إزدواجية المعايير بين غزة وأوكرانيا
دكتور السيد مرسى
لا شك أن إستمرار إسرائيل لانتهاكاتها البشعة لحقوق الإنسان في فلسطين وقطاع غزة بوجه خاصة فيه خرق لكل قواعد حقوق الإنسان وقواعد القانون الدولي ، ما يؤكد على ضرورة تحمل إسرائيل المسؤولية الدولية الكاملة وفقا للشروط المنصوص عنها في قواعد القانون الدولي، والمسؤولية الجنائية الفردية الدولية لقادتها السياسيين والعسكريين، مما يوجب متابعتهم ومحاكمتهم وتوقيع العقاب عليهم تحقيقا لمقتضيات العدالة، ووفقا للأساس القانوني المنصوص عنه في المادة 227 من معاهدة فرساي 1919 التي طبقت على مجرمي الحرب الألمان واليابانيين، باعتبارهم مجرمي الحرب في نورمبورج وطوكيو ، وهذه الجرائم نفسها ترتكب في الأراضي الفلسطينية يوميا وخاصة في قطاع غزة.، فالمشكلة هنا ليست في رصد الجرائم وإنما في محاكمة مرتكبيها ، وهنا يثور تساؤل حول الممارسة الفعلية للمحكمة الجنائية الدولية من خلال الدور الذي أنشئت من أجله وهو ملاحقة ومحاكمة مجرمي الحرب ومنتهكي قواعد القانون الدولي الإنساني ؟ وللإجابة على هذا التساؤل : سنجد أن العدوان الإسرائيلي الغاشم على الأبرياء في غزة أعطى دروسا لرجال القانون والساسة والعامة والدرس الأهم هو ازدواجية المعايير لدى الغرب وحديثه صباح مساء عن القيم الإنسانية والحقوق والحريات والتي يتباهى بها واظهر تفضيلًا غير مشروط لإسرائيل المعتدية على حساب فلسطين المعتدى عليها ، فالكيل بمكيالين أيضا يُعدّ انتهاكًا لمبدأ العدالة المعروفة باسم الحياد.
وقد نشر المرصد الأورومتوسطى لحقوق الإنسان فى 25 أبريل 2022، تقريرًا وثق فيه إزدواجية معايير المجتمع الغربي بالسياسات التمييزية التي تمارسها الدنمارك ضد اللاجئين غير البيض مثل السوريين والأفغان حيث قامت الحكومة الدنماركية بافتتاح عيادات طبية جديدة مخصصة لعلاج اللاجئين الأوكرانيين دون غيرهم، و اصدرت محكمة العدل الدولية مذكرة التوقيف بحق الرئيس الروسي بوتين على خلفيّة حربه مع أوكرانيا ، ومن خلال مقارنة صغيرة لأنماط التصويت في الجمعية العامة للأمم المتحدة يظهر بوضوح رغبة العديد من الدول الغربية في محاسبة روسيا فى حربها مع أوكرانيا في نفس الوقت يقومون بحماية إسرائيل من المساءلة عن نفس الأفعال ، وبالمثل في غضون عام واحد، أصدر قضاة المحكمة الجنائية الدولية مذكرات توقيف بحق قادة روس، فماذا فعل كريم خان المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية والذى لم يتحرك ولم يضع لائحة بأسماء مجرمي الحرب الإسرائيليين ومثولهم أمام المحكمة والتحقيق معهم وملاحقة كلا من نتنياهو و يواف غالانت و إيتمار بن غفير أمام الجنائية الدولية، لقيامهم بالقتل الجماعي والتحريض على العنف ، بالإضافة إلى جرائم حرب باستخدام أسلحة محرمة دوليا كالقنابل الارتجاجية والعنقودية لضرب المدارس والمستشفيات والأطفال والنساء والمدنيين.
نأمل أن تتخلص المحكمة الجنائية الدولية من الهيمنة الغربية وأن ينبثق عنها قرارات تكون لها تأثير على المجتمع الدولي الذى يكيل بمكيالين ويتعامل بازدواجية في القضايا التي تمس فلسطين، وهذه صرخة للدول العربية والصديقة أن تعيد النظر بتبني القضية الفلسطينية بحق ويقين على أسس قواعد العدل والمساواة
الى اللقاء : دكتور السيد مرسى