مشعر منى يحتضن حجاج بيت الله الحرام وسط منظومة متكاملة من الخدمات
سبقت الاستعدادات واكتمال التنظيم لمختلف الجهات العاملة في موسم حج هذا العام، وصول الحجاج إلى مشعر منى لقضاء يوم التروية، مرتكزة في جوهرها على عظم الشعيرة والمسؤولية التي تتشرف بها المملكة في خدمة ضيوف الرحمن.
وتقدر مساحة منى الشرعية بنحو 7.82 كم2، والمستغلة فعلاً 4.8 كم2 فقط، أي ما يعادل 61% من المساحة الشرعية، و39% عبارة عن جبال وعرة، ترتفع قممها نحو 500 م فوق مستوى سطح الوادي, وأنشئت الخيام بمشعر منى على أسس الأمن والسلامة والملائمة للمحيط العام، من خلال توفير 30 ألف رشاش لمكافحة الحرائق، وأكثر من 3 آلاف كاميرا مراقبة، وأكثر من 12 ألف سماعة للإرشاد والتنبيه، بالإضافة لأكثر من 15 ألف وحدة تكييف وتهوية.
وتتوفر في المخيمات دورات مياه، وأماكن للوضوء وسط المخيم، وتجهيزات توزيع الطاقة الكهربائية والمطابخ ، ومكبّا للنفايات، و خزانات خاصة لمياه الحريق على شكل أنفاق بأعلى الجبال بمنى تغذي شبكة إطفاء الحريق بأقطار مناسبة مع ما يلزمها من محابس وقطع، حيث بلغ إجمالي طول هذه الشبكة 100كيلو متر من المواسير، بأقطار تتراوح ما بين 250 مليمترا و700 مليمتر، تضم 800 محبس و740 فوهة للحريق.
وتبلغ أبعاد الخيمة النمطية 8 في 8 أمتار، كما استخدمت أيضاً خيام بمقاسات تتراوح ما بين 6 في 8 و12 في 8 أمتار، ويشتمل مشروع الخيام على شبكة للتكييف وخراطيم للمياه داخل المخيمات، وصناديق يحتوي كل منها على خرطوم بطول 30 مترًا، إضافة إلى طفايات للحريق موزعة بالممرات داخل المخيم بمعدل صندوق لكل 100 متر طولي للاستخدام عند الحاجة حتى وصول الدفاع المدني.
وتحيط بجموع الحجيج بمشعر منى خدمات طبية وعلاجية تتضمن 97 مركزاً إسعافياً تابعاً لهيئة الهلال الأحمر السعودي بأسطول يضم 320 سيارة إسعاف، و6 طائرات إسعاف جوي، و9 دراجات نارية و4 عربات جولف، إضافة إلى 4 عربات إمداد طبي، و16 عربة من الاستجابة النوعية، وسيارات خدمة لدعم العمل الإسعافي والإداري يباشرها 1288 كادراً طبياً.
وعلى امتداد مشعر منى وفّرت شركة المياه الوطنية كميات خزن تشغيلي واستراتيجي على مدار الساعة في المسجد الحرام والمنطقة المركزية والمشاعر المقدسة بمتوسط كميات تصل إلى (700) ألف متر مكعب يوميًا، مع استمرارية ضخ المياه إلى جميع أحياء مكة المكرمة بمعدل (22) ساعة يوميًا، إضافة إلى تشغيل محطات التعبئة (الأشياب) التابعة للشركة بمكة المكرمة بكامل طاقتها الاستيعابية، وذلك لتلبية طلبات الصهاريج للأحياء التي لا تتوفر فيها شبكات مياه خلال هذا الموسم، مؤكدًا أن الشركة ستواصل تنفيذ أعمالها تحقيقًا لأهدافها بتقديم جميع الخدمات للحجاج منذ قدومهم وحتى مغادرتهم.
ويعد مشعر منى ذا مكانة تاريخية ودينية، به رمى نبي الله إبراهيم – عليه السلام – الجمار، وذبح فدي إسماعيل عليه السلام، ثم أكد نبي الهدى – صلى الله عليه وسلم – هذا الفعل في حجة الوداع وحلق، وأستن المسلمون بسنته يرمون الجمرات ويذبحون هديهم ويحلقون.
ويشتهر المشعر بمعالم تاريخية منها الشواخص الثلاث التي ترمى، وبه مسجد “الخيف”، الذي اشتق اسمه نسبة إلى ما انحدر عن غلظ الجبل وارتفع عن مسيل الماء، والواقع على السفح الجنوبي من جبل منى، وقريباً من الجمرة الصغرى، وقد صلى فيه النبي – صلى الله عليه وسلم – والأنبياء من قبله، فعن يزيد بن الأسود قال: “شهدت مع النبي – صلى الله عليه وسلم – حجته فصليت معه صلاة الصبح في مسجد الخيف”، ومازال قائماً حتى الآن، ولأهميته تمت توسعته وعمارته في عام 1407هـ .
ومن الأحداث التاريخية الشهيرة التي وقعت في منى بيعتا العقبة الأولى والثانية، ففي السنة 12 من الهجرة كانت الأولى بمبايعة 12 رجلاً من الأوس والخزرج لرسول الله – صلى الله عليه وسلم -، تلتها الثانية في حج العام الـ 13 من الهجرة وبايعه فيها عليه السلام 73 رجلاً وامرأتان من أهل المدينة المنورة في الموقع نفسه، الذي يقع من الشمال الشرقي لجمرة العقبة، حيث بنى الخليفة العباسي أبي جعفر المنصور مسجد البيعة في عام 144هـ، الواقع بأسفل جبل “ثبير” قريباً من شعب بيعة العقبة، إحياء لهذه الذكرى التي عاهد حينها الأنصار رسول الله – صلى الله عليه وسلم – بمؤازرته ونصرته وهجرته والمهاجرين إلى المدينة المنورة .