ابن شقيقة بليغ حمدي: أعاد إحياء أم كلثوم.. ويحتاج تكريما يليق به (حوار)
صنع لنفسه هالة أسطورية، أحاطته وما زالت، خلق بألحانه ما عجز عنه السابقين واللاحقين، مخلدا بأوتار عوده أعماله، لتكون منارة وعلامة لكل ملحن جاء بعده، وكل فنان أراد السير على درب المجد والخلود.
في ذكرى وفاة الموسيقار والملحن الكبير بليغ حمدي الـ29 تعيد «الوطن» اكتشافه من جديد، من خلال حوار لها مع أسامة فهمي ابن شقيقته، وإلى نص الحوار..
– أترى أن بليغ حمدي نال التكريم الأمثل؟
لم يكرم بليغ حمدي مطلقا، ويحتاج إلى تكريم لائق، وهو شخصية معروفة على الصعيد الدولي قبل المحلي وتدرس أعماله في الجامعات خارج البلاد، فإحدى الصديقات أبلغتني أنها قابلت سيدة في لندن، وسألتها عن جنسيتها وعندما علمت أنها مصرية أخبرتها السيدة الإنجليزية أنها تدرس بليغ حمدي في الجامعة، «قالتلها إحنا بندرس الموسيقى العالمية، وتلتين الدراسة عن بليغ».
طلب مجدي العمروسي، مدير صوت الفن سابقا، أن يكرم بليغ حمدي، وأن تصمم له عملة تذكارية ذهبية، لأنه ظلم في حياته ولم يكرم بعد، وحصل على موافقة الجهات الثقافية المختلفة، واخترنا بالفعل الشكل الذي سيسك على العملة، إلا أن أسرة أحد الفنانين اعترضوا على سك عمله له وطلبوا سك عمله لوالدهم هو الآخر فألغي الأمر.
– وبالنسبة للأسرة.. أتقدمت بأي طلبات لتكريمه؟
عندما توفى طلبنا تسمية شارع باسمه لكن الحي رفض ذلك، «ماذا أجرم بليغ حمدي حتى لا يكرم؟ بليغ لحن 3 آلاف أغنية، وأفضل أغاني لأي مطرب أو مطربة هي من ألحانه، وكذلك أغانيه الوطنية قبل 6 أكتوبر وبعدها، محدش هان عليه إنه يكرم بليغ حمدي إلى الآن التكريم المناسب».
ما زال بعض المحبين له يطالبون بطابع بريد باسمه أو عمله تذكاريه وشارع يكتب باسمه، إلا أنني أرى أن ذلك مجرد أقوال لم تترجم بعد إلى أفعال.
– أين مقتنياته؟
باعتباري وكيل ورثة بليغ حمدي فقد كانت كل مقتنياته لدي، وكان لا يملك شيئا، شقته كانت موجرة ومكتبه كذلك، فهو لم يكن يملك أي عقارات أو أطيان، جرى جمع الموجود بالشقة والمكتب، وعُرض العود الخاص به في مزاد بجمعية خيرية واشترته عفاف راضي، لكنه لم يكن يملك عودا واحدا، «واحد منهم كان عند الشاعر الراحل عبدالرحمن الأبنودي، وقالي قبل وفاته إن عنده عود ومش هديهولي».
إلا أنه كان إنسانا بوهيميا للغاية فلم يكن يهتم بمقتنياته، ولظروف عائلية خاصة بي عهدت بممتلكاته لابن خالٍ لي والذي أصبح يقتنيها حاليا.
– بما تفسر افتقاده للأملاك رغم نجاح أعماله الفنية وارتفاع أجره؟
كان ينفق بغير حساب، «جاله فلوس كتير وكان بيصرف كتير، عشان كدا لم يمتلك شيء، كان يدخل شركة صوت الفن معاه آلاف الجنيهات ويخرج لا أي شيء، وكان يتصدق بأغلب أمواله للمحتاجين».
كما أظهرت واقعة معدنه الحقيقي عندما أعطى سكرتيره الشخصي أموال الضرائب فاستولى عليها ولم يسلمها للضرائب لتتراكم عليه بشكل مخيف، «أما اكتشفنا الموضوع قال حرام أبلغ عنه يمكن يكون محتاجها، وكانت النتيجة إن المبالغ اللي عليه تضخمت، وسدينا كأسرة المبلغ عنه، واتعالج أما تعب على حسابه الشخصي ولم يطلب من أي شخص أي شيء».
– كيف ترى بليغ حمدي الفنان؟
بليغ حمدي شخصية أسطورية، لا أحد مثله ولن يأتى أحد مثله، «شوف بليغ حمدي مات بقاله قد إيه، وما زال هو رقم واحد وهو الأكثر سماعا طبقا لجمعية الملحنين»
– لماذا لم ينجب؟
كان يتمنى أن يكون أبا، ويقال إن وردة حملت أكثر من مرة وسقطت نتيجة إصابتها بالغدة الدرقية، وهذا ما سمعته من الأسرة، وكان تعامله مع الأسرة مختلفا تماما، كما كان يقربنا إليه بشكل خاص، «كان ليا خال أصغر منه توفى قبله، وكان عنده طفلين وكان بيرعاهم رعاية خاصة، ومهتم بيهم بشكل شديد للغاية وكان يسعى يكون له طفل لن الله لم يرد».
– من أقرب الفنانين إليه؟
كل من غنى له كان قريبا منه، وستجد بذلك أن الجميع كان قريبا منه، «مفيش حد من مصر أو الدول العربية غير وغناله، وبعد وفاته زارني من الدول العربية مغنيين لم أسمع عنهم قط، ليخبروني أنه لحن لهم وعن حاجتهم للتنازل مني كوكيل عن الورثة عن اللحن، وكنت أتنازل وأديهم الأغنية عشان يغنوها طمعا في إن شغله يطلع ويتسمع، وكنت بعمل دا دون مقابل».
– حدثنا عن فترة خلافه مع عبدالحليم حافظ؟
الخلاف سببه أغنية «هو اللي اختار»، كان محمد عبدالوهاب شريكا لـ عبدالحليم في شركة صوت الفن، ولم يرغب حليم في إغضابه، «كان دايما بليغ يقول للشاعر محمد حمزة هو اللي اختار، كناية عن سوء اختيار عبدالحليم، وهو اللي اختار إنه يبعد ويعمل شقاق، ولو فيه حد في الدنيا علاقته سيئة ببليغ فهو اللي خسران مش بليغ حمدي».
– ماذا عن أنشودة مولاي للنقشبندي؟
بليغ لحن للنقشبندي «مولاي» و10 أدعية أخرى، وكان يتغني النقشبندي بها وتظل «مولاي» هي درة هذه الأعمال، «النقشبندي كان معترض، والإذاعي وجدي الحكيم قاله ادخل وشوف واسمع ولو دخلت ولقيتك قالع العمة، هعرف إنك مبسوط، ودخل عليه لقاه قالع الجبة كمان مش العمة بس، واتسلطن آخر سلطنة».
– كيف كان يرى أعماله؟
بليغ لم يكن يسمع أعماله مطلقا بعد الانتهاء منها، لأنه كان يرى أنه أعطى لها ما يملك، وأرى أنه أعاد إحياء أم كلثوم، لأنها كانت في وادي رياض السنباطي وزكريا أحمد، ثم جاء بليغ حمدي، ليعيد إحيائها «عملها حاجة جديدة حدثها، وعملها جمهور جديد، وعمل نفس الكلام دا مع غيرها برضو وهذا ليس مجاملة على الإطلاق لعلاقتي به».
هناك 6 أغنيات من 10 لأم كلثوم، الأكثر مبيعا في العالم لحنها بليغ حمدي، وكذلك عبدالحليم حافظ، رغم كثرة تعاونهما مع كبار الملحنين، وإلى الآن، تطلب هذه الأغنيات وهذه الألحان.