آراء وتحليلات

القانون والتعويض عن الكوارث الطبيعية للدكتور / السيد مرسي

مايجرى من زلازل الحوز بالمغرب ومن سيول درنة فى ليبيا ، جعلنا نتناول بالحديث القانوني حول المسؤولية المدنية عن أضرار الزلازل والسيول والتي تقع تحت عنوان -الكوارث الطبيعية.

واذا كان الفقه والقضاء قد استقر على إرساء مبدأ المسئولية دون خطأ, وتعدد حالات وصور تلك
المسئولية, فما زالت توجد حالات كثيرة يتجرد فيها الضرر من أي ضمان ويفتقر فيها المضرور إلى جبر ضرره, غير أن بعض المجتمعات المتقدمة ـ بدافع ذاتي وتحت ضغط شعبي في بعض الحالات ـ لم تعد تسمح بوجود هذه الحالات غير الخاضعة لنظام التعويض, كون العدالة لاتكتمل إلاّ بمساعدة من يتعرض لضرر نشأ عن أسبابا طبيعية لا دخل للإنسان فيها وتتمثل في الزلازل والبراكين والأعاصير والفيضانات وغيرها من الظواهر الطبيعية,، وعند الحديث عن القانون المدنى المصرى والذى بمثابة مرجعية تاريخية لأغلب القوانين المدنية العربية ولا سيما الفانون المدنى الليبى والمغربى ،وان كان في المغرب سوف نجد بعض الاختلاف للتباين الثقافي لدول المغرب العربى .

وفى البداية يلزم تعريف مصطلح الكارثة الطبيعية ، من خلال كتاب تاج العروس من جواهر القاموس
“فالكارثة أصلها من الفعل كرث ، فيقال كرثه الأمر ويكرثة ،ساءت وأشتد عليه ، وقيل ما أكرثني هذا الأمر ، بمعنى لم يبلغ منى المشقة ، وكل مأثقلك فقد كرثك”. كما ان الكوارث الطبيعية هى التي تنشأ دون تدخل للإنسان في وقوعها وانما هي نتاج تغير حاد في الطبيعة مخلفة أضرارا جسيمة في الارواج و الممتلكات كما هوالحال بالمغرب ولبيا وغيرها من البلدان الأخرى وكذلك ،الأعاصير وحريق الغابات ،والتعريف القانوني الجامع جاء في كتاب الوسيط للعلامة الفقيه عبد الرزاق السنهورى -تشمل كل حدث لا يمكن توقعه ويستحيل دفعه سواء أكان مصدره عوامل الطبيعة كالأمطار والفيضانات والزلازل والبراكين … الخ “.

وقد أشارت المادة 37 من قانون البيئة المصرى رقم 4 لسنة 1994والمنشور بالجريدة المصرية بالعدد
الخامس في 1994/2/3، وقد حدد المشرع من خلال تعديل مدونة التأمينات على ضمان التأمين ضد الوقائع الكارثية الناتجة عن العوامل الطبيعية غير المتوقعة، خصوصا الفيضانات والزلازل ذات الخطورة الشديدة والمفاجئة، مضيفا إلى ذلك ”الفعل العنيف الذي يكون ذا طبيعة إرهابية، أو على شكل فتنة أو اضطراب شعبي، عندما تشكل آثاره خطورة شديدة بالنسبة للعموم، وكذلك بالقانون الليبى أوردت .“المادة رقم واحد من قرار تعويض المواطنين في حالات الكوارث الطبيعية والنكبات رقم 184لسنة 2012.

ويثار تساؤل حول الجهة المعينة قانونا والتي تقوم بتحديد جسامة الضرر وتعطيه صفة الكارثة ؟ والاجابة على هذا التساؤل تكون في الغالب من خلال المشرع الذى يقدم الحل من خلال تحديد جهة معينة

يتم اسناد هذا الامر اليها والتي تكون غاليا السلطة التنفيذية الحكومة  من خلال جهاز على وجه التحديد.

وفى هذا السياق نشير إلى أن عدد قليل من الدول التي تعتمد تشريعاً خاصاً لتعويض ضحايا الكوارث
الطبيعية ، فبعضها يعتمد نظام التأمين كأساس للمسئولية يقوم على خلق علاقات تعاقدية بين المؤمن لهم وشركات التأمين كما هو الوضع في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وإيطاليا واستراليا وهو الوضع الذي اختاره المنظم الفرنسي.

وأحياناً تلجأ الدولة إلى التعويض بواسطة مؤسسة عامة كأسبانيا وهولندا. كما أوجدت
دول أخرى نظاماً مختلطاً بين تدخل الدولة وعقد التأمين كما هو الوضع في اليابان لتعويض أضرار الزلازل
خاصة وبلجيكا وألمانيا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *