نقد فني حول الملتقيات الفنية في الوسط الفني التشكيلي الحالي
كتب المهندس / محسن سري
في السنوات الأخيرة، شهد الوسط الفني التشكيلي انتشارًا واسعًا للملتقيات الفنية. ومن المفترض أن تكون هذه الملتقيات منصات للتبادل الثقافي والفني، تهدف إلى تعزيز التفاعل بين الفنانين من مختلف الدول وتقديم تجارب جديدة تضيف للحركة الفنية. ولكن، هل هذه الملتقيات تحقق بالفعل هذا الهدف السامي؟ وهل من يقوم بتنظيمها مؤهلون حقًا ليكونوا قادة للفن المعاصر؟
الخلفية الأكاديمية والخبرة الفنية
من المؤسف أن الكثير من منظمي هذه الملتقيات يفتقرون إلى الخلفية الأكاديمية والخبرة الفنية اللازمة. في العادة، يتطلب تنظيم ملتقى فني ناجح أن يكون المنظمون من الفنانين المبدعين أو الأكاديميين الذين أضافوا بالفعل شيئًا جديدًا إلى الحركة الفنية. يجب أن يكون لديهم فهم عميق للفن التشكيلي ومدارسه المختلفة، بالإضافة إلى عضوية في نقابات فنية معترف بها. لكن الواقع يشير إلى أن العديد من هؤلاء المنظمين ليسوا متخصصين في الفن، ولم يكتسبوا الخبرة الفنية الكافية.
الأهداف التجارية والربحية
للأسف، يبدو أن الهدف الأساسي لكثير من هذه الملتقيات هو التجارة والربح المادي بدلاً من النهوض بالفن. يقوم بعض المنظمين باستقطاب فنانين من خارج البلاد ليس بهدف تبادل التجارب الفنية والثقافية، بل من أجل تحقيق مكاسب مادية. هذه الممارسات تؤدي إلى انحراف عن الغرض الحقيقي للملتقيات الفنية، حيث تُصبح هذه الفعاليات أقرب إلى جولات سياحية تستغل اسم الفن للترويج التجاري.
ضرورة الأسس الفنية القوية
يجب أن تستند الملتقيات الفنية إلى قواعد وأسس فنية واضحة تُضيف قيمة للفنانين المشاركين، وتُتيح لهم فرصة التعرف على التراث الفني والسمات المميزة لكل دولة مشاركة. بالإضافة إلى ذلك، يجب أن تكون هذه الملتقيات منصات لتشجيع الفنانين المبتدئين، وإتاحة الفرص لهم للتعلم والتطور.
دور النقابات الفنية
من المهم أن تتدخل نقابات الفنانين التشكيليين لضبط هذه الظاهرة، ووضع معايير صارمة لتنظيم الملتقيات الفنية. يجب أن يكون هناك إطار قانوني يحمي الفن والفنانين من استغلال هؤلاء المدعين، ويضمن أن تكون الملتقيات الفنية مكرسة حقًا لتطوير الحركة الفنية.
الخاتمة
لكل فنان غيور على فنه دور في التصدي لدخلاء الفن، ورفض الانخراط في ملتقيات تفتقر إلى القيمة الفنية الحقيقية. يجب أن نعمل جميعًا على حماية الفن من الاستغلال التجاري، والتأكيد على أهمية الخبرة الفنية والأكاديمية في تنظيم أي نشاط فني. فقط من خلال التمسك بهذه القيم يمكننا ضمان أن تظل الملتقيات الفنية منصات حقيقية للإبداع والتبادل الثقافي.
مع تحياتي
م/ محسن سري
فنان تشكيلي ومهندس ديكور