شخصيات درامية لا تنسى (8).. بشر عامر عبد الظاهر وملامح الإسكندرية في الأربعينيات في زيزينيا
ونعود في حلقة اليوم إلى عام 1997، عندما ظهرت شخصية بشر عامر عبد الظاهر على شاشة التلفزيون، شخصية بشر من تأليف الكاتب الراحل أسامة أنور عكاشة، شخص مختلف يمكن اعتباره مزيج بين ثقافتين، ابن حيين مختلفين في الإسكندرية، كرموز وزيزينا، وهو الابن الوحيد للإيطالية فرنشيسكا من زوجها المصري التاجر السكندري عامر عبد الظاهر.
بِشر وحكايات الإسكندرية
أنتج مسلسل زيزينيا عام 1997، من إخراج جمال عبد الحميد، وصدر الجزء الثاني منه عام 2000، وعاش الجمهور على مدار جزئين قصة بشر عامر عبد الظاهر، رجل يرتدي الجلباب والطربوش في حي كرموز، والبدلة وأزياء إيطالية أحدث إصدار في حي زيزينيا، ومن خلال حكايته نرى مدينة الإسكندرية في فترة الأربعينيات من القرن العشرين.
وكان أسامة أنور عكاشة يعشق مدينة الإسكندرية، لذلك خرجت كثير من حكاياته في أحيائها، ومن بينهم حكاية بشر، وكعادة عكاشة لا يمكن أن يمر عمل بدون جانبين، الجانب السياسي، الذي نرى من خلاله شكل الحياة وتقلبات السياسة من خلال شخصيات المسلسل، والجانب الرومانسي المُعذب، لأن بشر لم يكن وحيدا بل حكايته مع عايدة كانت جزء لا يتجزأ من القصة كلها.
ونرى من خلال بشر صراعات التجار، وأيضا تنوع الثقافات في مدينة الإسكندرية، وكان كانت شوارعها مختلطة الجنسيات، بين الإيطاليين واليونانين، ونواديهم وحياتهم، وأيضًا طبقاتهم الاجتماعية، فهم مثل المصريين طبقات، وبالتأكيد الحارة المصرية جزء من كل ذلك، فهي أحد ركائز دراما عكاشة، والمقاومة والمناوشات مع الإنجليز وغيرها من الحكايات.
ورسم عكاشة شخصية بشر بصورة ليست ملائكية، كمشاهد يمكن أن تحبه في كثير من اللحظات، ولكن أيضا تمقته في لحظات أخرى، خاصة عندما كسر قلب عايدة وتردد في الزواج منها مما تسبب لها في جرح كبير أدى إلى تهورها وزواجها من رجل لا تريده ولم تُحبه حفاظًا على كرامتها كأنثى.
ورغم المشاكل الكثيرة التي حدثت في المسلسل بسبب عدم استمرار آثار الحكيم ومغادرة العمل، واضطرار المخرج والمؤلف إلى تبديلها بهالة صدقي، والتي غيرت في تفاصيل الشخصية التي اعتادها الجمهور في الجزء الثاني، إلا أن شخصية بشر وحكاياته استطاع أن يلمع وسط شخصيات عكاشة ومازال أحد أبطاله التي تتحدث السوشيال ميديا عنهم في الجروبات الخاصة بالفن والمسلسلات أو الصفحات الخاصة.
وقدم شخصية بشر الفنان يحيى الفخراني، وكانت شخصية سليم البدري تطارده، وقد حققت ليالي الحلمية بأجزائها الخمس نجاحا طاغيا مما جعل الشخصية تلتصق بيحيى، لذلك كانت كثير من منشتات الصحف حينها تقارن بين بشر وسليم، وكان سؤال محوري يوجه للفخراني في الحوارات الصحفية، وقد احتاج يحيى إلى أن يخسر كثير من وزنه لأداء الشخصية لأنه من المفترض أصغر من عمره الطبيعي.
وتحدث الفخراني عن شخصية بشر في حوار لصحيفة الوفد، بعدد 28 ديسمبر 1997، وقال: “لم أتخصص في تقديم أعمال تتحدث عن فترات تاريخية، ولكن هذا يعود للمؤلف أسامة أنور عكاش الذي يفضل التاريخ القديم، وبدا ذلك في الحلمية، وهي نفس الفترة الزمنية لزيزينيا التي يتعرض فيها لجزء خاص من التاريخ والانطباع لدى البعض لأن شخصية سليم البدري عاشت مع الناس سبع سنوات يعني حوالي 150 حلقة فنشأت عشرة طويلة بين المسلسل والمشاهدين، على الرغم أني قدمت بعدها مسلسل لا، وكانت شخصية ضعيفة جدا، ورجل غلبان عكس سليم ثم مسلسل نصف ربيع الآخر مع محمد جلال عبد القوي”.
ويصف الفخراني، بشر في حوار آخر عام 1988 لجريدة الأحرار: “شخصية بشر هو شاب اسكندراني الفهلوي من أب مصري وأم إيطالية يعيش على أموال والده صاحب الوكالة، وخاله الإيطالي جيوفاني تاجر الأقطان، وبشر عاشق للمدينة فهو مهوس دائما بالتجوال في أحيائها وشوارعها للبحث عن وسائل الترفيه والمتعة، ولكن بسبب انتمائه لأم إيطالية يشعر أحيانا بعدم مصريته، ولذلك يحاول دائما تأكيد هويته المصرية للإسكندرية”.
وشارك في المسلسل عدد كبير من الممثلين مثل جميل راتب، وماجدة الخطيب، وهدى سلطان، وآثار الحكيم، هالة صدقي، وإيمان، ومادلين طبر، وأبو بكر عزت، وفردوس عبد الحميد، وأحمد السقا، وسيمون وأحمد بدير، ولوسي، ونبيل الحلفاوي، وسيد عبد الكريم، وغيرهم.