الطلاق أمام المحاكم المصرية
دكتور / السيد مرسى
تعرّف محكمة النقض المصرية طلاق المسلمين في القانون بأنه هو حل رابطة الزوجية الصحيحة بلفظ الطلاق الصريح أو بعبارة تقوم مقامه تصدر ممن يملكه وهو الزوج أو نائبه، وتعرفه المحكمة الدستورية العليا بأنه هو من فرق النكاح التي ينحلّ الزواج الصحيح بها بلفظ مخصوص صريحاً كان أم كناية.
و يُشترَط في المُطلِّق أن يكون عاقلاً لا مجنوناً، وقد قضت محكمة النقض بأن: «المجنون في فقه الشريعة الإسلامية من أصيب باختلال في العقل يفقده الإدراك تماماً وتكون حالته حالة اضطراب، وحكمه أن تصرفاته القولية تكون باطلة بطلاناً كلياً ، وأن يكون بالغاً لا صبياً؛ فلا طلاق لصبي سواء كان مميزاً أم لا. ولا يقع طلاق المُكرَه الذي يتم بالإجبار. ولا يقع طلاق السكران، وكذلك لا يقع طلاق المدهوش الذي أصيب بصدمة أدّت لاضطراب أقواله وأفعاله، أما بالنسبة لطلاق المريض مرض الموت: فلو كان الطلاق رجعياً، فإنه لا يزيل الزواج في الحال؛ وبالتالي لا يؤثر على ميراث الزوجة. أما لو طلّق المريض مرض الموت زوجته المدخول بها طلاقاً بائناً بينونة صغرى أو كبرى، ثم مات وهي في عدّتها منه، فإنه يُعتبَر في حكم الفار من إرثها؛ وبالتالي ترث منه مطلقته رغم وقوع الطلاق.
ويقع الطلاق ، سواء كان باللفظ أو بالكتابة للعاجز عن الكلام أو بالإشارة من الزوج الأخرس. ولفظ الطلاق يمكن أن يكون صريحاً، لا يحتمل أي تأويل ولا يتطلب البحث عن نية الزوج؛ كأن يقول الرجل لزوجته: «أنتِ طالق». كما يمكن للفظ الطلاق أن يكون ضمنياً أو كنائياً؛ أي يمكن أن يحتمل معنى الطلاق أو غيره؛ كعبارة: «اخرجي من بيتي»، واللفظ الضمني يتطلّب معرفة نية الزوج: فإن قصد الطلاق فإنه يقع صحيحاً، وإن لم يقصده فلا يقع. وهذا ما تنص عليه المادة الرابعة من القانون رقم 25 لسنة 1929 من أن: (كنايات الطلاق؛ وهي ما تحتمل الطلاق وغيره، لا يقع بها طلاق إلا بالنية) ، ولا يقع الطلاق إلا على زوجة في زوجية صحيحة، سواء تمّ قبل الدخول أو بعده؛ فلا يقع الطلاق في الزواج الفاسد ولا يُحسَب من عدد الطلقات التي يملكها الزوج. ويقع الطلاق على المرأة المعتدة من طلاق رجعي أو بائن بينونة صغرى؛ لأن الزوجية في هاتين الحالتين تعتبر قائمة حكماً حتى تنقضي العدة ، وكذلك لا يقع الطلاق على المرأة المعتدة من فسخ زواج بسبب عدم الكفاءة أو نقص المهر عن مهر المثل أو لظهور فساد بالعقد، ولا يقع على المطلقة قبل الدخول وقبل الخلوة بها لأنها تكون أجنبية في تلك الحالة، ولا على المعتدة من طلاق ثلاث لأنها تكون مطلقة بطلاق بائن بينونة كبرى، ولا على امرأة أجنبية لم تربطها بالمُطلّق علاقة زوجية سابقة.
والحكمة من جعل الطلاق بيد الرجال لأنهم أكثر حكمة من النساء ،ولهذا لا يلزم لهم اللجوء إلى المحاكم. والشريعة الإسلامية ترى أن وجود زوجة حكيمة بمثابة استثناء للقاعدة، وأنت لا تستطيع التعميم استناداً إلى استثناء ، ويحق للمطلقة المصرية الحصول على مؤخر الصداق، وعلى نفقة في فترة العدة، وعلى ما يسمى “بالمتعة”، وهو مجموع نفقة عامين على الأقل (بناء على إمكانيات الزوج المادية، وظروف الطلاق، وطول فترة الزواج). ومع ذلك فإن الكثيرات من المصريات اللاتي يردن الطلاق قد أبدين استعدادهن للتنازل عن حقوقهن المالية، تحاشياً لإجراءات المحاكم الثقيلة الوطأة وغير المؤكدة النتائج. وهؤلاء النساء يطلبن من أزواجهن تطليقهن في مقابل التنازل عن حقوقهن.
وقد وضعت المادة 18 من مشروع قانون الأحوال الشخصية الجديد ، ضوابط جديدة للطلاق ” على أن للزوجين الحق في إضافة أي شروط لعقد الزواج ما لم تخالف هذه الشروط أحكام الدستور والقانون، وما هو مستقر من مبادئ الشريعة الإسلامية،
وفى الأخير أتوجه بالنداء الى المشرع المصرى والمشايخ والدعاة – ممن هم أهل الفتوى ، في المساجد ووسائل الإعلام والصحافة ،ووسائل التواصل الاجتماعى في مصر وغيرها من البلدان العربية والإسلامية وغير الإسلامية ، الى التأنى في مسائل الطلاق قبل إصدار الفتوى ، خاصة في مثل هذه المسألة لما لها من تأثير كبير على الأسرة المسلمة وعلى الحياة الاجتماعية في مصر والبلدان الأخرى ، وان كان الأصل ان الفتوى في هذه المسائل لا يكون إلا للجهات الرسمية المتخصصة والتي يجب ان تؤهل علماءها أو نخبة منهم للفتوى في مثل هذه المسائل
وإلى اللقاء :
دكتور / السيد مرسى