الزعيم.. واجه شبح السجن والاتهام بازدراء الأديان وتحمل التهديدات بالقتل
يظل الفنان الكبير عادل إمام رقم صعب في معادلة الفن المصري، وعلي مدار السنين الطويلة من عمره الفني، تصدرأعلى درجات النجومية، كاسرا كل قيود النموذج المثالي للنجم التي تتوجب قدرا ما من الوسامة معتمدا أكثر على الملامح لا الروح.
يأتي عادل إمام على قمة هرم النجومية ومن بعده يأتي الكثيرين لكنهم أبدا لم ولن يقتربا من مكانته، فيجلس هو على عرش قلوب جمهوره، الذي كان ولا يزال مخلص له ولفنه حتى مع صعود الكثير من النجوم والنجمات وتغير شكل النجومية ومفرداتها.
كسر كل حواجز الشكل يمثلنا علي الشاشة ملامح تشبهنا وتشبه قلوبنا مفرداته لا تختلف عن مفرداتنا، يعيش لنا وبيننا بإخلاصه وحبه للفن، لم نشعر يوما أنه يمثل غيرنا علي العكس مع كل عمل يقدمه علي الشاشة سواء مسلسلات أو أفلام أو في المسرح، تجده زعيما للغلابة والمهمشين إلا فيما ندر فهو منا ونحن منه.
يظل عادل إمام أسطورة حية، وملهمة للكثير من الممثلين، يضعونه في مكانة الأب الروحي لهم وللفن المصري، الذي نصب عادل إمام سفيرا له في كل دول العالم، فمن يسافرهنا أوهناك لا تخلوا جمل وداعه من ارسال السلام للزعيم عادل إمام وكأنه واحد مننا، والحقيقة أنه فعلا واحد مننا.
كثيرون حاولي تقليد الزعيم كثيرون أرادوا السير علي نفس نهجه، لكنه يظل ملهما لكل من حوله وحارقا لكل من يحاول تقليده فالزعيم واحد فقط شاء من شاء وأبى من أبى، تختلف أو تتفق مع ما يقدم تراه عميقا أو سطحيا، إلا أنه في النهاية يبقي الفن الحقيقي، يعيش بيننا تتداولها الأجيال تهضمه وتستخلص منها أفيهات جديدة مستوحاه من افيهاته ومن كلماته، تجده جمله الحوارية حاضرة في الذهن بالمواقف الكوميدية والتراجيدية، من منا لم يبكه عادل إمام بقدر ما أضحكه، من منا لا تحمل مفرداته وجمله الحوارية اليومية إفيهات عادل إمام.
الراصد لتاريخ الزعيم عادل إمام يجد أنه أول من وضع معركة الوعي هدف أمامه قبل أن يصعد هذا المصطلح مؤخرا، فهو أول من حارب الإرهاب بفنه وأول من وضع روحه على كفه، وأول من قرر الذهاب عام 1988، إلى إحدى قرى أسيوط وعرض مسرحيته “الواد سيد الشغال”، تضامنًا مع فرقة مغمورة من هواة المسرح أسسها شباب هناك، وكان تعتبره الجماعات المتطرفة من أهل الكفر وحاولوا منعه من تقديم عرضه بالقوة.
شكل عادل إمام مع وحيد حامد ديو وقدما الكثير من النجاحات وضع يده علي قضايا شائكة لم يجرؤ غيره الدخول فيها، واجه شبح السجن والاتهام بازدراء الأديان، تحمل التهديدات بالقتل وتعريض نفسه للخطر هو وأسرته.
تعاون عادل إمام مع الكاتب الكبير الراحل وحيد حامد من خلال انتخبوا الدكتور سليمان عبدالباسط عام “1981” وفيلم الدراما الإنسان يعيش مرة واحدة عام 1981، وهو الفيلم الفلسفي الذي يحمل الكثير من الأبعاد الإنسانية للمعنى الحقيقي للحياة واكتشاف الذات ومواجهة الخوف العدو الأكبر للإنسان، كما تعاونا سويا في فيلم الغول عام “1983” وهو الفيلم الذي ألقى الضوء على مواطن فساد رجال الأعمال وتنامى نفوذهم حيث يناقش الفساد فى المجتمع الرأسمالى والانتهازى.
قدم عادل إمام مع وحيد حامد فيلم الهلفوت عام 1984 وتم تصوير أحداث الفيلم بمحطة سكة حديد نفيشة بمحافظة الإسماعيلية، ونظرا لاهتمام عادل إمام بواقعية الشخصية أصر على أن تكون الملابس واقعية حيث حصل على البنطلون الأحمر من شاب يلعب كرة بالشارع مقابل 50 جنيه، ويعتبر من أهم أفلام عادل إمام في الثمانينات إلا أن تعاونات وحيد حامد مع عادل إمام في فترة التسعينات كان لها مزيد من الآلق حيث قدما اللعب مع الكبار وهو الفيلم الذي دخل قائمة أفضل 100 فيلم فى ذاكرة السينما المصرية حسب إستفتاء النقاد بمناسبة مرور 100 عام على أول عرض سينمائى بالأسكندرية (1896-1996) وكان الإختيار بداية من عام 1927 حيث تم عرض أول فيلم مصرى (ليلي 1927) وحتى عام 1996.
أيضا فيلم الإرهاب والكباب ونال فيلم “الإرهاب والكباب” والذي نال العديد من الإشادات النقدية، وحصل على عدة جوائز منها جائزة أحسن فيلم” من وزارة الثقافة عام 1993، كما نال عنه عادل إمام جائزة أحسن ممثل في المهرجان القومي للسينما المصرية عام 1993 وشكل الفيلم نقلة جديدة في مشوار الزعيم الفني، إضافة إلى فيلم المنسى.
فيلم طيور الظلام وأحد من أهم الأفلام السينمائية ليس فقط في تاريخ عادل إمام وإنما في تاريخ السينما المصرية ، وهو الفيلم الذي ناقش جماعات الإسلام السياسى، والجماعات الإرهابية التى خلطت بين الدين والسياسة، من أجل الوصول لمصالحها وعلى رأسها الجماعة الإخوان الإرهابية وهو العمل الذي كشف عن قدرة وحيد حامد في قراءة المستقبل وفهم الواقع وحصل فيلم “طيور الظلام” على الجائزة البرونزية من مهرجان فالنسيا السينمائى الدولى (أسبانيا) وأقيمت ضده العديد من القضايا لسحبه من السينمات ووقف عرضه ونال إتهامات بالإساءة لمهنة المحاماة.
فيما شكل فيلم عمارة يعقوبيان عام 2006، نقطة فارقة في حياة كثير من النجوم ممن شاركوا في العمل وهو العمل الذي تتناول مشاكل تواجهها مصر المعاصرة من خلال حياة السكان فى القاهرة، وقدم الفيلم تشريح للمجتمع وقتها وكيف تغيرت طبقات المجتمع وصعدت طبقات أخرى، وكيف أصبحت المادة تتحكم في حياة البشر قناعتهم وضمائرهم.