أخبار الفن

بعد جدل الحشاشين.. هل اللغة العربية الفصحى هي الأنسب لتناول الأعمال التاريخية؟

ثارت حالة من الجدل عبر مواقع ومنصات التواصل الاجتماعي مع عرض الحلقات الأولى لمسلسل “الحشاشين” الذي يعد من بين أبرز الأعمال الدرامية في السباق الرمضاني 2024.

وتدور أحداث “الحشاشين” في القرن الـ11 الميلادي، حول فرقة الحشاشين الدموية التي أثارت الفزع والخوف وقتها واغتالت عددا من الشخصيات المهمة والأمراء، بقيادة مؤسس الفرقة حسن الصباح، الذي يؤدي دوره الفنان كريم عبدالعزيز.

واعترض البعض على استخدام اللهجة العامية المصرية في لغة حوار المسلسل، معتبرين أن العربية الفصحى هي الأنسب لتناول الأعمال التي تدور أحداثها في قالب تاريخي.

ومن جهة أخرى، لاقى المسلسل إعجاب شريحة من الجمهور، حيث رأوا أن استخدام اللهجة المصرية هو الأنسب والأقرب للمشاهد؛ لأن العربية الفصحى لغة لم تعد تستخدم في الحياة اليومية العادية.

– تقبل من الصناع

وأعلن رئيس هيئة الترفيه بالمملكة العربية السعودية، المستشار تركي آل الشيخ، دعمه للمسلسل، واختيار اللهجة المصرية عبر حسابه على “فيسبوك”، مشيراً إلى أن العمل شجعه على التفكير في خطوة تقديم عمل ضخم من خلال الهيئة.

وقال آل الشيخ: “من حق صنّاع مسلسل الحشاشين اختيار اللغة التي تناسبهم، واللهجة المصرية عريقة ومفهومة في كل العالم العربي، والأتراك عند إنتاجهم مسلسلات تكون بلغتهم، وكذلك الأجانب في الغرب، اللغة الفصحى قد لا تجذب شريحة من الشباب، أنا أحب الفصحى، لكن غيري قد لا يفضلها”.

– تجارب سابقة “يوسف شاهين”

ويعتبر المخرج الكبير يوسف شاهين صاحب أبرز تجارب تقديم الأعمال التاريخية باللهجة العامية المصرية، وقد اختار العامية لتكون لغة حوار شخصياته في فيلم “المهاجر” الذي عُرض في 1994 رغم أن الفترة الزمنية لأحداث الفليم تمثل مصر في عهد الفراعنة.

وكرر شاهين التجربة مع فيلم المصير، الذي يتناول تاريخ الخلافة الإسلامية في بلاد الأندلس والتجربة الفكرية للفقيه والفيلسوف ابن رشد.

وأيد البعض تجربة شاهين واختياره رغم أن موضوع الفيلم بعيد كل البعد تاريخيا عن مصر ولهجتها المعاصرة، واستطاع بذلك أن ينقل قضايا الفلسفة والفقه وقصص الأندلس من النقاش التاريخي الجاد إلى اللهجة المحلية، لتقديم جسر فكري بين الماضي والحاضر.

– سيرة الشافعي بين العامية والفصحى

يذكر أن الجدل الدائر حاليا قد سبق وشهدناه في الموسم الرمضاني الماضي مع عرض مسلسل “رسالة الإمام”، الذي يتناول سيرة الإمام الشافعي بالأخص الفترة التي عاشها بمصر، حيث مزجت لغة حواره بين الفصحى والعامية المصرية.

ودافع وقتها مخرج المسلسل الليث حجو عن اختياره لدمج اللغتين، مؤكدا أن هذا الدمج جاء انطلاقًا من البحث والتعليم والتدريب، موضحا أن اللغة القبطية لم تكن فقط هي الموجودة في هذه الحقبة، بل كان هناك خليطًا من اللغات واللهجات.

وأشار إلى أن اللغة العربية الفصحى مختلفة، نظرًا لاختلاف من عاشوا في مدينة الفسطاط، وكانوا من أماكن واسعة من بلاد الشام وخرسان والجزيرة العربية وصحراء سيناء، مؤكدًا أنه لا يمكن تكون هناك لهجة موحدة لبيئة خلال 150 سنة.

وسبق وتم تناول شخصية الإمام في عام 2007 في مسلسل بعنوان” الإمام الشافعي” من بطولة الفنان إيمان البحر درويش، واعتمد صناع العمل حينها على اللغة الفصحى طوال الأحداث ودون انقطاع.

– عامية محايدة

من جانبه، قال الناقد جمال عبدالقادر إن الجدل له أسباب، فكثير من الجمهور تعوّد أن الأعمال التاريخية يناسبها اللغة العربية الفصحى حتى وإن استخدامها غير مطابق للحقبة التاريخية التي جرت بها الأحداث مثل مسلسل “لا إله إلا الله” الذي تناول حياة الفراعنة باللغة الفصحى رغم أنهم أقدم منها بكثير.

وأضاف عبدالقادر في تصريحات لـ”الشروق”، “عن إشكالية أخرى تتعلق بالنوع المستخدم من اللغة العامية بين اختيار عامية زمن الأحداث أم عامية الوقت الحاضر أم عامية محايدة، وهي إشكالية صعبة وقع فيها مسلسل الحشاشين باختيار العامية؛ لأن المصريين وقتها كانوا يتحدثون اللغة القبطية ثم بدأ يدخل عليها اللغة العربية بعد الفتح العربي، فأصبح لديهم لغة مختلفة واستمر تغيرها مع الوجود العثماني والإنجليزي وغيرهم، إلى أن وصلنا للغة الحالية”.

ويرى عبد القادر أنه مع صعوبة تحديد واختيار اللغة التي كانت سائدة فترة الأحداث الدرامية، فإن الفصحى هي الخيار الأسلم، مؤكدا أن لغة الحوار الدرامي هي حق أصيل للمؤلف، لكن شرط أن يكون دقيقا في اختياره لها، فلا يمكننا استخدام مصطلحات عام 2024 في مسلسل تدور أحداثه في القرن الـ11.

وذكر عبدالقادر أن اللغة ليست من عناصر العمل “نص وإخراج وتمثيل وديكور وملابس”، وليست من عناصر التي نقيم على أساسها العمل، بل أحد الوسائط التي ينقل بها المؤلف فكرته، وعندما يقع في خطأ اختيارها المناسب نكون أمام خلل في عنصر “النص”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *