خبايا «توت عنخ أمون» الأثرية تتكشف قبل نقلها لـ المتحف الكبير.. كنز من 5 آلاف قطعة
قرن من الزمان يمر اليوم على اللحظة التي خطى فيها هوارد كارتر، أولى خطواته ليصل إلى حلم طال انتظاره بالعثور على قبر الفرعون المفقود «توت عنخ آمون».
حلم استغرق سنوات من البحث والتنقيب حتى كانت المصادفة التي جعلت طفلا من المشاركين في الحفائر يتعثر وتسقط منه المياه، ليكون سببا في العثور على أضخم كشف أثري في القرن العشرين، أكثر من 5 آلاف قطعة أثرية تراءت لكارتر على ضوء الشمعة من ثقب بجدار لم يكن يتخيل أن وراءه هذا الكم من الكنوز النادرة.
وبعد 100 عام تجتمع الكنوز للمرة الأولى تحت سماء المتحف المصري الكبير بعد ترميمها بأنامل مرممي مصر المهرة، في انتظار جسد الفرعون الذهبي توت عنخ آمون المسجى وحيدا في مقبرته بالأقصر ليجتمع للمرة الأولى بمومياوات أجنته في رحلته الأخيرة نحو مشروع ينتظر العالم افتتاحه ليروا آثار فرعون حيرت كنوزه العالم.
مسؤول ترميم الحلي: اكتشفنا ترقيما مصريا قديما لـ آلاف القطع
داخل المتحف الكبير حيث تستقر الكنوز، تعمل نسرين خربوش، المسؤول عن ترميم الحلي، على قطعة من أندر القطع الأثرية في العالم وأكثرها دقة الصدرية الذهبية لتوت عنخ آمون، والتي تُعد من أندر القطع التي اكتشفها هوارد كارتر بمقبرة الفرعون الذهبي وأكثرها إعجازا لدقة صنعها قديما وبراعة ترميمها حديثا، حيث كشف الفحص الدقيق للقطعة بأجهزة الأشعة الحديثة عن تكنيك الصناعة، كما تقول مشرفة الترميم بالمعمل، والذي كان يقوم به في الأغلب عمال من الأقزام ذوي أنامل دقيقة تستطيع التعامل مع هذا الكم من القطع الصغيرة من الأحجار والذهب والتي ستتم جمعها جنبا إلى جنب من آلاف القطع لتشكل القطعة النهائية التي تزين ملابس الملك.
وأضافت: «من المفاجآت التي عثرنا عليها أثناء الترميم كان اكتشافنا ترقيم المصري القديم لكل قطعة صغيرة بحسب مكانها النهائي، وهو ما ساعدنا على تجميعها واكتشفنا تعرضها لترميم خاطئ من قبل وضع قطع في غير محلها».
أحذية من حبيبات الخرز.. وكوبرا تزين العجلات الحربية
وتابعت خربوش: «عثرنا أثناء الترميم على تفاصيل في غاية الدقة والجمال منها هذا الكم الضخم من حبيبات الخرز الذي صنعت منه أحذيته، على سبيل المثال الكوبرا التي تزين باطن العجلة الحربية حتى ألعابه، وهو طفل، والتي وجدناها بالمخازن قطعا مبعثرة وجمعناها لنكتشف تكنيكا في صناعة لعبة على شكل أسد على أرجوحة وغيرها، العشرات من القطع الفريدة التي لا يوجد لها مثيل في العالم».
واختتمت: «لا يزال العلم الحديث يكشف عن براعة المصري القديم ودقة صنعة خاصة بمجموعة توت عنخ آمون، والتي كشفت عن أسرارها بعد آلاف السنين».
5400 قطعة أثرية تنتقل من أقصى الجنوب إلى المتحف الكبير
من جانبه، قال الدكتور عيسى زيدان، مدير عام الترميم ونقل الآثار بالمتحف المصري الكبير: «لأول مرة منذ 100 عام تجتمع أكثر من 5400 قطعة أثرية من كنوز الفرعون الذهبي تحت سقف واحد وفي بيت واحد كل هذا بعد رحلة كفاح خاضها المرممون والأثريون من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب، لاستلام وترميم وتغليف ونقل كنوز الفرعون الذهبي إلى بيته الأخير هذا البيت هو هدية مصر للعالم أكبر صرح ثقافي حضاري في القرن الحادي والعشرين».
مراوح من الريش تحتفظ بهيئتها منذ آلاف السنين
وتابع زيدان: «سر تفرد توت عنخ آمون ليس في مجموعته الذهبية فحسب ولكن في تفاصيل دقيقة تنبأ عن فرعون عظيم، منها على سبيل المثال توقيعه على اللسان الذي يربط أجزاء المقاصير العملاقة والذي يضرب نظريات كانت تدعي أن تلك الكنوز ليست لتوت عنخ آمون، ومن اللافت في المقبرة أيضا كيف كان يضع أعداء مصر تحت قدمه بمسند كرسي العرش وتلك المراوح من الريش التي لا تزال على حالها رغم آلاف السنين».
نقل القناع الذهبي قبل 10 أيام من افتتاح المتحف
وعن موعد نقل قناع توت عنخ آمون لينضم لباقي آثاره، قال الدكتور الطيب عباس، المدير الأثري للمتحف المصري الكبير: «سيتم نقل القناع قبل عشرة أيام من افتتاح المتحف في حدث سيشهده العالم ليلحق بباقي المجموعة التي يتم عرضها طبقا لأحدث طرق العرض المتحفي بالقاعات المخصصة لها علي مساحة 7200 متر مربع، والمزودة بأحدث وسائل الوسائل المتحفي من فتارين ذات تحكم بيئي في درجات الحرارة والرطوبة والإضاءة، بالإضافة إلى وسائل توضيحية من الجرافيك وبطاقات شرح خاصة بكل قطعة وكذلك شاشات عرض توضح سيناريو العرض الخاص بالملك الشاب».
قاعة بمساحة 7000 آلاف متر لعرض كنوز توت عنخ آمون
وعن أهم تلك القطع، قال الكاتب أحمد منصور المتخصص في الشأن الأثري، إنه من ضمن الاكتشافات التي عُثر عليها والمعروف على مستوى العالم قناع وتابوت الخنجر الملك الذهبي، الذي قيل إنه مصنوع من أحجار نيزك بخلاف عدد كبير من المقتنيات التي يزيد عددها عن 5 آلاف قطعة أثرية، منها ما تم عرضه في المتحف المصري بالتحرير ومنها ما سيتم عرضه لأول مرة في المتحف المصرى الكبير بمنطقة الهرم، حيث تم تخصيص قاعة على مساحة 7000 آلاف متر داخل المتحف الكبير ليعرض مجموعة توت عنخ آمون بشكل كامل لأول مرة.
لأول مرة عرض مقتنيات نادرة لتوت عنخ أمون منها «وشاح الملك»
وأشار منصور، إلى أن جمهور ومحبي مقتنيات الملك الذهبي سوف يرون لأول مرة مجموعة للملك لم تعرض من قبل منها على سبيل المثال وليس الحصر وشاح الملك الذي ظل منذ اكتشافه حبيس المخازن وسيخرج للنور، ويعرض عند افتتاح المتحف الكبير بعد نجاح المرممين المصريين في إعادته لما كان عليه منذ عهد الملك، بل اكتشف خلال ترميمه على طلاسم سيتم فك شفرتها عقب الانتهاء من الأبحاث التي تجرى عليه.
إعادة ترميم منطقة صدر المحارب
وأوضح منصور، أن من ضمن ما يتم عرضه لأول مرة أيضا درع نادر للملك توت عنخ وكان يتم تصنيعها من الجلد المثبت على أرضية من الكتان، وبتقنية متداخلة مع بعضها البعض، لتحمي منطقة صدر المحارب، بعد نجاح المرممين المصريين داخل معامل ترميم المتحف الكبير لإعادته لهيئتها الأولى بعدما كانت تعانى من التلف الشديد، ويأتي تميز هذه الصدرية لكونها كانت من قبل مقتصرة على الصدريات المصنوعة المعدن.
واختتم حديثه قائلا: إلى جانب القطع التي ستعرض لأول مرة يوجد العديد من مقتنيات الملك الذهبي منها التوابيت والعجلات الحربية والأسرة والخنجر و401 تمثال، يحملون نفس وجه الملك الذهبي «توت عنخ آمون» في المتحف الكبير وقت افتتاحه، لتمر مائة عام على اكتشاف مقبرة الملك توت عنخ آمون ولكن يظل العالم يشعر بالدهشة عند رؤية تلك المقبرة للملك توت عنخ آمون.