عميد كلية الفنون بالمملكه العربيه السعوديه منى الدكتوره مني المالكي تشارك في المنتدى العالمي الثالث لثقافة السلام العادل بالقاهره
هناء السيد
شاركت الدكتوره مني المالكي عميد كلية الفنون بالمملكه العربيه السعوديه في المنتدى العالمي الثالث لثقافة السلام العادل من أجل التنمية بالقاهره
وخلال الجلسه الثانيه استعرضت د المالكي
– تفعيل دور المؤسسات غير الحكومية في التنمية
وقالت ظهرت المنظمات غير الحكومية Non-Governmental Organization(NGOs) نتيجة تحولات وتغييرات متعددة والتي فرضت بذلك واقعا جديدا على العالم المعاصر على مختلف جوانب الحياة الاجتماعية و الثقافية والسياسية والاقتصادية ، فمن المطالبة بالديمقراطية مرورا بالرأسمالية وصولا إلى ثورة غير مسبوقة في تاريخ البشرية متمثلة في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، بدأ استخدام تعبير منظمة غير حكومية مع انشاء هيئة الأمم المتحدة عام ١٩٤٥م حيث نصت لائحة الهيئة على الدور الاستشاري للمنظمات غير الحكومية وغير المنتمية لأي من الدول والأعضاء ( Kurten 1990).
فأصبحت هذه المنظمات قوة فعالة على مستوى الدول بل وصلت إلى حد التدخل في قرارت الحرب والسلام وسيادة بعض الدول التي تحتاج إلى مثل هذا الدعم من هذه المنظمات الدولية حيث عادلت مواردها وخبراتها الحكومات، يذكر تقرير الأساكو (٢٠٠٣) أن المنظمات غير الحكومية حظيت باهتمام كبير على المستوى الدولي، اعترافا بدورها التنموي ودورها كذلك في مجال العلاقات بين الدول والشعوب.
ونجد هذا الاهتمام واضحا في المؤتمرات الدولية والإقليمية التي تشارك فيها هذه المنظمات وفي التأثير الذي تحدثه يتمثل ذلك إفراد بنود خاصة بها في البرامج الدولية والإقليمية المختلفة مثل مؤتمر القمة العالمي للتنمية الاجتماعية، مؤتمر بكين المعني بالمرأة، ومؤتمر الأمم المتحدة للإسكان، وفي ظل التحولات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي يمر بها المجتمع الدولي والإقليمي والمحلي، لا يمكن تصور هذه المجتمعات بدون منظمات غير حكومية تقوم بدور أساسي وفاعل في التنمية، فيجب دعم هذه المنظمات، والتعاون معها، بالإضافة إلى اتخاذ اللازم حتى لا يتم استثمار بعض من هذه المنظمات في دور سياسي يضر بمصالح الدولة ومسيرتها التنموية . ومن ثم يصبح نجاح المنظمة غير الحكومية رهناً بقدرتها على تعظيم عوامل القوة وتقليل مواطن الضعف.
وستتناول ورقتي كيفية تفعيل هذه المنظمات غير الحكومية دوليا وإقليميا ومحليا لتحقيق التنمية والسلام العادل داخليا وخارجيا، من خلال المحاور التالية:
أولاً: مفهوم المنظمات غير الحكومية ونشأتها.
ثانياً: تفعيل دور المنظمات غير الحكومية في التنمية.
ثالثاً: واقع المنظمات غير الحكومية (القطاع غير الربحي) في المملكة العربية السعودية.
رابعاً: خاتمة
أولاً: مفهوم المنظمات غير الحكومية ونشأتها.
تناول العديد من الكتاب والباحثين في المجال الحقوقي والاجتماعي والثقافي مفهوم المنظمات غير الحكومية. وعلى الرغم من ذلك لا يوجد تعريف متفق عليه من قبل الباحثين، وإنما تعددت التعريفات والتسميات التي تطلق على هذه المنظمات “فهناك مصطلحات وتعبيرات أخرى يجري استعمالها للإشارة إلى هذه الأنواع من المنظمات، إذ لا يوجد اتفاق حول مصطلح واحد وذلك بسبب اختلاف السياقات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية والقانونية بين الدول”(2). ولهذا يوجد العديد من المصطلحات مثل “المنظمات غير الربحية”، “المنظمات الأهلية”، “المنظمات التطوعية”، “منظمات المجتمع المدني”، و”المنظمات غير الحكومية”.
كما عرفها Jacques Fontamel بأنها “مجموعة تجمع حركة، مؤسسة تنشأ ليس باتفاق بين الدول، ولكن بمبادرة خاصة أو مشتركة تجمع أشخاص طبيعيين أو معنويين خواص، أو عموميين من جنسيات مختلفة للقيام بنشاط دولي، أي أنها تمتد لدول متعددة وليس لها طابع ربحي.
وأضاف ثالث بأنها “مجموعات طوعية، لا تستهدف الربح، ينظمها مواطنون على أساس محلي أو وطني أو دولي. وعندما تكون عضوية المنظمة أو نشاطها مقصوران على بلد معين، تعتبر منظمة غير حكومية وطنية، أما إذا تجاوزت أنشطتها حدود البلد المعنى، فتصبح منظمة غير حكومية دولية. ومن بين المنظمات غير الحكومية الدولية المعروفة “أطباء بلا حدود”، و”هيئة العفو الدولية”، و”منظمة رصد حقوق الإنسان”، و”أوكسفام” إلخ. أما المجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة، فيستعمل تعريفاً مختصرًا سلبياً يفيد بأن المنظمة غير الحكومية الدولية هي” أي منظمه دولية لا تنشأ باتفاق بين الحكومات” مقارنة للمنظمات الدولية الحكومية “التي تنشأ نتيجة لاتفاقات تعقد بين الحكومات.
ويعرفها البنك الدولي تعريفاً رسمياً للمنظمات غير الحكومية عموماُ مفاده أنها “منظمات خاصة مستقلة جزئياً أو كلياً عن الحكومات، وتتسم بصورة رئيسية بأن لها أهدافاً إنسانية أو تعاونية أكثر من كونها أهدافاً تجارية، وتسعى بصورة عامه إلى تخفيف المعاناة، أو تعزيز مصالح الفقراء، أو حماية البيئة، أو توفير الخدمات الاجتماعية الأساسية، أو الاضطلاع بتنمية المجتمعات.
ونجد من يعرفها بأنها “منظمات لها أهداف تخدم المصلحة العامة؛ بحيث لا تخضع للحكومات ولا تتبع لأي حزب أو ديانة، أي إنها منظمات تحقق مصلحة الإنسان مهما كان دينه أو لونه أو انتماءه السياسي، وقد تحصل هذه المنظمات على تحويل من الحكومات أو من أفراد مهتمين بها، وفي نفس الوقت هي منظمات لا تهدف للربح” .
وقد ابتكرت الأمم المتحدة مفهوم المنظمة غير الحكومية كمنظمة مستقلة عن الدولة وتتوافر فيها المعايير الآتية:
-هيكلية شبيهة بهيكلية منظمة تحظى بنظام تأسيسي وشكل قانوني.
-مؤسسة على يد أفراد أو منظمات مستقلون عن الدولة.
-هيئات اتخاذ القرارات فيها مستقلة عن سلطات الحكومة.
-أهدافها موجهة للمصلحة العامة لا للربح، وتتخطى مصالح أعضائها.
إنها إذاً منظمة تأسست بموجب مبادرة خاصة بهدف تحقيق أهداف ذات مصلحة عامة. يمكن أن تحظى المنظمات غير الحكومية بأشكال قانونية متعددة غير أن معظمها تتخذ شكل جمعيات أو مؤسسات لا تستهدف الربح.
وتكشف محاولة تأمل مفهومات المنظمات غير الحكومية عن وجود بعض الشروط الواجب توافرها في تكوينها منها: (غير ربحية – مستقلة – تعمل على تحقيق المصلحة العامة – تتأسس عن طريق أفراد مهتمين بالقضايا الإنسانية العامة). وبعد أن تم عرض بعض التعريفات التي تخص المنظمات غير الحكومية يتم توضيح النشأة والتطور لظهور هذه المنظمات، فإن روح التعاون والمساعدة والتضامن، وجدت منذ بداية البشرية، فالإنسان اجتماعي بالفطرة. وأول مبادئ خاصة بحقوق الإنسان أقرها الإسلام. التي تضمن للإنسان حياته الآمنة في سلام ورخاء بعيداً عن الترويع أو الفزع أو القلق، ومثلها كانت حقوقه في كل مراحل حياته مما تعكسه حقوق الطفل وحقوق المرأة وحقوق الشيخ وحقوق ذوي العاهات والفقراء والمساكين واليتامى وذوي القربى وأبناء السبيل وغيرهم من فئات المجتمع.
أما على المستوي الدولي ففي عام 1943 أنشئت المنظمات غير الحكومية في الولايات المتحدة الأمريكية اتحادًا لهذه الهيئات يدعى المجلس الأمريكي للمؤسسات الأهلية للإغاثة ولقد قامت هذه الجمعيات في الأعوام الأولى بعد الحرب العالمية الثانية بنشاط كبير من أجل تأمين المساعدات للشعوب الأوروبية (توزيع أدوية، مواد غذائية، وملابس….إلخ) بخاصة للاجئين والمهجرين. وتأسست في الفترة نفسها في المملكة المتحدة لجنة أوكسفورد لمكافحة المجاعة في العام 1942 من أجل مساعدة الشعب اليوناني الذي عانى من المجاعة خلال الاحتلال النازي، ولقد تحولت هذه اللجنة فيما بعد إلى إحدى أهم الجمعيات البريطانية وهي (أوكسفام).
قامت بعد ذلك العديد من الهيئات غير الحكومية الطوعية التي أنشئت في أوروبا وأمريكا، خلال الحربين العالميتين الأولى والثانية، بتوجيه نشاطها نحو دول العالم الثالث إذ أن الدول الصناعـية كانت تستعمر معظم هذه البـلدان قبل أن تنـال استقلالها. ومن الناحية التاريخية، يمكن إرجاع هذا الشكل من التضامن الدولي إلى القرون الوسطى، أي إلى الروابط التجارية القائمة آنذاك بين المدن الكبرى في ذلك العصر. ويمكن تقسيم ظهور المنظمات غير الحكومية إلى ثلاثة أجيال:
(أ) الجيل الأول من المنظمات غير الحكومية يتطابق مع أعمال البعثات التي نشأت في العصر الاستعماري، ولقد حققت البعثات الكاثوليكية والبروتستانتية في أفريقيا وآسيا عملاً أساسيًا في ميادين التعليم والصحة.
(ب) أما الجيل الثاني من المنظمات غير الحكومية، فقد نشأ انطلاقًا من العام 1960، نتيجة لتأثير النزعة المتعاطفة مع العالم الثالث التي عززها النضال ضد الاستعمار والدفاع عن حقوق الإنسان.
(ج) وظهر الجيل الثالث انطلاقًاً من ثمانينيات القرن العشرين، حيث كان حقل عملها دعم القطاع الزراعي والتدخل في ميدان التنشئة والتربية والصحة. وتوسعت أنشطتها حاليًا لتشمل ميادين الاقتصاد والبيئة والطوارئ.
و قد تشكل العمل الأهلي العربي التطوعي غير الربحي متأثرا بالظروف الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية للمجتمع العربي في مساره التاريخي، وقد توافرت العديد من العوامل التي كان لها تأثير واضح على توجهات وأهداف وحجم دور العمل في المراحل التاريخية المختلفة. فمن ناحية كان للقيم الدينية والروحية في المنطقة العربية، تأثيرا على العمل الأهلي حيث تعتبر الجمعيات الخيرية وهي أقدم الأشكال امتدادا لنظام الزكاة ومفهوم الصدقة الجارية الذي تمثل في الوقف في
الإسلام، انع كاسا لقيم التكافل الاجتماعي الذي يحض عليه الدين الإسلامي وقد قامت هذه المنظمات الدينية بدور كبير في نشر التعليم والثقافة الدينية إلى جانب تقديم الخدمات والمساعدات الاجتماعية.
كما أن المنظمات غير الحكومية قد شهدت نموا غير الحكومية في البلدان العربية تقدم غير مسبوق في العقود الاخيرة من القرن العشرين وبداية الالفية الجديدة وذلك نتيجة متغيرات عديدة
سياسية واقتصادية واجتماعية بعضها له سمة عالمية والأخرى محلية.
كما تعددت الدوافع التي ساقها المفكرون لتفسير ظهور المنظمات غير الحكومية وتعاظم دورها على المستوى الدولي والإقليمي والمحلي:
فقد برر البعض الصعود المفاجئ واللافت للنظر للمنظمات غير الحكومية بأنه لا يعدو إلا أن يكون استجابة لتزايد الوعي والإدراك بضرورة وأهمية بناء مجتمع مدني عالمي وفي إطار عالم متزايد التعقيد بما يتضمن تحقيق مفهوم المواطنة الدولية، وذلك من خلال “ما يطلبه بناء المجتمع المدني العالمي من بناء شبكة معقدة من التجمعات والتنظيمات التطوعية التي تسمح بتعددية الجامعات الاجتماعية من خلال إتاحة وتأكيد المشاركة والتعبير عن الرأي بما يتضمن في التحليل الأخير تمثيل الجماعات المهمشة ودعم الأفراد ومنحهم القوة وإزالة عدم المساواة والقمع والعنف بصورة تفوق ما تفعله الحكومات في هذا الشأن”.
ويرتبط بما سبق ما ذهب إليه البعض من أن تنوع وتعقد المشكلات والتحديات العالمية على نحو يفوق الدول فرادى وكذلك المنظمات الدولية الحكومية المقيدة بالعديد من القيود القانونية والسياسية والعلمية بما يحد من دورها، كل ذلك اقتضى الحاجة إلى دور المنظمات غير الحكومية التي “تتميز بالمرونة والكفاءة والبعد عن التوترات السياسية والتعقيدات الإدارية الروتينية لما يمكنها من سرعة التحرك الفعال في مواجهة الظروف الطارئة والكوارث الإنسانية كالمجاعات والكوارث الطبيعية والإغاثة والهجرة”.
ثمة رأي مفاده أن ما حصل في الفترة الراهنة من تطور النظام الدولي وخاصة فيما بعد انتهاء الحرب الباردة من حيث انتشار أعمال العنف والتطرف والحروب والصراعات الأهلية المسلحة مع تحول بعض من الحكومات بعض الدول إلى قمع وإبادة الجماعات والنخب المعارضة على نحو جعل الشعوب تفتقد الأمن كل هذه التطورات كانت مدعاة لبروز المنظمات غير الحكومية التي تعمل بعيداً عن السياسة وتقوم على أسس إنسانية تبتغي تحقيق الأمن والتنمية بمفهومه الإنساني أي ضمان الأفراد والجماعات والشعوب “الإنسانية” وليس أمن الدول ذات السيادة. وفي هذا الصدد يعتبر كل من Micheal Edward وDavid Hulme أن صعود المنظمات غير الحكومية لم يكن مجرد استجابة للمبادرات المحلية والأعمال التطوعية بل هو نتاج للتطورات الأخيرة التي شهدها الفكر السياسي والاقتصادي خصوصاً مع نهاية الحرب الباردة.
وقد ذهب فريق من الباحثين إلى القول بوجود مجموعة من الأزمات والتغيرات الثورية كانت بمثابة الدافع الرئيسي لانتشار المنظمات غير الحكومية وتنامي دورها.
ثانياً: تفعيل دور المنظمات غير الحكومية في التنمية
تكشف مراجعة الاعلان العالمي للحق في التنمية عن مكونات اساسية يتضمنها الاعلان يقع في قلبها المشاركة المجتمعية والتوزيع العادل لمكتسبات التنمية. وهو ما يرتبط بشكل مباشر بالمنظمات غير الحكومية، ومصدر هذا الارتباط أن المنظمات غير الحكومية أضحت آلية أساسية لتفعيل المشاركة المجتمعية في التنمية، وهو ما ذهبت إليه مختلف الوثائق العالمية للأمم المتحدة، وأكد عليه الخطاب السياسي لحكومات العالم، خاصة الدول النامية. وعلى الجانب الآخر، فإن إعلان الحق في التنمية يرتب التزامات على الحكومات لتشجيع وتعزيز المشاركة وتوفير الحقوق الأساسية وهو ما يشير إلى مسؤوليات أساسية تتحملها الحكومات (لتهيئة المناخ) لآليات المشاركة عامة والمنظمات غير الحكومية على وجه الخصوص. وتتمثل أهم الاسباب العملية في تصاعد وزن المنظمات غير الحكومية في عملية التنمية بعد ان اخفقت غالبية تجارب وخبرات التنمية التي استندت على بناء علوي تمثل في ايديولوجية للتنمية تفرض من أعلى إلى أسفل وغابت عنها ـ إلى حد كبير ــ المشاركة المجتمعية الفاعلة وفي إطار هذا التوجه الجديد لتفعيل دور المشاركة من جانب المواطنين، وقد برز اهتمام عالمي من جانب المؤسسات العالمية ومؤسسات التمويل، ومن جانب الخطاب السياسي للحكومات، للتأكيد على الدور الفاعل للمنظمات غير الحكومية، وحدث ذلك في سياق عالمي واقليمي يشهد تحولات اقتصادية وسياسية، وقد تمثلت أهم هذه التحولات في تفعيل دور القطاع الخاص والتحول نحو الخصخصة، الذي صاحب سياسات الاصلاح الاقتصادي وإعادة الهيكلة الاقتصادية.
أهداف تفعيل المنظمات غير الحكومية في التنمية وتحقيق السلام بين الدول:
-رفع مستوى المعيشة للدول الأعضاء.
-السعي نحو تحقيق مستويات التوظيف والتشغيل الكامل (للدول الأعضاء).
-تنشيط الطلب الفعال.
-رفع مستوى الدخل القومي الحقيقي.
-الاستغلال الأمثل للموارد الاقتصادية العالمية.
-تشجيع حركة الإنتاج والاستثمار وحركة رؤوس الأموال.
-سهولة الوصول إلى الأسواق ومصادر التمويل الأولية.
كما عملت المنظمات المتخصصة وغير الحكومية دور فعال في تحفيز المنظمات التشريعية الدولية على أن تلعب دورا مهما في تسهيل مهامها الإنسانية ، كتنسيق الاتفاقيات متعددة الأطراف فيما بين الحكومات وتلك المنظمات الإنسانية مثل (منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية (O.C.D.E) مع زيادة الدعم المالي الكفيل بالإبقاء على أنشطة قوية مثل برنامج الأمم المتحدة للبيئة((P.N.U.E والذي يساهم في تحليل سير الأنظمة البيئية ، كذلك مشاركة الدولة لأفرادها في إحداث هذا الحراك المجتمعي الفاعل لخدمة التنمية من خلال قوانين و تشريعات .
يظهر ذلك في محيطنا العربي في المغرب حيث يذكر الكاتب المغربي يونس مليح في مقاله “المجتمع المدني أداة مساهمة في التنمية المجتمعية الترابية”
أن “إشراك المجتمع المدني في تنفيذ القرارات والسياسات العمومية، إن كان يدل على شيء
فهو يدل وبشكل واضح على انفتاح الدولة على محيطها الداخلي، وجعل المواطن المغربي على وجه الخصوص، ومنظمات المجتمع المدني على وجه العموم، شريكا في العملية التنموية الترابية، وشريكا في اتخاذ القرارات التي تساهم في الرقي وفي تطوير بلده سواء محليا أو وطنيا أو حتى دوليا، وهذا المنحى الذي سلكه دستور المملكة الجديد يجعل المجتمع المدني المتخصص في المجال التنموي والثقافي والاجتماعي وكذا السياسي يتوفر على فرص مهمة لتقوية مركزه في السهر على تنفيذ القرارات العمومية في كثير من المجالات والدستور الجديد لم يكتفي فقط بالتأكيد على ضرورة إشراك المجتمع المدني في عملية اتخاذ القرار العمومي، ولكن أيضا إشراكه في تنفيذها، وهو ما يؤكده الفصل الثاني عشر منه، حيث ينص على أنه: “تساهم الجمعيات المهتمة بقضايا الشأن العام، والمنظمات غير الحكومية، في إطار الديمقراطية التشاركية في إعداد قرارات ومشاريع لدى المؤسسات المنتخبة والسلطات العمومية، وكذا في تفعيلها وتقييمها. وعلى هذه المؤسسات والسلطات تنظيم هذه المشاركة، طبق شروط وكيفيات يحددها القانون”، وأيضا الفصل الثالث لتشاور، قصد عشر منه والذي ينص بدوره على ما يلي:” تعمل السلطات العمومية على إحداث هيئات لإشراك مختلف الفاعلين الاجتماعيين، في إعداد السياسات العمومية وتفعيلها وتنفيذها وتقييمها”، وأيضا13٩ الفصل الرابع من دستور عام٢٠١١الذي ينص على أنه “تضع مجالس الجهات، والجماعات الترابية الأخرى آليات تشاركية للحوار والتشاور، لتيسير مساهمة المواطنات والمواطنين والجمعيات في إعداد برامج التنمية.
ويمكن للمواطنات والمواطنين والجمعيات تقديم عرائض، الهدف منها مطالبة المجلس بإدراج نقطة وتتبعها تدخل في اختصاصه ضمن جدول أعماله”.
فإشراك الدستور للمجتمع المدني في تنفيذ القرارات العمومية، هي محاولة للرفع من عمل وبنية
وثقافة هذا الأخير، ودفعه إلى إحداث حركية جديدة بداخله، وبالتالي يصبح قادرا على الإنتاج والاستمرارية على الفعل التنموي في مختلف المجالات، ذلك أن هذه الاستدامة والاستمرارية كانت ومازالت مدار جدل بين المجتمع المدني والممولين، وذلك لضعف الخبرة وقلة الموارد، وغياب الطابع التشاركي المؤسساتي، وهنا نؤكد أنه ليس من الضرورة أن يحتفظ المجتمع المدني بالمشاريع التنموية في مختلف المجالات لوقت غير محدود، بل يسهر على تنفيذها وتسييرها، ثم إيصالها إلى مرحلة نجاح واضحة، وبعد ذلك تسليمها للفئات المستهدفة والمعنية، لتنتقل هذه الهيئة أو الجمعية إلى تبني مشروع آخر، ومن هنا يتحول المجتمع المدني إلى مجتمع فاعل ومؤثر”.
وكما يؤكد مليح في مقاله على أن “هذه المشاركة قد أدت دور جيد في دعم المشاركة بين الدولة والمواطن لتحقيق بعض مستهدفات التنمية، إلا أن هذا الدور لازال في طور التشكل والبدايات التي لابد من دعمها بشكل أكبر ” وفي هذا الصدد، فالمغرب ملتزم بالمشاركة في العملية التنموية الحداثية، الأمر الذي أدى إلى ولادة المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، التي وفرت الموقع الاستراتيجي لمنظمات المجتمع المدني، كمنظمات قريبة من المواطنين. بالتأكيد، فالدستور كرس لمنطق الاعتراف بالدور المهم للمنظمات غير الحكومية في مجالات التنمية البشرية المستدامة، ووضع المادة الخام لكيفية إشراك منظمات المجتمع المدني في عملية صناعة القرار العمومي والترابي، وذلك من خلال التنصيص على عدد من الركائز والأساسيات التي بمقتضاها يمكن لهذه المنظمات أن تندمج وبشكل سلس في مسلسل التنمية الترابية، وذلك لن يتأتى إلا عن
طريق وضع الآليات ا لتي نص عليها الدستور على أرض الواقع، والعمل كذلك على تفعيل توصيات الحوار الوطني حول المجتمع المدني والأدوار الدستورية الجديدة. فدور المجتمع المدني لا يزال غير مرضي ويحتاج إلى مزيد من التحسين والعمل الجاد من أجل الوصول به إلى مزيد من العناية والتحديث”
ومن هنا تبرز الحاجة إلى ضرورة وجود تنسيق وخلق شراكات ذكية بين القطاعات الثلاث
(الحكومي، الخاص منظمات المجتمع المدني) لتنفيذ برامج تنموية مشتركة، كذلك توفير الميزانيات اللازمة للإدارات الحكومية ذات الصلة بالعمل التنموي، والعمل على تدريب الكوادر الفنية والادارية العاملة بها وتزويد المرافق الصحية بالكوادر الفنية المدربة علي ان يكونوا من
افراد المجتمع لضمان استقرارهم.
واتباع المنهج التشاركي أيضا لتحقيق التنمية ظهرت أهميته في أعمال المنظمات غير الحكومية في السودان مثلا، حيث تذكر دراسة قام بها دور حسن عبد النبي الله جابو عمر وسارة طه فرح بعنوان” دور المنظمات غير الحكومية في توفير الخدمات الاساسية بالمجتمعات الريفية ” والتي توصلت إلى أن” من خلال اللقاءات والزيارات الميدانية تلاحظ ان معظم المنظمات تتبع المنهج التشاركي لتنفيذ برامجها، حيث تشرك المجتمعات المحلية بكل شرائحه في عمليات تخطيط وتنفيذ وتقويم برامجها، وذلك ضمانا لاستدامة نتائج هذه البرامج عند انسحاب المنظمة”.
إن الاهتمام الواسع الذي تحضى به عمل المنظمات غير الحكومية بما تقدمه من مساعدات للدول والجماعات في مجالات متعددة تدعم به دور الدول في سباق التنمية، أو في حالات الحرب حينما يتعذر الدور الحكومي دوليا و داخليا جلب لها الكثير من التمكين ، ولا يخفى علينا أن هذ التمكين و الحماية لهذا الدور الإنساني لا يمكن اكتماله إلا بتعاون الجميع و حشد جهود الهيئات العالمية أو المحلية أو المنظمات بأنواعها ، لرصد و تحديد المخاطر و تقييم النتائج ، واتخاذ التدابير و الإجراءات سواء الوقائية أو العلاجية و البحث بهدف الاكتشاف المسبق و المبكر لمصادر التهديد الذي تتعرض لها أعمال هذه المنظمات غير الحكومية.
إن الجهود المبذولة والإنجازات المحققة والنشاطات الميدانية التي تقوم بها المنظمات الدولية غير الحكومية بهدف حماية البيئة مثلا أو مجالات الأوقاف الخيرية أو المنح التعليمية أكسبها سمعة حسنة و شهرة واسعة و حتى نفوذ كبير خاصة على مستوى الساحة الدولية، فحازت على اهتمام الدول خاصة في ظل تراجع دور بعض الدول أمام المنظمات الدولية غير الحكومية التي حلت محلها ، و هذا كله راجع للسياسة و الاستراتيجية المتبعة من طرفها، خاصة وجود أجهزة مكونة لها فعالة، و توفر خبرة علمية متخصصة و ميدانية يتمتع بها الأعضاء المنتمين لها.
واقع المنظمات غير الحكومية (القطاع غير الربحي) في المملكة العربية السعودية.
يشـكل القطـاع غيـر الربحـي في المملكة العربية السعودية اليـوم فرصـة اقتصاديـة كامنـة ً للنمــو والتنميــة والاستثمار، بعــد أن ظــل لفتــرات طويلــة قطاعــا ً ّ غيـر مفعـل بشـكل كامـل. ويعتبـر القطـاع غيـر الربحـي فرصـة اقتصاديـة غيــر مســتغلة حتــى الآن. حيــث تجــاوز القطــاع غيــر الربحـي، كشـريك تنمـوي محلـي، مرحلـة التعافـي مـن جائحـة كوفيـد١٩- بثبـات، مـع معدلات مخاطـرة عنـد أدنـى مسـتوى تاريخـي، ومـلاءة ماليـة ً ضخمــة تشــكل أصول القطاع غير الربحي بأكثــر مــن ربــع ترليــون ريــال، وإيــرادات ســنوية بقيمـة (8) مليـار ريـال ونفقـات سـنوية قدرهـا (7.5) بنهايـة عـام 2019م.
ويتمتــع القطــاع بــدور محــوري فــي رؤيــة المملكــة 2030 ُ م . كما تعلق الآمال عـلى مسـاهمته التنمويـة والاقتصادية ممـا يفتـح المجـال لآفاق نمـو واسـعة، وتمهـد لمنظومـة تشـريعية ورقابيـة محكمـة. حيـث يتوقـع أن ينمـو القطـاع بمعدلات سـنوية اسـتثنائية تصـل إلى نسـبة نمـو تقـدر بــ(%92) فــي عــدد المنظمــات، ومضاعفــة عــدد الموظفيــن عــدة مــرات. ويخطـو القطـاع بثبـات نحـو تحقيق مسـتهدفه فـي رفـع نسـبة مسـاهمته فـي الناتـج المحلي
تعــادل 5% مــن الناتــج المحلــي الإجمالي للمملكــة ســنويا
ومــن المتوقــع أن تســاهم حلــول التقنيــة الماليــة وأدوات الاستثمار المبتكــرة فــي زيــادة حجــم الســيولة فــي القطــاع غيــر الربحــي. ويمكــن الاستشهاد عــى ذلــك بمنصــات التبــرع الإلكتروني التــي اســتطاعت أن تتلقــى مدفوعــات تبــرع رقميــة تتجــاوز فــي مجموعهــا (2) مليــار ريــال خـلال ٣ أشـهر قليلـة مـن إطلاقها. ومـن المخطـط أن يسـاهم صنـدوق ً فـي ضـخ مـا يقـارب مـن (7) إلى 10) مليـار دعـم الجمعيـات المنشـأ حديثـا ً فـي منظمـات القطـاع غيـر الربحـي مـن خـال حشـد الأموال ريـال سـنويا مــن مختلــف فئــات المســتثمرين والمســاهمين والمانحيــن (من تقرير مؤسسة الملك خالد الخيرية “الشمول المالي للمؤسسات غير الربحية في المملكة العربية السعودية”)
كما تساهم الحكومة في السعودية من تحقيق الشراكة مع المنظمات غير الربحية ولها دور مؤثر ومساهمات فعالة في العمل الخيري، وذلك من خلال مجموعة من مؤسسات الدولة، منها قطاع التنمية الاجتماعية في وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية. وتتمثل مسؤولية هذه المؤسسات في الإشراف على الهيئات الأهلية، مثل: الجمعيات الخيرية والمنظمات التعاونية ومراكز ولجان التنمية الاجتماعية والمدنية، وترسيخ هذه المفاهيم بين شرائح المجتمع، بالإضافة إلى دعم إنشاء الصناديق المساهمة في تلبية الاحتياجات المجتمعية والتنموية.
وتمثل رؤية المملكة٢٠٣٠ منصة انطلاق للعمل غير الربحي في المملكة العربية السعودية ، و تحول مفهومه الذي كان قائما على العمل التطوعي الخيري غير المنضبط في بعض حالاته و غير مساهم في التنمية الاقتصادية والاجتماعية ، ويوضح الرابط أدناه دور هذا القطاع وأهميته في التنمية كذلك تحقيق الاستدامة للعمل غير الربحي .
يذكر الكاتب بندر القحطاني في مقالة له بعنوان ” استشراف مستقبل القطاع غير الربحي في المملكة العربية السعودية، بندر القحطاني، بصحيفة سهم الألكترونية،١٧مارس ٢٠٢٢م”
أن “جهود المملكة العربية السعودية في بناء مجتمع طموح متكامل الأركان في رؤية ٢٠٣٠، عبر شراكات فاعلة مع المجتمع المدني في القطاع الخاص والمنظمات غير الربحية، محققةً بذلك ارتفاعًا للناتج المحلي ونموًا اقتصاديًّا ينعكس على “جودة الحياة”، وتعظيمًا للأثر الاجتماعي في بناء وطن مستقر، متوازن ومتكاتف؛ حيث يواكب القطاع غير الربحي في المملكة رؤية 2030 التي تسعى لزيادة مساهمة القطاع في الناتج المحلي إلى 5%، ورفع أعداد المتطوعين إلى مليون متطوع ومتطوعة بحلول عام 2030.
وتنتشر المنظمات غير الربحية في مختلف أرجاء المحافظات والمناطق في المملكة، وتسعى لتطبيق التكافل الاجتماعي بتقديم المساعدات المختلفة للفقراء والمحتاجين، وترسيخ مبدأ التعايش والتسامح والتعاون والتكاتف والتلاحم، خاصة في ظل الأزمات والجوائح العالمية التي يشهدها العالم.”
حيث يسهم القطاع غير الربحي بشكل فعال في تنمية مختلف المجالات التي تخدم المجتمع وترسخ ثقافة المسؤولية الاجتماعية، إضافة لكون هذا القطاع محورًا أساسيًا لتحقيق التنمية المستدامة في ظل ما تشهده المملكة من دعم متواصل يعزز قيم العمل الإنساني لأفراد المجتمع من خلال التكامل مع الجهات الحكومية المختلفة وتعظيم نفعها.
وقد اهتمت رؤية 2030 اهتمامًا جليًا بتطوير وتمكين القطاع غير الربحي؛ وذلك بتقسيم الرؤية إلى أهداف قريبة المدى تحقق خلال عام 2020م، وأهداف بعيدة المدى تحقق عام 2030م، وذلك من خلال إطلاق أهداف ومقاييس تساهم في تنمية القطاع، واستشعارًا لأهمية قطاع ريادة الأعمال الاجتماعية ودورها في تحفيز الابتكار المجتمعي ورفع مستوى الظروف الاقتصادية والاجتماعية، تعمل الجهات العامة على التطوير المستمر لهذه الشراكات والتوجه إلى بناء تحالفات استراتيجية تعزز العمل المشترك لتحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030.
حيث اهتمت الرؤية بمعرفة أثر البرامج والخدمات المقدمة من المنظمات غير الربحية، وبالنظر إلى ما يتعلق بجانب الأهداف قصيرة المدى، تجلى الاهتمام في زيادة عدد مقاييس الأثر الاجتماعي لأكثر من ثلثي برامج المنظمات غير الربحية، والذي يعتبر من الخطوات المهمة في تشجيع المنظمات الربحية لمعرفة أثر المنظمة وتقديم خدمات ذات جودة عالية للمستفيدين.
وعلى صعيد الأهداف بعيدة المدى، تطمح المملكة لزيادة أثر القطاع في الناتج المحلي الإجمالي من 0.3% إلى 5%، ولزيادة عدد المشاريع التي تحتوي على أثر اجتماعي من 7% إلى 33%، وبالنظر إلى أثر القطاع غير الربحي السعودي، فيعطي توسع القطاع أهمية في كلا الجانبين: الاقتصادي، والاجتماعي. حيث يساهم في خلق الفرص الوظيفية وتوفير بيئة العمل المهتمة بالمسؤولية الاجتماعية في الدولة. وبالنظر إلى مساهمته في الاقتصاد السعودي فتبلغ نسبة نمو القطاع غير الربحي في الناتج المحلي الإجمالي 7% محققًا نسبة أعلى من القطاع الحكومي الذي تبلغ نسبته 2.76%، وأما من جانب المساهمة الاجتماعية للمنظمات غير الربحية في المملكة، وعلى الرغم من محدودية عدد المنظمات غير الربحية، فيوجد تنوع بالاهتمامات وأنشطة المنظمات غير الربحية، مثل: توفير المسكن، وتوفير الخدمات المجتمعية، وأعمال البر وغيرها؛ مما يساهم في سد الاحتياجات لفئات المجتمع المختلفة.
واقع القطاع غير الربحي في المملكة العربية السعودية
يمكن القول بأن هنالك عدة عوامل ساهمت في ازدهار القطاع، ويمكن تلخيصها على النحو التالي:
1- دور الرعاية الاجتماعية في سد احتياجات المجتمع وتقديم الخدمات للمجتمع، ففي فترة السبعينيات الميلادية ساهمت عوائد البترول بتقديم الدعم المالي من الدولة البرامج الرعاية الاجتماعية وعدم فرض ضرائب مالية عليها.
2- تطور العمل الخيري، وذلك من خلال اعتبار القطاع غير الربحي قطاعًا ناشئًا نسبيًا، حيث تشير بعض الأقوال إلى أن من أوائل المنظمات غير الربحية سجلت قبل 70 عامًا تقريبًا، وكان القطاع غير الربحي مهتما بالعطاء المادي المباشر؛ وذلك من خلال جمع الصدقات والتبرعات بشكل مباشر من المتعاون وإيصالها إلى المحتاجين دون النظر إلى الأثر الحقيقي الناتج من تلك التبرعات.
وقد أدت مثل هذه الممارسات إلى ازدياد مخاطر الاستخدامات غير المشروعة. ومع ارتفاع الوعي للمواطن السعودي واستشعاره لأهمية معرفة المصب النهائي للتبرعات وحوكمة المخرجات للبرامج والخدمات المقدمة، وضعت أنظمة تسجيل وإدارة للمنظمات غير الربحية من قبل وزارة العمل والتنمية الاجتماعية في عام 1384 هجرية بهدف تنظيم وتوحيد جهود القطاع في الأعمال الخيرية.
ووفقا لتقرير “مؤسسة الملك خالد الخيرية” فإن الأرقام المسجلة للمنظمات غير الربحية تبلغ ما يقارب 2598 منظمة غير ربحية.
تحديات القطاع غير الربحي في المملكة العربية السعودية
يواجه القطاع غير الربحي كثيرًا من التحديات والتي تقسم إلى ثلاثة جوانب أساسية:
1- التحديات التي يعانيها القطاع من الماضي وما زالت مستمرة إلى وقتنا الحاضر: كصعوبة الحصول على التمويل والدعم المالي، وشح في البيانات والقطاع وأثره، والبيروقراطية، والحوكمة، وعدم وجود استراتيجيات للإدارة المالية وقياسات الأثر.
2- التحديات الحالية: يواجه القطاع تحديات جديدة تكمن في تبني القطاع لأدوات إدارية ومحاسبية مستحدثة، ويركز الداعمون (المستثمرون ماليًّا) على الشفافية في أعمال المنظمات غير الربحية؛ حيث ينظر إلى الجوانب الإدارية والمحاسبية للمشروع من قبلهم للتأكد من كفاءتها ومدى حاجة الجهة المستفيدة منها.
3- التحديات المستقبلية: يمكن حصر التحديات المستقبلية التي يواجهها القطاع غير الربحي في المملكة من خلال النقاط التالية:
• كيفية تطوير بيئة عمل القطاع لتكون أكثر مرونة؛ وذلك عن طريق التعاون مع الدول المتقدمة في تطوير الجوانب الإدارية ومقاييس الأثر.
كيفية التوسع بعدد المنظمات غير الربحية ليصل أثر المنظمات غير الربحية لكل مواطن ومقيم في المملكة.
-عدم اقتصار دور المنظمات على تلبية الاحتياجات التي يواجهها المجتمع، بل بتشجيع المواطنين والمقيمين للمشاركة في صناعة احتياجاتهم بالتعاون مع المنظمات غير الربحية بحسب حاجتهم، وتقديم الخدمات والبرامج بطرق خلاقة ومبتكرة.
-إمكانية توسيع أنشطة القطاع لتواكب التغييرات السريعة والمتطورة في المملكة فالوقت الحالي من أجل المساهمة بتحقيق الدور المرجو للقطاع غير الربحي ضمن الرؤية (رؤية 2030)، كالمساهمة في خلق محتوى ترفيهي يتناسب مع متطلبات المواطنين، وبذل الجهود في تقديم الخدمات التي تساهم في دفع عجلة التنمية للمجال السياحي وغيرها من النشاطات المهمة.
كما أن هناك ضرورة لتأسيس مراكز مستقلة تختص بإصدار الأبحاث والدراسات العلمية عن القطاع غير الربحي السعودي في جميع المجالات، ولا شك بأن المملكة تسعى جاهدة لإنشاء العديد من مراكز الاستشراف المعرفي، وبالإضافة لتلك الجهود لا بد من تقوية القدرة البحثية والمختصة بشؤون القطاع غير الربحي والعمل على تأسيس المراكز التي تعمل على إنتاج الأبحاث العلمية عن القطاع غير الربحي السعودي بجميع مجالاته بشكل مستقل، وذلك بالتعاون مع الجانب الأكاديمي والجانب العملي بالمنظمات غير الربحية.
دور القطاع غير الربحي في التنمية الاقتصادية والاجتماعية في المملكة العربية السعودية
الخاتمة
إن التطور الذي شهدته المنظمات الدولية غير الحكومية أدى إلى تطور اهتماماتها ونشاطاتها في مجالات متعددة متنوعة ومختلفة بتوسع عمليات البحث والدراسة على تهديدات جديدة على حياة الإنسان والسلم العالمي وما يهددهما من حروب ومجاعات وأيضا ظهور تهديد جديد يتمثل في التكنولوجيا الحديثة مثلا!
والهدف من عمل هذه المنظمات غير الحكومية هو الوقاية والمساعدة من المخاطر المتوقعة مستقبلا ورغم اتساع هذا الدور فهو تكميلي لدور الدولة في هذه المجالات، خاصة أن عمل هذه المنظمات غير الحكومية لازال-في معظم الأحيان- لا يلقى التعاون ن الكافي في بعض الدول إما لتشكيك بعض الدول في نوايا هذه المنظمات الدولية أو لأحكام مسبقة أو لتجارب واقعية!
وقد خرجت هذه الورقة ببعض التوصيات:
– السعي لخلق اتصال أو آليات بين هذه المنظمات فيما بينها وحتى مع الدول والهيئات الدولية لإيجاد أو توفير قنوات اتصال وتشاور لعقد مؤتمرات أو لقاءات والخروج بتوصيات ملزمة للحكومات للحد من مخاطر الحروب والمجاعات والأمية.
– البحث عن مصادر الدعم المالي للمنظمات الدولية غير الحكومية بهدف تسهيل نشاطاتها خاصة في المجالات التي تعتمد في توجيه الدعم لها على أبحاث علمية مكلفة مثل العمل في مجال حماية البيئة وخلق فرص الاستدامة المالية لمثل هذا الدعم.
-العمل على تشريعات خاصة محددة وواضحة لعمل هذه المنظمات داخل الدول في حالات الحرب مثلا وأن تحمي هذه المنظمات وأفرادها قوى دولية، وإلزام هذه الدول بهذه القوانين-وإن كانت مثل هذه التشريعات موجودة- ولكن تفعيلها ضعيفا في بعض الحالات!
-وضع مبادرات للتعليم تشترك فيها مع أفراد المجتمع بهدف تعريف الرأي العام بعمل هذه المنظمات غير الحكومية بالذات في الدول النامية، بهدف غرس هذه القيم داخل النشء الجديد.