القوى السياسية تشيد بقرارات لجنة العفو الرئاسي: فرصة جديدة للعودة والدمج بالمجتمع
تلعب لجنة العفو الرئاسي دورا محوريا، خلال الآونة الأخيرة، بشأن الإفراج عن المحبوسين احتياطيا على ذمة قضايا متعلقة بالرأى والتعبير، وتمثل آخر إسهامات اللجنة فى قائمة ضمت 28 اسماً تم الإفراج عنهم بعد استيفاء الإجراءات القانونية اللازمة، والتنسيق مع الجهات المعنية لخروج دفعات جديدة خلال المرحلة المقبلة.
ولم تكتف لجنة العفو الرئاسى بالإفراج عن المحبوسين احتياطياً فقط، بل إن دورها الأبرز هو الدمج المجتمعى للمفرج عنهم، من خلال البدء فى إجراءات متعلقة بعودتهم إلى أعمالهم ووظائفهم، وتوفير فرص عمل لغير العاملين منهم، فضلاً عن التنسيق مع جهات الدولة المعنية فى حل إجراءات منع السفر والتحفظ على الأموال، وهو الدور الذى أشاد به السياسيون والخبراء والحقوقيون فى حديثهم مع «الوطن».
عضو «أمناء الحوار الوطني»: المعفو عنهم لديهم خبرات من شأنها أن تساعد في البناء
وقال طلعت عبدالقوي، عضو مجلس أمناء الحوار الوطنى، إن عمل لجنة العفو الرئاسي على إعادة دمج المفرج عنهم فى المجتمع مرة أخرى خطوة إيجابية جداً، وله عائد مثمر، معتبراً إياها خطوة تدل على دعم الدولة المصرية لملف حقوق الإنسان.
وأضاف «عبدالقوى» أن دور لجنة العفو الرئاسى فى إعادة تأهيل المفرج عنهم يدل على صدق نية اللجنة والقيادة السياسية فى فتح صفحة جديدة مع المعفو عنهم ومنحهم الفرصة ليكونوا مثل باقى المواطنين فى الحقوق وعليهم الواجبات نفسها، وقال: «هم ليسوا سجناء فى قضايا جنائية أو مُخلة بالشرف وغيره، وذلك يعد سبباً كافياً لإعادة دمجهم مرة أخرى ومعاملتهم كباقى المواطنين».
واستكمل أن إعادة تفعيل دور لجنة العفو، وعملها على دعم وتأهيل المفرج عنهم للاندماج مرة أخرى فى المجتمع يدلان على أن الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان مفعّلة، ويُعمل بها على أرض الواقع، وأن الدولة المصرية تهتم بإتمام هذا الملف، وأضاف: «الخطوات الأخيرة للجنة العفو الرئاسى تدل على أننا نستعمل الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان وأنها ليست ورقية، بل مصر تطبقها فى شكل مبادرات وتشريعات وغيره».
«عبدالقوي»: إعادة تأهيلهم دليل على صدق النية فى فتح صفحة جديدة وتفعيل للاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان
وأوضح أنه لا بد من الاستفادة من المفرج عنهم على الأصعدة المختلفة، خاصة فى ظل بناء الجمهورية الجديدة، وقال: «لدى عدد من المفرج عنهم خبرات من شأنها أن تساعد فى بناء الجمهورية الجديدة، وبالتالى فإن إعادة تأهيلهم ودمجهم سنجنى ثمارهما»، فضلاً عن أن هذه الخطوات تدل على اقتناع القيادة السياسية بخبراتهم، وصدق رغبتها فى الاستفادة منها، ليشارك فى بناء الجمهورية الجديدة جميع أبناء مصر من مختلف انتماءاتهم وآرائهم.
وقال الدكتور طارق فهمى، أستاذ العلوم السياسية فى جامعة القاهرة، إن هناك سبلاً متعددة يمكن للجنة العفو الرئاسى اتباعها فى إعادة دمج المفرج عنهم مرة أخرى فى المجتمع بعد فترة الحبس، حيث إن المفرج عنهم فئتان، أولاهما مَن كانت لديهم وظيفة بالفعل قبل الحبس، والثانية مَن لم تكن لديهم وظيفة مسبقة، أو مَن لم يستكملوا تعليمهم.
أستاذ العلوم السياسية: لا بد أن تتشارك القوى المختلفة بالبلاد فى عملية إعادة دمج وتأهيل المُفرج عنهم
وأشاد «فهمى» بدور لجنة العفو الرئاسى تجاه المفرج عنهم، خاصة فيما يتعلق بعودتهم لوظائفهم قبل الحبس ومعاونتهم على الدمج المجتمعى مرة أخرى دون قيود، وتذليل العقبات المختلفة التى ستواجههم، حتى يتسنى لهم ممارسة الوظيفة مرة أخرى دون أية مشكلات، فضلاً عن عودة استكمال الطلاب منهم لمراحلهم التعليمية، وتوفير مشاريع تكون مصدر رزق لمن كان دون عمل، وهو ما يعتبر الدور الأبرز الذى تؤديه اللجنة.
وأشار إلى أن هذا الدور لا يقتصر فقط على لجنة العفو الرئاسى، بل لا بد أن يكون لمؤسسات المجتمع المدنى المختلفة دور فى العمل على تأهيلهم وتهيئتهم للالتحاق بسوق العمل مرة أخرى، خصوصاً فى ظل المناخ السياسى الحالى، حيث قال: «لا بد أن تتشارك القوى المختلفة بالبلاد فى عملية إعادة دمج وتأهيل المفرج عنهم، خصوصاً فى ظل المناخ الحالى، وهو مناخ مناسب جداً».
وقال الكاتب جمال فهمى، العضو السابق بالمجلس القومى لحقوق الإنسان، إنه منذ دعوة الرئيس عبدالفتاح السيسى للحوار الوطنى فى يوم إفطار الأسرة المصرية، ودعوة جميع الأطراف على طاولة واحدة، تعامل الجميع معها بإيجابية، وبدأ المناخ العام يتحسن للأفضل، خاصة مع الإفراج عن سجناء الرأى غير المتورطين فى أعمال عنف.
وأضاف أنه قد تكون قوائم الإفراج عن المحبوسين احتياطياً فى قضايا متعلقة بالرأى والتعبير بطيئة أحياناً، إلا أنها فى أحيان أخرى تكون معقولة، لافتاً إلى أنه يأمل فى تحسن الأجواء والأوضاع السياسية، التى ستنعكس بدورها على علاج الأزمة الاقتصادية التى يعانى منها العالم والتعامل معها بشكل صحيح.
وأوضح أن ما يحدث من تفعيل لدور لجنة العفو الرئاسى يعتبر دعوة أمل وسعادة، متمنياً أن تزداد وتيرة الإفراج عن المحبوسين احتياطياً، مع قدر من السرعة، خاصة مع بعض الحالات التى قد تكون قد تعرضت لظلم نتيجة تعبيرهم عن وجهة نظرهم بطريقة خاطئة.
وأكد أن الأمر الجديد بالنسبة للإفراج عن المحبوسين احتياطياً، هو علاج الآثار السلبية نتيجة الحبس وذلك عن طريق حل مشكلات المُفرج عنهم، تحديداً فيما يتعلق بمشكلاتهم فى الحصول على العمل، ما يعتبر مؤشراً إيجابياً من الجهات المسئولة فيما يتعلق بالتعامل مع الدمج المجتمعى، مشدداً على أنه لا بد أن يُقابل ذلك بمزيد من الترحيب من قبل الجميع.
عضو مجلس شيوخ: دليل على صدق نيّة القيادة السياسية فى عقد حوار شامل يتسع لجميع الآراء والأطراف المختلفة
وأشاد الدكتور محمد صلاح البدرى، عضو مجلس الشيوخ، بدور اللجنة فى الفترة الأخيرة، الذى جاء بالتزامن مع الاستعداد للبدء فى الحوار الوطنى الذى دعا إليه الرئيس عبدالفتاح السيسى، فى أبريل الماضى، خلال إفطار الأسرة المصرية، الذى يقضى بإخلاء سبيل كل مَن لم تتلوث يداه بقضايا دم أو إرهاب وهو «أمر محمود»، ودليل على صدق نيّة القيادة السياسية فى عقد حوار وطنى شامل يتسع لجميع الآراء والأطراف المختلفة.
وأشار إلى أن الفترة الأخيرة تشهد العديد من الخطوات فى سبيل قاعدة المشاركة السياسية، وأن أبرز هذه الخطوات هو الدعوة للحوار الوطنى، وإعادة تفعيل دور لجنة العفو الرئاسى، وغيره من الخطوات التى اتخذتها مصر فى الآونة خلال هذه الفترة.
وأضاف «البدرى»: أن ما تقوم به مصر فى هذه الفترة يأتى رداً على المشككين فى الحياة السياسية فى مصر، مشيراً إلى أن دور لجنة العفو الرئاسى يعد تطبيقاً عملياً لمبادئ الحوار الوطنى الذى يقوم على حرية الرأى، وبالتالى فهى تعد رداً على كل مَن يظن أن الدعوة للحوار الوطنى مجرد شعار.
وأشاد عماد فؤاد، المتحدث باسم حزب التجمع، بدور لجنة العفو الرئاسى، وسير عملها بوتيرة جيدة بشأن الإفراج عن المحبوسين احتياطياً على ذمة قضايا الرأى، فى الوقت الذى تحتاج فيه طبيعة عملها لفحص العديد من الملفات، ومراجعة مواقف المفرج عنهم من أجل دعمهم مجتمعياً، وذلك من خلال العودة إلى وظائفهم أو توفير فرص عمل مناسبة لهم، واستكمال الدراسة للطلاب منهم، بالتنسيق مع الجهات المعنية لرفع أسمائهم من قوائم الممنوعين من السفر.
وقال إن خطوة الدمج المجتمعى تعيد السلام النفسى إلى المفرج عنهم، بعد فترة الحبس الاحتياطى، ما يسهّل من عودتهم للمجتمع فى حال أفضل، ولا يستشعرون أنهم خرجوا ليبدأوا من الصفر، ويمارس كل منهم حياته بشكل طبيعى كما كان فى السابق.
استشارى صحة نفسية: المُفرج عنهم فى احتياج إلى التأهيل والدمج المجتمعى لمنحهم حياة جديدة
وأكد الدكتور وليد هندى، استشارى الصحة النفسية، أنه على الرغم من أن السجين المصرى خلال الـ7 سنوات الأخيرة حصل على حقوق ومكتسبات عديدة لم يحصل عليها منذ سنوات، انعكس تأثيرها على سلامته النفسية، مثل الحق فى السلامة البدنية والأخلاقية، والمعاملة الإنسانية القومية، وكذلك حقوق خاصة بالصحة العامة والجسدية والعقلية وتوفير العلاج وغيره، ولكن تظل لحظة خروجه للمجتمع لها تأثير نفسى آخر عليه.
وأشار «هندى» إلى أن الشخص الذى قضى أياماً فى الحبس يخرج للمجتمع مكبلاً ببعض الاضطرابات النفسية، على رأسها العجز عن التكيف الاجتماعى بسهولة، فضلاً عن معاناته من الوصمة الاجتماعية والنظرة غير المستحبة، خاصة أن البعض يعامل الخارجين من الحبس بازدراء أياً كانت التهمة مع النبذ الاجتماعى حتى إنه يصاب بالجمود العاطفى، وافتقاد القدرة على التعاطف مع أحد.
السجين المصري حصل على حقوق ومكتسبات عديدة
وأضاف أن المفرج عنهم فى احتياج للتأهيل والدمج المجتمعى، حيث يمنحهم ذلك حياة جديدة، ومن أجل أن يكون ذلك فعالاً يجب أن يلقى دعماً خاصاً من الأسرة، واستقباله ببشاشة وجه وأحضان دافئة، وتجمع أفراد العائلة حوله لدعمه النفسى مع تنظيم الزيارات والاتصالات فى الأسبوع الأول من خروجه.