محاكاة العشاء الأخير بأولمبياد باريس تثير غضب الكنائس
كنائس مصر: «تعد صارخ على تعاليم الكتاب المقدس».. الكاثوليكية: غير مقبول تماما جرح قيمنا الدينية.. الإنجيلية: ما حدث يضرب جذور القيم الأخلاقية التي تسعى لها الروح الرياضية للألعاب الأولمبية.. “الأسقفية”: حرية التعبير لا يجب أن تنال من العقائد الأساسية للمؤمنين
أثارت فقرة ضمن حفل افتتاح أولمبياد باريس، الجمعة الماضية، تتضمن محاكاة ساخرة للوحة “العشاء الأخير”، استياءا واسعا بين الكنائس الكاثوليكية والأسقفية والإنجيلية، لإساءة الفقرة للمسيحيين بكافة الكنائس.
وتضمن الاحتفال الذي أقيم على طول نهر السين، مشهدًا يحاكي لوحة العشاء الأخير التي رسمها الفنان الإيطالي الشهير، ليوناردو دا فينشي، وجسد فيها المسيح مع تلاميذه وهم على مائدة طعام، وفي اللوحة التي جرى تقديمها بشكل استعراضي في حفل الافتتاح، ظهر ما يبدو أنه محاكاة ساخرة لـ”العشاء الأخير”، تضمنت على ما يبدو إيحاءات للمثلية الجنسية.
فيما قال حساب البطولة الرسمي على منصة “إكس”، إن العرض كان “تفسيرا للإله اليوناني ديونيسوس، لجعلنا ندرك عبثية العنف بين البشر”.
وأعرب مستشار الكنيسة الكاثوليكية وعضو مجلس الشيوخ جميل حليم، عن استيائه العميق إزاء العمل الفني غير اللائق الذي شهدته مراسم افتتاح الألعاب الأولمبية في باريس ٢٠٢٤، معتبرا أن ما حدث مهانة للكنيسة ككل، ولا يمكن قبوله.
وأضاف حليم لـ”الشروق”: “يجب أن يعود الناس إلى صوابها، لأننا نفقد قيمنا الدينية حين نستهزأ بحدث قامت عليه الديانة المسيحية في وقت من الأوقات، وغير مقبول تماما جرح قيمنا الدينية”، لافتا إلى أن التحرك كان من القيادات الكنسية سواء الكاثوليكية أو الأرثوذكسية وأدانت ما حدث، لأنه من غير المقبول مساس عقائدنا.
وتابع: “سيكون هناك تنسيق بين الكنائس لبحث كيفية محاسبة المنظمين لهذا الحفل، ومن يٌحاسبهم، وسيكون هناك ردة فعل قوية مع من قام بإعداد هذا الإفتتاح، لأنه أساء للحكومة الفرنسية أيضا”، مؤكدا أنه لا يحب أن يحدث تعدي على القيم الدينية لأي ديانة.
وقالت الطائفة الإنجيلية بمصر، برئاسة القس أندريه زكي، إن احتفالات الألعاب الأولمبية يجب ألا تُستغل أبدًا كمنصة للصراع الديني والثقافي، أو محاولة للإساءة بأي شكل، بل على العكس، عليها أن تقوم بدورها التاريخي في استيعاب وتشجيع الرياضيين من كل أنحاء العالم، واحترام التنوع وتعزيز التفاهم بين الشعوب والأمم والثقافات.
وأضافت أن ما حدث في باريس يضرب جذور القيم الأخلاقية التي تسعى لها الروح الرياضية للألعاب الأولمبية، محذرة من أن مثل هذه المواقف قد تفقد اللجنة الأولمبية الدولية هويتها الرياضية المميزة ورسالتها الإنسانية.
وأشارت إلى أن الحفاظ على كرامة الإنسان هو أساس القيم الأخلاقية الأصيلة للأديان، وحرية الفن والإبداع هو المصدر الأساسي لبناء السلام العالمي والتقارب بين البشر، وهذا يتطلب احترامًا دوليًّا من الجميع، واعتبارًا لكل المقدسات والخلفيات الإنسانية المختلفة.
وقال رئيس أساقفة إقليم الإسكندرية للكنيسة الأسقفية سامي فوزي، إن المشهد الذي ربط بين العشاء الأخير والتغيرات الجنسية والاجتماعية الحديثة في المجتمعات العلمانية، مسيء لنا جميعا كمسيحيين بكافة كنائسنا.
واعتبر أن حرية التعبير لا يجب أن تنال من العقائد الأساسية للمؤمنين؛ لأن هذه التغيرات لا نقبلها لأنها تعُد تعدي صارخ على تعاليم الكتاب المقدس الصحيحة عن أن العلاقة الجنسية تتم فقط داخل إطار الزواج المسيحي بين رجل وإمرأة والذي هو ضروري للحفاظ على نسيج المجتمع، هذا هو أساس الاستقرار الأسري والاجتماعي، ويحمي الأفراد من السلوكيات الضارة.
وتساءل في بيان للكنيسة أمس،: “كيف يمكن تحقيق التوازن بين حرية التعبير والإساءة للمقدسات الدينية؟”، موضحا أن حرية التعبير هي القدرة على التعبير عن الآراء السياسية، الاجتماعية، الثقافية والدينية، وتسمح بالنقد والتعبير عن الأفكار الجديدة، ومع ذلك، فإن هذه الحرية ليست مطلقة، تُفرض قيود معينة لحماية حقوق الآخرين ومنع التحريض على الكراهية والعنف والسخرية من المقدسات الدينية.
وأضاف أن الإساءة للمقدسات الدينية تعد قضية حساسة ومعقدة، فالمقدسات الدينية ليست مجرد رموز، بل هي جزء لا يتجزأ من هويتنا ومعتقداتنا والإساءة لهذه المقدسات تؤدي إلى مشاعر عميقة من الإهانة والغضب.