر جدران غرف الملابس المغلقة، وميداليات تكريم وكؤوس تُرفع وأبطال تُحمل على الأعناق.. هذا ما يظهر على شاشة التلفاز في مباريات كرة القدم وبطولاتها في جميع دول العالم، أما الجزء الأمتع من الساحرة المستديرة، يكون بعيدًا عن الأضواء، لا يُسلط عليه الضوء كما يجب، يظل حبيس الكواليس إلا ما ظهر منه عبر السوشيال ميديا أو التقطته عدسات المصورين، ويعد هذا الجزء الخفي هو الجمهور، الداعم الأول للعبة الأكثر شعبية في العالم.
الجمهور في مصر بمختلف انتماءاته يتنفس كرة القدم، ولعل البعض يرى مصطلح «يتنفس» يحمل بعض المبالغة، ولكن إذا كان النفس هو السبب في الحياة، يدخل رئة الفرد فتتسع له وتعمل به جوارحه، ويخرج من فمه فيغادر مع زفيره الضيق والضغط، حينها يمكننا القول إن كرة القدم تقدم المهمة ذاتها، فهي لعشاقها بمثابة أهم أسباب الحياة، يرون فيها متعتهم، 90 دقيقة تحمل عن كاهلهم متاعب يوم عمل شاق، يأخذون خلالها إجازة من كل شيء، فقط يستمتعون، تنتابهم أحاسيس مختلفة ومختلطة، خوف، فرحة، توتر، وحزن، لا سيما إن كانوا من جماهير المدرجات، الذين يحضرون المباريات ويعودون دون أصواتهم التي تركوها في الاستاد فداءً لتشجيع فريقهم المفضل.
موسم 2022 الكروي المصري اقترب من الانتهاء، لكنه لم يذهب دون أن يؤكد على عشق المصريين للساحرة المستديرة، وشهد وقائع عديدة برهنت على تعلقهم بها، بدت جلية في مواقف الكثيرين بالمدرجات وعلى خط الملعب ودكة البدلاء، بل وامتدت لخارج المستطيل الأخضر لتسطر حكايات ومشاهد طريفة ومبكية، تواصلت «الوطن» مع أبطالها، والذين أكدوا قيمة كرة القدم في حياتهم.
أمح الدولي.. إجهاد وتعب بسبب هزيمة الأهلي
حزن وألم وبكاء، حالة انتابت مشجع النادي الأهلي الشهير أمح الدولي، من ذوي الاحتياجات الخاصة، والمصاب بمتلازمة داون، والذي اشتهر بعشقه وتشجيعه للنادي الأهلي، وصداقاته القريبة من اللاعبين المشهورين بالفريق الأحمر، وذلك عقب خسارة الفريق أمام نادي الزمالك في مباراة نهائي كأس مصر، وهو ما تسبب في حالة صحية سيئة له دخل على إثرها المستشفى.
لحظات حرجة يرويها «محمد» شقيق أمح الدولي عند عودة شقيقه من مباراة القمة الأخيرة، «أمح بيحب الأهلي والكورة بالنسبة له كل حاجة»، وأكد أنه عقب هزيمة الأهلي شعور بإجهاد شديد وتبين تعرضه لغيبوبة وتم نقله للمستشفى وتماثل للشفاء»، ورغم ذلك حرص على «أمح» ببراءته وروحه الرياضية الجميلة، على تهنئة جمهور الزمالك بالفوز باللقب، لكن حبه لكرة القدم وعشقه للفريق الأحمر دفعه للحزن، لما لا والكرة هي أحد أساسيات الحياة لديه.
«الشامي» على الخط دايمًا مع الزمالك.. وشيكا أهدى له الكأس
على الجهة المقابلة والقطب الآخر من الكرة المصرية، ابتسمت المستديرة إلى مشجع زملكاوي آخر من ذوي الهمم في المباراة ذاتها، محمود شامي الشاب القعيد، الذي لا يترك مباراة للفارس الأبيض إلا ويحضرها، يسعى دومًا للوقوف بجوار فريقه حتى في أسوء الأحوال، حتى صبر وذاق طعم الانتصارات والأفراح مؤخرًا من جديد: «الموسم اللي فات الفرقة مكانتش كويسة بس مش قادر أسيب الزمالك لوحده، قررت كذا مرة مروحش ماتشات لكن آجي قبل اليوم بتاع الماتش وأقول لا ميهونش عليا أسيب فرقتي لوحدها وأروح على الاستاد».
يوم مباراة نهائي كأس مصر بين الأهلي والزمالك، التي فازت بها مدرسة الفن والهندسة به، كان من أسعد الأيام على «الشامي» بعد أن حدث معه وقف لن ينساه طوال حياته على حد قوله: «أول ما الحكم صفر رجعت ورا الدكة عشان الاحتفالات، لقيت شيكابالا عدى من وسط كل الناس عشان يجيلي وشايل في إيده الكاس وبيديهولي»، وأكمل حديثه: «وجودنا على الخط بيدي للاعيبة دفعة، الكورة لينا، وهم بيبقوا عايزين يكسبوا عشان يفرحونا».
الشاب الزملكاوي تحدث عن عشقه للكرة، كما كشف كواليس علاقته الطيبة بأغلب لاعبي فريقه، «علاقتي جيدة بلعيبة كتير زي إسلام جابر ومحمد عواد، والحارس أوقات كان بيتضايق عشان عدم المشاركة، وأنا كنت بقول له أصبر فرصتك جاية، لحد ما ربنا كرمه وبقى الحارس الأساسي، وبعد الفوز بالدوري يوم ماتش البنك الأهلي، لقيته بيدور عليا عشان يديني التيشيرت بتاعه، وقال لي بتاع الموسم الجديد كمان هيبقى ليك».
أمل وأمنية.. حب الكرة غريزة لديهما و«الأهلي هو نور عنيهما»
طبيعة كرة القدم التي لا يمكن التنبؤ بها، تجعل كل شيء غير مضمون طوال الـ90 دقيقة سوى المتعة.. المتعة فقط، لذا سميت بالساحرة المستديرة، وهو ما خطف قلبي الفتاتين الكفيفتين «أمل وأمنية» عماد، لا تريان المباريات ولكن قلبيهما يتعلقان بالكرة وحب المارد الأحمر، لذا رآهما الجميع في مباريات الفريق بالملعب هذا الموسم، تبكيان بعد هزيمته وتنهاران في المدرجات، وتهتفان فرحًا بانتصاره وتسعدان بالثلاث نقاط.
تحكي «أمنية» سبب حبها وشقيقتها للنادي الأهلي منذ الصغر، «العيلة كلها أهلاوية وكانوا بيتفرجوا على ماتشات الأهلي كبرنا ولقينا حب الأهلي غريزة فينا»، بينما تقول أمل: «لما الأهلي بيكون خسران ببقى على أعصابي، وبابا بيساعدنا عشان نروح الاستاد»، والد الفتاتين أيضًا تحدث قائلًا: «بيحبوا الأهلي بجنون وقالوا لي مش عايزين لبس العيد وعايزين نحضر كل ماتشات الأهلي، أنا بقوم بدور المذيع في الاستاد، وهم مش بيهتموا بالنتيجة قد اهتمامهم بالتشجيع طول الوقت».
عم منصور خلى العيش ببلاش عشان كسب الدوري: «كله فدا الزمالك»
الخبز اليوم مجانا، هكذا قال منصور عباس المشجع الزملكاوي، صاحب مخبز الساحة بمدينة الخارجة، رددها بصوت عالِ يوم الأربعاء 24 من أغسطس الحالي، في اليوم التالي لفوز الزمالك ببطولة الدوري رسميًا، فرحًا بحصول فريقه على لقب الدوري للعام الثاني على التوالي، ونفذ وعده على مدار ساعات العمل حتى نفاذ حصة الدقيق المخصصة للمخبز، لما لا وهو عاشق لكرة القدم، لا يفوته مشاهدة لقاء حتى في أثناء عمله بالفرن.
«عباس» يعشق الزمالك منذ الصغر يسعد بإنجازاته ويتمنى له الأفضل دائمًا، لذا تنازل عن ثمن الخبز على مدار يومًا كاملًا، لكل أصحاب البطاقات التموينية، احتفالا باللقب الأبيض الجديد وفداءً للبطولة الغالية، فكرة القدم بالنسبة للرجل الستيني عشق لا ينتهي، ومهما تقدم به العمر لا يجد متعته في غيرها، ويعتبرها الرياضة الأقرب إلى قلبه، والتي تتحكم دائمًا في مزاجه اليومي حسب أداء فريقه.
مشجع زملكاوي يطلب من كريستيانو الانضمام لفريقه: «تعالى النادي الأفضل في إفريقيا»
«كريستيانو تعالى إلى النادي الأفضل في إفريقيا»، جملة قد تكون خيالية لدى بعض عشاق الكرة، لصعوبة تحقيقها في الواقع، فكيف يأتي لاعب بحجم النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو للعب في إفريقيا بمستويات كروية أقل كفاءة!، ولكن هذا المشجع الزملكاوي الذي يعشق كرة القدم لم ير الأمر مستحيلًا، صمم الجملة على لافتة بخلفية لصورة نجم مانشستر يونايتد، ورفعها في مدرجات نادي الزمالك، طالب]اص منه المجيىء لفريقه الذي يراه بداخله أعظم فريق في الكون.
حكاية «عم راني» كبير مشجعي فاركو
عجوز في زيه البرتقالي بألوان فريقه، على رأسه قبعة ضخمة، لا يفارق المدرجات في مباريات فريق فاركو، يشجع ويعلو صوته، يؤلف الأغنيات لتشجيع فريقه، هو «عم راني» هكذا عرف بين صفوف الجماهير، لا يكل ولا يمل من التشجيع، ورغم أن فاركو ليس بالفريق الجماهيري وتلك هي أولى سنوات صعوده للدوري الممتاز، إلا أن المشجع الفاركاوي لاقى إعجاب الكثير من محبي الكرة.
انفعالات «عم راني» مع الهجمات الضائعة لفريقه وحبه للكرة، جعل منه قائدًا لصفوف تشجيع فريق فاركو، واشتهر بلقطة طريفة في الآونة الأخيرة ردًا على المشجع الذي أراد أن يجلب كريستيانو للزمالك، حينما علق لافتة مكتوب عليها، «بتفاوضوا كريستيانو؟، طب ميسي فاركو بـ10 مليون علبة راني»، وجعل الجماهير يتبادلون الإفيهات معه قائلين: «عم راني كان بيهرب من الصيدلية وهو صغير عشان يتفرج على نادي فاركو».
أغنية للمنافس بالغلط.. مشجعو الزمالك «الفرحة نستهم بيقولوا إيه»
حب الكرة كالإدمان يسير في دماء محبيها، كهؤلاء الشباب الذين اعتلتهم السعادة ونشوة الانتصار، واكتمل الفرح والسعادة في يومهم، ليلة 23 أغسطس الماضي، حينما فاز الزمالك رسميًا بلقب الدوري العام، بعد هزيمة بيراميدز من فيوتشر، وقرروا توثيق فرحتهم الهيستيرية بالحدث السعيد، ولكن ثمة أمر كوميدي كان ينتظرهم.
موقف طريف حدث خلال هتافهم داخل المنزل فرحة بالفوز، حينما غنى أحدهم أغنية «التالتة شمال» الأغنية المعروفة لجماهير النادي الأهلي والتي تغنى دائمًا في المدرجات الحمراء، وأكملوا الأغنية إلى نهايتها وهم يرتدون قمصان نادي الزمالك، وفقًا لفادي سعد أحد المشاركين في هذا المشهد، وبعد أن نشروا الصور والفيديوهات، اكتشفوا ذلك من تعليقات الأصدقاء، لكنهم أصروا على ترك المنشور كما هو، «إحنا مش أعداء، لينا زملاء كتير أهلاوية وعشرة عمر طول عمرنا حبايب وهنفضل كدة الكورة مكسب وخسارة، وأهم حاجة الكورة تبسطنا».