أخبار مصر

جرافيتي الحج.. فن مصري قديم يوثق رحلة الحجاج إلى الأراضي المقدسة

انتهى موسم الحج، وبدأ ضيوف الرحمن في العودة إلى أرض الوطن، يستقبلهم ذويهم بفرحة عارمة واحتفالات كبيرة، ومن بين هذه المظاهر عادة تراثية قديمة، تسمى بـ”جرافيتي الحج”، أو ما يعرف بالرسم على جدران منازل الحاج؛ لتوثيق تفاصيل رحلته إلى الأراضي المقدسة، وأحيانًا كتابة اسمه وتاريخ الرحلة.

وفي كل عام، يبدأ الشاب الفنان محمود النجرتي،الاستعداد بالفرش و الأدوات والألوان اللازمة، لتنفيذ رسومات الحج كما جرت العادة الشعبية الرائعة، ومن أبرزها الكعبة كأيقونة للرحلة المقدسة، وشرح فريضة الحج، وعرض وسيلة السفر سواء كانت طائرة أو باخرة، وغيرها من الرموز الدينية والجمل المرتبطة بهذه الفريضة، مثل “لبيك اللهم لبيك”، و”حج مبرور وذنب مغفور”.

“فن الجرافيتي موجود مُنذ آلاف السنين”، بهذه الكلمات افتتح النجرتي حديثه مع جريدة «الشروق»، متحدثًا عن أحد الفنون الشعبية التي قد تواجه الانقراض؛ بسبب دخول التكنولوجيا الحديثة مجال الطباعة والرسم، حيث كان يستخدمها الفراعنة لتوثيق رحلات الحج والعبادات منذ آلاف السنين باختلاف أماكن الحج قديمًا إلى معبد أبيدوس، على حد قوله.

ووصف “النجرتي”، سعادة الحجاج البالغة بعد رؤية رسوماته، بـ المكافأة الحقيقة لمجهوده وموهبته، قائًلا: «لما بخلص بشوف في عيون أهل الحاج أو الحاج نفسه فرحة كبيرة، يمكن دي الحاجة اللي بتخليني مستمر، رغم الكلام اللي بسمعه زي شوف شغل تاني، أو بكرة الشغل ده هيختفي، ولحد دلوقتي عملت حوالي 22 رسمة عن الحج، ولسه بتجيلي مكالمات وطلبات».

وعن ما يميز فن الجرافيتي عن الطباعة، أوضح «النجرتي»، أن رسومات الجرافيتي تتسم بالحيوية والجمال، واللمسات البشرية التي تضفي عليها روح وبهجة، أقرب إلى العين والقلب من شغل الطباعة التقليدي المنتشر الذي يعتمد على الماكينات، والتصميمات المتشابهة، رغم ارتفاع تكلفة الجرافيتي بسبب زيادة أسعار الألوان والأدوات والفرش المستخدمة، مقارنة بأسعار البانرات المطبوعة.

ونظرًا لتراجع الإقبال على فن الجرافيتي حاليًا عن الماضي، انتقلت رسوماته من الجدران إلى الملابس والسيارات والأحذية الجلدية، التي بدأ «النجرتي» الاحتراف في الرسم عليها، مُنذ أكثر من 9 سنوات، مع مراعاة اختلاف المواد والألوان المستخدمة لكل منتج على حدة، ليضع بصمته الفريدة على التصميم الخاص بكل عميل.

ورغم عزوف البعض عن «الجرافيتي» ولجوئه إلى الطباعة بسبب انخفاض الأسعار، إلا أن «النجرتي» الذي لم يتمكن من دراسة الفنون الجميلة، لا يزال مستمرًا في تنمية موهبته وتحويل الجدران الصماء الباهتة إلى لوحات فنية تروي قصص مختلفة، رافضًا ترك مهنته من أجل عمل آخر يدر له أموال أكثر، محاولًا تطوير هذا الفن، وابتكار أفكار جديدة خشية عليه من الاندثار.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *