الذكاء الاصطناعي والقانون
دكتور/ السيد مرسى
كثر الكلام عن الذكاء الاصطناعي الامر الذى جعلنى أذهب صوب هذا المحرك المؤسس لعالم جديد نحو الثورة الصناعية الرابعة التى أحدثت تغييرا جذريا فى حياة البشر من خلال التطور المذهل للتكنولوجيا واستخدامات الروبوتات المتعددة والذكاء الاصطناعي يمثل أهم مخرجات هذه الثورة الصناعية ، ووجدت ضالتى من خلال بحث منشور بعنوان المسئولية عن الذكاء الاصطناعى بين القانون العام والخاص للدكتور محمد عبد اللطيف بجامعة المنصورة وفيه يقول ” لا يوجد تعريف واحد أو محدد للذكاء الاصطناعى ، والتعريف الواسع أو مفصل للذكاء الاصطناعى بأنه : نظم برمجيات وربما أجهزة صممها البشر ذات هدف معقد ، وتعمل في العالم الحقيقى أو الرقمى من خلال إدراك البيئة ، بواسطة الحصول على المعلومات ، ومن خلال تفسير البيانات المهيكلة أو غير المهيكلة المجمعة ، وتطبيق تحليلى على المعارف أو معالجة المعلومات المستمدة من تلك البيانات ، وتقرير الإجراء أو الإجراءات الأفضل الواجب إتخاذها من أجل تحقيق هدف معين ، ويمكن لنظم الذكاء الإصطناعى إما استخدام قواعد رمزية ، او تعلم نموذج رقمى ، كما يمكنها أيضا تكييف سلوكها من خلال تحليل كيفية تأثير البيئة بإجراءاتها السابقة – ومع ذلك يمكن تعريفه في إطار هذا الموضوع بأنه الإمكانية التي تتمتع بها بعض الآلات باستخدام عمليات معرفية تشبع العمليات التي يقوم بها الانسان ” .
وفى هذا السياق يتبادر بالذهن هل يفيدنا الذكاء الاصطناعي في تطوير النظام القضائي؟ قام بالإجابة على هذا السؤال Michael Ashley والذى قام بعمل لقاء مع أحد خبراء الذكاء الاصطناعي للاستفسار عن دور وتأثير الذكاء الاصطناعي على النظم القضائية ويمكن تلخيص الإجابة في تعبير المحامي الشهيرTom Girardi ” سيكون له دور فعال في النظام القضائي من أهمها، أن النظام القضائي الحالي يسيطر عليه بشكل غير واضح المساعدين والباحثين القانونيين، لأنهم من يقومون بالبحث والاستكشاف واحياناً تفسير المعلومات، وهذا من شأنه زيادة سعر أتعاب المحاماة، كما يساعد الذكاء الإصطناعي في سرعة البحث هذا ما يساعد في تخفيف الاعباء على النظام القضائي، ومن ناحية أخرى يمكن توكيل بعض المهام الاضافية للذكاء الإصطناعي مثل مقابلة العملاء وجمع المعلومات بشكل صحيح منهم، فيرى علماء النفس أن الأنسان قد يكون صادقا وأكثر حرية عندما يتحدث إلى آلة لأن الآلات لن تحكم عليهم، لكن بالطبع لن يحل الذكاء الإصطناعى محل كل وسائل جمع المعلومات فأحيانا تكون المناقشات أكثر فاعلية، ومع ذلك يساعد الذكاء الإصطناعى في عمليات الاستجوابات والمناقشات في تقصي ردود أفعال الشهود والمجرمين في كل مرة يتحدثون فيها ومقارنة ذلك دائما للوصول إلى أفضل نتيجة وكذلك يرى المحامي توم جيرارجي ان شركات المحاماة التي تقتصد في الانفاق على الذكاء الإصطناعى خوفاً من زيادة النفقات عليها تضيع فرصة عظيمة للتفوق على منافسيها، فكلما بدأوا أسرع، كان لهم ميزة استراتيجية تمنحهم التفوق لحل أى نزاع بشكل أسرع. وتطرق أيضاً إلى فكرة تقليل عدد ساعات العمل سوف يؤثر علي دخل المحامي، فالمحامي كان يعمل على القضية لعدد معين من الساعات يضرب في معدل الساعة لدية، لإن الذكاء الإصطناعى يقلل عدد الساعات لأكثر من النصف. هذا التخوف موجود عند كثير من المحامين، لكن إذا نظرنا لها من حيث الجودة فقليل عدد الساعات سوف يؤثر بشكل جيد على فاعلية العمل مما يزيد فرص تكرار تعامل العميل مع مكتبك، وأيضا ذهب Girardi”إذا كان بإمكان المحامي استخدام الذكاء الاصطناعي للفوز بقضية والقيام بذلك مقابل أقل من شخص لا يمتلك الذكاء الاصطناعي، فمن برأيك من سيختار العميل العمل معه في المرة القادمة؟؟؟
وفى رأى أخير نتفق معه يقول Song Richardson ، عميد كلية الحقوق بجامعة كاليفورنيا في إيرفين ، بشأن هذا الاحتمال. “لماذا يصبح الشخص محامياً أو قاضياً؟ من المؤكد انها ليست الرغبة في أن تكون ترساً في ماكينة العدالة، ويعبر عن التقصير في منح الاهتمام اللازم للأفراد بسبب كثرة القضايا، كل هذا يشير إلى شئ خاطئ في النظام القضائي ونظام العدالة لدينا فكيف نكون مقصرين في الاهتمام ونتجه لحوسبة القضاء والنظام العدلي وقال ” إن الاتجاه لاستخدام الذكاء الصناعي في النظام العدلي ليس عدلاً، بل العكس”
تخيل معى عزيزي القارئ ما هو قادم: عندما تبدأ السيارات ذاتية القيادة في الوقوع في الحوادث، من الذي يعتبر مسؤولاً؟ صاحب السيارة؟ أم المصنع؟ أم مصمم البرمجيات؟ الحقيقة أمام هذه المعضلة سنكون أمام قضايا معقدة بسبب التكنولوجيا غير المسبوقة، وهذا يعطى للمحامين الثابتين إنذار ويوحى بالحاجة إلى المزيد من المحامين، ولكن ليس فقط أي نوع من المحامين. نحن بحاجة إلى أولئك القادرين على فهم مجتمع سريع التطور من خلال مشرع يقوم بتعديل التشريعات القانونية والإعلامية بما يتفق مع استخدام تقنيات الذكاء الإصطناعى وخاصة تقنية صحافة الروبوت والمذيع الروبوت، وتحديد المسئولية فى حالة خرق القوانيين والقواعد الإعلامية أو عدم مراعاة ميثاق الشرف الإعلامي
وإلى اللقاء : دكتور/ السيد مرسى