مصر تنتهي من أضخم مشروع لاستغلال «الرمال السوداء»: يوفر مواد خام لـ49 «صناعة استراتيجية»
انتهت الشركة المصرية للرمال السوداء، التابعة لجهاز مشروعات الخدمة الوطنية للقوات المسلحة، من أضخم مشروع للاستفادة واستغلال الرمال السوداء باستخدام أحدث التقنيات العالمية، عبر إنشاء مجمع مصانع الفصل والتركيز للرمال السوداء بمنطقة البرلس، والذي سيستخلص 6 مواد خام تدخل في 49 صناعة استراتيجية وهامة، يتم استيراد موادها الخام من الخارج.
حلم استغلال الرمال السوداء اقتصادياً يصبح حقيقة
وقال اللواء مجدي الطويل، رئيس «الشركة»، إن المشروع جاهز للافتتاح قريباً، وأنه حلم لعقود طويلة، راودت الدولة المصرية، حتى استطاعت توفير أحدث التكنولوجيا العالمية في هذا المجال، موضحاً أن الشركة المصرية للرمال السوداء، تمكنت من تنفيذ «مشروع البرلس»، بالتعاون مع إحدى الشركات الاسترالية، والتي تعتبر الشركة الرائدة عالمياً في هذا المجال.
استخلاص 6 معادن من الرمال السوداء أساسية في صناعات استراتيجية هامة
وأضاف رئيس «المصرية للرمال السوداء»، في تصريح لـ«الوطن»، على هامش جولة تفقدية في المصنع، أن الرمال السوداء تحتوي معادن أثبتت الدراسات جدواها الاقتصادية الكبيرة، مثل معدن «الألمنيت»، و«الروتيل»، والذي يستخدم كمواد خام في صناعات معدنية هامة، والدهانات، والمصابغ، والورق، والجلود، والأجهزة التعويضية، والمستحضرات الطبية.
ولفت اللواء مجدي الطويل، إلى أن «الرمال السوداء» يستخلص منها أيضاً معدن «اليركون»، مثل السيراميك، والسبائك، والمواتير، وتركيبات الأسنان، وتبطين قلوب المفاعلات النووية، وأيضاً معدن «المجناتيت»، يضم الحديد الاسفنجي، والحديد الزهر عالي الجودة، وخرسانات تتحمل حرارة عالية، والأسمدة، وإزالة ملوحة التربة.
وأشار إلى أن معدن «الجارانيت»، أحد المعادن الست التي سيتم استخلاصها من «الرمال السوداء»، والتي تستخدم في صناعة فلاتر المياه، وقطع الرخام، والجرانيت، فضلاً عن معدن «المونزايت»، والذي يستخدم في صناعة الهواتف الذكية، والسيارات الكهربائية، والمعادن النادرة.
توجيهات رئاسية باتمام المشروع لتغطية الاحتياجات المحلية وتصدير الفائض
وشدد رئيس «المصرية للرمال السوداء»، على أن الشركة أنشأت المشروع بتوجيهات مباشرة من الرئيس عبدالفتاح السيسي، رئيس الجمهورية القائد الأعلى للقوات المسلحة، لتغطية احتياجات السوق المصرية من تلك المعادن الاقتصادية، والتصدير للخارج، بعد تعظيم الاستفادة الاقتصادية منها، بما يحقق دخل إضافي للدولة المصرية، مشيراً لتواجد عدة مشروعات أصغر تم العمل عليها تجريباً في الفترة الماضية، وبدأت دول مثل إسبانيا، وهولندا، واليابان، وانجلترا، وغيرها في التعاون للاستفادة من المعادن الـ6 المستخلصة من الرمال السوداء فيها.
احتياطات مؤكدة تكفي للاستغلال الاقتصادي للمشروع لمدة 200 سنة
وأوضح أن الدراسات التي أجريت على احتياطات مصر من الرمال السوداء، بالتعاون مع هيئة المواد النووية، انتهت لتواجد احتياطي منها يُقدر بنحو 5 مليارات متر مكعب، بخلاف مناطق أخرى تجري عمليات استكشاف لها، موضحاً أن الكميات المكتشفة تكفي للعمل لمدة 200 سنة مقبلة، بخلاف المناطق التي ما تزال «تحت التقييم».
وعن احتياطات مشروع فصل واستخلاص المعادن من الرمال السوداء في منطقة البرلس؛ فقال إن الاحتياطات المؤكدة تناهز 238 مليون متر مكعب منها، بما يكفي للعمل لمدة 20 عاماً، مؤكداً أن تلك الاحتياطات مرشحة للزيادة، وبالتالي فترة عمل المشروع، والقيمة الاقتصادية المضافة للدولة المصرية.
وأوضح أن كميات الرمال السوداء تتركز على المناطق الساحلية من رشيد حتى رفح شرقاً، مشيراً لعمل الشركة المصرية للرمال السوداء على استخلاص والاستفادة من المعادن في عدة مناطق، منها حصيلة تكريك ميناء دمياط، وموقع آخر في مدينة رشيد بتكنولوجيا صينية، وآخر لدى بحيرة المنزلة، و4 وحدات في «غليون».
11 موقع مستكشفة للرمال السوداء في مختلف أنحاء الجمهورية
وأكد أن كميات الرمال السوداء المستكشفة باحتياطات مؤكدة كبيرة متواجدة في 11 موقع على مستوى الجمهورية، لافتاً إلى أن كل منطقة سيتم عمل مشروع خاص بها، مع توفير كميات ضخمة من العمالة، مشيراً إلى أن مشروع البرلس وحده يوفر قرابة 5 آلاف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة.
وأشار إلى أن الهدف من عمل الشركة هو استخلاص المعادن الاقتصادية، وتحويلها لمنتجات جاهزة للعمليات الصناعية المختلفة بدلاً من تسويقها كمواد خام، مشيراً إلى إعجاب الخبراء الدوليين بطريقة إنشاء مشروع البرلس الجاهز للافتتاح قريباً، مع التوصية لتطبيق تجربته عالمياً، نظراً لسرعة إنشائها، وانخفاض تكاليفها عن الطريقة التقليدية في بناء مثل تلك المصانع.
أول كراكة في العالم صديقة للبيئة تعمل بالكهرباء
ولفت إلى أن مشروع البرلس، يضم الكراكة «تحيا مصر»، وهي أول كراكة في العالم صديقة للبيئة تعمل بالكهرباء بدلا من الديزل بطاقة إنتاجية 2500 متر مكعب في الساعة، مشيراً إلى أن الله حبا مصر بكميات من الرمال السوداء سهلة الاستخلاص سواء عبر مناطق ساحلية، أو كثبان رملية، بنسب تركيز للمعادن الاقتصادية تتراوح من 3.7% إلى 4%، في حين أن دول أخرى تقيم مثل تلك المشروعات بتركيزات أقل 3 أضعاف تقريباً.
ورحب رئيس الشركة المصرية للرمال السوداء، بالتعاون مع أي مستثمر في أنشطة الشركة، مشيراً إلى وجود شركات محلية وأجنبية عديدة ترغب في التعاون مع «المصرية للرمال السوداء»، وأنه يجري دراسات جدوى للمناطق التي يتم استغلالها، ونسب الشراكة.
تعظيم عوائد البحث العلمي واستغلالها اقتصادياً
من جانبه، حرص الدكتور حامد ميرا، رئيس هيئة المواد النووية، التابعة لوزارة الكهرباء والطاقة المتجددة، على توجيه الشكر للرئيس عبدالفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، لاهتمامه بمشروع الرمال السوداء، مؤكداً أنه نموذج حي لتعظيم عوائد البحث العلمي لتخليق كيانات صناعية عملاقة لها مردود اقتصادي.
وأضاف رئيس هيئة المواد النووية، في تصريح لـ«الوطن» على هامش جولة تفقدية في المشروع، أن الهيئة عملت على استكشاف كميات الرمال السوداء على السواحل المصرية الشمالية والجنوبية على ساحل البحر الأحمر، وتم إجراء دراسة جدوى متكاملة، ومراجعتها وتقييمهم من شركات عالمية، والتي أثبتت جدوى المشروع، ليتم العمل عليه بإرادة سياسية قوية، من الرئيس السيسي، بعدما كان مجرد حلم يراود علماء الهيئة.
وثمن تعاون جهاز مشروعات الخدمة الوطنية للقوات المسلحة مع الهيئة في تنفيذ المشروع، مشيراً إلى أنه لولا تعاونه مع الهيئة وتوجيهات الرئيس بتنفيذ المشروع، لظلت الدراسات «حبيسة الأدراج»، وتم إهدار ثروة مصرية هائلة.
استغلال الرمال السوداء من مشروعات الاقتصاد الأخضر
وأشار «ميرا»، إلى أن مشروع الرمال السوداء له أبعاد اقتصادية، وبيئية، مع أنه مشروع من مشروعات الاقتصاد الأخضر، لأنه عديم الانبعاثات الكربونية، كما يوجد نقاط اجتماعية له، عبر تجهيز بنية تحتية وتسليمها للمحافظات، فضلاً عن التعاون مع أهالي المناطق التي يتم تنفيذ مشروعات فيها، دعماً من الشركة للمبادرة الرئاسية «حياة كريمة»
وأكد أن هيئة المواد النووية تعمل على استدامة اكتشاف الرمال السوداء في مناطق جديدة، تلبية لاستراتيجية الرئيس، وحرصه على الاستغلال الاقتصادي لهذا المشروع.
دراسات ضخمة في عدة جوانب لتنفيذ المشروع
ولفت الدكتور هشام النحاس، رئيس اللجنة العلمية للشركة المصرية للرمال السوداء، إلى انتهاء دراسة جدوى إنشاء مشروع «البرلس» منذ عام 2003، وأنه تم وفق أحد 5 أكواد معترف به عالمياً، بعد دراسات ضخمة في الجوانب الجولوجية والجيوتقنية، والدراسات المالية والتسويقية والبيئية وغيرها من الدراسات المختلفة.
فيما، قال الدكتور أحمد عبدالكريم، أستاذ مساعد بهيئة المواد النووية وعضو اللجنة العلمية في «المصرية للرمال السوداء»، على أن كل المعادن المنتجة من المشروع تم عمل دراسة قيمة مضافة لها، لرفع قيمة كل معدن، مشيراً إلى أن معدن الألومنيت على سبيل المثال الإنتاج المتوقع هو 297 ألف طن سنوياً، وهو منتج مهم.
ولفت الدكتور وليد محرز، عضو اللجنة العلمية في «الشركة»، إلى أنه من المخطط استغلال الخامات المستخلصة في الفترة المقبلة باستخدام أحدث التكنولوجيات العالمية، مشيراً إلى أن معدن «الزيركون»، تزداد قيمته بمجرد طحنه، وتقليص حجم الحبيبات، ومن ثم يتم العمل على هذا الأمر، ومشروع الجرانيت والذي يستخدم في المباني الجديد وصناعات البترول، مشيراً إلى رغبة الشركة في الاستفادة بكل المعادن المفصولة لرفع القيمة المضافة وزيادة العائد الاقتصادي والفني.. وميزة مضافة للدولة المصرية.