جراسيموس توماس مدير اتحاد الضرائب والجمارك الأوروبي يكتب: التعاون المناخي بين الاتحاد الأوروبي ومصر يعزز النمو المستدام
تمر العلاقات الاقتصادية بين مصر والاتحاد الأوروبي بأقوى عصورها، فلقد نمت التجارة الثنائية بين مصر والاتحاد الأوروبي نمواً مطرداً على مدار العشرين سنة الماضية أربعة أضعاف من 8.6 مليار يورو في عام 2022 إلى 37.2 مليار يورو في عام 2023، إذ يستأثر الاتحاد الأوروبي بنسبة 22% من تدفقات مصر التجارية الكلية.
وفي زمن التحديات الجسام، اتفقت مصر و الاتحاد الأوروبي في شهر يناير من هذا العام على تكثيف الجهود المشتركة في مجموعة كبيرة من القضايا الاستراتيجية – بما في ذلك تعزيز تنسيقنا بشأن تغير المناخ. وفي الواقع، يمكن أن يلهم دور مصر، بوصفها قائدة إقليمية، الآخرين نحو إزالة الكربون الصناعي و إثبات أنه من الممكن أن يسير الاستثمار الأخضر جنبا إلى جنب مع الاستقرار الاقتصادي والنمو.
وفي أوروبا، بعد أن خفضنا بالفعل انبعاثات الغازات الدفيئة بمقدار الثلث بين عامي 1990 و2022، نعمل على تحقيق هدف مؤقت يتمثل في خفض الانبعاثات بنسبة 55٪ بحلول عام 2030. وفي الأسبوع الماضي، حددت المفوضية الأوروبية مسارات أخرى للوصول إلى خفض بنسبة 90٪ بحلول عام 2040. مقارنة بعام 1990. وقد التزم الاتحاد الأوروبي قانونا بتحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2050.
وكجزء من هذا الالتزام، حددنا تسعير الكربون باعتباره أداة مهمة وفعالة لدفع عجلة التحول للوصول لصافي انبعاثات صفري، بما يتماشى مع مبدأ الملوث يدفع. ونحن نرحب بأن أكثر من 50 ولاية قضائية حول العالم تستخدم أيضًا شكلاً من أشكال تسعير الكربون وأن عددًا متزايدًا يفكر في خيارات فرض ضريبة على الكربون.
تتطلب عملية إزالة الكربون على مستوى العالم إجراء تغييرات كبيرة على المجتمع وجميع الصناعات، ولا سيما القطاعات كثيفة الاستهلاك للطاقة. في الماضي، ساعدنا صناعة الاتحاد الأوروبي على التكيف من خلال إصدار بدلات مجانية لبعض القطاعات كثيفة الاستهلاك للطاقة بموجب نظام تداول الانبعاثات لدينا. ويجري الآن التخلص التدريجي من هذه البدلات بمعدل أسرع، لا سيما بالنسبة للقطاعات الأكثر كثافة في استخدام الطاقة حيث سيتم التخلص التدريجي منها بالكامل بحلول عام 2034.
ولكن إذا كان لأدوات التخفيف الخاصة بنا أن تستمر في أدائها، فلا ينبغي ببساطة إعادة إنتاج الانبعاثات في أماكن أخرى. يجب علينا تجنب خطر تسرب الكربون. وهنا يأتي دور آلية تعديل حدود الكربون التابعة للاتحاد الأوروبي (CBAM).
إلا أنه إذا ما واصلت آلياتنا لتسعير الكربون العمل، ينبغي أن تجف منابع الانبعاثات في المناطق الأخرى. وهنا، تأتي آلية الاتحاد الأوروبي لتعديل حدود الكربون. إذ ستضمن أن يدفع مستوردو السلع التي تسبب أعلى معدل تلوث الأوروبيون سعرا كربونيا مماثلا إذا ما لم يسدد بالفعل نفس السعر عن الكربون المنبعث في الدولة المنتجة.
وتُعَد أوروبا مستورداً صافياً للقطاعات التي يغطيها برنامج CBAM ــ الأسمنت، والحديد والصلب، والألمنيوم، والأسمدة، والكهرباء، والهيدروجين ــ ومن المتوقع أن ينمو الطلب مع إيجاد المزيد من المنتجات المستدامة طريقها حتماً إلى أسواق الاتحاد الأوروبي. تتعرض مصر لآلية تعديل حدود الكربون بنسبة عالية، فتشمل الآلية تقريبا 20% من الصادرات إلى الاتحاد الأوروبي، و بعض القطاعات تتعرض للآلية بدرجة عالية. فعلى سبيل المثال، تُوَجَه 79% من صادرات الألومنيوم المصري للاتحاد الأوروبي.
والآن وفي مرحلته الانتقالية، سيتم تطبيق CBAM ماليًا على الواردات اعتبارًا من عام 2026، مع خصم أسعار الكربون الفعلية أو الضرائب المدفوعة في مصر من السعر المدفوع على الاستيراد. ومن الممكن أن تولد مثل هذه التدابير أيضًا إيرادات كبيرة للمساعدة في تحفيز الاستثمار في التقنيات النظيفة وتمويل العمل المناخي والدعم الاجتماعي.
وبينما يصبح المنتجون المصريون أكثر توافقًا مع معايير الكربون الدولية – على سبيل المثال من خلال تلك الناشئة من المنتديات الدولية ذات الصلة مثل نادي المناخ لمجموعة السبعة والذي نحن أعضاء فيه – فإنهم يزيدون من جاذبيتهم بالنسبة للاتحاد الأوروبي والأسواق الأخرى. كما تجد المؤسسات المالية الدولية أنه من الأسهل تمويل الاستثمار في الشركات والمشاريع المستدامة.
ولا تنطلق كل البلدان ولا الأعمال من نفس نقطة البداية، لهذا فإننا نشارك مع دول وصناعات من خارج الاتحاد الأوروبي، بما في ذلك مصر في هذا الأسبوع، لشرح منطق آلية تعديل حدود الكربون والقيمة المضافة لخططهم المناخية. كما أننا نكثف عمليات الدعم المناخي وبناء القدرات وذلك من خلال البرامج الثنائية مع مصر على سبيل المثال، إذ يُخَصَص 50% من التمويل المقدم بالفعل لمشروعات تتصل بالمناخ.
وسنقدم منهجية منقحة لحساب الانبعاثات الكامنة ورفع تقرير عن توسعة مظلة الآلية لتشمل منتجات أكثر والانبعاثات غير المباشرة و (المعروفة باسم “النطاق الثاني”) بحلول منتصف عام 2025. ويسعدنا أن نرحب رسمياً بانضمام مراقب مصري لهذا العمل.
وإنه لجلي أن كافة الدول لها دور أساسي عليها أن تؤديه في مجمل المجهودات العالمية للحد من تغير المناخ. فمن خلال التعاون الدولي، يمكن أن نُحْكِمَ، معاً، الآليات التي نستخدمها للوصول إلى صناعة أكثر استدامة تدعم اقتصادات مستدامة وحديثة.