نائب رئيس مجلس الوزراء البحريني: العلاقات المصرية – البحرينية نموذج للشراكة الأخوية والعمل العربي
• رؤية دبلوماسية متطابقة للأمن القومي العربي وإرساء السلام الإقليمي
• حرص متبادل على رفع التبادل التجاري لأكثر من مليار دولار سنويا.. والاستفادة من الفرص الواعدة
أكد الشيخ خالد بن عبد الله آل خليفة نائب رئيس مجلس الوزراء بمملكة البحرين، أهمية العلاقات التاريخية المصرية – البحرينية، وما تشهده من تقدم وازدهار باعتبارها نموذجا في الأخوة والتلاحم والعمل العربي المشترك في ظل القيادة الحكيمة للرئيس عبدالفتاح السيسي، وأخيه الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البحرين.
وثمن نائب رئيس مجلس الوزراء البحريني، في حوار لوكالة أنباء الشرق الأوسط، النتائج المثمرة للقمة الأخيرة بالقاهرة التي جمعت قيادتي البلدين، في تأكيد على الحرص المتبادل على توطيد أواصر التكامل والشراكة الاستراتيجية، وتطابق المواقف الدبلوماسية الحكيمة قبيل انطلاق أعمال القمة العربية بالمنامة في مايو المقبل، بشان التزامهما بحماية الأمن القومي العربي، ودعم الحقوق والمصالح العربية، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية.
وأكد الشيخ خالد بن عبد الله آل خليفة، حرص البلدين على رفع حجم التبادل التجاري إلى أكثر من مليار دولار أمريكي سنويا، والاستفادة من الفرص الواعدة في قطاعات الصناعة والطاقة والسياحة والتعليم والتنمية البشرية.
وحول تقييمه للعلاقات المصرية – البحرينية وما تتسم به من خصوصية وتطور، لاسيما في ضوء الزيارة الأخيرة للملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البحرين إلى القاهرة ولقائه الرئيس عبد الفتاح السيسي، قال الشيخ خالد بن عبد الله آل خليفة، إن القمة البحرينية – المصرية الأخيرة في القاهرة تمثل دفعة قوية جديدة لمسيرة العلاقات الأخوية التاريخية الوثيقة والمتميزة بين البلدين الشقيقين، وما تشهده من تقدم وازدهار كنموذج في التلاحم والعمل العربي المشترك في ظل القيادة الحكيمة لزعيمي البلدين.
وأضاف: “لقد أكدت هذه الزيارة الأخوية الرسمية حرص قيادتي البلدين على توطيد أواصر التكامل السياسي والاقتصادي والتجاري والشراكة الاستراتيجية الشاملة بما يعود بالخير والنماء على كلا البلدين والشعبين الشقيقين، واستمرار التنسيق والتشاور بما يجسد وحدة الصف وتطابق الرؤى والمواقف الدبلوماسية الحكيمة قبيل انعقاد أعمال القمة العربية بالمنامة في التزامهما بحماية الأمن القومي العربي، ودعم الحقوق والمصالح العربية، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية”.
وتابع أن الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة، ملك مملكة البحرين يؤكد دائما اعتزاز مملكة البحرين بعلاقاتها التاريخية مع مصر العروبة، والقائمة على الاحترام المتبادل ووحدة الهدف والمصير، وتقديرها لمكانتها كمهد للأمن والسلام، وموطن للخير والاستقرار، وعمق استراتيجي لأمن الخليج العربي، وخير سند لأمتها العربية والإسلامية.
وردا على سؤال حول كيفية تعزيز التعاون الاقتصادي بين البحرين ومصر في المجالات المختلفة مثل التجارة والاستثمار والسياحة، قال نائب رئيس الوزراء البحريني، إن بناء على الأساس المتين الذي رسخته قيادتا البلدين الحكيمتان، فإن البلدين يتمتعان بإمكانات هائلة لتعزيز العلاقات الاقتصادية بينهما بشكل أكبر، وسعياً لتحقيق ذلك يركز كلا البلدين على مجالات رئيسية عدة، فقد انضمت مملكة البحرين إلى الشراكة الصناعية التكاملية لتنمية اقتصادية مستدامة إلى جانب جمهورية مصر العربية، ودولة الإمارات العربية المتحدة، والمملكة الأردنية الهاشمية، والمملكة المغربية.
وذكر أن تلك الشراكة تهدف إلى تحقيق التكامل بين المقومات والإمكانات التي تملكها الدول المنضمة لها، مما يتيح فرصاً صناعية تسهم في تنويع الاقتصاد، وزيادة تنافسية ومرونة وتكامل القطاع الصناعي، حيث يعد قطاع الصناعة من ركائز التنويع الاقتصادي ومحوراً مهماً من محاور التنمية الوطنية شاملة الأبعاد.
وأوضح أن مملكة البحرين تسعى لإيجاد شراكات صناعية بحرينية– مصرية، وعقد اتفاقيات شراء وفرص لإحلال وارداتها من خارج منظومة الدول الأعضاء، وبلغت قيمة الاستثمارات التقديرية التي تمت ضمن الشراكة الصناعية التكاملية حتى الآن ما يفوق سبعة مليارات دولار، وذلك بعد أن شهدت المنامة في فبراير 2023 توقيع 12 اتفاقية شراكة في تسعة مشاريع صناعية باستثمارات تتجاوز ملياري دولار، وبإمكان المستثمرين الصناعيين الاستفادة من جميع المشاريع المطروحة من القطاع الخاص للاستثمار في البحرين ومصر، مما يعزز آفاق التعاون والعمل المشترك في مختلف القطاعات الصناعية وتكاملها.
أما على الصعيد التجاري والسياحي، أشار نائب رئيس الوزراء البحريني، إلى أن تنظيم المعارض التجارية المشتركة سيسهم بلا شك في تعزيز حجم التجارة الثنائية، وخلق بيئة جاذبة للمستثمرين، وتحديد القطاعات ذات الأولوية مثل: البنية التحتية، والسياحة، والطاقة المتجددة، وتقديم حوافز مجزية لجذب الاستثمارات المشتركة. كما أن التعاون في هذه القطاعات، والترويج لبرامج سياحية مشتركة وتسهيل حركة السياح سيعزز الشراكة بشكل أكبر.
وأبدى أمله في التوصل إلى المزيد من الشراكات الجديدة في عدة قطاعات واعدة على رأسها السياحة، مستندين في ذلك إلى ما تملكه جمهورية مصر العربية من تطور في صناعة السياحة باعتبارها من أبرز الوجهات السياحية الكبرى على مستوى العالم وما تملكه من مقومات وإمكانات سياحية فريدة من نوعها تجعلها قبلة السائحين حول العالم.
وقال: “ولا يخفى عليكم أن الحكومتين المصرية والبحرينية ومن خلال اللجنة المشتركة تعملان على وضع استراتيجية مشتركة للتعاون الاقتصادي ومراقبة التقدم بشكل دوري، وتعزيز التواصل بين رجال الأعمال من خلال الفعاليات المشتركة، وبذلك ومن خلال العمل معًا، يمكن للقطاعين الخاصين في كلا البلدين أيضاً إقامة شراكات مثمرة والاستفادة من برامج ريادة الأعمال المصممة لتقديم التدريب والتوجيه وتمويل المشاريع”.
وحول سبل تعزيز حجم التبادل التجاري بين البلدين إلى مستويات أعلى، قال نائب رئيس الوزراء البحريني، إن العلاقات الاقتصادية بين البحرين ومصر تتسم بالطابع الإيجابي، حيث يتمتع البلدان بعلاقات تجارية وصناعية قوية، إذ بلغ حجم التبادل التجاري بينهما 571 مليون دولار أمريكي عام 2023.
ويولي البلدان اهتماما كبيرا بتعميق الشراكة التنموية من خلال حرص حكومتي البلدين برئاسة الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، والدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء بجمهورية مصر العربية، على تفعيل أكثر من 80 اتفاقية ومذكرة تفاهم وبرنامجا تنفيذيا للتعاون الثنائي، ودعم دور اللجنة الحكومية المشتركة للتعاون التجاري والاقتصادي والعلمي والتكنولوجي، وتعزيز حركة الاستثمار والتجارة البينية، عبر إنشاء المنصات المشتركة للاستثمار، وتكثيف الزيارات للوفود الاقتصادية والتجارية من القطاعين العام والخاص، في ظل سعي البلدين إلى رفع حجم التبادل التجاري إلى أكثر من مليار دولار أمريكي سنوياً، والاستفادة من الفرص الواعدة في قطاعات الصناعة والطاقة والسياحة والتعليم والتنمية البشرية.
وردا على سؤال حول الفرص الجديدة التي يمكن استغلالها في تعزيز التعاون الثنائي بين مصر والبحرين في المستقبل، خاصة في ظل التطورات الاقتصادية والسياسية الحالية، قال نائب رئيس الوزراء البحريني، إن ما شهده العالم من تحديات مثل جائحة فيروس كورونا (كوفيد-19)، والحرب الروسية الأوكرانية، والصراعات في المنطقة، تحتم علينا بذل المزيد من الجهود لتحقيق التعاون لما فيه استدامة الموارد والقطاعات الاقتصادية المختلفة؛ لذا فإنه من المهم الاستفادة من جميع الإمكانيات التي توفرها كلا البلدين.
وأضاف: “نرحب بالاستثمارات الصناعية المصرية في مملكة البحرين في المجالات ذات الأولوية مثل صناعة الأدوية والأغذية، وأشباه الموصلات، ومنتجات الطاقة المتجددة التي نعمل على تهيئة البيئة الاستثمارية لها عبر طرح الحوافز، بما يتماشى مع استراتيجية قطاع الصناعة لمملكة البحرين للأعوام (2022-2026)، علاوةً على إمكانية إقامة منتديات استثمارية لجذب الاستثمارات الأجنبية إلى المشاريع المشتركة بين البلدين، وإطلاق حملات ترويجية مشتركة للترويج للمنتجات والخدمات المصرية والبحرينية في الأسواق الخارجية، وإنشاء مجلس أعمال مشترك مصري – بحريني لتسهيل التواصل بين الشركات في البلدين وتحديد فرص التعاون التجاري”.
وحول رؤيته للتجربة المصرية في الإصلاح الاقتصادي، ومبادراتها لجذب الاستثمارات، قال إن مصر بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي شهدت إصلاحات اقتصادية رائدة أكسبتها ثقة المؤسسات المالية والنقدية العالمية. ولا شك أن الاستقرار السياسي والأمني الذي تتمتع به البلاد، والمشروعات التنموية العملاقة القائمة، وخاصة في مجال البنية التحتية، والفرص والحوافز التشريعية والتجارية المشجعة في عمليات التمويل والإعفاءات في المناطق الحرة والمناطق الصناعية، بما في ذلك المنطقة الاقتصادية في قناة السويس، ستعزز من قدراتها على جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وستدعم مساعي المملكة لتنمية استثماراتها وإقامة المزيد من المشروعات المشتركة، لاسيما في ظل وجود 216 شركة بحرينية عاملة في السوق المصري برأسمال يقدر بنحو 3.3 مليار دولار.
وردا على سؤال حول مظاهر التطور الحضري والعمراني الذي شهدته مصر مقارنة بآخر زيارة له، قال نائب رئيس الوزراء البحريني: “لقد أعجبنا كثيرا بما شاهدنا من مظاهر تطور حضري وعمراني تشهده مصر الشقيقة، وسرنا كثيراً مشروع العاصمة الإدارية الجديدة التي كانت لنا فرصة زيارتها والاطلاع على مكوناتها، وما تعكسه من تجربة رائدة تحسب لمصر في النهضة والتنمية والتطوير. وأود هنا أن أشيد بالتزام مصر بتنفيذ مشروعات قومية كبرى لها تأثير إيجابي على البنية التحتية للاقتصاد المصري، مثل قناة السويس الجديدة إلى جانب مشروع بناء العاصمة الإدارية الجديدة بطبيعة الحال.
وأضاف: “إننا في مملكة البحرين نثمن كافة الجهود المصرية المبذولة في سبيل الإصلاح الاقتصادي وجذب الاستثمارات الخارجية، ونُقدر كذلك التقدم الذي أحرزته مصر في هذا المجال، والذي شمل إقرار عدد من الإصلاحات الهيكلية المهمة، مثل: تبسيط الإجراءات، وتحسين بيئة الاستثمار، وتوحيد قوانين الاستثمار، مما ساهم في جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية، مما مكّن مصر الشقيقة من تحقيق معدلات نمو اقتصادي ملحوظة في السنوات الأخيرة، مدفوعة بانتعاش قطاعات حيوية مثل السياحة والزراعة والتصنيع”.
وحول تقييمه للمناخ الراهن للاستثمار في مصر في ظل التسهيلات التي تقدمها الدولة والمجالات التي تسعى مملكة البحرين للتوسع من خلالها في الاستثمار بمصر، والدفع بحجم الاستثمارات البحرينية، أكد أن مملكة البحرين والمستثمرين الصناعيين يسعون لزيادة حجم الاستثمار في مصر، حيث توجد العديد من فرص الاستثمار والتعاقدات والمشاريع التي تربط القطاع الخاص في كلا البلدين، ومما سيسهل ويشجع على زيادة الاستثمارات هو القيام بخطوات متقدمة لتسهيل التحويلات المالية والدفع بالعملات الأجنبية وتوفيرها في مصر.
وتابع: “لا شك في أن المناخ الاستثماري في مصر يشهد تطورات إيجابية ملحوظة بفضل الجهود الحكومية الحثيثة لجذب الاستثمارات الخارجية”.
وردا على سؤال بشأن التنسيق السياسي والأمني بين البلدين ومدى توافق الرؤية المصرية والبحرينية في مواجهة التحديات الإقليمية والجهود الرامية لمكافحة التطرف والإرهاب، أكد نائب رئيس الوزراء البحريني، أن البلدين يحرصان على استمرار التعاون الاستراتيجي والتنسيق السياسي والأمني في إطار رؤية دبلوماسية مشتركة ومتطابقة تسعى لحماية الأمن القومي العربي وإرساء السلام الإقليمي، وتعزيز العمل العربي المشترك في المحافظة على أمن المنطقة واستقرارها وسيادتها ورفض التدخلات الخارجية في شئونها الداخلية، وترسيخ التعايش السلمي والحوار بين الثقافات والأديان، ومتابعة التنسيق وتبادل الخبرات والمعلومات في الشؤون الأمنية والدفاعية ومكافحة التطرف والإرهاب وغسل الأموال والجرائم المنظمة عبر الأطر الثنائية والتعاون العربي والدولي.
وقال: “لقد عبّرت مملكة البحرين في مواقف عدة عن تقديرها للمواقف التاريخية المشرفة لمصر في مساندتها لأمن الخليج العربي وعروبته، باعتباره جزءاً لا يتجزأ من أمنها القومي، وأكدت المملكة تضامنها وتأييدها لما تتخذه مصر من إجراءات مشروعة لحماية أمنها واستقرارها وتأمين حدودها وأراضيها وسلامة شعبها الشقيق في محاربة الإرهاب، وغيرها من المواقف الداعمة لحقوق الشعبين الشقيقين والمنطقة في الاستقرار والتنمية والرخاء”.
وحول تطلعاته للقمة العربية المقبلة في مملكة البحرين، خاصة وأنها أول قمة عربية عادية منذ تطورات الأوضاع الأخيرة في قطاع غزة، بين أن مملكة البحرين تعتز باستضافة القمة العربية في دورتها الثالثة والثلاثين لأول مرة في تاريخها وتتطلع إلى خروج هذه القمة بقرارات ونتائج مثمرة تدعم جهودنا المشتركة إزاء التحديات والتهديدات الإقليمية والدولية المتزايدة.
وقال إن في مقدمة أولويات القمة إنهاء الحروب والنزاعات بالطرق السلمية عبر تحرك فاعل لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، وإيصال المساعدات الإنسانية والإغاثية للمدنيين بشكل آمن وكافٍ، ورفض مخططات الهجوم على رفح أو التهجير القسري للسكان من أراضيهم، وإحياء عملية السلام الشامل والعادل والدائم في منطقة الشرق الأوسط بنيل الشعب الفلسطيني الشقيق حقوقه المشروعة في إقامة دولته المستقلة ذات السيادة على حدود عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، على أساس حل الدولتين، وفقاً لمبادرة السلام العربية وقرارات الشرعية الدولية، وقبول دولة فلسطين عضواً كامل العضوية في الأمم المتحدة، وخفض التوترات ومنع التصعيد العسكري، وتجاوز أي خلافات بينية وتسوية الأزمات والصراعات كافة عبر الحوار والتفاوض.
وأضاف نائب رئيس الوزراء البحريني: “إننا نتطلع بقوة لدفع مسيرة التعاون والشراكة التنموية والاقتصادية العربية، وتذليل جميع العوائق أمام حركة التجارة والاستثمارات، ومواصلة التنسيق والشراكة الدولية في حماية الملاحة الدولية في الخليج العربي والبحر الأحمر، وتحقيق الأمن المائي والغذائي، بما في ذلك التوصل لاتفاق ملزم لحل مسألة سد النهضة وفق قواعد القانون الدولي، بما يحفظ الحقوق المائية التاريخية لمصر والسودان، وصون مقدرات الوطن العربي وثرواته، والحفاظ على قيمه وهويته الحضارية عبر مبادرات تعليمية وإعلامية وثقافية مشتركة، وغيرها من أوجه التضامن والتكامل بما يلبي تطلعات أمتنا العربية في الوحدة والرخاء والازدهار والتنمية المستدامة، والسلام الإقليمي والعالمي.