من الأزمات إلى الاستقرار.. خبراء: مصر على طريق الإصلاح بعد سنوات من الفوضى
مرت مصر منذ عام 2011 بتحولات عديدة بدأت بفوضى عارمة اجتاحت البلاد بعد ثورة 25 يناير وما جاء فى أعقابها من أحداث بدأت بالانفلات الأمنى منذ يوم 28 يناير، وحتى بعد تنحى مبارك عاشت مصر حالة من السيولة الأمنية والانفلات الأمنى لفترة طويلة وسط حالة من الرعب والذعر فى الشارع المصرى، ما استدعى المواطنين لعمل ما يسمى باللجان الشعبية أمام المنازل وفى الشوارع والطرقات الرئيسية.
العديد من الصور التى لا تنساها ذاكرة المواطن المصرى، منها التعدى على المؤسسات والشركات والمتاجر الكبرى وانتشار السرقة والسلاح فى الشوارع، وذعر المواطنين من السفر بين المحافظات لاحتمالية شبه مؤكدة بالتعرض للسرقة أو السطو المسلح، وسط صرخات من النساء والأطفال لا تنقطع، حتى تمكنت القوات المسلحة بنزولها إلى الشوارع، من إحداث توازن أمنى إلى حد ما.
الوجه القبيح للجماعة الإرهابية
ظن البعض أن الاستقرار سيأتى بانتهاء أحداث ما بعد 25 يناير وإجراء انتخابات المجالس النيابية ثم الرئاسية التى انتهت نتيجتها بصعود جماعة الإخوان إلى سُدة الحكم، ولكن الوضع زاد سوءاً بعدما كشفت الجماعة الإرهابية عن وجهها القبيح بمجرد الوصول إلى الحكم، لتشهد مصر على مدار عام 2012 -2013 أسوأ عام شهدته مصر فى تاريخها الحديث، فما إن وصل الإخوان إلى الحكم بعد السيطرة على مجلسى النواب والشورى والرئاسة بتولى محمد مرسى رئيس حزب الحرية والعدالة آنذاك، بدأت تطبيق سيناريو الأخونة بفرض السطوة على مؤسسات ومفاصل الدولة.
استمارة «تمرد» أنقذت مصر من إرهاب الإخوان
ازداد الوضع سوءاً خلال فترة حكم الإخوان، ولم يتحمل الشعب المصرى أكثر من عام واحد فقط حتى نزل فى شوارع وميادين مصر بالملايين فى 30 يونيو، وذلك بعدما وقّع أكثر من 20 مليون مواطن على استمارة «تمرد»، وهى الاستمارة التى ابتكرها عدد من الشباب لرفع الكارت الأحمر لحكم الإخوان ومكتب الإرشاد الذى كاد يصل بمصر إلى السقوط فى الهاوية والدخول فى نفق مظلم لسنوات.
نزلت الملايين فى شوارع مصر وميادينها، رافعين الكارت الأحمر لجماعة الإخوان ومكتب الإرشاد، واستمرت الملايين فى الشوارع حتى جاء يوم الحسم 3 يوليو والإعلان عن خارطة الطريق، لإنقاذ الدولة من مصير مجهول على يد جماعة الإخوان الإرهابية التى واجهت ثورة 30 يونيو بالعمليات الإرهابية وأحداث العنف التى انتشرت فى البلاد.
طريق العودة
وبدأت مصر فى طريقها للعودة مرة أخرى إلى وضعها الطبيعى بعد محاولات اختطافها وإفقادها هويتها، لتخلد ثورة 30 يونيو الدور الوطنى للجيش بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسى، والشرطة المصرية التى حمت ثورة الشعب، كما أنها حمت البلاد من مخططات ومؤامرات كانت تُحاك للدولة المصرية من قبَل الجماعة الإرهابية التى مثلت جمرة خبيثة تنهش فى جسد الوطن.
وبعد قيام الثورة لم تجد جماعات الإرهاب آلية للمضىّ قدماً فى تنفيذ مخططات من يدعمها إلا بث الفوضى واستهداف رجال الجيش والشرطة والمدنيين ودور العبادة، لذا أولى الرئيس السيسى أهمية خاصة لهذا الملف، وإلى جانب العمليات العسكرية المشتركة بين القوات المسلحة والشرطة، شدد على أهمية رفع الوعى وتجديد الخطاب الدينى، بل حمل على عاتقه أيضاً أن تقود مصر حرباً دولية على الإرهاب على كل الأصعدة.
وتمكنت الدولة من العمل فى خط متوازن ومتوازٍ فى كافة الملفات بجانب الملف الأمنى، فكان الاهتمام بملف العدالة الاجتماعية وكان تطوير العشوائيات وتوفير حياة كريمة لسكان تلك المناطق أولى الخطوات، كما أولت القيادة السياسية أهمية كبرى لتطوير شبكة الطرق المتهالكة التى كانت تقف حائط صد ضد كل مساعى التنمية والتطوير، وغيرها من المشروعات فى الإسكان الاجتماعى والكهرباء والمياه التى تلبى احتياجات كافة مناحى الحياة.
«سعيد»: ثورة 30 يونيو بداية الإصلاح الحقيقى فى مصر
من جانبه، قال المفكر السياسى الدكتور عبدالمنعم سعيد، عضو مجلس الشيوخ، إن ثورة 30 يونيو حدث فارق فى التاريخ المصرى، مضيفا أنّ 30 يونيو ثورة بداية الإصلاح الحقيقى فى مصر، إذ إن هذه الثورة تُعد بداية بناء الدولة المصرية من جديد، موضحاً أن مصر بدأت تأسيس الجمهورية الجديدة على يد الرئيس عبدالفتاح السيسى، وتم خلالها اكتشاف القيمة الجيواقتصادية لمصر، ويتم العمل فى الوقت الحالى على خلق بلد متقدم وذى مرجعية متقدمة، وفقاً لتجارب الدول المتقدمة.
وتابع: ثورة 30 يونيو غيّرت مجرى أحداث التاريخ المصرى الحديث والمعاصر، وكتبت بأحرف من نور ميلاد مسار جديد من مسارات العمل الوطنى المصرى الخالص، لتنطلق مسيرة البناء والتنمية الحقيقية والحديثة على كل المستويات، ترتكز على دعائم قوية من التلاحم الشعبى، والاصطفاف الوطنى لمجابهة التحديات.
«فهمى»: واجهنا حالة من التخبط ومصر تصاعدت خطواتها بعد الثورة
وقال الدكتور طارق فهمى، أستاذ العلوم السياسية، إن مصر مرت بسنوات عجاف قبل ثورة 30 يونيو، فقد عانت من اهتزاز وعدم استقرار وصل للفوضى، بسبب الجماعة الإرهابية التى حاولت اختطاف الوطن، موضحاً أن الجماعة الإرهابية اعتبرت مصر ممراً لدولة الخلافة الإسلامية الكبرى، ذلك المشروع الوهمى، إضافة إلى إقصاء المواطنين، وطبقوا مبدأ المغالبة لا المشاركة، وتنصلوا من كل الحقوق، واستخدموا أساليب استبدادية.
وأضاف «فهمى»، فى تصريحات خاصة لـ«الوطن»، أن مصر شهدت حالة من التخبط والانهيار السياسى فى فترة حكم الجماعة، فكان لا بد أن يكون هناك المشهد الذى شهدناه فى 30 يونيو، والذى كان بمثابة طوق نجاة أنقذ مصر والمنطقة العربية من مصير فوضوى محتوم.
وتابع أستاذ العلوم السياسية أنه بعد ثورة 30 يونيو استطاع الشعب المصرى من خلال الالتفاف حول القيادة السياسية عبور هذه الأزمة، والوصول بمصر إلى بر الأمان، ونجحت الثورة فى استعادة الدولة من أيدى المختطفين، وإنقاذ مؤسسات الدولة، وتحقيق العديد من المكتسبات، وعودة ريادة مصر وهيبتها مرة أخرى.
وأشار طارق فهمى إلى أنّ هناك العديد من الإنجازات لثورة 30 يونيو، ولكن يظل أهمها أنها أعادت الوطن إلى مواطنيه، وأكدت حق المصريين فى الحياة، متابعاً: لا شك أن مصر تصاعدت خطواتها بعد الثورة فى جميع الملفات، سواء فى ملف الصحة والتعليم والنقل والمواصلات، إضافة إلى ما حققته الثورة للمرأة من العديد من المكتسبات.
واستكمل أستاذ العلوم السياسية: نرى فى طريقنا إلى الجمهورية الجديدة أنّ هناك خطوات استباقية لمصر، فى مجال التعليم، بالإضافة إلى التطورات الملحوظة فى ملف الصحة، التى تشهد لها أزمة كورونا.
«رشاد»: ما نجنيه الآن من مشروعات عملاقة ثمرة نجاح 30 يونيو
وقالت النائبة هند رشاد، عضو مجلس النواب، إن مصر كانت تمر بمرحلة فى غاية الحساسية قبيل يوم 3 يوليو، وكانت هناك محاولات من الجماعة الإرهابية للسيطرة على مؤسسات الدولة ومحاولة أخونة الدولة المصرية، وخرج الشعب المصرى بكل طوائفه فى 30 يونيو ليخلص مصر من بين أنياب وأظافر الجماعة الإرهابية، ومواجهة الأزمات والتحديات واستعادة الدولة القوية المتعافية.
وأضافت «رشاد» أن «30 يونيو» جسّدت إرادة التغيير للمصريين، والتصدى لمحاولات اختطاف الوطن من قبَل عصابة إرهابية أرادت فرض مصالحها وأهداف تنظيمها الدولى على مقدرات الوطن، مشيرة إلى أنّ المشروعات العملاقة الحالية هى ثمرة ثورة 30 يونيو 2013، التى حققت الإرادة الوطنية وقادت العديد من الشعوب إلى ثورات التحرر الوطنى، والتى كانت بمثابة انطلاقة للتنمية وقاعدة الانطلاق نحو واقع ومستقبل أفضل من خلال تعزيز مسيرة الاقتصاد الوطنى.