رمضان في مصر
الدكتور السيد مرسي
مع الجمعة الأخيرة من شهر رمضان والذي وصفه سبحانه وتعالى في كتابه الحكي بـ “أَيَّامًا مَعدُودَاتٍ” والتى مضت سريعا وكأنها سويعات فَلِلَّهِ الحمد على ما بلغنا مِنهَا، وله الشكر والمنه عَلَى مَا وفقنا فيها.
وشهر رمضان في مصر يختلف إختلافا كليا وجزئيا عن أي بلد من بلدان العالم – ستجد هذه الكلمات يرددها أى زائر ويشعر بها كل مصري مغترب بعيد عن قضاء تشهر رمضان في مصر – لأن طقوس هذا الشهر تعد تراثا فريدا لكل الحضارات ويتجلى ذلك من خلال هذه المظاهر والروحانيات التالية:
فوانيس رمضان، أمام المنازل والشرفات والحوانيت بالأحياء الشعبية، وقد أصبحت رمز خاص بهذا الشهر، وانتقل هذا التقليد عبر الأجيال حيث يحمل الأطفال والصغار فوانيسهم طيلة هذا الشهر الكريم، ويخرجون بها بالقرى والاحياء الشعبية مرددين بعض من الأغاني الرمضانية، مثل أغنية “حلو يا حلو”، “وحوي يا وحوي”، وهذا الفانوس، ومدفع الإفطار يتجسد الأن من خلال التليفزيون والراديو. وموائد الرحمن التي نتنشر في ربوع المحروسة لإطعام الصائمين والفقراء، والمسافرين وصوت الشيح محمد رفعت والنقشبندي باعتبارهما من العلامات المميزة قبل الإفطار، وأصبحت زينة رمضان من العادات المنتشرة في كل مكان يقوم بها الفقراء والأغنياء والتي أصبحت كرنفال شعبي، اعتادت عليه كل الطبقات، فالجميع يقوم بتجهيز زينة شوارعهم، وقد كانت البدايات لهذه الزينات مع حكم الدولة الفاطمية، من جانب ما يطلق عليه بـ “راعي شئون الشارع”. بإعتباره المسئول عن شوارع القاهرة في العهد الفاطمي، والذى يقابله حاليا (وزير التنمية المحلية ) حيث يتم الشروع في هذه الزينة قبل بدء شهر رمضان ، وقد كان يأمر كل أصحاب المحلات بتنظيف الشارع كل ليلة بعد صلاة المغرب، ثم يقوم بوضع القناديل والفوانيس أمام محلاتهم للإضاءة، بالإضافة إلي تزيين الشارع ، وقد إعتاد أهالي المحروسة الخروج من منازلهم بعد الإفطار لأداء صلاة التراويح والاستمتاع بأصوات المنشدين بالساحات الشعبية والخيم والمقاهي ، وشراء الكنافة والقطايف، والحلوى المصرية والشامية ، والمشروبات الرمضانية الشهيرة، مثل قمر الدين، التمر الهندي، العرقسوس، السوبيا ، وغيرها من المشروبات التي يعشقها المصريين يضاف الى ذلك جميع أنواع المخللات بألوانها المختلفة التي لا تكتمل موائد الإفطار إلا بها ، وفى أخيرا المسحراتى وقد أشتق هذا الأسم من كلمة سحور، والمسحراتى كانت وظيفة أو مهمة الرسمية يقوم بها شخص محدد لتنبيه المسلمين ببدء موعد السحور، وبدء الاستعداد للصيام، ويحمل في يده طبلة وعصا، ينقر عليها صائحًا بصوت مرتفع “اصحي يا نايم اصحي وحد الدايم وقول نويت بكره إن حييت.. الشهر صايم والفجر قايم.. اصحي يا نايم وحد الرزاق.. رمضان كريم”.. جاء ذلك بأشعار فؤاد حداد وإنشاد سيد مكاوى وغيرهم وقد أصبحت عبر الأزمان تراثا شعبيا للمصريين
ما أسرع أيام السرور وأعجل انقضاءها، وما أشد فوات لحظات الفرح وأقسى زوالها، وَاللهِ لكأننا نتذكر يَومَ هَلَّ علينا بِالأَمسِ هلاله واستبشر الناس بنسيمه وظلاله، وها هي سفينته اليوم تسير سريعا، وساعته القليلة تمضى، ها هو قد أقترب رحيل شهر رمضان وأزف ، فيا ليت شعرى من المقبول منا فيسعد، ومن المردود فنعزيه ، وآخرا نسأل الله ان يعوده علينا مرات عديدة ويتقبل منا ومنكم الصيام وصالح الاعمال.
والى اللقاء: دكتور / السيد مرسى