قهوه علي الريحه.. قصه قصيره ولكنها لن تنتهي أيضا
مهندس فايق الخليلي
تتشابه ايام الخريف ولكن أبي الربيع إلا أن يقتنص يوما منه ليس علي سبيل القرض الحسن وانما ليرده مضافا له كل ايام العمر وقد أهداه لي فتحولت كل ايامي ربيعا .
كنت قد انهيت دراستي الجامعيه وخدمتي العسكريه وانخرطت في دولاب العمل كمهندس يشار له ولمثلي بالبنان ابني ميناءا جديدا في بلدي ومرفأ ترسو عليه سفينتي بعد رحلة ابحار طويله وسط امواج تنخفض حينا وتعلو احيانا ولكني اخيرا أبصرت الشاطئ ووجدت المرفأ . هي جميلتي التي اختارتها روحي قبل أن تراها عيني . كنا نسكن في بيتنا الكبير المقابل لبيتها وكان علي أن أخبر والدي بما انوي ولكن كيف وله من الهيبه والوقار مايمنعني من الحديث العادي معه فكيف لي أن افاتحه في موضوع زواج . ولكني لم احتار طويلا أنها امي هي من اتجرأ علي الحديث معها دون تلعثم اوتحفظ لتمهد الطريق وتنقل بدورها رغبتي الي القائد الاعلي ذلك الأب الحازم الحنون والذي يقرأ مافي عيوننا قبل أن تنطق به السنتنا . وكان من عادة القائد أن يشرب قهوته علي الريحه ساعة العصاري من يد والدتي فذهبت إليه حيث مكانه الذي اعتاد عليه في حديقة المنزل وقلت له انا ساعد لك فنجان القهوه فضحك . وتسللت الي والدتي أسالها عن كيفية عمل القهوه علي الريحه لأنني سأقوم بإعدادها وتقديمها له فضحكت ضحكه فهمت منها أن رسالتي قد وصلت وان كل شئ علي مايرام وبعد أن انتهيت من عمل القهوه حملتها وانا أتشبث بالصينيه خوفا من الارتباك وخوفا من أن يفشل ماخططت لأجله وماإن جلست بجانبه وانا اقدم له فنجان القهوه إذا به يبتسم ويضرب علي كتفي ويقول لي مبروك ياباشمهندس زين من اخترت . فتنفست الصعداء فقد أزاح عن كاهلي حملا ثقيلا كان مكونا فقط من عدة كلمات وأخذت اقبل رأسه ويديه وجاءت امي تعلو ابتسامتها كوجه القمر وهي تقول ربنا يتمم علي خير فقبلت يديها وراسها . ساعتها لم تسعني الدنيا فقد ظفرت بمن ملكت القلب ولم احلم بغيرها كي تشاركني احلي ايام العمر والتي بعد رحيلها ضاعت دبلتي التي البستني إياها وعادت هي وروحي الي مرة اخري .
ومن يومها وانا اعشق هذا اليوم من ايام الخريف واعشق القهوه علي الريحه .
رحم الله والدي ووالدتي ورحم التي من اجلها تعلمت كيف اصنع القهوه علي الريحه وأصبحت من عشاقها .
مهندس فايق الخليلي
12/9/2022