جمال القرآن.. “سيجعل الله بعد عسر يسرا” بلاغة بشارة الله للمعسرين
فى القرآن الكريم روائع وصور جمالية، فبعض الآيات تحمل صورًا بلاغية وفنية رائعة، تجعل من القرآن نصًا إبداعيًا لما له من عذوبة الكلمات ومعانيها التى أسرت قلوب المؤمنين، بجانب قدسيته، التى جعلت منه معجزة النبى محمد صلى الله عليه وسلم إلى العالمين.
وواحدة من آيات القرآن الكريم، التى تحمل صورًا بلاغية رائعة، ونجد فيها تصويرًا فنيًا بديعًا: (لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ ۖ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ ۚ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا ۚ سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا) (الطلاق 7).
التفسير: لينفق الزوج مما وسَّع الله عليه على زوجته المطلقة، وعلى ولده إذا كان الزوج ذا سَعَة في الرزق، ومن ضُيِّق عليه في الرزق وهو الفقير، فلينفق مما أعطاه الله من الرزق، لا يُكَلَّف الفقير مثل ما يُكَلَّف الغني، سيجعل الله بعد ضيق وشدة سَعَة وغنى.
وقوله: (سيجعل الله بعد عسر يسرا) وعد منه تعالى، ووعده حق، لا يخلفه، وهذه كقوله تعالى: (فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا) [ الشرح: 5 ، 6]، وقد روى الإمام أحمد، حديثا يحسن أن نذكره ها هنا، فقال: حدثنا هاشم بن القاسم، حدثنا عبد الحميد بن بهرام، حدثنا شهر بن حوشب قال: قال أبو هريرة: بينما رجل وامرأة له في السلف الخالي لا يقدران على شيء، فجاء الرجل من سفره، فدخل على امرأته جائعا قد أصاب مسغبة شديدة، فقال لامرأته: عندك شيء؟ قالت: نعم، أبشر، أتاك رزق الله، فاستحثها، فقال: ويحك! ابتغي إن كان عندك شيء. قالت: نعم، هنيهة – ترجو رحمة الله – حتى إذا طال عليه الطوى قال: ويحك ! قومي فابتغي إن كان عندك شيء فائتيني به، فإني قد بلغت وجهدت. فقالت: نعم، الآن ينضج التنور فلا تعجل . فلما أن سكت عنها ساعة وتحينت أن يقول لها، قالت من عند نفسها: لو قمت فنظرت إلى تنوري؟ فقامت فنظرت إلى تنورها ملآن من جنوب الغنم، ورحييها تطحنان. فقامت إلى الرحى فنفضتها ، واستخرجت ما في تنورها من جنوب الغنم.