دول الشام وقضايا الهوية والاحتلال والاغتراب بمهرجان الفيلم العربي بـ زيورخ
شهد مهرجان الفيلم العربي زيورخ في دورته السادسة التي تجرى حالياً في زيورخ والذي يحضره العديد من المخرجين العرب قادمين من بلادهم أو من بلاد المهجر التي يقيمون فيها زخماً من المناقشات الفنية والثقافية والفكرية، لقد أتاح المهرجان فرصة عظيمة للجمهور الغربي وخاصة السويسري أن يطل على نافذة أخرى وبعدسة مغايرة للقضايا العربية العديدة التي طرحتها الأفلام والندوات.
كثير من الجدل والتفاعل خاصة ذلك الذي حدث مع الفيلم الروائي المصرى الأردني “ أميرة “ من إخراج محمد دياب وبطولة صبا مبارك، فيلم مليء بالمشاعر الإنسانية القاسية والمؤثرة والصادمة، طرح جديد لقضية الهوية حيث يولد الاطفال من نطفة مهربة من السجن ، جيل يكبر دون أن يروا آباءهم إلا من وراء القضبان، وأميرة واحدة من هؤلاء حيث تأصلت علاقتها بأبيها، وفي نقطة تحول من حياتها اكتشفت أنها نتاج نطفة مهربة تم استبدالها من الحارس الاسرائيلي فاكتشفت أن هويتها ليست من نطفة عربية لكنها إسرائيلية وفي رحلة بحثها عن والدها البيولوجي اضطرت أن تدفع حياتها ثمناً للحفاظ على هويتها العربية رغم أن كان لديها خيار الهروب من هذا الصراع. الفيلم لم يكن صادماً للغرب فحسب بل كان غريباً وغير متوقع للجمهور العربي الذي يعيش متجاوراً في أغلب الوقت لكنه لا يعرف الكثير عن مجتمعه.
ومن الأفلام التي طرحت نقاشاً شديد التفاعل أيضاً كان الفيلم الأردني “ بنات عبد الرحمن “ للمخرج الأردني الشاب زيد أبو حمدان والذي احتفل الجمهور بفيلمه ولقي إعجاباً كبيراً حيث أنه نقل الكثير من القضايا الاجتماعية التي تخص المجتمع النسائي في الأردن والمجتمع العربي ولكن في إطار ساخر وكوميدي ومزيج من المشاعر والمشاهد الحقيقية والواقعية التي نقلها بلغة سينمائية بسيطة أظهرت عمق القضايا الثقافية والاجتماعية ، أثبت زيد تميزه كمخرج له رؤية واضحة ومحددة في فيلمه الروائي الأول. كان لزيد عبد الرحمن مداخلات قوية في الندوة التي تم تسليط الضؤ فيها على الأردن والتي تحدث فيها عن أهمية أن يكون المخرج العربي مستقلاً غير مغازل للغرب في طرح رؤيته السينمائية وأنه بشكل شخصي يقول أنه على يقين لو كان طرح نهاية فيلمه بشكل مغاير وفقاً لمعايير الغرب لكان قد حصل على دعم وإنتاج أكبر.
ومن الأفلام المهمة التي طرحت مناقشات فعالة ، كان الفيلم التسجيلي” ليست مجرد صورتك – إنها قصة عائلة كيلاني” للمخرجة آن باك وهي ليست مخرجة تسجيلية فحسب بل هي مصورة فوتوغرافية وناشطة سياسية باحثة سينمائية وتتبعت رحلة الأخوين وهما من جذور فلسطينية لكنهما ولدا وتربيا في ألمانيا -حيث أن أغلب أفراد عائلتهما قد ماتوا في غارة جوية من الغزو الاسرائيلي وبينما ليلى ورمسيس في ألمانيا إلا أنهما في رحلة بحث عميقة وعاطفية للبحث عن جذورهما في غزة بمنتهى الإصرار.
تحدثت آن بمنتهى الصراحة عن التحديات التي واجهتها أثناء التصوير في قطاع غزة والسماح لها بالتصوير هذا من ناحية ومن ناحية أخرى الصعوبات التي تواجهها آن باك في عرض فيلمها – الذي قالت أنها توجهه إلى الجمهور الغربي تحديداً للتعريف بالقضية الفلسطينية ومآسي الشعب الفلسطيني جراء الغزو الإسرائيلي.
ومن الأفلام التي عرضت في مهرجان الفيلم العربي زيورخ وكانت لها أصداء إيجابية هو فيلم شديد الإنسانية والبساطة وهو فيلم “ أحدنا غادر الصورة “ للتوأمان أحمد ومحمد ملص، وهما مخرجان ،ممثلان سوريان غادرا إلى فرنسا منذ تسع سنوات وأخرجا وأنتجا عدة أفلام قصيرة وكذلك عدة مشروعات مسرحية مستقلة في فرنسا وأقاما بعض الجولات المسرحية في مصر. فيلمهما “ أحدنا غادر الصورة” يستعرض قصة اللاجىء السوري إلى فرنسا والذي استقرت أمور حياته في فرنسا مع زوجته الفرنسية في حين قدم الأخ التوأم قدوماً غير متوقع لزيارته والتي أثارت صراعاً وعراكاً بينهما بسبب الاختلافات السياسية والأيديولوجية. فيلم مصنوع بجودة وحرفية وصدق طرحه هو سر بساطته.
ومن الأفلام – التي كانت قاسية – على حد تعبير كثير من الجمهور السويسري هو الفيلم التسجيلي 11 يوماً في مايو حيث يروي شهادات حية من واقع القصف الاسرائيلي على غزة والذي دام 11 يوماً وأسفر عن مقتل 200 شخصاً من بينهم ستون طفلاً. المشاهد كانت صادمة وموجعة لكثير من الجمهور ولكن أهميتها أن يعي الجمهور الغربي المذابح التي تمارسها إسرائيل.
فيلم اميرة
فيلم بنات عبد الرحمن
من افلام مهرجان لفيلم العربي