«جمعة»: نعاني من فتاوى غير المؤهلين.. والمساس بثوابت العقيدة يخدم التطرف
قال الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، إن الاجتهاد ضرورة العصر، وقد عانينا في مجتمعاتنا المسلمة وعانى العالم كله من الفتاوى الشاذة والمؤدلجة على حد سواء، كما عانينا من افتاءات غير المؤهلين وغير المتخصصين وتجرؤهم على الإفتاء، والذهاب إلى أقصى الطرف تشددا وتطرفا يمينيا، أو انحرافا وتطرفا يساريا.
مؤتمر المجلس الأعلى للشئون الإسلامية
جاء ذلك خلال افتتاح الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، المؤتمر الدولي الـ33 للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية، اليوم السبت.
وأضاف وزير الأوقاف، «إذا أضيف إلى هؤلاء وأولئك محبي الظهور من اللاهثين خلف كل شاذ أو غريب من الآراء، تأكد لدينا أننا في حاجة إلى إرساء وترسيخ قواعد الاجتهاد وضوابطه، وبخاصة الاجتهاد الجماعي في القضايا التي لا يمكن البناء فيها على الأقوال الفردية، والتي تتطلب الفتوى فيها خبرات متعددة ومتكاملة، ولا سيما في القضايا الاقتصادية والطبية والبيطرية وشئون الهندسة الزراعية وغير ذلك من مفردات حياتنا ومستجدات عصرنا التي تحتاج إلى رأي أهل الخبرة لتبني عليه الفتوى».
وتابع: «من هنا كانت دعوة فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، في كلمته التي ألقاها في افتتاح مؤتمر المجلس الأعلى للشئون الإسلامية الخامس والعشرين بمدينة الأقصر في نوفمبر 2015، للتأكيد على أهمية تبني الاجتهاد الجماعي الذي يدعى إليه كبار العلماء من مختلف دول العالم ممن يحملون هموم الأمة ومشكلاتها ليواجهوا بشجاعة حل هذه المشكلات، وهو ما يعد مؤتمرنا هذا (الاجتهاد ضرورة العصر: صوره.. ضوابطه.. رجاله.. الحاجة إليه) مثالا ونموذجا له».
الاجتهاد الجماعي يقضي على الآراء الشاذة
وأردف وزير الأوقاف، أنه لا شك أن هذا الاجتهاد الجماعي سيسهم بشكل كبير وواضح وبناء في القضاء على الآراء الشاذة، وعلى إزالة كثير من أسباب التطرف والانغلاق والجمود والتقليد الأعمى وسوء الفهم والوقوف عند حرفية النص والابتعاد عن فقه المقاصد والمآلات وعدم فهم القواعد الكلية للتشريع وإتاحة الفرصة لتصدر غير المؤهلين وغير المتخصصين لبعض جوانب المشهد الدعوي، موضحا أن هذا الاجتهاد الجماعي يمكن أن يؤدي إلى تحقيق جانب كبير من التقارب بين العلماء، ويزيل كثيرا من أسباب الفرقة والخلاف، ما يسهم – بلا شك – في وحدة صف الأمة، ولا سيما في مواجهة الأفكار الشاذة والمنحرفة والضالة والمتطرفة.
وتابع: «هذا وقد فتح الإسلام باب الاجتهاد واسعا، حيث يقول نبينا صلى الله عليه وسلم إن الله عز وجل يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها، وطبيعي أن هذا التجديد لا يكون إلا بالاجتهاد والنظر ومراعاة ظروف العصر ومستجداته».
هدم الثوابت تحت دعوى الاجتهاد أو التجديد
كما أكد وزير الأوقاف خلال كلمته، أن الله عز وجل لم يخص بالعلم ولا بالفقه ولا بالاجتهاد قوما دون قوم، ولا زمانا دون زمان، كما نؤكد أيضا أن الاجتهاد الذي نسعى إليه يجب أن ينضبط بميزان الشرع والعقل معا، وألا يترك نهبا لغير المؤهلين وغير المتخصصين أو المتطاولين الذين يريدون هدم الثوابت تحت دعوى الاجتهاد أو التجديد، فالميزان دقيق، والمرحلة في غاية الدقة والخطورة؛ لما يكتنفها من تحديات في الداخل والخارج، فالمتخصص المؤهل إذا اجتهد فأخطأ له أجر، وإن اجتهد فأصاب فله أجران، الأول لاجتهاده والآخر لإصابته، أما من تجرأ على الفتوى بغير علم، فإن أصاب فعليه وزر، وإن أخطأ فعليه وزران، الأول لاقتحامه ما ليس له بأهل، والآخر لما يترتب على خطأه من آثار كان المجتمع والدين معا في غنى عنها، في كل أوقات تحتاج إلى من يبني لا من يهدم.
المساس بثوابت العقيدة يخدم قوى الإرهاب
وخلال كلمته، قال وزير الأوقاف: «نؤكد أن المساس بثوابت العقيدة والتجرؤ عليها وإنكار ما استقر منها في وجدان الأمة لا يخدم سوى قوى التطرف والإرهاب، وخاصة في ظل الظروف التي تمر بها؛ لأن الجماعات المتطرفة تستغل مثل هذه السقطات لترويج شائعات التفريط في الثوابت، مما ينبغي التنبه له والحذر منه، فإذا أردنا أن نقضي على التشدد من جذوره فلا بد أن نقضي كذلك على التسيب من جذوره، فلكل فعل رد فعل مساو له في المقدار ومضاد له في الاتجاه».