أخبار الفن

تحت شعار الأفلام تتحد والكراهية تفرق.. إطلاق مهرجان برلين السينمائي وسط أجواء سياسية

ثلاث مظاهرات قبل حفل الافتتاح تطالب بالدفاع عن الديمقراطية والوقوف ضد الهجوم على حياة الشعب الفلسطينى ووقف فوري لإطلاق النار والدعوة إلى إطلاق سراح جميع الرهائن

فرضت الأحداث السياسية نفسها على لحظة انطلاق مهرجان برلين السينمائى حفل، الذى افتتح دورته الرابعة والسبعين أمس الأول بقصر البرلينالي، بحضور حشد كبير من نجوم وصناع السينما العالمية.. فكما شهد الحفل أجواء فنية مدهشة بالعرض العالمي الأول للفيلم الأيرلندي البلجيكي “أشياء صغيرة مثل هذه Small Things Like This” للمخرج تيم ميلانتس وبطولة كيليان مورفي، نجم اوبنهايمر والذى ينتظر التتويج بالأوسكار خلال مارس المقبل، وإيلين والش وإيميلي واتسون وكلير دان وليادان دونليا وزارا ديفلين، شهد ايضا أجواء سياسية ساخنة حول سفك الدماء فى الشرق الأوسط بما يحدث فى فلسطين والحرب في أوكرانيا التي تدخل عامها الثالث واليمن وإيران و فى ألمانيا نفسها،وصعود الأحزاب اليمينية المتطرفة في جميع أنحاء أوروبا.

وكذلك تضمن المشهد احتجاجات سبقت حفل الافتتاح، بدءا من مشاكشات المؤتمر الصحفي للجنة التحكيم ومرورا لنزول ثلاث مجموعات من المتظاهرين إلى ساحة بوتسدامر التى يقام بها المهرجان قبل بدء احتفالات ليلة الافتتاح.

شهدت المجموعة الأولى حوالي 50 من العاملين في صناعة السينما يسيرون على السجادة الحمراء ممسكين بأيديهم. ثم أشعل المتظاهرون مصابيح هواتفهم اليدوية وهتفوا “دافعوا عن الديمقراطية!” بينما تم عرض نفس العبارة على شاشة قصر المهرجان الكبيرة. وتم إيقاف موسيقى السجادة الحمراء لهذه المناسبة.

وارتدى المتظاهرون دبابيس كتب عليها “الأفلام تتحد والكراهية تفرق”. وكان منظمو المهرجان قد خططوا لهذه المظاهرة لتسليط الضوء على قرارهم بإلغاء دعوة أعضاء الحزب السياسي اليميني المتطرف “البديل من أجل ألمانيا ” من خلال سحب الدعوة،ووضع المهرجان نفسه بوضوح في مواجهة التطرف اليميني في ألمانيا.

وقال المنظمون “في ليلة الافتتاح، يدعو مهرجان برلين مجموعة من صانعي الأفلام إلى السجادة الحمراء لاتخاذ موقف من أجل الديمقراطية والتنوع والعمل الجماعي السلمي”.

في مكان آخر من ساحة بوتسدامر، نظمت مجموعتان أخريان احتجاجات – إحداهما تضم ​​مجموعة من العاملين في مجال الفن يرفعون لافتات كتب عليها “لا مقاعد للفاشيين في أي مكان”، وأخرى نظمها عمال صناعة السينما الذين طالبوا بظروف عمل أفضل، وبفك القيود الحالية المفروضة على حرية التعبير، وعبر البيان عن رغبة العمال في الارتقاء بالمهرجان إلى مستوى أعلى بالتعبير عن الوقوف ضد الهجوم على الحياة الفلسطينية.

وأوضح أن “منصة دولية مثل مهرجان برلين ونحن من خلال أدوارنا كمبرمجين ومستشارين ومشرفين وميسرين وأصحاب مساحات جنبا إلى جنب مع المزيد من العاملين في المهرجان يمكننا بل ويجب علينا التعبير عن معارضتنا الهجوم الحالي على الحياة الفلسطينية، إننا ننضم إلى حركة التضامن العالمية للمطالبة بوقف فوري لإطلاق النار والدعوة إلى إطلاق سراح جميع الرهائن”.

وقد ارتدت الممثلة وعارضة الأزياء بابيس لوحة حول جسدها تحمل لافتة كتب عليها “لا للعنصرية! لا لحزب البديل من أجل ألمانيا!».يصرخ ممثلون مثل جيلا هاس وهم يرفعون هواتفهم المحمولة إلى السماء مثل الشموع.

علقت المنتجة الدنماركية كاترين بورس لافتة على الجزء الخلفي من فستانها الأسود كتب عليها “وقف إطلاق النار الآن!”. وقد وضع الأخوان لاس، اللذان ينظمان حفل برلينالة السنوي، شعار “لا لقائمة الضيوف، لا للهراء، لا لحزب البديل من أجل ألمانيا” في دعوتهما.

وعلى ساحة مسرح الافتتاح، أكد مديرا المهرجان الحاليان مارييت ريسنبيك وكارلو شاتريان، اللذان يديران المهرجان للمرة الخامسة والأخيرة، على الطابع الجاد للحدث، وأشارا إلى أن المهرجان ينحاز للديمقراطية وادانا الحرب المستمرة في الشرق الأوسط، ومعاناة المدنيين في إسرائيل وغزة وأوكرانيا وإيران والسودان، بالإضافة إلى الزلزال الذي ضرب تركيا. و التهديد الذي يواجه بلدنا من الكلمات والأفعال اليمينية المتطرفة التي تعرض تعايشنا المشترك للخطر بشكل متزايد.

وقالت مارييت ريسنبيك وسط موجة من التصفيق: “إن برليناله بها مساحة كبيرة للحوار بين الناس والفن. لكن ليس هناك مكان للكراهية.. الكراهية ليست على قائمة ضيوفنا”.

وفي خطبتها المؤثرة على المسرح، شددت وزيرة الثقافة والاعلام الألمانية كلوديا روث على آلام الإسرائيليين الذين عانوا من الهجوم الذي شنه حماس على الناس الذين يعيشون بسلام، ولكنها في الوقت نفسه قالت: “أحذر من أن تعاطفنا يجب أن يتوجه إلى جميع الناس، بما في ذلك المدنيين في قطاع غزة. هذه المنطقة تحتاج إلى حل سلمي.

فى كلمتها التى تعتبر بمثابة رسالة قوية تطرقت للحرب الاوكرانية ومواقف بوتين الغير مريحة بالإضافة إلى إيران وقالت: “إنهم يريدون الكراهية والقبح”.

وأشارت روث إلى أن المهرجان منفتح على العالم ورئيسة لجنة التحكيم من السنغال.

وكان إلغاء دعوة برلين لأعضاء حزب البديل من أجل ألمانيا موضوعًا ساخنًا في المؤتمر الصحفي للجنة التحكيم الدولية،حيث سُئلت الرئيسة لوبيتا نيونجو عما إذا كانت ستظل حاضرة في حفل الافتتاح لو بقيت دعوة السياسيين.

وأجابت “أنا أجنبية هنا، لا أعرف خصوصيات وعموميات الوضع السياسي هنا، وان أنا لست مضطرة لأن أكون في هذا الموقف.وقالت لوبيتا إن المهرجان الأكثر سياسية من بين المهرجانات السينمائية الدولية الكبرى يستعد لدورة أكثر “حرارة” من المعتاد،

لكن عضو لجنة التحكيم المخرج الألماني كريستيان بيتزولد، كان له وجهة نظر مختلفة.وقال: “أعتقد أنه لا توجد مشكلة في وجود خمسة أشخاص من حزب البديل من أجل ألمانيا بين الحضور”. “نحن لسنا جبناء. إذا لم تتمكن من قبول خمسة أشخاص من حزب البديل من أجل ألمانيا كجزء من الجمهور، فسوف نخسر معركتنا”.

فى الواقع، في الجزء الأول من أمسية الحفل، حاول الثنائي هادنت تيسفاي وجو شوك، مذيعات الحفل نشر حالة مزاجية جيدة، والترحيب بضيوف الأمسية المرشحين لجائزة الأوسكار (كيليان مورفي، وكريستيان فريدل، وفيم فيندرز، وإخراج تصريحات إيجابية من النجوم وعندما سئل مورفى عما إذا كان سيكون أكثر سعادة بشأن جائزة الأوسكار أو الدب الذهبي، أجاب دبلوماسيا: “هل يمكنني الحصول على كليهما؟”

وقام مورفى وباقي أبطال الفيلم ومعهم المنتجون مات ديمون وألان مولوني بتقديم العمل الجديد لجمهور حفل الافتتاح وسط ترحيب كبير وتصفيق استمرّ دقائق عقب عرض الفيلم الذى سينافس ايضا ضمن المسابقة الرسمية، وهو مستوحى من كتاب يحمل نفس الاسم للكاتبة الأيرلندية كلير كيجان الحائزة على جوائز عدة،و تدور أحداثه خلال عيد الميلاد فى عام 1985، عندما اكتشف الأب المخلص وتاجر الفحم بيل فورلونج (مورفي)، أسرارًا مذهلة تُخفى من قبل دير في بلدته، إضافة إلى بعض الحقائق المدهشة عن نفسه.

أحداث الفيلم تسير على خلفية مغاسل ماجدالين الأيرلندية، وهي مصحات تديرها مؤسسات الروم الكاثوليك من عشرينيات القرن التاسع عشر حتى عام 1996، والتي من المفترض أنها أنشئت لإصلاح “النساء الساقطات” – وهو مصطلح يشمل الأمهات غير المتزوجات والنساء اللاتي يعتبرن غير شرعيات، جنسيًا. يتعرضون للإيذاء أو يعتبرون عبئا على أسرهم.ويجمع الفيلم بين المخرج البلجيكي ميلانتس ومورفي، اللذين سبق لهما العمل معًا في الموسم الثالث من الدراما التلفزيونية” الأقنعة الهزيلة.

وقال المدير الفني للمهرجان كارلو شاتريان : “في الفيلم يتناول المخرج تيم ميلانتس قصة رجل لا يتحدث كثيراً، عيونه كبيرة، واضحة مثل سماء أيرلندا”، مضيفاً :”نحن واثقون من أن هذه القصة التي تجمع بين اللطافة المفرطة والإرادة لمحاربة الظلم ستجذب انتباه الجميع. نحن نتطلع إلى إطلاق هذا الفيلم الاستثنائي، احتفالًا بالثقافة الأيرلندية في ألمانيا”.

حضر الافتتاح وزير الدولة للثقافة والإعلام، كلوديا روث،وعمدة برلين الحاكم كاي فيجنر، وترشيا تاتل رئيس المهرجان وخلال حفل الافتتاح، تم تقديم لجنة التحكيم الدولية برئاسة الممثلة والمخرجة والمنتجة الكينية المكسيكية لوبيتا نيونجو، والممثل والمخرج برادي كوربيه من الولايات المتحدة والمخرجة آن هوي من هونغ كونغ والمخرج الألماني كريستيان بيتزولد والمخرج الإسباني ألبرت سيرا والممثلة والمخرجة الإيطالية جاسمين ترينكا والكاتبة الأوكرانية أوكسانا زابوزكو.

وقالت لوبيتا نيونجو “يشرفني بشدة أن أكون رئيسًا للجنة التحكيم الدولية لمهرجان برلين السينمائي الدولي.. إنني أتطلع إلى الاحتفال والاعتراف بالعمل المتميز لصانعي الأفلام من جميع أنحاء العالم.

واصطف المئات من الجماهير وعشاق السينما حول السجادة الحمراء يحيون مورفي ولوبيتا
بحرارة ويلتفون حولهما.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *