بعد تتويجه بجائزة النيل للإبداع.. المخرج محمد فاضل يرصد لـ«الشروق» أهم 10 محطات فى حياته الفنية
يبقى المخرج محمد فاضل أحد الأسماء البارزة فى تاريخ الدراما والسينما المصرية، فهو على مدار نصف قرن قدَّم عشرات الأعمال التى تُعد علامات فنية مهمة التف حولها الجمهور والنقاد، ونالت العديد من الجوائز، ليتوج المشوار مؤخرًا بمنحه جائزة النيل للإبداع فى مجال الفنون.
وفى السطور التالية يبوح لنا المخرج الكبير محمد فاضل بأهم عشر محطات فى رحلته، ما بين تأثير وتأثر.
1- مرحلة الصبا
طفل وُلد فى الإسكندرية وتعلم فى مدارس خاصة، والمدرسة الابتدائية كان بها مكتبة وكان هناك اهتمام بالأنشطة الفنية كالقراءة والخط والموسيقى بجانب الدراسة، كان هناك أنشطة كثيرة يحصل عليها التلميذ فى ذلك الوقت فقطعًا ساعدت فى تكوينى، إلى جانب اهتمامى بالراديو فلم يكن هناك تليفزيون والسينما كانت مسألة محدودة، والراديو فى ذلك الوقت كان له قيمته وبرامجه الثقافية أو حتى الدراما التى تقدم فى رمضان مثل «ألف ليلة وليلة» لطاهر أبو فاشا ومحمد محمود شعبان و«أحسن القصص» لمحمد على ماهر ويوسف الحطاب.
والمدرسة الثانوية كان بها مسرح وملاعب، الأنشطة المدرسية فى تلك المرحلة مهمة جدا، كانوا يهتمون بالتربية الرياضية والنشاط الثقافى بجانب المواد الدراسية، لذلك نجد جيلا كاملا عمل فى الفن أو فى الأدب وغيرها من المجالات من هذا المنطلق، فى الجامعة كنت فى كلية زراعة جامعة الإسكندرية والتى كان بها مسرح وحمام سباحة وملاعب رياضية ومكتبة أدبية تابعة للجامعة وليست علمية فقط، كل ذلك ساعد فى تكوينى فى مرحلة الصبا.
2- فرقة الدمرداش
فى منتخب جامعة الإسكندرية المسرحى كانوا يأتون بأساتذة يدرسون لنا علوم المسرح والفنون، ومن أساتذة المسرح فى ذلك الوقت زكى طليمات وحمدى غيث وعبد الرحيم الزرقانى ونور الدمرداش، وذلك أفادنى كثيرًا، لأن لم يكن يوجد فى ذلك الوقت معهد مسرح فى الإسكندرية، ما كان يحدث لنا فى المنتخب كان بمثابة معهد مسرح خاص ومعه أسبوع شباب الجامعات وغيره من الأنشطة الفنية والثقافية فى الجامعات كان لها دور رئيسى، بعد التخرج كوَّن المخرج نور الدمرداش فرقة مسرحية جمعت خريجى كليات جامعة الإسكندرية، وكُنا نصنع موسما صيفيا على مسارح الإسكندرية.
وبدأ التليفزيون 1960 مع تخرجى، وشاركت مع المخرج نور الدمرداش كمساعد مخرج من بداية تخرجى، وفى نفس الوقت كنت موظفا فى وزارة الزراعة ثم استقلت، لأننى لم أستطع أن أجمع بين العملين وتفرغت للتليفزيون، وكان وقتها التليفزيون أبيض وأسود والمسلسلات قليلة، مسلسل واحد يُذاع مرة واحدة فى الأسبوع وسهرة تليفزيونية كل شهر.
3- القاهرة والناس
فى عام 1962 تم إنشاء مسارح التليفزيون من خلال دكتور عبد القادر حاتم وزير الإعلام فى ذلك الوقت، وامتحنت كمساعد مخرج ومدير مسرح وأصبحت مُعيّنا فى مسرح التليفزيون إلى جانب عملى فى مسلسلات التليفزيون بالقطعة، وانتقلت وقتها من الإسكندرية إلى القاهرة، ثم انتقلت إلى ماسبيرو، تفرغ تام كمساعد مخرج مع نور الدمرداش، وكان إخراج المسلسلات وقتها قاصرا على المخرجين الكبار، وكان الإخراج يبدأ بمسلسل نصف ساعة ثم ساعة ثم ساعة ونصف، وكانت أول تمثيلية أخرجتها عام 1964 باسم «والله عال» مدتها نصف ساعة، وبعدها قدمت تمثيلية «الامتحان» كانت مدتها 45 دقيقة لفتت النظر وقتها، ثم تمثيلية طويلة مدتها 3 ساعات «أبى ذر الغفارى» تم إذاعتها على جزأين، وهى عن الصحابى الجليل أبو ذر الغفارى، ومن حظى أن الرئيس جمال عبد الناصر شاهدها واتصل بى وزير الإعلام فى ذلك الوقت وأبلغنى أن الرئيس قرر أن يُصرف لى مكافأة مالية قيمتها 100 جنيه، ومرتبى فى ذلك الوقت كان 17 جنيها، إلى جانب سفرى بعثة لألمانيا الشرقية لمدة شهرين، وبعد عودتى، الإعلامى سعد لبيب مدير عام البرامج فى ذلك الوقت طلب منى أن أقدم مسلسلا اجتماعيا عائليا حلقات منفصلة متصلة وهذه كانت بداية «القاهرة والناس»، المسلسل الذى قدمنى أكثر للجمهور، كان عدد حلقاته 82 حلقة بدأ من 1967 واستمر إلى 1972، وبعدها أخرجت مسلسلات متنوعة من أشهرها «أبنائى الأعزاء شكرًا» و«بابا عبده» و«صيام صيام» و«وقال البحر» و«ليلة القبض على فاطمة» و«عصفور النار».
4- أحلام الفتى الطائر
أول مسلسل مثله عادل إمام كدور رئيسى كانت سباعية «الفنان والهندسة» عام 1969، من إخراجى 1969 وتأليف على سالم وشارك فى بطولته مديحة حمدى، وفى العام التالى قدمنا معًا سباعية «الرجل والدخان» تأليف عاصم توفيق وبطولة عادل إمام مع ليلى طاهر، إلى أن تعاونا فى «أحلام الفتى الطائر» 1978، وفى عام 1982 عرضت عليه سيناريو «حب فى الزنزانة» والذى أعجب به وقدمناه معًا، وأخرجت له تليفزيونيًّا مسرحيتين «شاهد ما شافش حاجة» و«الزعيم».
5- أنا وأسامة أنور عكاشة
بداية لقائى بالمؤلف أسامة أنور عكاشة كانت فى مسلسل «وقال البحر»، وكانت مرحلة جديدة ومختلفة علينا نحن الاثنين، ثم استمرت وقدمنا 8 أعمال معًا منهم «رحلة السيد أبو العلا البشرى» و«عصفور النار».
كلمة الأدب التليفزيونى تنطبق على أسامة أنور عكاشة، لأنه فى الأساس كاتب روائى، فالرواية هى أساس العمل الدرامى، والسيناريو حرفة، وأسامة كان يتميز بذلك، وكان يمتاز بحوار بسيط ودقيق، وكأنه دخل كل البيوت المصرية وسار فى شوارعها وحواريها.
6- السينما
هناك نقلة مهمة بعدما أصبحت مخرجا تليفزيونيا معروفا، بدأت الإخراج السينمائى وأول علاقتى بالسينما بفيلم إنتاج أفلام التليفزيون أبيض وأسود 35 ملى اسمه «اثنين – واحد – صفر»، وحصل الفيلم على العديد من الجوائز فى مسابقات وزارة الثقافة عام 1972، وكان تأليف عصام المغربى، ثم قدمت أفلاما تسجيلية، وأول فيلم عرض سينمائى عام للجمهور فيلم «شقة فى وسط البلد» 1976، بطولة نور الشريف ومحمود ياسين ومرفت أمين وصلاح السعدنى، ثم قدمت «حب فى الزنزانة» ثم «طالع النخل» و«ناصر 56» عام 1995، ثم فيلم «كوكب الشرق» عام 1998.
7- مسرح القهوة
فى الجامعة عشت محطة مسرح كبيرة جدًا، وأخرجت العديد من المسرحيات، منها أول مسرحية قدمها الفنان محمود عبد العزيز وكانت «مشهد من فوق الجسر» وهو كان فى عامه الأول فى الجامعة وكنت تخرجت فى الكلية، وكما ذكرت سابقًا من خلال الفرقة التى أسسها لنا المخرج نور الدمرداش، كنا نقدم موسما فى الصيف، وأخرجت فى الثقافة الجماهيرية مسرحية «القناع» لفرقة المنصورة المسرحية.
ثم مسرح القهوة كانت تجربة جديدة عام 1970، تأليف ناجى جورج، وعرضنا فى قهوة «متاتيا» بالعتبة، ثم عرضنا فى أكثر من مقهى بعد ذلك فى الجيزة ومصر الجديدة وطنطا وإسكندرية، وكتبت عنها العديد من الجرائد المصرية والأجنبية.
وفى المشوار قدمت مسرحية «البحر بيضحك ليه» مع الفنانين المتحدين و«عجايب» على مسرح البالون، تأليف أحمد فؤاد نجم وألحان فاروق الشرنوبى وبطولة فردوس عبد الحميد ومحمود الجندى ومحمد ثروت.
8- فردوس عبدالحميد
فردوس عبد الحميد خريجة المعهد العالى للفنون المسرحية والتحقت بعد ذلك بالمسرح القومى، وعادة أهتم بخريجى المعهد العالى للفنون المسرحية، بداية من الفنان نور الشريف كان فى آخر سنة فى المعهد ثم حصل على بطولة، أما الفنانة فردوس عبد الحميد فكانت الأولى على دفعتها ولفتت النظر، وقدمت عددا من البطولات المهمة فى المسرح القومى، وكنت دائمًا أبحث عن الموهوبين الجدد.
كان من المفترض أن يكون بداية التعاون بيننا فى مسلسل «أحلام الفتى الطائر» مع الفنان عادل إمام، ولكن وقتها عام 1978، المسرح القومى كان لديه عرض فى تونس فلم تستطع أن تعتذر، لأن وقتها الممثل كان المسرح لديه شىء مقدس، وقدمت هذا الدور الفنانة رجاء حسين.
وأول عمل قدمته فردوس عبد الحميد فى التليفزيون كان مسلسل «حكاية ميزو» مع الفنان سمير غانم، ووقتها أحدث ضجة كبيرة ولفتت الأنظار، إلى أن التقينا فى «أبنائى الأعزاء شكرًا.. بابا عبده» ثم توالت الأعمال «صيام صيام» و«أخو البنات» و«ليلة القبض على فاطمة» واستمرت المسيرة، وآخر عمل جمعنا مسلسل «الضاحك الباكى».
٩- ربيع الغضب
أخرجت مسلسل «ربيع الغضب» عام 2012 تأليف مجدى صابر عن انتفاضة 2011 لأنها لم تكن ثورة مكتملة، أو ثورة شعبية نقية، ويؤكد المسلسل على أن تدخل الإخوان هو ما أفسد ثورة الشعب، الذى اعترض على ذلك وقام بثورة شعبية مكتملة فى 30 يونيو عام 2013، وأتمنى أن يُعاد إذاعته.
10- الضاحك الباكى
قدمت مسلسل «الضاحك الباكى» عام 2022، عن حياة الفنان نجيب الريحانى، وكنت متحمسا بشدة للنص والفكرة، وتمنيت أن يُذاع العمل فى موسم درامى ثرى، ثم جاء حصولى على جائزة النيل فى مجال الفنون التى أعتز بها كثيرا، وأرى أنها تقدير لمشوار فنى طويل قدمت خلاله أعمالا فنية سواء فى السينما أو المسرح أو التلفزيون؛ شاركنى فيها كثير من المبدعين أمام الكاميرا وخلفها.