بعد حادث شبرا الخيمة.. كيف أصبح الدارك ويب السوق المفتوح لأبشع الجرائم؟
شهدت منطقة شبرا الخيمة جريمة بشعة، بعد العثور على جثمان طفل يبلغ من العمر 15 عامًا بإحدى الشُقَقِ السكنية المُستأجرة.
وأسفرت معاينة النيابة العامة لمكان الحادث عن تواجد جثمان المجني عليه وقد انتُزعت بعض أحشائه وجرى وضعها في كيس مجاور لجثته، وتوصلت التحريات إلى مرتكب الواقعة.
وبضبط المتهم واستجوابه أقر بارتكابه الجريمة بطلب من مصري مقيم بدولة الكويت، كان تعرف إليه عبر أحد مواقع التواصل الاجتماعي الخاصة بتجارة الأعضاء البشرية.
وأكدت التحقيقات أن الهدف لم يكن تجارة الأعضاء، بل بيع فيديو الجريمة بمبالغ فلكية عبر مواقع الإنترنت غير المشروعة.
وتفتح تلك الجريمة البشعة باب التساؤلات حول عالم “الدارك ويب” الذي يمثل سوقا واسعا لأفظع الأنشطة الإجرامية من تجارة الأعضاء البشرية والجنس والقتل وبيع السلاح وتجارة المخدرات.
* ما هو الدارك ويب؟
يعتبر الدارك ويب ملجأ لتخفي مستخدمي الإنترنت لتوفر مساحة آمنة لممارسة أنشطة بعيدة عن رقابة وتتبع السلطات والمجتمع؛حيث يتم استخدام
أنظمة معقدة تعمل على إخفاء هوية عنوان الحقيقي للمستخدم، مما يجعل من الصعب جدًا تحديد مواقع الويب التي زارها الجهاز، ويجري ذلك عن طريق برامج مخصصة، أشهرها يسمى “Tor”،وفقًا لموقع الوكالة الوطنية لمكافحة الجريمة، التابع للحكومة البريطانية.
وتعمل هذه المواقع بنظام الدعوات، فلا يستطيع أي شخص الدخول إلى الموقع أو تصفح محتواه ما لم يحصل على دعوة من عضو فاعل في الموقع، كما لا يمكن الوصول إلى مواقع “دارك ويب” إلا من خلال محركات بحث معينة.
وبحسب مجلة “إنفو سكيوريتي” المتخصصة في الشئون الأمنية، فقد تزايد حجم أعضاء منتدى الإنترنت المظلم أثناء تفشي جائحة كورونا مطلع عام 2020، إذ ارتفع عدد الزوار بنسبة 44% على العام السابق عليه.
ووفق أحدث بيانات في 2020، شهدت عائدات التعاملات على مواقع “دارك ويب” ارتفاعًا ملحوظًا لتصل إلى 1.5 مليار دولار، مقارنة بـ1.3 مليار دولار في عام 2019.
* الدارك الماركت
هو عبارة عن مواقع على الإنترنت تقدم خدمات بث مباشر، لمقاطع تعذيب وقتل واغتصاب مدفوعة الثمن، كفيديوهات لضحايا مقيدين أثناء عملية تعذيبهم على يد ملثمين إلى أن يصل الأمر أحيانًا إلى القتل بعد تقطيع الأعضاء البشرية.
وبحسب تحقيق لمنصة” جسور”؛ فقد كشفت التحقيقات أن موقع “دارك ماركت” كان أكبر سوق في العالم على “دارك ويب” بواقع 500 ألف مستخدم، وأكثر من 2400 بائع، وأبرمت فيه 320 ألف صفقة على الأقل عبر العملات الرقمية بقيمة إجمالية تصل نحو 143 مليون دولار.
وفي عام 2015، شكلت المنتجات المرتبطة بالمخدرات 70% من إجمالي المبيعات في أسواق الإنترنت المظلم.
* سوق سلاح مفتوح
ومن أبرز العناصر التي يشملها الأسواق المشبوهة للدارك ويب، تأتي تجارة السلاح عبر الحدود الدولية، الذي يستضيف العديد من الأسواق السوداء المختلفة عبر الإنترنت التي تسهل بيع الأسلحة النارية والأسلحة والمتفجرات والمواد الرقمية المحظورة.
لقد تزايد دور الويب المظلم بشكل بارز في السنوات الأخيرة بعد ارتباطه بحادث إطلاق النار في ميونيخ عام 2016 ، حيث استخدم إرهابي ذئب منفرد سلاحًا تم شراؤه من الويب المظلم.
وعززت هذه الهجمات الإرهابية القلق العام واسع النطاق من أن شبكة الإنترنت المظلمة هي أداة تمكين وتسهيل للإرهابيين والمجرمين المنظمين الذين يبحثون عن أسلحة نارية.
ومع ذلك، على الرغم من هذه المخاوف، لا يُعرف سوى القليل جدًا عن حجم ونطاق تجارة الأسلحة على شبكة الإنترنت المظلمة.
ويبدو أن الولايات المتحدة هي المصدر الأكثر شيوعًا للأسلحة المعروضة للبيع على شبكة الإنترنت المظلمة. ويرتبط ما يقرب من 60% من قوائم الأسلحة النارية بمنتجات مصدرها الولايات المتحدة.
ويلي ذلك مجموعة مختارة من البلدان الأوروبية، التي تمثل حوالي 25%، في حين تمثل مواقع المنشأ غير المحددة حوالي 12%.
ومع ذلك، تمثل أوروبا أكبر سوق لتجارة الأسلحة على شبكة الإنترنت المظلمة، حيث تولد إيرادات أعلى بنحو 5 أضعاف من الولايات المتحدة.
وكانت قوائم الأسلحة النارية 42% هي القوائم الأكثر شيوعا على شبكة الإنترنت المظلمة، تليها المنتجات الرقمية المتعلقة بالأسلحة 27% وغيرها، بما في ذلك الذخيرة 22%.
وكانت المسدسات هي الأسلحة النارية الأكثر شيوعاً 84%، تليها البنادق 10% والمدافع الرشاشة الصغيرة 6%، وذلك وفقا لدراسة أجرتها جامعة مانشستر بالشراكة مع مؤسسة راند أوروبا.
* البيدوفيليا
ورغم الحيز الكبير الذي تشغله جرائم تجارة السلاح غير المشروع بين النشاط المشبوه ل” الدارك ويب” فإن جريمة تسبق اهتمامات المترددين على ذلك الفضاء.
وقدم جاريث أوين الباحث علوم الكمبيوتر بجامعة بورتسموث، دراسة أظهرت أن أكثر من 4 من أصل 5 زيارات لموقع خدمات “تور” المخفية كانت إلى وجهات عبر الإنترنت تحتوي على مواد جنسية للأطفال، وهذا يزيد على 5 أضعاف أي فئة من فئات المحتوى الأخرى التي وجدها هو وباحثوه في استطلاع الويب المظلم، مثل المقامرة أو المواقع المرتبطة بالبيتكوين أو الإبلاغ عن المخالفات مجهولة.
وتعرف الموسوعة البريطانية “البيدوفيليا” على أنها “اضطراب نفسي جنسي، يؤثر بشكل عام على البالغين، ويتميز بالاهتمام الجنسي بالأطفال قبل سن البلوغ، أو محاولات الانخراط في أعمال جنسية مع الأطفال قبل سن البلوغ”، وهو المعنى المتعارف عليه في أدبيات التشخيص النفسي.