“دخول الحمام مش زي خروجه”..مسرحية كوميدية نادرة لروز اليوسف أخرجها عزيز عيد
قدمت فرقة عزيز عيد ” الكوميدي العربي ” مسرحية ” دخول الحمام مش زي خروجه ” عام 1917 ، وهي من تأليف إبراهيم رمزي وإخراج عزيز عيد وبطولة روز اليوسف ومحمود رضا وحسن شلبي وشارك في بطولتها ممثلا بجانب الإخراج الفنان عزيز عيد.
أعادت فرقة ” جورج أبيض ” تقديم المسرحية في نفس العام ولكن تغير خلال العرض الثاني عدد من الممثلين فقد انضم اليها جورج ابيض وحامد مرسي ، وحلت الفنانة إبريز إستاتي مكان روز اليوسف ، وقدمت المسرحية في الاوبرا الخديوية .
وعزيز عيد لمن لا يعرفه هو رائد المسرح المصري الحقيقي، فهو أول فنان يقوم بإخراج المسرحيات على أسس علمية، كان أبناء المسرح قبل ظهور عزيز يمثلون بطريقة بدائية لا يعطون الحركة ولا الديكور ولا المناظر ولا الصوت ولا الإضاءة أية أهمية ، وهو من أبناء كفر الشيخ ولد بها عام 1884 لوالد من أصول لبنانية، هاجرت أسرته الى مصر واختارت كفر الشيخ موطنا لها، وككل اللبنانيين نجح والده في الزراعة والتجارة حتى اصبح من أغنى أغنياء الإقليم بالغربية، ‘لم تكن محافظة كفر الشيخ قد أسست بعد ولأنه من الأغنياء، فقد تعلم ابنه عزيز في المدارس الفرنسية حتى أجاد اللغة كواحد من أبناء باريس وبعد حصوله على التجهيزية التوجيهية ثم الثانوية العامة بعد ذلك أرسله والده الى لبنان حيث أكمل دراسته الجامعية هناك وعاد، لكن الأيام لا تدوم، فقد خسر والده كل ثروته في مضاربات البورصة وأصبح معدما.
التحق عزيز عيد بوظيفة في بنك التسليف الزراعي لكن هواية التمثيل ملكت عليه نفسه وبات حلمه أن يقدم اعمالا مسرحية مصرية تعالج مشاكل المجتمع. وهام بالتمثيل حبا حتى تم فصله من البنك ومعه صديقه نجيب الريحاني.
اكتسب عزيز حرفة المسرح من الفرق الاجنبية التي كانت تقدم اعمالها في دار الأوبرا، وأحيانا على مسرح عباس مكان سينما كوزموا على ناصيتي عماد الدين وقنطرة الدكة (نجيب الريحاني حاليا). وخطا عزيز خطوة أخرى عندما انخرط في التمثيل باللغة العربية في الفرق السورية او الشامية عامة التي كانت قد استقرت في مصر هربا من الجمود في الشام، وكان أول من عمل معه عزيز القرداحي. ثم عمل بعد ذلك مع سليمان الحداد واسكندر فرح وغيرهما، ولم يكن عزيز عيد مقتنعا بالتمثيل الشامي للمبالغة في الصوت والحركات الغريبة في التمثيل، فكان أن هجر هذه الفرق وكون فرقة خاصة به، مارس بها الإخراج كما تعلمه من الفرق الفرنسية التي عمل بهاو ورغم انه كان ممثلا بارعا إلا أنه برع في الاخراج وانضم لفرقة الشيخ سلامة حجازي ممثلا ومخرجا على الطريقة الغربية في الاخراج، وكان من أعماله مع الشيخ سلامة حجازي عواطف البنين والتيتجان والكابورال سيمون والولدان الشريدان، والطواف حول الأرض اطائر الفن المحترق لصفاء الطوخي. واستعانت به بعض الفرق الأخرى لإخراج مسرحياتها مثل فرقة الشيخ أحمد الشامي الذي كان يملك فرقة جوالة تجوب أقاليم مصر وتقدم أعمالا مسرحية سبق لكبار الفنانين ان قدموها.
لقد جاء عزيز عيد بفكر جديد ورؤية ثاقبة وفهم عميق لرسالة المسرح فكان الرائد في هذا المجال بحق. ولا شيء يأتي مصادفة ولكن لابد من أن يكون هناك دراسة متعمقة وتجربة سابقة ودراية واعية حتى يأتي النجاح، وبطلنا هنا، درس المسرح نظريا عن طريق قراءة أمهات الكتب المسرحية باللغة الفرنسية التي أجادها كواحد من أبنائها كذلك دراسته للمسرحيات الفرنسية الكلاسيكية وكذلك روائع شكسبير فكان له رصيده الضخم من المعرفة النظرية، لكنه بدأ يعرف المسرح تجريبيا عندما أخذ يشترك بالتمثيل في بعض المسرحيات التي كانت تقدمها كبرى الفرق المسرحية الفرنسية على دار الأوبرا الملكية فعرف أسرار التمثيل من كبار فناني فرنسا في نهاية القرن الى 19 وبداية القرن العشرين، من هنا، كان عزيز عيد الفنان المخرج العظيم.
ويذكر أيضا أن عزيز عيد قد ضاق ذرعا بما يقدمه المسرح من مبالغات فأراد ان يقدم فنه للجاليات الأجنبية في مصرو فكون فرقة تمثل باللغة الفرنسية وضم اليها العديد من ممثلي ذلك الزمن الذين يجيدون الفرنسية مثل نجيب الريحاني وبشارة واكيم واستفان روستي.