أستاذ أمراض الباطنة أسامة حمدي: «أومنيبود 5» أحدث بنكرياس صناعي لعلاج السكري (حوار)
<!–
<!–
كان متفوقا طوال مراحل دراسته، فهو أول من حصل على الماجستير بتقدير ممتاز في تاريخ قسم الأمراض الباطنة بالمنصورة، وأول من تدرب على مضخات الإنسولين فور حصوله على الدكتوراه، وكانت وقتها صيحة جديدة في علاج السكري.
أكثر من 150 بحثا أجراها في مجال السكري والسِمنة غيرت أسلوب علاج المرض، وكان اكتشافه للتغيرات في حساسية الجسم للإنسولين مع خفض الوزن قد فتح مجالا جديدا لفهم طبيعة المرض والوقاية منه.
«الوطن» تحاور الطبيب المصري أسامة حمدي، أستاذ أمراض الباطنة والسكر في جامعة هارفارد الأمريكية، يتحدث عن علاج مرض السكر المكتشف حديثا وأسباب حدوث الموت المفاجئ وجلطات القلب للشباب والكبار، وأهمية المبادرات الطبية التي نفذتها مصر خلال السنوات الماضية.
يحدث الكثير من حالات الموت المفاجئ.. ما سببه؟
هناك أسباب كثيرة تسبب حدوث الموت المفاجئ سواء للشباب أو الكبار، بينها جلطات القلب الناتجة من الانسداد المفاجئ للشرايين التاجية المغذية لعضلة القلب، وقد يكون الموت المفاجئ بسبب الاضطراب الشديد لضربات القلب، وكذلك جلطات أو نزيف المخ.
الشباب وكبار السن عرضة للإصابة بجلطات القلب.. ما أسبابها؟
هناك 9 أسباب لزيادة معدلات جلطات القلب في مصر، والتي تفوق بكثير المعدلات العالمية التي تتناقص مع تطور العلم والتوعية الصحية، وهذه الأسباب هي:
1- التدخين: سواء السجائر أو الشيشة، فالتدخين يدمر الغشاء الواقي لشرايين القلب والأطراف، ونسبة التدخين ما زالت مرتفعة في مصر، والشعب لا يعي خطورته، ويسير مدفوعًا بإدمانه هذه العادة السيئة.
2- ارتفاع نسبة الكوليسترول في الدم، ومعظم المصريين لا يعرفون نسبة الكوليسترول في دمهم، ولو عرفوها فنادرًا ما يأخذون علاجًا مستمرًا، وإذا أخدوه توقفوا عنه فور نزول الكوليسترول إلى النسب الطبيعية، ويتناسون أن هذا التحسن بسبب العلاج.
3- ارتفاع ضغط الدم، فرغم ارتفاع نسبة المصابين بارتفاع ضغط الدم في مصر، فالنسبة المعالجة منهم ما زالت قليلة نسبيًّا، وكثير من المصريين لديهم حساسية للملح، وكذلك فإن تراكم الضغوط النفسية يزيد من فرص الإصابة.
4- مرض السكر من النوع الثاني، يرتبط مرض السكر ارتباطًا وثيقًا بجلطات القلب والمخ، خاصة عند عدم انتظام السكر، وزيادة المعدل التراكمي عن نسبة 7%.
5- الغذاء الخاطئ، وهذه الأطعمة التي يفرط فيها المصريون مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بجلطات القلب والمخ، مثل دهون اللحم عمومًا، اللحوم المخلقة كاللانشون، والهوت دوجز، والنشويات ذات معامل السكرية المرتفع كالسكر، وخاصة في المشروبات الغازية والحلويات والعصائر، والزيوت المهدرجة كالسمن النباتي الذي تُصنع منه الفطائر والمعجنات، والوجبات السريعة وخاصة البرجر، والبطاطس.
6- قلة الحركة والرياضة، والشعب المصري من أقل شعوب العالم ممارسة الرياضة، خاصة النساء.
7- قلة النوم، فالنوم أقل من 7 ساعات متواصلة، والسهر الطويل، يؤديان لمقاومة الجسم للإنسولين، وارتفاع ضغط الدم، والسمنة.
8- الضغوط العصبية في المنزل والعمل، ومع الأسف، معظم المصريين يعانون ذلك وبشدة.
9- السمنة، فمعدلات السمنة في الشعب المصري من أعلى معدلات السمنة في العالم، خاصة بين النساء، وزيادة الدهون في منطقة البطن «الكرش» مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بجلطات القلب والمخ.
كيف يمكن حماية من الجلطات والموت المفاجئ؟
يمكن الحماية من جلطات القلب باتباع الكثير من العادات الصحية، منها التوقف تمامًا عن التدخين بجميع صوره، وفي حال الإصابة بارتفاع نسبة الكوليسترول فيجب العلاج المستمر بالأدوية لخفضه، وإذا كان الشخص مصابًا بارتفاع في ضغط الدم فيجب العلاج المستمر وخفض نسبة الملح في الأكل، والمصاب بالسمنة أو زيادة الوزن يجب خفض الوزن بنسبة 7-10%، ومرضى السكر من النوع الثاني عليهم الاهتمام بتنظيمه في الدم، بحيث لا يزيد المعدل التراكمي عن 7%.
وأنصح بضرورة ممارسة الرياضة لمدة نصف ساعة يوميا على الأقل، ويمكن أن تقسم إلى 3 فترات كل منها 10 دقائق، خاصة المشى السريع ورياضة تنمية العضلات، ويجب التقليل من أكل اللحوم الحمراء إلى مرتين على الأكثر أسبوعيًا، مع نزع الدهون تماما، والامتناع عن اللحوم لمصنعة، والتقليل من استهلاك السكر بنسبة كبيرة، والابتعاد عن استخدام الزيوت المهدرجة «السمن النباتي» والابتعاد عن الوجبات السريعة، والنوم 7-8 ساعات يوميًا، والابتعاد عن الضغط العصبي والنفسي.
حدثنا عن العلاج المكتشف حديثا لمرضى السكر؟
هناك سباق بين الحل التكنولوجي والحل البيولوجي لعلاج مرض السكر، من ناحية الحل التكنولوجي وافقت هيئة الغذاء والدواء الأمريكية في يناير الماضي على ثالث جهاز بنكرياس صناعي اسمه «أومنيبود 5 – Omnipod 5»، فبعد النجاح الهائل على مدار السنوات الخمس الماضية لجهازي البنكرياس الصناعي لمرضى السكر من النوع الأول، يأتي هذا البنكرياس الصناعي ليفوق سابقيه في إمكانياته.
ورغم أن هذا الجهاز الجديد يصلح لمرضى السكر من النوعين الأول والثاني، إلا أن الموافقة حتى الآن لمرضى السكر من النوع الأول فقط، ومن سن 6 سنوات، ولكن أعتقد أنه ستتم الموافقة عليه لاحقًا هذا العام لمرضى النوع الثاني والأطفال من سن سنتين.
والبنكرياس الصناعي الجديد حجمه صغير جدا، في حجم علبة الكبريت، ويعبأ بالإنسولين ويلصق على أعلى الذراع أو الرجل أو البطن بدون وصلات أو أنابيب ولمدة 3-4 أيام، بعدها يتم التخلص منه تمامًا ليوضع آخر مكانه، ويتصل هذا الجهاز الملتصق بالجسم بجهاز يقيس السكر باستمرار على مدار الـ24 ساعة اسمه «ديكسكوم ج6 – Dexcom G6».
ومن خلال لوغاريتمات حسابية دقيقة يتم تحديد نسبة الإنسولين المناسبة للشخص بدقة شديدة، ليقوم البنكرياس الصناعي بضخها بطريقة أوتوماتيكية إلى داخل الجسم دون تدخل من المريض أو برمجة من الطبيب.
ما هو أهم ما يميز البنكرياس الصناعي الجديد؟
الجديد في البنكرياس الصناعي الجديد أن المريض يمكن أن يحدد الهدف المراد الوصول إليه لضبط السكر باختيار رقم من 110-150، ويشاهد المريض وذويه كل البيانات ونسب السكر على الموبايل، ويتم التحكم عن طريقه في البنكرياس الصناعي بالكامل.
وأهم ميزة أن البنكرياس الصناعي الجديد يعمل أتوماتيكيًا من أول يوم وتتحسن كفاءته مع الوقت، حيث يتعرف بذكاء على اتجاهات السكر عند المريض، وبالطبع أتمنى أن يحضر لمصر قريبًا ليريح آلاف العائلات التي لديها أطفال مصابين بالسكر، وسعره في الولايات المتحدة الأمريكية حوالي 40 دولارا لـ«البود» الواحد، ويستخدم لمدة 3-5 أيام، وسعر الديكسكوم حوالي 120 دولارا، ويستخدم لمدة 10 أيام.
ماذا عن الحل البيبولوجي لعلاج مرضى السكر؟
هناك أمل كبير من خلال زرع خلايا البنكرياس المخلقة من الخلايا الجذعية، وأول مريض في الأبحاث تم علاجه بهذه الطريقة ما زال بلا سكر وبدون حاجة للإنسولين لمدة 11 شهر حتى الآن، خلايا البنكرياس التي زرعت في كبده مخلقة من الخلايا الجذعية المخلقة بدورها من خلايا الجلد العادية، وهذا المريض تلقى نصف الجرعة المتوقعة للعلاج فقط، وقد وصل سكره التراكمي الآن إلى 5.2%، أي في المعدل الطبيعي تمامًا، بعد أن كان 8.6%، مع العلاج بـ34 وحدة إنسولين يوميًا قبل زرع الخلايا في كبده.
وأعادت شركة فيرتكس المصنعة للخلايا في بوسطن، التجربة على مريض ثانٍ، وأعطته نصف الجرعة أيضًا، ومر عليه الآن 7 أشهر، ونقصت جرعة الإنسولين التي يأخذها من 26 وحدة إلى 18 وحدة، ولكنه لم يشفَ تمامًا كالمريض الأول، وسمحت هيئة الغذاء والدواء الأمريكية للشركة المصنعة باستئناف أبحاثها على 16 مريضًا من الحالات الخطيرة، ومن المنتظر أن تستغرق الأبحاث نحو سنتين، ثم بعدها قد يتم التصريح باستخدامها كوسيلة فعالة للشفاء التام من مرض السكر من النوع الأول، وما زال يجب على المريض أن يتناول أدوية تثبيط المناعة، كما هو الحال مع مرضى زراعة الكلى أو الكبد.
مبادرة الدولة في 100 مليون صحة.. كيف تراها؟
مبادرة «100 مليون صحة» خطوة بلا شك في الاتجاه الصحيح، فالحصول على بيانات إحصائية دقيقة للأمراض المزمنة في مصر هي الخطوة الأولى للوقاية والعلاج منها، وكما حققت الدولة نجاحًا غير مسبوق في علاج فيروس الكبد الوبائي «سي»، أتمنى أن تحقق نفس النجاح مع مرض السكر، خاصة بعد الحصول على بيانات دقيقة حول هؤلاء المرضى، فمرض السكر يستنزف ميزانية الصحة لعلاجه وعلاج مضاعفاته التي تشمل الفشل الكلوي وفقدان البصر وبتر الأطراف وجلطات القلب والمخ.
كيف ترى تطور القطاع الطبي في مصر؟
بالفعل شهد القطاع الطبي في مصر تطورا كبيرا، ولكن للمنظومة الصحية 3 أطراف هامة يجب العناية بها، أولًا: مقدم الخدمة الطبية من أطباء وتمريض ومعاونين، وثانيًا: منشأة طبية على مستوى مقبول، وثالثًا: جهة صرف على الخدمة عن طريق التأمين الصحي العام أو التأمين الخاص لارتفاع تكلفة العلاج، وبدون تكامل الأضلاع الثلاثة للمنظومة لن تستطيع أي دولة تقديم خدمة صحية جيدة.
كيف تصف مبادرة الدولة للقضاء على قوائم انتظار المرضى؟
بالتأكيد مبادرة الرئيس للقضاء على قوائم انتظار المرضى مهمة ورائعة من وجهة نظري وأحيي القائمين عليها، وقوائم انتظار المرضى والحالات الحرجة هي مشكلة كبيرة تواجه الدول في المنظومة الصحية والطبية، واستمرار حل هذه المشكلة يستلزم اهتمامًا خاصًا بالأطباء في الفترة القادمة وخفض هجرتهم للخارج، وهو ما أعتقد أن الدكتور خالد عبد الغفار، وزير الصحة، سيوليه اهتماما كبيرا.
<!–
–>
<!–
–>